(تأهيل السجين وفقاً لقانون التأهيل والاصلاح الفلسطيني رقم (6) لسنة 1998)

الملخص تشكل هذه الدراسة عرضا لموضوع تأهيل السجين أثناء تنفيذ العقوبة، وفي سبيل الوصول إلى صورة شاملة وواضحة عن أساليب التأهيل، كان لا بد من التعرض إلى ذلك الموضوع من الجانب النظري والعملي. فقد تم التعرض بالدراسة وبما تستلزمه ضرورات البحث بيان مدلول السجين، وأساليب تأهيله وإصلاحه وتهذيبه. مع العلم بأن السجين الذي يخص هذه الدراسة ليس الموقوف احتياطيا أو المحكوم عليه بتدبير احترازي أو غرامة، أو الأحداث، فكل هؤلاء يخرجون من حيز هذا البحث. وتم التمهيد لهذا الموضوع، بعرض موجز لماهية التأهيل، والتطور التاريخي للعقوبة السالبة للحرية حيث تبدلت أغراض العقوبة، فلم يعد الإيلام والتعذيب غرضا للعقوبة، وإنما التأهيل والإصلاح هما الغرض المبتغى من ورائها، وهذا يستلزم قطعا ضرورة إتباع أساليب معاملة عقابية لتحقيق هذا الغرض، وتم التطرق لمساوئ السجن والبدائل السجنية، وكذلك الإجراءات التمهيدية قبل الخوض بالمعاملة العقابية. وبعدها تم الانتقال إلى عرض تفصيلي لكل من التأهيل المادي والتأهيل المعنوي للسجين أثناء تنفيذ العقوبة، ووضع أسس لمعالجة النزيل وأساليب تأهيله ببيان الحقوق الأساسية للسجين والأساس القانوني لها. فتم تناول التأهيل باعتبار أن السجين هو إنسان لم يفقد إنسانيته، وبالتالي فإن سلامة التنفيذ العقابي تستوجب إتباع أساليب معاملة عقابية تساعد السجين على تأهيله وإصلاحه، ليجد مكاناً صحيحاً في مجتمعه بعد الإفراج عنه. فغياب هذه الأساليب يتيح فرصة كبيرة لارتكاب الجرائم، وقد تدفعه لتكرار الجريمة، فكان لا بد أن يتمتع السجين بحقوق أساسية لإنجاح الغرض من العقوبة، وهذا لا يعني – بأي حال من الأحوال الانتقاص من حق المجتمع بتوقيع العقوبة، إلا أنه إذا كان من حق الدولة مصادرة حريته تنفيذا للقانون فليس لها مصادرة أي حق آخر له من عمل أو رعاية صحية أو تعليم أو تهذيب، فالمجتمع الذي يعطي لنفسه هذا الحق ما هو إلا مجتمع ينتهك حقوق الإنسان ويكون بعيداً عن الديمقراطية . وبناء على ذلك تم تقسيم هذه الدراسة إلى جزأين، بيّن الجزء الأول التأهيل المادي للسجين من حيث تنظيم حياة السجين داخل السجن، وخاصة المعاملة الإنسانية للسجين والإجراءات الأمنية المتبعة، ثم تعرضت الدراسة للظروف المعيشية المناسبة للسجين، والرعاية الصحية والعمل، وتم استنتاج أن السجين إنسان قبل كل شيء، وبالتالي له الحق في معاملة تحفظ كرامته وإنسانيته. والجزء الثاني وضّح كيفية التأهيل المعنوي للسجين، وتم فيه تناول الرعاية المعنوية للسجين النفسية والاجتماعية، وضرورة تدعيم علاقته بالعالم الخارجي، ومدى حقه في التعبير وإبداء الرأي، وكذلك تعديل سلوكه الانحرافي بإعداده تربويا وتهذيبه أخلاقيا ودينيا، وتم استنتاج أن رعاية السجين معنويا تنعكس ايجابيا على المجتمع، خاصة أن للأمراض النفسية والجهل والأمية أثرا كبيرا في ارتكاب الجريمة. وبالإضافة إلى هذه الدراسة النظرية، قامت الباحثة بإعداد استمارات ومقابلة مجموعة عشوائية من المساجين وطرح عدة أسئلة عليهم لبيان مدى التزام الإدارة العامة والمراكز بما ورد في القانون الفلسطيني لمراكز الإصلاح والتأهيل رقم (6) لسنة 1998، في سجون مختلفة في الضفة هي سجن طولكرم وسجن جنين وسجن رام الله. ثم ألحقت الباحثة هذه الاستمارات وإجابات المساجين في الدراسة، وذلك استيفاء لأغراض هذه الدراسة. وخلصت الدراسة النظرية والعملية لأساليب التأهيل، بأن غياب النص على كيفية ممارستها يضعف من وجودها ولربما يعدمها، وهذا ما يحصل بالفعل في السجون التي كانت محل الدراسة وزارتها الباحثة، الأمر الذي يستلزم بالضرورة وضع لوائح وأنظمة وتعليمات.



الملف الكامل