وإذا كان في الجريمة عدة أشخاص, جاز منحه للبعض وعدم منحه للآخرين.
والظروف المخففة القضائية لا تغير طبيعة الجريمة, أي أن الجناية لا تصبح جنحة, ولو كانت العقوبة تنزل إلى مستوى عقوبات الجنحة. ( )
ولا يجوز أن تقل
عقوبة الحبس المؤقت عن ثلث الحد الأقصى المقرر للجريمة.
ويجوز استثناء بالنسبة للأحداث النزول بالعقوبة إلى أقل من ذلك طبقا للمذكرة الإيضاحية من قانون الأحداث.

المطلب الثاني: وقف تنفيذ العقوبة
أجازت المادة 82 من قانون الجزاء للقاضي إذا أصدر حكما على الفاعل , أن يقرر وقف تنفيذ هذا الحكم, لاعتبارات تتعلق بأخلاق المتهم, أو ماضيه أو سنه, أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة, إذا كان من شأنها أن تحمل القاضي على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام.
وواضح أن وقف التنفيذ هذا تدبير من تدابير الرحمة الاجتماعية.
وفي رأي الذين نادوا بإدخاله في التشريع أن له ثلاث اعتبارات:
الأول: أنه يتيح للقاضي في العقوبات القصيرة عدم إدخال المحكوم عليه السجن, حتى لا يتأثر بسلوك الآخرين فيه.
الثاني: أن التهديد بالعقاب يمكن أن يكون له أثر نفسي لا يقل عن أثر العقوبة نفسها مادامت كسيف مسلط على رأسه.
الثالث: أنه يدفع المحكوم عليه إلى إصلاح نفسه, حتى لا تنفذ فيه العقوبة المعلقة, وإذا اعتاد السلوك الشريف فالأغلب أنه لن ينتكس مرة ثانية.
ولكي يحق للقاضي أن يقرر وقف التنفيذ عن المحكوم عليه, يجب أن تتحقق الشروط التالية:
أولا: أن يكون الحكم صادرا بحبس المتهم سنتين على الأكثر أو بالغرامة.
فلا بد إذاً أن يصدر القاضي حكماً, وأن يكون هذا الحكم متضمناً
الحبس مدة تتراوح بين أربع وعشرين ساعة وسنتين على الأكثر, فإذا كان الحكم يتضمن الحبس مدة أكثر من سنتين, فلا يجوز منح وقف التنفيذ, لأنه يكون مخالفاً لنص القانون, وبالتالي يكون وقف التنفيذ باطلاً.
ويجوز منح وقف العقوبة لمن سبق عليه الحكم قبلاً, ولو أصبح حكمه نهائيا (وهو العائد) كما يجوز منحه لمن استفاد قبلاً من وقف تنفيذ حكم سابق, نظراً لأن القانون لم يشترط أن يكون المستفيد مبتدئاً.
وقد يرد سؤال بأنه هل يمنح وقف التنفيذ للمحكوم عليه بالحبس في جناية, إذا حكم فيها القاضي بعقوبة سنتين أو أقل؟
والجواب, أن ذلك جائز, والحجة في ذلك أن نص القانون جاء مطلقاً, فقد جاء فيه "إذا قضت المحكمة بحبس المتهم مدة لا تجاوز سنتين..." ولم يحدد القانون طبيعة هذا
الحبس وهل هو في جناية أو جنحة, والمطلق يبقى على إطلاقه, ولو أراد الشارع المنع في الجنايات لقال ذلك على غرار القوانين الأخرى.
ثم إن الغاية من وقف التنفيذ, هو تطبيق مبدأ من مبادئ السياسة الإجرامية, التي لا تريد أن تلقي بشخص لا يزال يؤمل الخير منه في وسط موبوء, وهذه الحكمة موجودة في حال الجناية, كما هي موجودة في حال الجنحة.
وأخيراً, ترك القانون للقاضي حق المنح من عدمه, لذلك فهو غير مجبر, إذا لم يشأ أ، يمنحه في حال الجناية (أو الجنحة طبعاً).

ثانيا: اعتقاد المحكمة أن الفاعل لن يعود إلى الإجرام.
وتستخلص المحكمة اعتقادها هذا من أخلاق المتهم أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكبت فيها جريمته.
ومن الضروري أن تذكر في حكمها, الأسباب التي حملتها على هذا الاعتقاد.

ثالثا: أن يوقع على تعهد:
ويجب أن يتضمن هذا التعهد بأنه لن يعود إلى الإجرام.
ومن حق المحكمة أن تكتفي بالتعهد, أو تطلب من المحكوم عليه تقديم كفالة شخصية أو عينية, حسبما تراءى لها أنه الأضمن والأفضل.
و يستحسن أن يوجه القاضي إلى المحكوم عليه نصيحة بلزوم تحسين سلوكه, ويبصره بالنتائج التي يتعرض لها إذا ارتكب جرماً جديداً.

المطلب الثالث: الامتناع عن النطق بالعقاب
أجاز القانون للقاضي, في حالة ارتكاب شخص جريمة عقوبتها الحبس, مهما كان نوعها -جناية أو جنحة- إذا وجد "من أخلاقه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكبت فيها جريمته أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام" أن يقرر الامتناع عن النطق بالعقاب, وهو ما يسمى أيضاً (بالاختبار).
وواضح أن الاختبار ممنوع في الجرائم المعاقب عليها بالغرامات, وذلك على خلاف وقف التنفيذ, وهذا فرق هام, كما أنه ممنوع في جريمة الخيانة لصراحة النص.

ويقرر القاضي تكليف المتهم بما يلي:
1. تقديم تعهد, بكفالة شخصية أو عينية, أو بدون كفالة, بالتزام حسن السلوك.
2. أن يلتزم في التعهد بمراعاة بعض الشروط التي يفرضها عليه القاضي لصالحه.
وهذه الشروط هي التي تفرق وقف وتنفيذ العقوبة عن الاختبار, واختيارها متروك للمحكمة, لتأمين حسن الرقابة عليه, ومساعدته على النجاح في تجربته.
ومن حق المحكمة أن تخضعه لإشراف مندوب يمثل السلطة العامة, أو شخص محسن يعهد إليه بذلك, أو مؤسسة متخصصة بذلك, ويجوز تبديل المشرف إذا لم يبرهن على أنه أهل للمهمة, وإذا اقتضت مصلحة المحكوم عليه ذلك.
فالشخص الخاضع للاختبار لا يتمتع بحريته كاملة كالشخص الذي تقرر وقف تنفيذ عقوبته, وإن كان مثله لا يدخل السجن.
ولذلك فإن وقف تنفيذ العقاب البسيط يصلح لأشخاص زلت بهم القدم, ولكنهم لا يمثلون خطورة على المجتمع, فيتركون أحراراً, يعملون على إصلاح أنفسهم بأنفسهم, أما الاختبار فيصلح لأشخاص لا يوحون بثقة, ويخشى من اتجاهاتهم وسلوكهم, أن يبتعدوا عن الصلاح, ففرضت عليهم تدابير رقابية وحماية لمساعدتهم على ذلك, ولذلك يجب تنظيم هذه التدابير في القانون.
ومدة الاختبار سنتان, فهي أقصر من وقف التنفيذ, فإذا اجتازها بسلام, أي لم يخل المتهم بشروط التعهد "اعتبرت إجراءات المحاكمة السابقة كأن لم تكن", أما إذا أخل بها, فإن المحكمة بناء على طلب يقدم إليها من النيابة العامة أو المحقق أو الشخص الذي يشرف عليه, أو المجني عليه, تسير الدعوى التي أوقفتها المحكمة , وتقضي بالعقوبة التي تراها , ومصادرة الكفالة العينية (أو تحصيل الكفالة الشخصية).
و الاختبار, كمؤسسة لإصلاح الفاعل برهنت على نجاحها إجمالاً.=شرح قانون الجزاء الكويتي ص383

تطبيقات من أحكام التمييز بشأن عوامل الرأفة والامتناع عن النطق بالعقاب:

المادة 81/1 من قانون الجزاء تنص على انه "إذا اتهم شخص بجريمة تستوجب
الحبس جاز للمحكمة إذا رأت من أخلاق المتهم أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها جريمته أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام آن تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب" وقد جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون "أن تخفيف العقوبة قد تدرج من القانون تدرجا ملحوظا فبدأ بأخص الحالات وهي الحالة التي يرى فيها القاضي من أخلاق المتهم أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها جريمته أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام فيقرر الامتناع عن النطق بالعقاب" بما مؤداه أنه يتعين على قاضي الموضوع أن يلتزم عند تقريره الامتناع عن النطق بالعقاب الاعتبارات المشار إليها في المادة المذكورة وأن يكون ذلك مؤدياً عقلاً ومنطقاً إلى الاعتقاد بأن المتهم لن يعود إلى الإجرام.
لحكم 466/1998 جلسة 4/10/1999 جزائي

من المقرر أن تقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك وأن المشرع ترك للقاضي سلطة مطلقة في تقدير العقوبة -بالنسبة إلى كل منهم- في الحدود المقررة بالقانون للجريمة وإعمال الظروف التي يراها مشددة أو مخففة مادام أن ما انتهى إليه لا مخالفة فيه للقانون -كما هو الحال في الدعوى- هذا إلى أن تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب أو الأمر بوقف تنفيذ الحكم عند توافر شروطها من سلطة محكمة الموضوع، وكانت المحكمة لم تر وجها للتقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب وبالتالي الأمر بوقف تنفيذ الحكم فلا يقبل من الطاعن المجادلة في هذا الشأن ويضحي ما يثيره من أن محكمة الموضوع قد ساوت في العقوبة بينه وبين المتهم الثاني الذي دانه بنفس الجريمة ولم تضع في اعتبارها عند تقدير العقوبة تعدد أنواع المخدر التي تعاطاها الأخير أو الظروف المخففة والاعتبارات التي أشار إليها الطاعن في أسباب طعنه غير سديد.
الحكم 381/1998 جلسة 29/6/1999 جزائي

ومن المقرر أن الأصل في الظروف المخففة أن أثرها يقتصر على العقوبات الأصلية دون العقوبات التبعية أو التكميلية مما مقتضاه أنه لا يجوز للمحكمة في حالة مبررات التخفيف أن تعمل في شأن العقوبات التكميلية حكم المادة 81 من قانون الجزاء التى تجيز التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب ، لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 78 من قانون الجزاء تنص على وجوب القضاء بعقوبة المصادرة باعتبارها
عقوبة تكميلية متى كانت الأشياء المضبوطة يعد صنعها أو حيازتها أو التعامل فيها جريمة في ذاته وأن المادة 20 من القانون رقم 13 لسنة 1980 في شأن الجمارك تعاقب على التهريب الجمركى وما في حكمه بعقوبة أصلية وبعقوبات أخرى تكميلية وهى المصادرة وغرامة جمركية لا تجاوز ثلاثة أمثال الضرائب والرسوم المستحقة وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المطعون ضده ارتكابه جريمتى حيازة وإحراز مادة الأفيون المخدرة بقصد التعاطى وتهريبها جمركيا ثم رأى للاعتبارات التى ساقها التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب وجاء الحكم على هذا النحو شاملا للعقوبة الأصلية وأيضا للعقوبتين التكميليتين وهما المصادرة والغرامة الجمركية فإنه يكون معيبا بما يوجب تمييزه تمييزا جزئيا في هذا الخصوص وتصحيحه باستبعاد عقوبتى الغرامة الجمركية والمصادرة من تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب.
الحكم 390/1998 جلسة 19/1999 جزائي