إِلَى فَيْرُوزَ

هُنَالِكَ
كَانَتْ تُغَرِّدُ
فَيْرُوزُ
فِي كِبْرِيَاءْ
وَتَرْفَعُ صَوْتًا أَبِيًّا
فَتَشْدُو الْبَلابِلُ
مِنْ حَوْلِهَا
وَيَنْسَابُ نَهْرٌ جَرِيءٌ
وَيَبْسُمُ فَجْرٌ وَضِيءُ
وَيَضْحَكُ طِفْلٌ بَرِيءُ
عَلَى مُقْلَتَيْهِ
يَنَامُ النَّقَاءْ
هُنَالِكَ
كُنْتُ أَنَا
عَلَى حَافَّةِ الْمَوْجِ
رِيحًا
أُقَامِرُ بِالْمُسْتَحِيلِ
وَأَفْتَحُ قَلْبِي
فَيَدْخُلُنِي النُّورُ فِي خِفَّةٍ
وَيَرْوِي الظَّمَا
وَكَانَتْ جِيَادْ
وَكَانَتْ بِلادْ
وَكَانَ النَّخِيلُ
يُرَفْرِفُ فِي فَرْحَةٍ
يَحُطُّ الْيَمَامُ
عَلَى سَعْفِهِ
وَيَنْعَسُ فِي هَدْأَةِ اللَّيْلِ
كَيْ يَسْتَرِيحْ
فَكُلُّ الْمَدَائِنِ كَانَتْ سَلامًا
وَكُلُّ الْمَدَائِنِ
بِالْمِسْكِ كَانَتْ تَفُوحْ
وَكُلُّ الْعَصَافِيرِ
كَانَتْ تَطِيرْ
وَكُلُّ الْبَرَاءَةِ
كَانَتْ هُنَا
هُنَا كَانَ فَجْرِي
هُنَا كَانَ عُمْرِي
هُنَا كُنْتُ أَحْبُو عَلَى أَرْبَعِ
وَأَحْمِلُ قَلْبًا
رَقِيقَ الْمَشَاعِرِ
فِي أَضْلُعِي
وَأُمِّي
تَمُدُّ إِلَيَّ يَدَيْهَا
وَتَأْخُذُنِي بَيْنَ أَحْضَانِهَا
هُنَا كُنْتُ أَلْعَبُ
بَيْنَ الْمُرُوجِ
وَبَيْنَ التِّلالِ
وَأَجْرِي
أُسَابِقُ رِيحَ الصَّبَا
وَفَوْقَ الرِّمَالِ
أُقِيمُ قُصُورًا
مِنَ الأُمْنِيَاتِ
وَأَسْنِدُ رَأْسِي
إِلَى صَخْرَةٍ
وَأُرْسِلُ صَوْتِي
فَأُمْلِي
وَتَكْتُبُ
فِي صَفْحَةِ الرُّوحِ
سَطْرًا
وَأَنْقُشُ
فَوْقَ الصُّخُورِ
حُرُوفَا
وَأَمْضِي شَغُوفَا
وَتَأْخُذُنِي نَشْوَةُ الأُغْنِيَاتِ
هُنَالِكَ
كُنْتُ أَنَا
هُنَالِكَ
كُنْتُ أَنَا 0