دكتور غنام
قناة دكتور أكرم على يوتيوب

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: قصة قصيرة للدكتور عزت سراج من مجموعة " هذا الولد الأسمر وحصانه الأبيض "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    520

    02222255 قصة قصيرة للدكتور عزت سراج من مجموعة " هذا الولد الأسمر وحصانه الأبيض "

    الْمُوَاءُ الأَخِيرُ بَيْنَ الأَرْصِفَةِ الْبَارِدَةِ


    فَوْقَ الرَّصِيفِ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ انْفَرَطَتْ حَبَّاتُ الْعِقْدِ بَيْنَ الزِّحَامِ تَحْتَ أَقْدَامِ الْعَابِرِينَ 000
    انْحَنَتْ هَالَةُ تَلْتَقِطُ الْحَبَّاتِ دَافِعَةً أَحْذِيَةَ الْمَارِّينَ الْمُتَّسِخَةَ دُونَ جَدْوَى 000
    تَتَسَاقَطُ دُمُوعُهَا غَزِيرَةً فَوْقَ خَدَّيْهَا النَّحِيفَيْنِ كَسَنَوَاتِ عُمْرِهَا الذَّابِلِ انْفَرَطَتْ وَاحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى 000
    تَتَنَقَّلُ فِي حَيْرَةٍ بَاحِثَةً عَنْ كِسْرَةِ خُبْزٍ مِنْ رَصِيفٍ إِلَى رَصِيفٍ 000
    000000
    000000
    000000
    فِي اللَّيْلِ تَتَزَاحَمُ كِلابُ الْمَدِينَةِ حِينَ تَشَمُّ قِطَّةً ضَلَّتِ الطَّرِيقَ إِلَى بَيْتِهَا ، تَتَجَمَّعُ مُطَارِدَةً لَهَا حَتَّى الرَّمَقِ الأَخِيرِ 000
    تَسْتَسْلِمُ لِنَهْشِ أَنْيَابِهَا فِي جَسَدِهَا الضَّعِيفِ حِينَ تَدْخُلُ شَارِعًا مَسْدُودًا عَاجِزَةً أَنْ تَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا ، وَيُصْبِحُ الْفِرَارُ مُسْتَحِيلاً 000
    يَمْضِي الْمُسَافِرُونَ سَرِيعًا يَلْحَقُونَ بِالْقِطَارِ ، لا يَتَوَقَّفُونَ لَحْظَةً لإِبْعَادِهَا عَنْ جَسَدِهَا النَّازِفِ فِي غَيْرِ تَوَقُّفٍ 000
    ـ لَحْظَةً يَا رَجُلُ !!
    ـ هَيَّا لا وَقْتَ لَدَيْنَا 0
    ـ الْمِسْكِينَةُ كَادَتْ تَمُوتُ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ !!
    ـ لا تَشْغَلْ بَالَكَ يَا رَجُلُ !
    ـ أَلا تَشْعُرُ بِالشَّفَقَةِ تُجَاهَهَا ؟
    ـ الشَّفَقَةُ ؟ يَا لَكَ مِنْ غِرٍّ سَاذَجٍ !! هَذَا الْمَنْظَرُ
    الَّذِي يُبْكِيكَ يَحْدُثُ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ آَلافَ الْمَرَّاتِ 000
    ـ لِنُلْقِ حَجَرًا وَاحِدًا فِي اتِّجَاهِهِمْ !
    ـ سَوْفَ يَتْرُكُونَهَا إِلَيْكَ لِيَنْهَشُوا لَحْمَكَ أَنْتَ !!
    ـ وَلَوْ يَا رَجُلُ 0
    ـ وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي تَبْدَأُ الْمُطَارَدُةُ مِنْ جَدِيدٍ 0 لا مَفَرَّ يَا صَدِيقِي !! الْقِطَّةُ الَّتِي تَضِلُّ الطَّرِيقَ إِلَى قَرْيَتِهَا تَأْكُلُهَا كِلابُ الْمَدِينَةِ لا مَحَالَةَ !!
    ـ لا أُصَدِّقُ أُذُنَيَّ 000 أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ ؟
    ـ سَوْفَ تَتَعَوَّدُ مِثْلِي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَيُّهَا الْفَلاحُ الْمِسْكِينُ !!
    ـ انْظُرْ !! لَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْكَلْبُ الْكَبِيرُ دُونَ رَحْمَةٍ 000 لا إِلَهَ إِلا اللهُ !!
    ـ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ ؟ انْسَ الأَمْرَ يَا رَجُلُ !! هَيَّا هَيَّا فَالطَّرِيقُ مَا زَالَ طَوِيلاً !!
    000000
    000000
    000000
    الْتَقَطَتْ هَالَةُ بَعْضَ حَبَّاتِ عِقْدِهَا الْمَفْرُوطِ ، وَضَاعَتْ بَقَايَاهُ تَحْتَ عَجَلاتِ السَّيَّارَاتِ الْمُتَسَارِعَةِ بَيْنَ الرَّصِيفَيْنِ الْمَمْدُودَيْنِ بِطُولِ الْمَدِينَةِ السَّاهِرَةِ حَتَّى الصَّبَاحِ فِي انْتِظَارِ ضَيْفٍ جَدِيدٍ 000
    تَسْنِدُ ظَهْرَهَا الْمُقَوَّسَ مِنْ شِدَّةِ الإِعْيَاءِ إِلَى جِذْعِ شَجَرَةٍ 000
    تَرْفَعُ فَخِذَيْهَا الْمُرْتَعِشَيْنِ قَلِيلاً مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ الْبَارِدَةِ 000
    تُمْسِكُهُمَا بِيَدَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ مُخَبِّئَةً رَأْسَهَا الصَّغِيرَ بَيْنَهُمَا 000
    سَاهِمَةَ الْعَيْنَيْنِ مَا زَالَتْ تَتَدَفَّقُ الدِّمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهَا الْعَارِيَتَيْنِ مَفْكُوكَةً جَدَائِلُ شَعْرِهَا الْحَرِيرِيِّ كَأَمْوَاجِ بَحْرٍ 000
    تَتَدَاعَى مَخَاوِفُ الطُّفُولَةِ الْقَدِيمَةُ فَوْقَ ذَاكِرَتِهَا الْمُتْعَبَةِ 000
    يَقِفُ الأَبُ مَشْدُودَ الْجَبِينِ مُغْبَرَّ الْوَجْهِ مُمَزَّقَ الثِّيَابِ مُرْتَعِشَ الْيَدَيْنِ بَيْنَ أَوْلادِهِ السِّتَّةِ لا يَسْتَطِيعُ حِرَاكًا مُشِيرًا إِلَى الْكُبْرَى بِنْتِ الْعِشْرِينَ مُنْكَسِرًا خَافِضًا رَأْسَهُ :
    ـ الآَنَ يَا هَالَةُ يَجِبُ أَنْ تَخْرُجِي بَحْثًا عَنْ لُقْمَةِ عَيْشٍ يَا ابْنَتِي !!
    ـ كَمَا تَشَاءُ يَا أَبِي 0
    ـ تَحَمَّلْتِ كَثِيرًا يَا ابْنَتِي رِعَايَةَ الصِّغَارِ عِنْدَمَا مَاتَتْ أُمُّكِ ، وَالآَنَ حَانَ دَوْرُكِ فِي تَحَمُّلِ إِطْعَامِهِمْ 000 الْمَعَاشُ لَنْ يَكْفِيَ ثَمَنَ الْخُبْزِ وَحْدَهُ يَا ابْنَتِي 000
    ـ لا بَأْسَ يَا أَبِي ، لا تَشْغَلْ بَالَكَ !!
    فِي انْتِظَارِ عَوْدَتِهَا يَجْلِسُ الْقُرْفُصَاءَ مُحْتَضِنًا صِغَارَهُ 000
    تَتَحَشْرَجُ ـ فِي عَيْنَيْهِ ـ دُمُوعٌ تَأْبَى أَنْ تَسْقُطَ أَمَامَهُمْ 000
    وَرَاءَ الْبَابِ الْمُغْلَقِ يَتَضَوَّرُونَ جُوعًا فِي صُرَاخٍ لا يَنْتَهِي 000
    000000
    000000
    000000
    تُسْرِعُ نَحْوَ الرَّصِيفِ فِي خِفَّةٍ كَفَرَاشَةٍ تُحَلِّقُ حَوْلَ اللَّهِيبِ 000
    تَرْتَمِي بَيْنَ الْوُجُوهِ الْمُتَزَاحِمَةِ قَبْلَ أَنْ تَتَلاشَى مَلامِحُهَا الْبَرِيئَةُ فِي الأَقْنِعَةِ الزَّائِفَةِ لَعَلَّهَا تَلْمَحُ فَارِسَهَا الأَسْمَرَ يَصْهِلُ آَتِيًا يَخْطَفُهَا فَوْقَ جَوَادِهِ الأَبْيَضِ 000
    مِنْ جِذْعِ جُمَّيْزٍ إِلَى صَفْصَافٍ تَظَلُّ طَوَالَ اللَّيْلِ تَتَنَقَّلُ بَاحِثَةً عَنْ بَعْضِ نُقُودٍ يُلْقِيهَا الرَّجُلُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا النَّازِفَتَيْنِ وَيَمْضِي مُهَنْدِمًا ثِيَابَهُ فِي كِبْرِيَاءَ 0
    تَذْبُلُ كَشَجَرَةِ تُوتٍ فِي مَوْسِمِ الْخَرِيفِ تَسَاقَطَتْ أَوْرَاقُهَا مُنْتَظِرَةً مَوْسِمَ الشِّتَاءِ حِينَ تَهْطِلُ الأَمْطَارُ غَاسِلَةً فُرُوعَهَا ، فَتَرْتَوِي نَابِتَةً ثِمَارُهَا الشَّهِيَّةُ مِنْ جَدِيدٍ 000
    تَرْتَجِفُ كَشَجَرَةِ لَيْمُونٍ نَاشِفَةٍ تَفِرُّ الْعَصَافِيرُ هَارِبَةً لا تَحُطُّ عَلَى غُصُونِهَا 000
    000000
    000000
    000000
    بَيْنَ سُورَيْنِ يَرْتَفِعَانِ تَبْكِي صَامِتَةً حَامِلَةً رَغِيفًا سَاخِنًا 000
    تُزِيلُ ـ فِي ارْتِبَاكٍ ـ بَقَايَا الدِّمَاءِ تَحْتَ رِجْلَيْهَا 000
    تَجْمَعُ ـ فِي غَيْرِ عِزَّةٍ ـ بَقَايَاهَا مَاسِحَةً أَعْضَاءَهَا الْخَائِرَةَ 000
    تَجُرُّ رَأْسَهَا الْمُنْتَفِخَ نَاهِضَةً تُسْرِعُ فِي هِمَّةٍ نَحْوَ الصَّغَارِ 000
    يُطَارِدُهَا طَيْفُ فَارِسِهَا الأَسْمَرِ 000
    تَصْهِلُ الْخُيُولُ 000
    تُتَابِعُ ـ فِي انْكِسَارٍ ـ مُوَاءَ الْقِطَّةِ الأَخِيرَ بَيْنَ الأَرْصِفَةِ الْبَارِدَةِ 0












  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    بلد شاعرى حبيبى محله مرحوم
    المشاركات
    142

    008

    اشهد انك شاعر غير كل الشعراء لان عملك دايم ومعروف ومحفوظ كل شىْ تكتبه رفيع المستوى رجاء ان تمدنا بجميع اعمالك العظيمه حفظك الله وراعاك وثبت خطاك يارب العالمين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... ... لك مني أجمل تحية . مليئة بالحب والعرفان

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    بلد شاعرى حبيبى محله مرحوم
    المشاركات
    142

    008

    شاعرى العظيم عجزت كلماتى عن التعبيرفكل كلمات الشكر والعرفان لاتكفى اساْل الله ان يحفظك لنا ياملك الانسانيه ويردك الى بلادنا الحبيبه الجميله باْتم صحه وعافيه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي

    ياكاتبنا العزيز
    هولازم تقدم في كتاباتك اثارة اللة يصلح احوالك الشباب مساكين ياكاتب
    نشكرك علي حنيتك علي المرأة وحبك القوي للجمال ووصفك الدقيق للمواقف
    واجملمافي كتابتك شجر الفاكهة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي

    ياكاتبنا العزيز
    هولازم تقدم في كتاباتك اثارة اللة يصلح احوالك الشباب مساكين ياكاتب
    نشكرك علي حنيتك علي المرأة وحبك القوي للجمال ووصفك الدقيق للمواقف
    واجملمافي كتابتك شجر الفاكهة

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    بلد شاعرى حبيبى محله مرحوم
    المشاركات
    142

    008

    ياخ امان الواصل فى نقدك وهو ليس بنقد طبعا (الله اعلم بما فى النفوس) تقول لشاعرنا العظيم (حبك القوى للجمال ووصفك دقيق للمواقف)
    هل هذا شئ يعيب شاعرنا القدير؟ ياريت تساْل من يفهمون فى قراءه الشعر وللعلم ان كلامك ليس له تاْثير على الاطلاق فالشاعرنا له اصالة منذ زمن بعيد وله منى الف تحيه مليئه بالاحترام والحب

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي

    الاخت الفاضلة هدي ومن انت لكي تردي علي نقدي
    انت حرة في ردك علي الكاتب وانا ايضا
    المفروض انك تتقبلي النقض وبعدين هو انتي الكاتب
    اذا كان الكاتب بيحترم النقد وهو بلا شك رجل ذو قلم وذو كلمة مؤثرة ومعبرة ولا نختلف في ذلك ولا انقض شخصة او اخلاقة فأنا لااعرف سوي المكتوب امامي
    واحاول ان اعبر عن شئ يفيد اويعالج مشاكلنا او مايزيد من المشاكل عند الشباب
    اعتقد ان هذا لايخصك بالمرة ارجو ان تتحدثي عن اي شئ اخر وانا عضو مثلك ولي الحق في نقدي
    ولا اية يا استاذ هيثم هما الاعضاء من حقهم الرد علي بعض
    امان الواصل

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    52

    افتراضي

    الاحت الفاضلة هدي السماك
    اعتقد ان لايخصك ان تنقدي كلامي مثل ما قال الاستاذهيثم
    اعتقد ان الذي لة الحق في الرد الكاتب نفسة
    انا لاانقدك انا انقد كتابات كاتبنا ولا انقد شخصة فأنا لااعرفة ولا حتي شوفت صورتة
    ولكن من كتاباتة انة شخص فنان في ابداعة منتقي كلماتة
    ذواق مما لاشك فية عندة حس راقي
    ولكن انا اتمني ان نقلل من الاثارة الزائدة فهي حرام في الوقت الحاضر علي شبابنا
    واظن ان هذا طلب منة ولس منك فأنت عضوة ولا كاتب القصص والشعر ومتخفية في هدي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    بلد شاعرى حبيبى محله مرحوم
    المشاركات
    142

    008

    الاخ امان الواصل كيف لايخصنى ان ارد على كلامك فى الحقيقه انا اقرب مايكون له وهو اقرب مايكون لى فانه دون غيره لامثيل له من الشعراء له منى كل( حب) واحترام

  10. #10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امان الواصل مشاهدة المشاركة
    الاخت الفاضلة هدي ومن انت لكي تردي علي نقدي
    انت حرة في ردك علي الكاتب وانا ايضا
    المفروض انك تتقبلي النقض وبعدين هو انتي الكاتب
    اذا كان الكاتب بيحترم النقد وهو بلا شك رجل ذو قلم وذو كلمة مؤثرة ومعبرة ولا نختلف في ذلك ولا انقض شخصة او اخلاقة فأنا لااعرف سوي المكتوب امامي
    واحاول ان اعبر عن شئ يفيد اويعالج مشاكلنا او مايزيد من المشاكل عند الشباب
    اعتقد ان هذا لايخصك بالمرة ارجو ان تتحدثي عن اي شئ اخر وانا عضو مثلك ولي الحق في نقدي
    ولا اية يا استاذ هيثم هما الاعضاء من حقهم الرد علي بعض
    امان الواصل
    لعلمك أن للنقد آداب وقواعد وأصول :-
    1 ـ البينية :

    ليكن نقدك لأخيك ، أو لأيّ إنسان آخر نقداً بينياً ، أي بينك وبينه ولا تنقده أمام الآخرين ، فحتى لو كان نقدك هادفاً وهادئاً وموضوعياً إلاّ أنّ النقد في حضور الآخرين ممّن لا علاقة لهم بالأمر قد يدفع الطرف الآخر إلى التشبّث برأيه ، أو الدفاع عن نفسه ولا نقول عن خطئه . ولذا جاء في الحديث : «مَنْ وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ومَنْ وعظه علانية فقد شانه» .

    2 ـ الإنصاف :

    النقد هو حالة تقويم .. حالة وزن بالقسطاس المستقيم ، وكلّما كنت دقيقاً في نقدك ، بلا جور ولا انحياز ولا تعصب ولا افراط ولا تجاوز ، كنت أقرب إلى العدل والانصاف ، وبالتالي أقرب إلى التقوى ، قل في منقودك ما له وما عليه .. قل ما تراه فيه بحق ولا تتعدّ ذلك فـ «مَنْ بالغ في الخصومةِ أثِم» .

    3 ـ إجمع الإيجابي إلى السلبي :

    وهذا الأسلوب هو من الأساليب المحبّبة في النقد((1)) ، حيث تبدأ بالإيجابي فتشيد به وتثمّنه ثمّ تنتهي إلى السلبي ، وبهذه الطريقة تكون قد جعلت من الإيجابيات مدخلاً سهلاً للنقد ، لأ نّك بذلك تفتح مسامع القلب قبل الأذنين ليستمع الآخر إلى نقدك أو نصيحتك .. إنّك تقول له : إنّه جيد وطيب وصالح ومحترم لكنّ ثمة مؤاخذات لو انتبه إليها لكان أكثر حسناً وصلاحاً .

    فإذا ما احترمت إيجابيات الشخص المنقود وحفظتها له ، ولم تنسفها أو تصادرها لمجرد ذنب أو خطأ أو إساءة ، فإنّك سوف تفتح أبواب الاستماع إلى ما تقول على مصراعيها ، وبذلك تكون قد حققت هدفك من النقد ، وهو إيصال رسالة للمنقود حتى يرعوي أو يتعظ ، كما إنّك لم تجرح إحساسه ولم تخدش مشاعره . وقد دعا القرآن المسلمين إلى احترام إيجابيات الناس في قوله تعالى : (ولا تبخسوا الناس أشياءهم )(2) .

    4 ـ الإلتفات إلى الإيجابي :

    وقد يكون السلبي لدى أحد الأشخاص أكثر من الإيجابي بحيث يغطّي عليه ، ويكون الإيجابي نادراً للدرجة التي يتعيّن عليك أن تبحث أو تنقّب عنه تنقيباً ، فلا تعدم المحاولة لأن ذلك مما يجعلك في نظر المنقود كريم الطبع .

    فلقد مرّ عيسى (عليه السلام) وحواريّوه على جثّة كلب متفسّخة ، فقال الحواريون :

    ـ ما أنتن جيفة هذا الكلب !

    وقال عيسى (عليه السلام) : انظروا إلى أسنانه .. ما أشدّ بياضها !

    لقد كان الحواريون محقّين في نقدهم للجثّة المتفسخة التي تنبعث منها روائح كريهة ، لكنّهم ركّزوا على السلبي (الطاغي) على الجثّة . أمّا المسيح (عليه السلام) فكان ناقداً لا تفوته اللفتة الإيجابية الصغيرة حتى وإن كانت (ضائعة) وسط هذا السلب من النتانة .

    وهذا درس نقديّ يعلّمنا كيف أ نّنا يجب أن لا نصادر الإيجابية الوحيدة أو الصغيرة إذا كان المنقود كتلة من السلبيات .

    5 ـ أعطه فرصة الدفاع عن نفسه :

    حتى ولو كوّنت عن شخص صورة سلبية فلا تتعجّل بالحكم عليه .. استمع إليه أوّلاً .. أعطه فرصة كافية ليقول ما في نفسه وليدافع عن موقفه . قل له : لقد بلغني عنك هذا ، واترك له فرصة الدفاع وتقديم الإفادة ، أي افعل كما يفعل القاضي العادل فهو يضع التهمة بين يدي المتهم ويعطيه فرصة للدفاع عن نفسه وموقفه ، إمّا مباشرة أو عن طريق محام ، فلا تأتي كلمة القضاء الفصل إلاّ بعد أن يدلي الشهود بشهاداتهم ، والمحامي بمرافعته لكيلا يُغمط حق المتهم .

    6 ـ حاسب على الظواهر :

    قبل أن تمضي في نقدك وترتب عليه الأثر ، احترم نوايا المنقود وحاسبه على الظاهر «فلعلّ له عذراً وأنت تلوم» . وهذا هو الذي يدعو المربّي الاسلامي إلى أن نحمل أخانا على أكثر من محمل ، أي أن نحمل عمله أو قوله على محمل حسن الظن لا إساءة الظنّ .

    فقد يكون مضطراً وللضرورة أحكامها فـ «الضرورات تبيح المحظورات» وقد يكون ساهياً ناسياً غير قاصد ولا متعمّد ، والقلم مرفوع عن الناسي أو الجاهل غير المتعمّد ، وقد يكون له رأي أو مبرر غير الذي تراه .

    المهم أنت لست مسؤولاً عن دوافع المنقود ونواياه ، وإنّما مسؤول عن ظاهر عمله فقط .

    7 ـ استفد من تجربتك في النقد :

    لكلّ منّا تجاربه في نقد الآخرين ، أو نقد الآخرين له . وربّما أفادتك حصيلة تجاربك أن تبتعد عن أساليب النقد التي جرحتك أو عمقت جراحك القديمة ، أو سببت لك النفور والبرم ، وربّما زادت في إصرارك على الخطأ كردّ فعل عكسي .

    وطالما إنّك كنت قد اكتويت بالنار فلا تكوِ بها غيرك .. حاول أن تضع نفسك في موضع الشخص المنقود ، وتحاش أيّة طريقة جارحة في النقد سبق لك أن دفعت ضريبتها .

    فلقد بعث أحد الأدباء الشباب ـ ذات مرّة ـ نتاجه إلى إحدى المجلاّت الأدبية الشهيرة ، وحينما صدر العدد الجديد من المجلة هرع الأديب الشاب إلى السوق لاقتناء نسخته وراح يتصفحها بلهفة بحثاً عن إبداعه فلم يجده لكنّه وجد ردّاً للمحرر يقول له إنّه لا يصلح للأدب وعليه أن يفتش عن مهنة أو هواية أخرى ! وفيما هو يعيش الصدمة وإذا به يرتطم بعمود النور فتنكسر رجله ..

    المهم .. انّ همته لم تنكسر .. فقد واصل .. وأصبح أديباً مشهوراً يشار له بالبنان ، فلا تكسر منقودك لأن «مَنْ كسر مؤمناً فعليه جبره» .

    8 ـ لتكن رسالتك النقدية واضحة :

    لا تجامل على حساب الخطأ ، فالعتاب الخجول الذي يتكلّم بابن عم الكلام ليس مجدياً دائماً ، وقد لا ينفع في إيصال رسالتك الناقدة . فإذا كنت ترى خرقاً أو تجاوزاً صريحاً فكن صريحاً في نقده أيضاً ، وتعلّم خُلق الصراحة وعدم الاستحياء في قول الحق من الله سبحانه وتعالى : (والله لا يستحي من الحقّ )(3) .. قُلْها ولو على نفسك .

    يقول أحد الأدباء عن كلمة الحقّ :

    «إن أنتَ قلتها متّ
    وإن سكتَّ متّ
    قُلها إذن ومتْ» !!

    9 ـ لا تكل بمكيالين :

    إن من مقتضى العدل والانصاف أن لا تكون ازدواجياً في نقدك فإذا انتقدت صديقاً في أمر ما ، وكنت سكتّ عن صديق آخر كان ينبغي أن تنقده للشيء ذاته ، فأنت ناقد ظالم أو منحاز بالنسبة للمنقود لأ نّه يرى أ نّك تكيل بمكيالين ، تنتقده إذا صدر الخطأ منه ، وعندما يصدر الخطأ نفسه من صديق آخر فإنّك تغضّ الطرف عنه محاباة أو مجاملة له .

    وقد تكون الازدواجية في أ نّك تنقد خصلة أو خلقاً أو عملاً ولديك مثله ، وهنا عليك أن تتوقع أن يكون الردّ من المنقود قاسياً :

    يا أ يُّها الرجلُ المعلّمُ غيره***هلاّ لنفسِكَ كان ذا التعليمُ

    ومن مساوئ هذه الحالة أنّ المنقود سوف يستخفّ بنقودك ويعتبرها تجنياً وانحيازاً . فلقد كتب إثنان من الأطفال كتابة وعرضاها على الحسن بن علي (عليه السلام) وقالا له : أيّنا أحسنُ خطاً ، وكان أبوه (علي) حاضراً ، فقال له : احكم بينهما بالعدل ، فإنّه قضاء ! فإذا كان العدل مع الصغار مطلوباً ، فكيف بالكبار ؟!

    10 ـ لا تفتح الدفاتر القديمة :
    انقد الجديد ودع القديم .. لا تذكّر بالماضي لأنّ صفحته انطوت .. ولا تنكأ الجراح ، فقد تضيّع الهدف من النقد لما جرى مؤخراً ، وربّما تغلق مسامع المنقود عن نقدك وتستثيره لأ نّك نبشت ما كان دفيناً .

    إن أخطاء الماضي قد يخجل المنقود من ذكرها ، وربّما تجاوزها وعمل على إصلاحها فتذكيره بها أو ربطها بالأخطاء الجديدة يجعلك في نظره إنساناً غير متسامح ، فلا تصفح ولا تمحو ، وكأ نّك تريد أن تقول له : ما زلت على ضلالك القديم ، وهذا أمر لا يطيقه ، وربّما ثأر لنفسه منك .

    11 ـ التدرّج في النقد :

    ما تكفيه الكلمة لا تعمّقه بالتأنيب ، وما يمكن إيصاله بعبارة لا تطوّله بالنقد العريض ، فالأشخاص يختلفون ، فربّ شخص تنقده على خطئه ويبقى يجادلك ، وربّ آخر يرفع الراية البيضاء منذ اللحظة الأولى ويقرّ معترفاً بما ارتكب من خطأ ، وربّ ثالث بين بين .

    ولذا فقد تكون كلمات من قبيل (ألا تستحي) ؟ (أما فكّرت بالأمر ملياً) ؟ (هل هذا يليق بك كمؤمن) ؟ (هل ترى أن هذا من الانصاف) ؟ وما شاكل ، تغني عن كلمات طويلة ، الأمر الذي يستحبّ معه التدرج في النقد والانتقال من اليسير إلى الشديد .

    12 ـ انقده لشخصه :

    قد يخرج بعض أصدقائك أو إخوانك عن حدود الأدب واللياقة في النقد ، فلا يكتفي بنقدك شخصياً ، وإنّما يتعدّى إلى والديك وإخوتك فيرشقهم بسهام نقده مما يعقد الموقف ويحول النقد إلى مهاترة . فلا يصح أن تنساق معه ، وإذا كان بينك وبينه نقد ، أي أردت أن تنقده أيضاً فانقده لشخصه لأ نّه هو موضع النقد وليس والديه (ولا تزِرُ وازرة وزر أخرى )(4) .

    13 ـ اقترح حلولاً : قدِّم نقدك في تبيان الإيجابيات والسلبيات ، وركِّز على الجديد ، وعلى نقطة محدّدة بذاتها ، وفي كلّ الأحوال إن كان بإمكانك أن تقدم حلاًّ أو مقترحاً أو علاجاً فبادر ، وسيكون نقدك مقروناً بما يعين المنقود على التخلّص من سلبياته .

    ومن الأفضل أن تطرح اقتراحاتك بأسلوب لطيف مثل : (الرأي رأيك لكنني أقترح) .. (هذا ما أراه وفكِّر أنت في الأمر جيِّداً) .. (ماذا لو تفعل ذلك لربّما كان الموقف قد تغيّر) .. (دعنا نجرّب الطريقة التالية فلعلها تنفع) .. إلخ .

    14 ـ راعِ الموقع والمكانة :

    كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «أُمرنا معاشر الأنبياء أن نخاطب الناس على قدر عقولهم» كمظهر من مظاهر الحكمة التي تقول : «لكلّ مقام مقال» الأمر الذي يستدعي أن تراعي مقام الشخص المنقود ، فإذا وجّهت نقدك لأبويك أو أحدهما (فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقول لها قولاً كريماً )(5) . احفظ احترامك لهما ، ابتعد عن كل ما يخدش إحساسهما ، يمكن أن تصبّ نقدك في قالب لطيف ، مثل :

    (أنتم أكبر منِّي سنّاً وأكثر تجربة لكنني ـ بكل تواضع ـ أقول أن هذا الأمر غير مناسب) أو (مع كامل حبي واحترامي لكما ، أرى لو أن نعدل عن هذا الموضوع) أو (ما تذهبون إليه صحيح ، لكنّ الأفضل في نظري هو هذا) وما إلى ذلك من عبارات محبّبة توصل بها نقدك ولا تؤذي منقودك .

    15 ـ لا تكن لقّاطاً للعثرات :

    التقاط العيوب وتسقّط العثرات وتتبّع الزلاّت ، وحفظها في سجل لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، بغية استغلالها ـ ذات يوم ـ للإيقاع بالشخص الذي نوجّه نقدنا إليه ، خلق غير اسلامي . فقد جاء في الحديث : «إنّ أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل الرجلَ فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوماً ما» .

    فخيرٌ لك وله أن تنتقده في حينه ، وفي الموضع الذي يستوجب النقد ، ولا تجمع أو تحصي عليه عثراته لتفاجئه بها ذات يوم ، ولا تفاجأ إذا قال عنك أ نّك جاسوس أو متلصص عليه، أو أ نّك تنقده بدافع الحقد الدفين .

    16 ـ النقد هدية .. فاعرف كيف تقدّمها :

    ورد في الحديث : «أحبّ إخواني مَنْ أهدى إليَّ عيوبي» فلقد اعتبر الاسلام النقد والمؤاخذة على الخطأ (هدية) وترحّم على مهديها «رحم الله مَنْ أهدى إليَّ عيوبي» لأجل أن يكون النقد والنصيحة والتسديد مقبولاً ومرحباً به ، بل يُقابل بالشكر والإبتسامة .

    والهدية ـ كما هو معلوم ـ تجلب المودة «تهادوا تحابّوا» فإذا صغت نقدك بأسلوب عذب جميل ، وقدّمته على طبق من المحبّة والإخلاص ، وكنت دقيقاً ومحقاً فيما تنقد ، فسيكون لنقدك وقعه الطيب وأثره المؤثر على نفسية المنقود أو (المهدى إليه) الذي سيتقبّل هديتك على طريقة «ووفقني لطاعة مَنْ سدّدني ومتابعة مَنْ أرشدني» .

    أخيراً ..

    تذكّر أنّ كلّ إنسان يحبّ ذاته ، فلا تحطّم ذاته بنقدك القاسي الشديد ، كن أحرص على أن ترى ذاته أجمل وأكمل وأنقى من العيوب .. وقل له ذلك .. قل له : إنّ دافعك إلى النقد أن تراه فوق نقدك ، وعندها تكسب أخاً حبيباً بدلاً من أن تخلق لك عدواً .


    * الهوامش :

    1- وهذا الأسلوب متبع في (النقد الأدبي) أيضاً ، حيث يحاول النقّاد أن يتعرّضوا للجوانب الإيجابية في النصّ الأدبي وإلى الجوانب السلبية فيه ، حتى تكون الصورة النقدية واضحة في ذهن القارئ ، فالجوانب الإيجابية تحتاج إلى كشف وتوضيح وإبراز تماماً كما
    2- الأعراف: 85.
    3- الأحزاب: 53.
    4- الأنعام: 164.
    5- الإسراء: 23.








    اتمنى ان نتعلم جميعاً وان يكون هذا مرشداً لنا و لكل من يسمي نفسه ناقداً أدبياً ....
    مكتب
    هيثم محمود الفقى
    المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة
    المستشار القانونى لنقابة التمريض ا مساعد أمين الشباب لدى منظمة الشعوب العربية لحقوق الانسان ودعم الديمقراطية ا مراقب عام دائم بمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية ا مراسل ومحرر صحفى ا

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-03-2011, 04:24 AM
  2. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-01-2011, 02:39 AM
  3. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-31-2010, 11:31 AM
  4. مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 12-31-2010, 06:22 AM
  5. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-21-2010, 05:00 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •