الأحداث الجانحون juvenile delinquents مصطلح يهتم به القانون الجزائي، وبصفة خاصة قانون الأحداث الجانحين، ويطلق على الذين يرتكبون جرائم قبل بلوغهم سن الرشد القانوني، ويلاحق جزائياً منهم أولئك الذين يرتكبون جرائم وهم في سن التمييز.

ويقصد بالحدث كل ذكر أو أنثى لم يبلغ بعد سن تحمل المسؤولية الجزائية، أي لم يصل بعد إلى سن الرشد الجزائي الذي يعدّ بداية مرحلة المسؤولية الجزائية الكاملة، وعلى ذلك تفرق التشريعات الجزائية في مختلف الدول بين الحدث والراشد من حيث المعاملة الجزائية ومن حيث القواعد التي تحكم المسؤولية الجزائية.

ومناط التفريق بين الحداثة والرشاد هو العقل أو الإدراك أو التمييز، فالإنسان لا يعد مسؤولاً جزائياً إلا في الوقت الذي يصبح فيه قادراً على فهم الطبيعة غير المشروعة للفعل وتوقع الآثار أو النتائج التي تترتب على هذا الفعل. وعندما يصل إدراكه إلى هذا الحد يمكن القول إنه بلغ سن العقل، ويعامل معاملة إنسان راشد لأن قدراته العقلية تكون قد اكتملت إلى درجة تترتب عليه معها المسؤولية الجزائية كاملة بتوافر ركنيها: حرية الاختيار والإدراك أو التمييز. أما إذا انعدم الإدراك أو التمييز أو لم يكتمل بعد فلا يمكن القول إن الإنسان قد بلغ سن العقل أو الرشد. وعلى ذلك فإن الإدراك أو التمييز هو في الوقت نفسه علة وضابط: فهو علة التمييز في المعاملة الجزائية بين الحدث والراشد، وهو فوق ذلك ضابط التمييز بين الحداثة والرشاد. وهذا ما اتفقت عليه التشريعات الجزائية في مختلف الدول ومنها قانون العقوبات السوري الذي ينص في المادة 209/1 على مايلي: «لا يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة».

وما دام الانتقال من الحداثة إلى الرشاد يتم باكتمال الوعي أي النضج العقلي للإنسان، أي عندما تكتمل قدراته العقلية، فهل يمكن للمشرع تحديد سن معينة للقول بتوافر الرشد؟ يتبادر إلى الذهن أول وهلة ترك هذه المسألة لسلطة القاضي التقديرية، إذ إن الانتقال من حالة عدم الإدراك أو حالة الإدراك الناقص إلى حالة الإدراك الكامل لا يتم فجأة أو دفعة واحدة، كما أنه لا يتم لدى الأفراد في سن واحدة مجردة، لكنه يتم بالتدريج، ويخضع لعوامل كثيرة لا يمكن إغفالها ولا إغفال الدور الذي تؤديه في تكوين الحدث من الناحيتين الجسدية والمهنية. ومن هذه العوامل: البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان وما يكتسبه من تعاليم وعادات، والجنس الذي ينتمي إليه، والموقع الجغرافي للإقليم الذي نشأ فيه وتأثير العوامل الطبيعية. فقد يختلف النمو وتختلف العادات والأخلاق بحسب طبيعة الإقليم جبلياً كان أو صحراوياً أو سهلياً، كما يختلف ذلك باختلاف الجو والمناخ، يضاف إلى ذلك العوامل الذاتية في تكوين الحدث وعوامل الوراثة والعوامل الاقتصادية. إن كل ذلك يوحي بترك مسألة تحديد سن الرشد إلى تقدير القاضي في كل حالة على حدة، لكن ذلك مدعاة لاختلاف الرأي والتحكم وعدم تماثل درجات التقدير لاختلاف اجتهادات القضاة، مما جعل غالبية التشريعات الجزائية في مختلف الدول، تحت ضغط الظروف العملية، تلجأ إلى تحديد سن مجردة للرشد. وهي في معظم هذه التشريعات تمام سن الثامنة عشرة. وسار قانون
الأحداث السوري على هذا النهج عندما عرف الحدث بأنه: «كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشرة من عمره». وفي ضوء ما تقدم يمكن استخلاص التعريف القانوني للحدث على الوجه التالي: «الحدث هو الصغير في المدة منذ ولادته حتى بلوغه السن التي حددها القانون للرشد، وهي في تشريع الأحداث السوري ثماني عشرة سنة». وبالمقابل فإن الراشد هو الشخص الذي أتم الثامنة عشرة من عمره.