3 - ما هو التنفيذ:
ربما كانت أعمال التنفيذ التي تحول دون
سقوط الحكم الغيابي هي أهم ما في هذا البحث ويجدر بنا قبل أن نعالج هذا البحث أن نشير إلى اختلاف بين النصوص الفرنسية والمصرية فالقانون الفرنسي ينص في (م 156) على سقوط الحكم الغيابي إذا لم يُنفذ في بحر ستة شهور و(م 157) تنص على المعارضة في الأحكام الغيابية. و(م 158) تنص على المعارضة في الحكم الغيابي الصادر ضد خصم لم يعين وكيلاً (avoué) وأنها تقبل حتى تنفيذ الحكم.
ثم جاء في (م 159) وذكر (أن
الحكم يعتبر أنه نفذ إذا بيعت المنقولات المحجوز عليها أو حُبس المحكوم عليه أو أعلن إليه حجز على عقاراته أو دُفعت المصاريف وعلى العموم لو وقع عمل يستنتج منه حتمًا أن الغائب قد علم بالتنفيذ... والمعارضة المرفوعة في المواعيد المحددة آنفًا وبالشكل المذكور فيما بعد توقف التنفيذ....) وهذه المادة لا مقابل لها في مصر.
والواقع أنه لا أهمية لإهمال المشرع المصري إيراد مادة تقابل (م 159) فرنسي، لأن هذه المادة خاصة بالتنفيذ الذي يضع حدًا للمعارضة ومن المجمع عليه في فرنسا أن (م 159) لا تسري على التنفيذ الذي يمنع
سقوط الحكم الغيابي، إذ أن التنفيذ الذي يضع حدًا للمعارضة غير التنفيذ الذي يقي الحكم الغيابي من السقوط فهناك تنفيذ يقي الحكم الغيابي من السقوط ولا يضع حدًا للمعارضة ومثل ذلك في أحوال التضامن فعلى الرأي الراجع تنفيذ الحكم الغيابي ضد أحد المحكوم عليهم بالتضامن في بحر ستة شهور كافٍ لمنع سقوط الحكم ضد الباقين ولكن ميعاد المعارضة يظل مفتوحًا لهم، وبالعكس قد يوجد هناك تنفيذ يضع حدًا للمعارضة ولكنه لا يقي الحكم من السقوط كمحضر عدم الوجود متى وصل إلى علم المدين فإنه لا يكفي لوقاية الحكم من السقوط إذا كان الدائن يستطيع أن يسلك طرقًا أخرى للتنفيذ (راجع جارسونيه بند 2215 حاشية 6).
كذلك إعلان
الحكم للنيابة في حالة استحالة التنفيذ على المدين لعدم وجود محل له كافٍ لمنع سقوط الحكم ولكنه لا يضع حدًا للمعارضة (تعليقات دالوز).
ومجمل القول إن التنفيذ المقصود بمادة (344) له معنى خاص.
(Exécuter au sens de l’art 156 c’est faire un acte d’exécution caracterisé Garsonnet 2215).
وتعليقات دالوز على مادة (156) فقرة (206).
واستئناف مختلط 18 يونيه سنة 1913 مج ت (م 25) صـ 455.
وعلى كل حال يجب على الدائن أن يقوم بتنفيذ
الحكم فعلاً في بحر الستة شهور ولا يغني عن ذلك إظهار نيته في التنفيذ مهما كان سطوع هذه النية ولا إثبات أنه لم يكن مهملاً ولا متوانيًا فلا يكفي مثلاً أن يكون قد كلف المُحضر بالتنفيذ قبل مضي الستة شهور (راجع المجموعة الرسمية السنة الثامنة عدد 47).
أما البدء في التنفيذ فهو كافٍ على رأي بعض الشراح ولكن المحاكم الفرنسية تسير على أنه وإن يك ليس من الضروري أن يكون التنفيذ تامًا إلا أنه لا بد أن يقع جزء كامل منه فإعلان حجز ما للمدين لدى الغير غير كافٍ بل لا بد من إخبار المدين (راجع حكم متز 21 يونيه سنة 1892 والأحكام المنشورة في تعليقات دالوز فقرة 69) ويرى القضاء المختلط أن البدء في التنفيذ كافٍ (استئناف 18 يونيه سنة 1913 مج ت م 25 - 255) وعلى كل حال لا يشترط أن يكون التنفيذ شاملاً فإذا حكم على شخص بالدين والمصاريف فنفذه المحكوم له بالمصاريف فقط لكفى.
هل يشترط علم الغائب بالتنفيذ ؟ مسألة مختلف فيها. فجارسونيه يرى أن علم الغائب غير لازم إلا إذا حصل ذلك عن غش وسوء قصد أي أن يكون التنفيذ قد أُخفي عن الغائب عمدًا أما الأحكام فبعضها على الرأي المخالف (راجع الأحكام المنشورة في تعليقات دالوز فقرة 217 و218 و219).
وأرى أن علم المحكوم عليه ليس بلازم إذ لا محل لاشتراط هذا مع خلو النصوص القانونية منه.
وإعلان
الحكم والتنبيه على المدين بالوفاء في غير أحوال الاستحالة لا يعتبر تنفيذًا وكذلك حق الاختصاص الذي يؤخذ بناءً على ذلك الحكم (استئناف مختلط 10 فبراير سنة 909 مج ت م 21 - 179) إلا أنه لما كان الحكم القاضي بصحة الإمضاء يجيز في فرنسا أخذ رهن قضائي فقد قالوا إن أخذ هذا الرهن يعتبر تنفيذًا إذا لم يحتوِ الحكم على غير القضاء بصحة الورقة ولما كان مذهب بعض الأحكام وجوب علم الغائب بالتنفيذ فقد قالوا إن هذا الرهن القضائي يجب أن يعلن للمدين ولا يقوم تسجيله مقام العلم.