المقصود بالتعليق عل حكم أو قرار قضائي:
كلّ نزاع يعرض علىالجهات القضائية يتعلق بمسألة معينة،إذن كلّ حكم أو قرار يصدر من جهة قضائية يؤدّيإلى تحليل مسألة قانونية .إذن التعليق على حكم أو قرار قضائي هو: مناقشة أو تحليلتطبيقي لمسألة قانونية نظرية" تلقاها الطالب في المحاضرة".

و التالي فإن منهجيةالتعليق على قرار أو حكم قضائي هي دراسة نظرية و تطبيقية في آن واحد لمسألة قانونيةمعينة، إذ أن القرار أو الحكم القضائي هو عبارة عن بناء منطقي، فجوهر عمل القاضييتمثل في إجراء قياس منطقي بين مضمون القاعدة القانونية التي تحكم النزاع، وبينالعناصر الواقعية لهذا النزاع، و هو ما يفضي إلى نتيجة معينة، هي الحكم الذي يتم ّصياغته في منطوق الحكم.

من ثمّ فإن المطلوب من الباحث أثناء التعليق على القرار،ليس العمل على إيجاد حلّ للمشكل القانوني باعتبار أن القضاء قد بث فيه، و لكنهمناسبة للتأمل و محاولة لفهم الإتجاه الذي ذهب إليه القضاء، هذا من ناحية أخرى ، ومن ناحية أخرى فالمطلوب هو التعليق على قرار لا دراسة قرار بشكل يتجاهل كليا موضوعالدعوى المعروضة، لذلك لا يجوز الغوص في بحث نظري للموضوع الذي تناوله ذلك القرار. فليس المطلوب هو بحث قانوني في موضوع معين، و إنما التعليق على قرار يتناول مسألةقانونية معينة.

و لكي يكون التعليق على قرار سليما، يجب أن يكون الباحث "المعِلّق" ملمّا أساسا بالنصوص القانونية التي تحكم النزاع، و أيضا بالفقه قديمه وحديثه الذي تعرّض للمسألة، و كذا بالإجتهاد الذي تناول هذه المسألة و بالمراحلالتاريخية التي مرّ بها تطوّره توصّلا إلى الموقف الأخير في الموضوع و من ثمّ بيانانعكاسات ذلك الحلّ من الوجهة القانونية.

إن أول ما يتطلبه التعليق هو قراءةالقرار أو الحكم عدة مرات دون تدوين أيّ شيء، و يجب دراسة كلّ كلمة وردت في القرارلأنه من الصعب التعليق على قرار غير مفهوم ، لأن المهمة سوف تكون معالجة العناصر والجهات المختلفة للقرار موضوع التعليق في الشكل و الأساس وَوِفق منهجية رسومة مسبقالحالات التعليق، فلا يترك من القرار ناحية عالجها إلاّ و يقتضي التعرّض لها فيالتعليق بإعطاء حكم تقييمي للقرار ككلّ،و في كافة النقاط القانونية عالجها.

المرحلة التحضيرية و المرحلة التحريرية.

* منهجية التعليق علىقرار:

يتطلب التعليق مرحلتين: المرحلة التحضيرية و المرحلةالتحريرية.



1-المرحلة التحضيرية:

في هذه المرحلة يستخرج الطالب من القرارقائمة، يقصد منها إبراز جوهر عمل القاضي وصولا إلى الحكم أو القرار الذي توصل إليه. و تحتوي هذه القائمة بالترتيب على:

1-الوقائع: أي كلّ الأحداث التي أدّت إلىنشوء النزاع :تصرف قانوني "بيع"، أقوال "وعد"، أفعال مادية "ضرب".و يشترط:

*ألاّيستخرج الباحث إلاّ الوقائع التي تهمّ في حلّ النزاع ، فمثلا إذا باع "أ" ل"ب" سيارة ،و قام "أ" بضرب "ب" دون إحداث ضرر، و نشب نزاع بينهما حول تنفيذ العقد،فالقرار يعالج المسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيذ التزام إذن لا داعي لذكر الضربلأن المسؤولية التقصيرية لم تطرح.

و إن كان يجب عدم تجاهل –عند القراءةالمتأنّية- أيّ واقعة لأنه في عمليّة فرز الوقائع، قد يقع المعلّق على واقعة قدتكون جوهرية، و من شأنها أن تؤثر في الحلّ الذي وضعه القاضي إيجابا أوسلبا.

*لابدّ من استخراج الوقائع متسلسلة تسلسلا زمنيّا حسب وقوعها، و مرتبة فيشكل نقاط.

*الإبتعاد عن افتراض وقائع لم تذكر في القرار.

2- الإجراءات: هيمختلف المراحل القضائية التي مرّ بها النزاع عبر درجات التقاضي إلى غاية صدورالقرار محلّ التعليق. فإذا كان التعليق يتناول قرارا صادرا عن مجلس قضائي، يجبالإشارة إلى الحكم الصادر عن المحكمة الإبتدائية ، و الذي كان موضوعا للطعنبالإستئناف أمام المجلس القضائي، و إذا كان القرار موضوع التعليق صادرا عن المحكمةالعليا، يصبح جوهريا إبراز مراحل عرض النزاع على المحكمة و المجلس القضائي.

لكنو بفرض أن محلّ التعليق هو حكم محكمة ، فقد تكون لبعض المراحل الإجرائية في الدعوىأهميتها في تحديد معنى الحك، مثلا: يجدر بالمعلِّق الإشارة إلى الخبرة، إذا تمتّإحالة الدعوى إلى الخبرة.



3- الإدّعاءات: و هي مزاعم و طلبات أطراف النزاعالتي استندوا عليها للمطالبة بحقوقهم.

يجب أن تكون الإدّعاءات مرتّبة، مع شرحالأسانيد القانونية، أي ذكر النص القانوني الذي اعتمدوا عليه، ولا يجوز الإكتفاءبذكر "سوء تطبيق القانون"، أو "مخالفة القانون".

فالبناء كلّه يعتمد علىالإدّعاءات، و ذلك بهدف تكييفها و تحديد الأحكام القانونية التي تطبق عليها، أي أنالأحكام و القرارات لابدّ أن تستند إلى ادّعاءات الخصوم.و الإدّعاءات يمكن التعرفعليها من خلال عبارات "عن الوجه الأوّل"، أو استنباطها من عبارات "حيث يؤخذ علىالقرار"، "حيث يعاب على القرار"،" حيث ينعى على القرار" .