وأنت واقف على مشارف روحي


كيف خانك العالم كله وأَنا منه ؟!!
ما كان لي أَن أَخون هذا الولد الطيب الذي سكن أَوردتي منذ آلاف السنين وامتطى جواد الحلم في دمي ، وفتح مدائن العشق في صدري ، وأَذاب الثليج الذي احتل أَرصفة الشوارع القديمة في مدن الروح 0
هذا الأَسمر البريء الذي منحني ـ في ليالي الشتاء ـ عباءته ، وأَرسل الدفء إلى أَوردتي المتجمدة 0
أَذكر يوم دخلنا معا مدينة الحلم خلف الزمان ، وتركنا على أَبوابها ذاكرة متعبة ، وحقيبة مليئة بالأَوراق القديمة الممزقة 0
يومها قلت لي : تعال نلق بذور أَحلامنا في هذه الأَرض الطيبة ، فأَنبتت ثلاث سنبلات خضر حاملة أَيامنا ، أَحلامنا ، ملامح وجهنا ، تاريخ الحب بيننا 0
لقد علمتني كيف يطير الحرف طفلا يفرح يبكي ينام في براءة على صدر أمه الحنون ، كيف يصير الحرف بنتا تجلس كل يوم على شاطئ الحلم ، تنتظر فارسها الأَسمر حاملا مفاتيح القدس القديمة ، علمتني كيف يكون الحرف عطرا يسافر شذاه من قرطبة إلى بغداد ، علمتني كيف أَختار نفسي ، فاخترت أَن أَكون أَنت وأَذبت جبال الصمت على بابك ووجدتني طفلة تتعلم في حضني أَبيها الكلام 0
000
000
نحن التقينا قبل بدء هذا العالم في مدن سافرت بعيدا ، لم يدخل أبوابها ، ولم يتعلم لغتها غيرنا ، وأَنا علي عهدي القديم معك ، هذا العهد الذي لا أَستطيع أَن أحدده 0
من قبل البدء تعاهدنا أَن نبقى معا ، وزرعنا خلف الشمس حروفنا الأولى فأَينعت وأَثمرت كل لغات
الدنيا 0

نعم كل لغات الدنيا أَنت تحمل سرها ، وتعرف كيف تقيم فيها مدن الحب المفقودة 0
كل لغات الدنيا تأتيك خاضعة لسلطانك،إن تأمرها تطع 0
000
000
لقد خسر كل من خانك يا حبيبي وربحت أَنا ما دمت معي ، فاعزف بقلمك على أَوتار نبضي وتجول حرا في مدائن روحي أَنت الدليل على وجودي ، أَنت رفيقي وحبيبي وشاعري الجميل 0
الشاعرة : شيرين علي طه