بحث



تأليف ألأستاذ الدكتور محمود صالح العادلي



أستاذ القانون الجنائي



بكلية الشريعة والقانون بطنطا - جامعة الأزهر بمصر



والمحامي أمام محكمة النقض



والمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا بمصر



والمحكمة العليا بسلطنة عُمان



بسم الله الرحمن الرحيم

· الجريمة المعلوماتية هي :
الابن غير الشرعي ..
الذي جاء نتيجة للتزاوج بين .....
ثورة تكنولوجيا المعلومات ...
مع العولمة
· أو هي المارد .. الذي خرج من القمقم ..
. ولا تستطيع العولمة أن تصرفه ..
بعد أن أحضرته .. الممارسة السيئة لثورة تكنولوجيا المعلومات ...


الباحث












m

· الجرائم المعلوماتية المقصودة ([1]) :
يقصد بالجريمة المعلوماتية – في نظرنا - كل استخدام ، في صورة فعل أو امتناع ، غير مشروع لتقنية المعلوماتية ويهدف إلى الاعتداء على أي مصلحة مشروعة سواء أكانت مادية أم معنوية . ([2])
· الجرائم المعلوماتية وثورة الاتصال والمعلومات :
وفي الحقيقة أن الجرائم المعلوماتية هي ثمرة من ثمار التقدم السريع في شتى المجالات العلمية الذي يتميز به عصرنا الحاضر ؛ فهناك ثورة في مجال الجينات والصبغيات نتيجة للتقدم في فرع الهندسة الوراثية ؛ وهناك ثورة في مجال وسائل الاتصال والمعلومات Information Revolutiom ترجع إلى استخدام الكمبيوتير ( الحاسوب ) ... الخ .
ولقد صاحب هذا التقدم السريع في مجال العلوم والتقنية واستخداماتها لخير البشرية ؛ تقدم آخر مواز في مجال الجريمة ؛ فلم تصبح الجريمة مقصورة على طبقة معينة من طبقات المجتمع دون أخرى ؛ وذلك لوضوح إجرام الفساد الذي يتورط فيه كبار المسئولين في الدول المختلفة ؛ علاوة على إجرام ذوي الياقات البيضاء ؛ الذي يتورط فيه كبار المسؤولين في الشركات العملاقة ؛ وإجرام الاتجار بالمخدرات .
· ثورة الاتصال والمعلومات وخير البشرية :
وعلي مستوى ثورة الاتصال والمعلومات نجد أن الصراع مستمر بين جانبي الخير والشر في هذه الثورة ؛ ففي جانب الخير نجد أن هذه الثورة ساعدت على عولمة المعلومات ؛ وتسهيل كثير من الخدمات والأعمال ؛ فقد توصلت البشرية إلى السيطرة على المعلومات من خلال استخدام الحاسب الآلي computer لتخزين ومعالجة و استرجاع المعلومات ؛ فضلا عن استخدامه في عمليات التصميم والتصنيع والتعليم والإدارة ؛ ناهيك عن تطوير تطبيقاته لتشمل أداء خدمات عديدة مثل التعليم و التشخيص والخدمات التمريضية و تسهيل المعاملات والخدمات البنكية والحجز الآلي لنقل الأشخاص وإدارة المكاتب الحديثة وقيادة المعارك ؛ وعلى وجه العموم دخل الحاسب الآلــي في شتى نواحي الحياة الإنسانية ([3]
) .
فضلا عن أنه جعل المعلومات في متناول الجميع من خلال شبكات الإنترنت ؛ أي شبكات المعلومات المحلية والإقليمية والعالمية ؛ وأصبح العالم بذلك مزدخراً بكم هائل من المعلومات لا تعرف الحواجز الجغرافية ولا المسافات ؛ بصورة يمكن معها القول بأن العالم صار أشبه بمجتمع كبير تترابــط فيه الحاسبات و شبكات المعلومات ؛ لتعلن بزوغ فجر ثورة جـديدة هي الثورة المعلوماتية La revolution informatique أو الثورة الصناعية الثالثة التى تدفع بالإنسانية إلى عصـر جـديد هو عصر أو مجتمع المعلومات ([4]
) .
· ثورة الاتصال والمعلومات و شر البشرية :
وعلى جانب الشر نجد أن الإنسان – متأثراً بنزواته وشهواته ونواقصه- يسئ استخدام ثورة الاتصال والمعلومات ؛ فإذا كانت الكثير من المؤسسات كالبنوك والشركات الكبري تستخدم الحاسب الالكتروني ؛ فإنه من خلاله ترتكب كثير من الجرائم مثل السحب الالكتروني من الرصيد بواسطة الكارت الممغنط إذا كان مزورا أو من غير صاحب الصفة الشرعية‏,‏ كذلك يمكن تصور التجسس عن بعد وسرقة بيانات تتعلق بالأمن القومي ؛ ومن الممكن أن يترتب علي الإصابة بالفيروس المعلوماتي تدمير برامج مهمة ‏,‏ علاوة على أنه من المتصور أن يحدث مساساً بحياة الأفراد الخاصة وانتهاكها‏ من خلال استخدام الحاسب الآلي وشبكة الانترنت ,‏ والمثل يقال بالنسبة للجرائم الماسة بالآداب ‏.‏
· المواجهة التشريعية ضرورية :
ومن هنا كان لزاماً أن تواكب التشريعات المختلفة هذا التطور الملحوظ في جرائم المعلوماتية ؛ فالمواجهة التشريعية ضرورية للتعامل من خلال قواعد قانونية غير تقليدية لهذا الإجرام غير التقليدي .
مواجهة تتعامل بشكل عصري متقدم مع جرائم المعلوماتية المختلفة التي يأتي في مقدمتها بناء ونشر برامج فيروسات الحاسب الآلي والدخول غير المشروع علي شبكات الحاسبات‏,‏ والتحايل علي نظام المعالج الآلية للبيانات وإتلاف البرامج وتزوير المستندات المعالج الكترونيا‏,‏ فضلا عن الجرائم التي تحدث في مجال البنوك‏.‏
· الجرائم المعلوماتية ( مارد يخرج من القمقم ) ( [5] ) :
غير أن هذه المواجهة قاصرة حتى الآن : كأن الجرائم المعلوماتية ماردا جبارا خرج من القمقم تستعصي عليه أية مواجهة تشريعية . أو بعبارة أخرى ؛ المواجهة التشريعية تسير بسرعة السلحفاة في مواجهة ( الجرائم المعلوماتية ) التي تنطلق كالصاروخ بسرعة الضوء .
فلا جدال في أن صور السلوك الخطر والضار بمجتمع المعلوماتية تكسب أرضاً جديداً يوماً بعد يوم ، في الوقت الذي تعجز فيه التشريعات القائمة عن مواجهة هذا الخطر الداهم ؛ الذي يهدد في الصميم الأفراد في ممتلكاتهم وخصوصياتهم ؛ والمؤسسات في كيانها المادي والاقتصادي ؛ والاقتصاد في بنيانه وحركة التعامل في مفرداته .
وبتعبير آخر ؛ نجد أن الجرائم المعلوماتية في
حركة ( مـــــــد ) عنيفة؛ بينما التشريعات التقليدية – وغير التقليدية –في حركة ( جزر) مخيفة .
· خطة البحث :
· وعليه ؛ فإن هذا البحث سيعالج الموضوعات التالية :-
1- أسباب الفراغ التشريعي .
2- مظاهر هذا الفراغ .
3- كيفية سد هذا الفراغ .
· وهذا ؛ وستكون خطة هذا البحث على النحو التالي :-
· الفصل الأول : في مظاهر الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية .
· الفصل الثاني : في أسباب ومبررات الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية .
· وستُختتم الدراسة – بإذن الله تعالى – بخاتمة تنطوي على نتائج الدراسة وتوصياتها ؛ لاسيما ما يتعلق بكيفية مواجهة هذا الفراغ التشريعي .
· وجدير بالذكر بأن هذه الدراسة ستتخذ المنهج التحليلي الاستقرائي أساساً لها .


















الفصل الأول






في



مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية





























· :M
لقد أفرزت ثورة الاتصالات والمعلومات : وسائل جديدة للبشرية تجعل الحياة أفضل من ذي قبل ؛ غير أنها فتحت الباب على مصراعيه لظهور صور من السلوك المنحرف اجتماعيا التي لم يكن من الممكن وقوعها في الماضي ؛ وتخرج عن دائرة التجريم والعقاب القائمة ؛ لأن المشرع لم يتصور حدوثها أصلاً . ( [6] )
فمن جهة أولى أناحت نظم الكمبيوتر ( الحاسوب) ظهور صور جديدة من الجرائم لم تكن موجودة في الماضي ؛ وذلك مثل سرقة المعلومات والأسرار المودعة في قواعد المعلومات ؛ ومن جهة ثانية أتاحت هذه النظم الفرصة لارتكاب الجرائم التقليدية بطرق غير تقليدية ؛ كما هو الشأن بالنسبة لجرائم الغش وإتلاف وإفساد المعلومات المخزنة في قواعد المعلومات . ( [7] )