أولا : الشروط الواجب تحققها في الحكم :
هناك ثلاثة شروط يجب تحققها في الحكم :
1- يجب أن يصدر من المحكمة بموجب سلطتها القضائية : أي أن يكون هناك حكم فاصل في النزاع بين طرفين أو أكثر صادر عن المحكمة بموجب سلطتها القضائية لا بموجب سلطتها الإدارية أو الولائية مثال : حصر الإرث الشرعي لا يتمتع بقوة
القضية المقضية لأنه يصدر عن المحكمة الشرعية بصفتها الولائية لا القضائية ولا يمنع من اعتبار الحكم حكما بمعنى الكلمة حائزا لقوة الشيء المحكوم به صدوره عن جهات القضاء العادي كالمحاكم المدنية والجزائية والشرعية أو عن جهات القضاء الإداري كمحكمة القضاء الإداري ومجالس التأديب واللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي أو عن جهات القضاء الاستثنائي كالمحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة كما وتتمتع الأحكام الأجنبية بقوة القضية المقضية إذا منحت صيغة التنفيذ وكذلك الأمر بالنسبة لقرارات المحكمين إذا اكتسبت صيغة التنفيذ . وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية: ( إن وثيقة حصر الإرث الشرعية الصادرة عن القاضي الشرعي بسلطته الولائية ليست لها حجية في مجال حصر الإرث القانوني ) ( نقض سوري 240 تا 24/5/1967 تقنين البينات لشقيق طعمة قا 708 ص 1362 ) وفي قرار آخر : (تكون قوة القضية المقضية للأحكام الصادرة عن المحاكم وقرارات قضاة التحقيق ليست لها هذه الصفة ) (نقض سوري 221 تا 15/4/1957 تقنين البينات لشفيق طعمة قا 803 ص 1360 ) وفي قرار آخر : ( إن قرارات رئيس التنفيذ حول الخلافات الموضوعية والتي تخرج عن إجراءات التنفيذ لا تتمتع بأية حجية وتكون معدومة ) (نقض سوري189 تا10/4/1965 تقنين البينات لشفيق طعمة قا 790 ص 1351 )
2- يجب أن تكون المحكمة مختصة اختصاصاً نوعياً بحيث يكون للمحكمة ولاية الحكم في
القضية : وإن عدم الاختصاص إما أن يكون من النظام العام بحيث يمكن للقاضي التمسك به من نفسه ولا يملك الخصوم الاتفاق على ما يخالفه ( وهو الاختصاص النوعي ) وإما أن لا يكون كذلك ( كالاختصاص المكاني ) فإن كان من النظام العام وصدر الحكم عن محكمة غير مختصة نوعيا فإن الحكم لا يحوز قوة الشيء المحكوم به كما لو حكمت محكمة جنائية في مسألة مدنية لا تدخل في اختصاصها فلا يمنع هذا الحكم رغم انقضاء مهل الطعن من إقامة دعوى في الموضوع نفسه أمام المحكمة المختصة لان الاختصاص ولائي للمحاكم وذلك لأنه من النظام العام لا يملك الخصوم الاتفاق ولا التراضي على خلافه ويعتبر الحكم الصادر كأنه لم يكن . أما في الحالة الثانية أي إذا كان عدم الاختصاص لا يعد من النظام العام فإن هذا لا يؤثر على حيازة الحكم لقوة الشيء المحكوم به متى أصبح نهائيا كما لو حكمت محكمة حلب في قضية من اختصاص محاكم ادلب وهو ما يسمى بالاختصاص المحلي . وهذا ما أيدته محكمة النقض السورية في قرار لها جاء فيه : (الحكم الصادر عن محكمة غير مختصة يكتسب قوة القضية المقضية لصدوره عن جهة ذات ولاية وإن كانت غير ذات اختصاص ) (كتاب وزارة العدل تا 15/5/1960 قانون البينات لممدوح عطري قا 710 ص 1354 ) 3- يجب أن يكون الحكم قطعيا أو باتاً : وهو الحكم الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى جملة أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة سواء تعلقت هذه المسألة بوقائع أو بقانون بحيث لا يصح الرجوع في حكمها فيه أو تعديله ولو كان الحكم خاطئا فالحكم ببطلان صحيفة الدعوى وبعدم قبول الدعوى أو عدم جواز النظر فيها أو سقوطها بمضي المدة والحكم بعدم الاختصاص أو بانقضاء الحق بالتقادم أو بعدم جواز الإثبات بالشهادة والحكم في طلب رد القضاة أو طلب دخول خصم ثالث أو طلب وقف الدعوى للفصل في مسألة أولية من محكمة أخرى وبالمحصلة فإن كل حكم يفصل في موضوع الدعوى أو بعضه أو في دفع أو مسألة فرعية تكون له حجية الأمر المقضي به بما فصل فيه : وقد قررت محكمة النقض : (إن الحكم المنقوض بجزء منه يبقى نافذاً بأجزائه الأخرى ما لم تكن التجزئة غير ممكنة ) (نقض سوري رقم 1099 تا 31/3/1954 تقنين البينات لشفيق طعمة قا 794 صفحة 1355 ) وجاء في قرار آخر : ( إن حكم النقض واجب الاتباع حكماً، فإذا فصلت محكمة النقض بنقطة معينة حازت قوة القضية المقضية. ولا يجوز مناقشة ما ورد فيها أو تخطئتها أو المداعاة في موضوعها. وباعتبار أن الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية تعتبر عنواناً للحقيقة والصواب ) (نقض سوري رقم 2113 أساس 4306 تاريخ 30 / 12 / 1981 سجلات محكمة النقض) ومع ذلك فهناك أحكام قطعية لا تبت بالخصومة بشكل حاسم فلا تكون لها حجية الأمر المقضي به ( كالحكم بالغرامة التهديدية المنصوص عنها في المادتين /214 – 215/ من القانون المدني فيجوز للقاضي إعادة النظر بهذه الغرامة زيادة أو نقصانا أو إلغاءها اذا رأى حاجة لذلك
أما الأحكام غير القطعية فلا يكون لها حجية الأمر
المقضي به لأن الغرض منها اتخاذ إجراءات معينة تمكن من الوصول للفصل في النزاع بغير أن تبت في موضوع الدعوى وهذه الأحكام هي : 1- الأحكام التحضيرية : وهي الأحكام التي تصدرها المحكمة أثناء سير الدعوى بإجراءات معينة لتنوير الدعوى 0 كتعيين الخبراء والحكم بإجراء تحقيق أو الحكم بالإثبات بالشهادة 2- الأحكام التمهيدية : وهي الأحكام التي تسبق الحكم في موضوع الدعوى لكنها تختلف عن الأحكام التحضيرية في أنها تبين رأي المحكمة في نقطة النزاع كالحكم بتعيين خبير لتقدير قيمة الضرر) 3- الأحكام المؤقتة : وهي أيضا الأحكام التي تسبق الحكم في موضوع الدعوى ولكنها لا تمس جوهر النزاع والغاية منها اتخاذ إجراءات تحفظية أو مؤقتة لحماية حقوق الخصم لحين الفصل في موضوع الدعوى والمحكمة غير ملزمة بها عند الفصل في موضوع النزاع وتعتبر من هذه الأحكام : q القرارات التي يصدرها قاضي الأمور المستعجلة q الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية في مسائل الولاية على المال والنفس : كما في حالة - تعيين وصي على القاصر فمجرد بلوغ القاصر يترتب عليه إنهاء الوصاية – قرار القاضي بإراءة الصغير q أحكام النفقة التي تصدر عن المحاكم الشرعية : يستطيع القاضي زيادتها أو إنقاصها تبعا لتبدل حال الزوج وأسعار البلد q الأحكام التهديدية : يمكن للقاضي الرجوع عنها إذا امتثل المدين وقام بتنفيذ التزامه 0 إذا : الأحكام المذكورة مؤقتة يجوز العدول عنها إذا تغيرت الظروف التي أدت إلى إصدارها وحجيتها مؤقتة تزول بزوال سبب الإصدار . • *ولابد منالتنويه الى أن العبرة لإثبات حجية الأمر المقضي به هو لمنطوق الحكم لا لأسبابه وهو الجزء من الحكم الذي يفصل في نقطة النزاع ولا تثبت الحجية إلا للمنطوق الصريح إلا إذا كان المنطوق الضمني هو النتيجة الحتمية اللازمة للمنطوق الصريح فإذا إنعدمت هذه النتيجة فلا حجية إلا للمنطوق الصريح أما إذا تناقض منطوق الحكم مع أسبابه وموجباته فقد أجاز القانون إعادة المحاكمة في النزاع مجددا لصراحة المادة /241 فقرة ( و) من قانون أصول المحاكمات المدنية . وقد جاء في اجتهاد لمحكمة النقض السورية : ( إذا كانت الحجية للمنطوق في الموضوع الأصلي فإن بعض الأحكام يكون فيها للأسباب وللمنطوق حجية ضمنية بالنسبة لبعض تفاصيل النزاع الفرعية التي كانت موضع جدال بين الطرفين وفصل فيها الحكم ) (نقض 145 أساس 844 تا 28/2/1974 تقنين البينات لشفيق طعمة قا 827 ص 1386 ) وفي قرار آخر : ( إن أسباب الحكم لا تكون لها حجية الأمر المقضي فيما عرضت له من المسائل إلا إذا كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطوق الحكم تحدد معناه أو تكمله حتى إذا عزل عنها صار ناقصاً) ( نقض سوري 528 تا 22/6/1974تقنين البينات قا 792 ص 1353 )

ثانيا : الشــروط الواجــب تحققها في الحق المدعى به :
لا يكون للحكم القضائي قوة
القضية المقضية إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط هي : 1- وحد ة الموضوع 2- وحـدة السبب 3- وحــدة الخصوم وفق منطوق المادة /90/ بينات 1- وحدة الموضـوع أو محـل الحـق حتى يمكن التمسك بقوة الشيء المحكوم به يجب أن يكون موضوع الواقعة أو الدعوى الثانية هو بعينه موضوع الواقعة أو الدعوى المحكوم فيها ( كما لو ادعى شخص على آخر يطالبه بمبلغ خمسون ألف ليرة سورية وردت دعواه لعدم الثبوت فلا يحق له المطالبة بهذا المبلغ ثانية أمام نفس المحكمة أو أمام أي محكمة أخرى ) والحكم بشيء يسري على ملحقاته وعلى ما يتفرع عنه فإذا حكم لشخص بملكية منزل فلا يمكن للخصم أن ينازعه في استحقاقه لريعه 0 وفي حالة رفض الدعوى المذكورة فذلك لا يمنع من رفع دعوى الملكية كما أن الحكم بالكل يسري على الجزء (فلو رفع الشخص دعوى بدين ورفضت لعدم الثبوت فلا يحق له أن يرفع دعوى بقسط منها او دعوى بفوائد الدين ) وليس العكس صحيحا أي أن الحكم بالجزء لا يتضمن حتما الحكم بالكل 0 ولا يعتبر الموضوع متحدا بمجرد تعلق النزاع في الدعويين بموضوع واحد بل العبرة لموضوع النزاع ( فالحكم الصادر في دعوى الملكية لا يمنع من رفع دعوى وضع اليد ) ويعتبر الفصل في اتحاد الموضوع أو عدمه فصلا" في مسألة موضوعية أي أن القاضي لا يخضع لرقابة محكمة النقض ما دام حكمه مبنيا على أسباب من شأنها أن تؤدي إليه عقلا بحيث تكون مستساغة ومؤدية للنتيجة التي انتهى إليها وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية : (إن الاحكام الصادرة في قضايا الحيازة لا تتعدى حجيتها الفصل في تثبيت أونزع يد ائز ولا تؤثر على النزاعات الموضوعية ) (نقض سوري رقم 91 تا28/2/1967تقنين البينات لشفيق طعمة قا 802 ص 1359) وفي قرار آخر : (يشترط لقبول الدفع بسبق الفصل في الدعوى أن يكون موضوع الدعوى الجديدة هو ذات الموضوع الذي اقترن بحكم حاز الدرجة القطعية سواء من جهة الحق أو المصلحة إن تعليق الحقين المختلفين بمصدر واحد لا يكفي للاحتجاج بقوة القضية المقضية الحاسمة للنزاع في احدهما من أجل دفع الآخرى ) نقض سوري رقم 73 تا 21/2/1954 تقنين البينات لشفيق طعمة قا 810 ص 1366 2- وحــدة السبب : السبب هو الأساس القانوني الذي يبنى عليه الحق أو هو ما تولد منه الحق أو نتج عنه كالشراء أو الميراث أو الوديعة أو الوصية أو الهبة أو أي تعاقد أو أمر مادي كوضع اليد الذي من شأنه أن ينتج أثرا قانونيا ويجب أن يكون السبب متحدا في الدعويين حتى يمكن التمسك بقوة الشيء المحكوم به فإذا تغير السبب فلا يمكن التمسك بقوة الشيء المحكوم به ولو كان الموضوع واحد والخصوم أنفسهم ( فإذا رفع شخص على آخر يدعي بملكية المنزل باعتباره مشتريا وردت دعواه فإن هذا لا يمنع من رفع دعوى أخرى بملكية المنزل على نفس الشخص باعتباره وارثا له ) وكذلك يجب التمييز بين سبب الدعوى وبين وسائل الدفاع والحجج القانونية التي توصف فيها الواقعة القانونية الواحدة ففي دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الواحد فإن إقامة الدعوى على أساس المسؤولية العقدية يمنع من إقامتها مرة ثانية لذات الضرر على أساس المسؤولية التقصيرية مثال : ادعى شخص على آخر يطالبه بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء تأخر البائع تسليمه الدار المباعة له على أساس المسؤولية العقدية وتقرر رد الدعوى واكتسب الحكم الدرجة القطعية ثم عاد وتقدم بذات الدعوى ولكن على أساس المسؤولية التقصيرية فان للحكم الأول حجيته عليه وذلك أن ما أدلى به في الدعوى الثانية هو تغيير للدفع وليس للسبب ..في حين لو أنه عاد وتقدم بدعوى يطالب بالتعويض عن النواقص التي وجدت في المبيع أو العيب فيه فلا حجية للقرار الأول المتعلق بطلب التعويض عن التأخير في التسليم على هذه الدعوى لتغير السبب بين الدعويين وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية : (إذا اقيمت الدعوى بسب جديد لم يثر في الدعوى السابقة ولم يفصل فيه لاتمنع من رؤية الدعوى الجديدة ) (نقض رقم 200 تا 24/5/1965 قانون البينات لممدوح عطري قا 756ص 611) وفي قرارآخر : ( إن الأساس في وحدة الدعويين يقوم على ذات الموضوع وحقيقة السبب بصرف النظر عن علة السبب ) ( نقض سوري 188تا 1/9/1962 قانون البينات لممدوح عطري قا 749ص606) وفي قرار آخر جاء فيه : ( إن اعمال المادة 90 من قانون البينات رهن بأن تصدر الأحكام في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون تغييرصفاتهم وتعلق بذات الحق محلا" وسببا" ولكن باختلاف السبب في الدعوى الثانية عما كانت عليه في الدعويين السابقتين ينهار معه أحد شروط حجية القضية المقضية ) (نقض سوري رقم 481 أساس 950تا 10/5/1976 سجلات النقض تقنين البينات لشفيق طعمة قا 820 ص 1377) والعبرة عند تعدد الدعاوى لسبب واحد هو للحكم الأول وهو الذي يحوز قوة الشيء المحكوم به . وقد ظهرت الصعوبة في تعيين السبب في دعاوى بطلان العقود فقد تختلف في عقد واحد أسباب البطلان لسبب من الأسباب وقضت المحكمة بردها فهل يحول ذلك دون رفع دعوى جديدة للإبطال استنادا لسبب آخر ؟ الفقهاء يرون أن عيوب الرضا ونقصان الأهلية وعيوب الشكل تشكل أسبابا متعددة للدعوى فرد دعوى البطلان بالاستناد إلى أحد هذه الأسباب لا يمنع من رفع دعوى بطلان جديدة استنادا لسبب آخر أما في حال صدور قرار بالبطلان لسبب ما فيذهب هؤلاء إلى دمج جميع أسباب البطلان في سبب واحد فالحكم الصادر بالبطلان بالنسبة لأي سبب يتمتع بقوة القضية المقضية لجميع الأسباب الأخرى 0 ثالثا : وحدة الخصوم ووحدة صفاتهـم :
لا يعتبر الحكم متمتعا بقوة
القضية المقضية إلا بالنسبة للخصوم الذين صدر بمواجهتهم و لا أثر له بالنسبة إلى الغير 0 فالحكم الذي يصدر بمواجهة شخص لا يكون له أي أثر على شخص آخر لم يكن طرفا و لا ممثلا في النزاع الذي انتهى إلى صدور الحكم 0
ويعتبر طرفا في النزاع الشخص نفسه سواء مثل بالذات أمام المحكمة أو بواسطة ممثل تعاقدي أو قانوني ( الوكيل و الوصي و القيم ) أي أن المقصود باتحاد الخصوم أن يكون بصفاتهم لا بأشخاصهم فإذا مثل شخص بواسطة محاميه في دعوى ورفضت فلا يجوز أن يجددها ويحضر بنفسه أمام المحكمة بحجة أنه شخص آخر غير المحامي ، بمعنى أن الحكم الذي يصدر في مواجهة الوكيل يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للموكل وحجية الحكم لا تقتصر على الخصم نفسه بل تتعداه إلى خلفه العام (كالوريث ) والخاص كالمشتري