فإن لم يتوفر رضا المجني عليها بالفعل الجنسي الذي تتحمله مستجمعا شروط صحته يكون هذا الفعل قد وقع دون رضا المجني عليها ويكون بالتالي مشكلا لجناية الاغتصاب(٢٨) وأمّا إذا ثبت رضاها بهذا الفعل فإن الجريمة لا تدخل في إطار الاغتصاب المنظم بالفصل 227 جنائي وإنما تدخل في إطار الفصل 227 مكرر من نفس المجلة الذي يُعني بجريمة مواقعة أنثى قاصر برضاها وبالتالي فإن ركن الرضا هو الركن المميز بين جريمتي المواقعة بالرضا أو بدونه وهو الأساس المادي لتكييف هذه الجرائم.
ولكن ولئن كان هذا الركن واضح فإنه من أدق العناصر وأكثرها تشعبا إذ أنه في بعض الحالات يصعب على المحكمة معرفة ما إذا كان هذا الركن متوفرا أو منعدما وذلك خاصة في جريمة الاغتصاب لأنه غالبا ما ترتكب الجريمة في ظروف غير واضحة وقد تتضارب الادعاءات والتصريحات وتنعدم وسائل الإثبات والإقناع أو تكاد فيصبح الكشف عن الحقيقة عسيرا خاصة وأن الأحكام الجزائية ينبغي أن تبنى على الجزم واليقين(٢٩). لذا يجب قبل كل شيء، وحتى يتسنى التكييف، التأكد من وجود رضا المجني عليها من عدمه.
ويرجع تقدير وجود الرضا أو انعدامه إلى محكمة الموضوع التي تعلل استنتاجها بالوقائع المطلع عليها بأوراق الملف هذا ما أقرته محكمة التعقيب وأكدت عليه في مناسبات عدّة من ذلك القرار التعقيبي عدد 9805 بتاريخ 13/11/1979 الذي جاء فيه "يرجع تقدير توّفر ركن الإكراه من عدمه لاجتهاد محكمة الموضوع المطلق ولا رقابة عليها في ذلك محكمة التعقيب مادام حكمها معللا تعليلا سابقا قانونا أو مأخوذا من واقع الأوراق"(٣٠).
وهكذا يظهر أن فقه القضاء في تونس قد استقر على إسناد مهمة تقدير وجود الرضا من عدمه إلى محكمة الموضوع غير انه و في هذا المستوى يجب ابداء ملاحظتين:
أولا : إن المشرع قد وضع قرينه على انعدام الرضا في جرائم المواقعة تتمثل في استعمال العنف ضد المجني عليها أو استعمال السلاح أو التهديد به.
ثانيا : قرينة السن فقد حاول المشرع التونسي تركيز حماية للطفل الذي لم يبلغ بعد سن الثالثة عشر وهي سنّ التمييز نظرا لكون هذا
الطفل هو طفل غير مميز فإن المشرع لم يأخذ برضاه واعتبر الرضا الصادر عنه بمثابة المعدوم ومواصلة في الاتجاه الحمائي للطفل وضع المشرع التونسي إطار خاصا للطفلة إذ لم تبلغ بعد العاشرة من عمرها فجعل مواقعتها جناية اغتصاب مشددة يعاقب عليها بالإعدام حتى ولو لم يستعمل ضدها وسائل العنف أو التهديد.
ب- العوامل المؤثرة في العقاب:
يتأثر العقاب في جرائم المواقعة بجملة من المعطيات المادية والمتمثلة خاصة في سنّ المجني عليها والوسائل المستعملة للإكراه في جريمة الاغتصاب وصفة الجاني وخاصة بالنسبة لجريمة المواقعة بالرضا بزواج الجاني من المجني عليها.
سن المجني عليها :
يعد سن المجني عليها في
القانون التونسي عاملا مؤثرا في العقاب بالنسبة لجرائم المواقعة، ذلك أن المشرع جعل منه معيارا للعقوبة التي تزيد شدّة كلما صغر سنّ المجني عليها.
والفصل 227 من المجلة الجنائية خلق درجتين في العقاب مؤسسة على سن المتضررة فجعل العقوبة المقررة للاغتصاب الإعدام إذا ما كان سن المجني عليها اقل من 10 سنوات ولو وقعت المواقعة بدون استعمال العنف. أما في خصوص المواقعة بالرضا على طفل يتجاوز الثالثة عشرة من العمر فإن الفصل 227 مكرر قد التجأ إلى تقصي السياسة التدريجية حسب العمر الذي تكون عليه المتضررة وقت ارتكاب الجريمة. فجريمة مواقعة أنثى برضاها قد تكون جناية موجبة للعقاب بالسجن مدة 6 أعوام وإذا كان عمرها فوق الخامسة عشرة ودون العشرين سنة كاملة فهي جنحة والعقاب المستوجب هو السجن 5 سنوات والمحاولة موجبة للعقاب(٣١).

استعمال العنف أو السلاح أو التهديد به في جريمة الاغتصاب:
اقر الفصل 227 من المجلة الجنائية عقوبة الإعدام لكل من واقع أنثى غصبا استعمال العنف أو السلاح أو التهديد به وبالتالي فقد أُعتبر استعمال هذه الوسائل ظرفا مشددا للعقاب ينتقل به من السجن بقية العمر إلى الإعدام لكن المشرع التونسي لم يعرّف العنف ولم يعطي تعريفا شاملا للسلاح بالمجلة الجنائية.
فأما بالنسبة للعنف فقد أكد الفصل 227 المذكور على استعمال العنف وهذا يعني أن العنف يجب أن يسلط على ذات المتضررة وهكذا فإنه لا يمكن الاكتفاء بمجرد التهديد بإستعمال العنف ففي هذه الحالة إذا ما واقع رجل امرأة مهددا باستعمال العنف فإن هذه الجريمة تدخل ضمن الفقرة الأولى من الفصل 227 م.ج.
ولكن ما الذي قصده المشرع التونسي بمصطلح العنف ؟
لم يحدد المشرع اتجاهه بوجه صريح غير أنه وبالاطلاع على مختلف الفصول في المجلة الجنائية والمتحدثة عن العنف نجد أن المجلة تميز فقط بين العنف الخفيف والعنف الشديد وجاء اللّفظ فيها شاملا. فمفهوم العنف في الفصل 218 م.ج مثلا هو مفهوم واسع يجمع في كنهه كل اعتداء بالقوة مسلط مباشرة على جسد المجني عليه سواء خلّف له كدوما أو جروحا أو رضوضا. وهذا المفهوم نفسه ينطبق على العنف في جرائم المواقعة.
أما السلاح فإن المشرع لم يفرض استعماله بل إنه تجاوزه حتى إلى مجرد التهديد به وذلك لما يدخله من خوف وهلع في نفس المتضرر خصوصا ونحن نعلم هشاشة نفسية الطفل فإذا كان التهديد بالسلاح يريع الراشدين من الناس فما بالك بالأطفال وقد أورد المشرع تعريفين للسلاح واردين في فصول خاصة وهي أولا حالة العصيان المدني بالفصل 116 م جنائية وحالة السرقة بالفصل 270 من نفس المجلة.

صفة الجاني كظرف مستند في جريمة المواقعة الرضا :
تشكل صفة الجاني في جريمة المواقعة بالرضا ظرف تشديد في القانون التونسي حيث نصّ الفصل 229 م.ج على أنه " يكون العقاب ضعف المقدار المستوجب إذا كان الفاعلون للجرائم المشار إليها الفصل 227 مكرر من أصول المجني عليه من أي طبقة أو كان لهم السلطة عليه أو كانوا معلميه أو خدمته أو جراحيه أو أطباء الأسنان أو على الاعتداء بإعانة عدة أشخاص".
وقد أورد المشرع قائمة حصرية لا يمكن التوسع فيها في الصفات التي تعبر ظرف تشديد للعقوبة إذا ما توفرت في الجاني .
ويكمن سبب هذا التشديد في كون هذه الصفات يمكن أن تسهل على الفاعل عمله أكثر من غيره باعتبار أنها صفات يمكن أن تأثر في نفس الضحية وتجعلها تخشى عاقبة الرفض والمقاومة إذ هي لم تستسلم متظاهرة بالرضا الزائف(٣٢). وبذلك إذا ما ارتكب احد هؤلاء جريمة المواقعة بالرضا فان العقاب المسلط عليه يتحول من ستة أعوام إلى اثني عشر عاما سجن إذا كان سن المجني عليها دون خمسة عشر عاما كاملة ومن خمسة أعوام إلى عشر سنوات سجنا إذا كان سن المجني عليها أكثر من الخامسة عشر واقل من العشرين عاما والصفات التي نص عليها المشرع هي :
أصول المجني عليها؛
من له سلطة على المجني عليها؛
صفة المعلم؛
من تربطهم علاقة خدمة بالمجني عليها؛
صفة الطبيب وطبيب الأسنان.
لقد أجمعت اغلب التشاريع على تجريم الاغتصاب والمحاولة في جرائم الاغتصاب ولكن هذا الاتجاه التجريمي للمحاولة في إطار المفهوم الموسع لعنصر البدء في تنفيذ الجريمة لا يخفي صعوبة البت في مسألة اتجاه نية الجاني الحقيقية إلى ارتكاب المواقعة فقد تختلط الأمور أحيانا ويبدو التمييز عسيرا بين جريمة محاولة مواقعة أنثى بدون رضاها وجريمة الاعتداء بفعل الفاحشة وهي النوع الثاني من الجرائم الجنسية المباشرة التي تسلط على جسد الطفل.
المبحث الثاني : المحاولة في جرائم المواقعة
جرّم المشرع التونسي الاعتداء بالفاحشة في الفصول 228 و228 مكرر من المجلة الجنائية المنقحين بالقانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995، وقبل التنقيح كان الفصلان يعاقبان كل اعتداء بالفاحشة على طفل لم يبلغ الخامسة عشر من عمره ولكن انسجاما مع التزاماته الدولية المتمثلة في المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وإصداره لمجلة حماية الطفل أولى المشرع التونسي تنقيح الفصلين المذكورين بالترفيع في سن الحماية المشددة من خمسة عشر عاما إلى ثمانية عشر عاما(٣٣)* ذلك أن الغاية من الفصلين هو حماية الطفل من الجرائم الجنسية المرتكبة ضده وبما أن سن الطفولة حدد في الثمانية عشر فانه من البديهي أن ترفع الحماية إلى هذه السن تدعيما للحماية المخصصة للطفل .
وفي هذا الإطار سنتعرض في فقرة أولى إلى جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة وفي فقرة ثانية إلى العقاب الذي يتطلبه هذا الاعتداء.

الفقرة الأولى : جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة
لم يعرف المشرع التونسي جريمة الاعتداء بالفاحشة بل اكتفى بوضع النص التجريمي شأنه في ذلك شأن أغلب التشاريع الأجنبية وهذا ما دفع فقه القضاء للسعي إلى وضع مفهوم خاص لهذه الجريمة وفي هذا السياق صدر قرار عن الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب تحت عدد 6417 مؤرخ في 16 جوان 1969 جاء فيه " الفعل الفاحش الذي جاء بعقابه الفصل 228 قانون جزائي هو كل فعل مناف للحياء يقع قصدا أو مباشرة على جسم الذكر والأنثى أو على عورتهما"(٣٤). وهذا الاتجاه ليس بجديد فلطالما أقرته محكمة التعقيب قي قرارات سابقة(٣٥) لقرار الدوائر المجتمعة وهو أيضا سارت عليه في قراراتها اللاحقة(٣٦).
وبالتأسيس على هذا التعريف الذي استقر عليه فقه القضاء يمكن لنا استنتاج أركان جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة (أ) غير أن هذه الجريمة هي جريمة قصدية ولا توفر إلا بتوفر القصد الجنائي لدى الجاني (ب) .

أ - أركان جريمة الاعتداء بالفاحشة :
تقوم جريمة الاعتداء الفاحشة على ركنين أساسيين هما :
-الركن الأول وهو توفر الفعل الفاحش؛
-الركن الثاني يمثل في وجود رضا المجني عليه أو انعدامه.

الركن الأول : الفعل الفاحش :
من خلال تعريف فقه القضاء للجريمة بأنها كل فعل مناف للحياء يقع قصدا أو مباشرة على جسم ذكر أو أنثى أو على عورتهما، يمكن تحديد طبيعة الأفعال المكوّنة لجريمة الاعتداء بالفاحشة بالإضافة إلى تحديد أطرافها، فالفعل الفاحش يسلط على جسد المجني عليه مباشرة فيخدش عاطفة الحياء عنده(٣٧). ومن الضروري أن يكون في الفعل مساسا بجسم المتضرر وهذا ما يميز جريمة الاعتداء بالفاحشة عن غيرها من الجرائم الجنسية حتى أن محكمة التعقيب التونسية ذهبت في هذا الاتجاه بقرارها عدد 50370 المؤرخ في 26 جوان 1996 عندما رأت أنه يكفي لقيامها مجرد "اللمس والتلمس". غير أنه يجب الإشارة إلى أن هذا المساس يجب أن يكون فيه خدش لعاطفة الحياء عند المتضرر(٣٨) وبالتالي فإن عنصري المساس بالجسم وخدش الحياء هما عنصرين متكاملين لا تتوفر دونهما الجريمة.
هكذا وقد اجمع الفقهاء على أن الفعل المكوّن لجريمة الفاحشة يجب أن يكون ماسا بعرض المتضرر حتى أن هذه الجريمة تُسمى في أغلب البلدان العربية بجريمة هتك العرض وقد اعتمد فقه القضاء معيارا لتحديد ماهية هذا الفعل فلجأ أولا إلى معيار العورة، ونظرا لما للعورة من أهمية في تحديد أركان جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة فإنه وجب تحديد مفهوم العورة.
العورة لغة جمع عورات وهي مكمن السرّ وكل أمر يستحى منه وهي أيضا كل شيء يستره الإنسان من أعضائه أنفة وحياء.
وحاول فقه القضاء التوسع في تقدير الأفعال الداخلية في الاعتداء الفاحشة فلم يكتفي بلمس العورة بل تجاوز ذلك إلى اعتبار حتى الكشف عنها(٣٩).
وزيادة في التوسع وبهدف مزيد حماية المتضررين خصوصا الأطفال منهم اعتبر فقه القضاء أن الفعل المنافي للآداب الذي يمتد إلى جسم المجني عليه ويخدش حيائه يعد اعتداء بفعل الفاحشة ولو لم يقع الفعل على عورته. وهكذا اكتفت محكمة التعقيب بعنصر المساس بجسم المتضرر وعنصر الإخلال بالحياء وترك أمر تقدير إخلال الفعل بالحياء إلى قاضى الموضوع كي يحدد مستعينا بجميع الظروف التي ارتكب فيها الفعل ما إذا كانت درجة إخلاله بالحياء جسيمة وترتقي به إلى أن يكون هتك عرض (اعتداء بالفاحشة) أم يسيرا فتبقيه فاضحا.
كل هذا السعي في توسيع مجال جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة الغرض منه حماية المتضررين من مثل هذه الجريمة خصوصا منهم الأطفال لعجزهم عن تقدير قيمة الاعتداء المسلط عليهم وتأثيره في نفسيهم بما قد يُصيبهم باضطرابات نفسية مستقبلا.
ولكن مسألة وقوع الفعل على الأطفال يطرح إشكالا غاية في التعقيد وهو كيفية التوّصل إلى حقيقة الفعل المسلط عليهم. فمن ناحية أولى قد لا يبلّغ الطفل خصوصا إذا ما كان في سن مبكرة والديه بما حصل له إما خوفا أو خجلا أو لعدم تفطنه لقيمة الفعل في حد ذاته.
هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فان الإشكال يصبح أكثر تعقيدا إذا ما كان الجاني هو نفسه احد الأبوين أو الوليّ أو شخص ذي سلطة على المتضرر. لذلك فإن العدالة قد تحتاج إلى مساعدة من الأفراد والمؤسسات الصحية ليبلغها مثل هذه الاعتداءات لذا كرّس المشرع التونسي واجب الإشعار(٤٠) وحماية على كل من يبلغ إلى علمه تعرض طفل إلى مثل هذه الاعتداءات.
وبالنظر إلى ما لمثل هذه الاعتداءات من تأثيرات جسيمة على نفسية الطفل وسلامته الجسدية وجب بذل العناية اللازمة للتوسيع من مجال الحماية سواء إن كان ذلك من خلال تحديد مفهوم الفعل المكوّن لجريمة الاعتداء بفعل الفاحشة أو من خلال سن القوانين اللازمة وبعث الهيئات والمصالح الخاصة لحماية الأطفال من مثل هذه الاعتداءات الجنسية عليهم .

الركن الثاني الرضا :
يميز المشرع التونسي بين الاعتداء بالفاحشة بدون رضا المجني عليه والاعتداء بالفاحشة بدون قوّة وذلك منذ تنقيح 9 نوفمبر 1995 بموجب القانون عدد 93 لسنة 1995.
فقد نص الفصل 228 من المجلة الجنائية على أنه "يعاقب السجن مدة 6 أعوام لكل من اعتدى بالفاحشة على شخص كان ذكرا أم أنثى بدون رضاه". فأساس التجريم بالنسبة لهذه الجريمة هو حصولها دون إرادة المتضرر فيها والهدف إذن هو حماية الحرية الجنسية للأشخاص. فما المقصود بعبارة بدون رضاه ؟
حتى يعتبر الرضا معمولا به يجب أن يكون صحيحا مستوفيا لجميع شروطه التي من أهمها أن يكون الشخص مميزا فإذا ما كان الرضا معيبا اعتبر منعدما وبالتالي يصير الفعل مرتكبا بدون إرادة المجني عليه ويمكن لانعدام الإرادة أن يكتسي مظهرا آخر كأن يسلط الفعل على جسد المجني عليه باستعمال العنف سواء أن كان عنفا ماديا أو معنويا وفي كل الأحوال يعد عنفا كل ما من شأنه أن يخلّ برضاء المجني عليه ولو كان إكراها أدبيا.
وعلى كل حال فإن تقدير انعدام الرضا هو من مشمولات محكمة الموضوع تستشفه من وقائع القضية وملابسات تنفيذ الفعل وعليها تأييد استنتاجها بقرائن وأدلة من الملف وهذا ما ذهبت إلى إقراره محكمة التعقيب في عدة قرارات منها القرار عدد 9805 المؤرخ في 13/11/1975 والذي جاء فيه "إن تقدير ركن الإكراه من عدمه يرجع لاجتهاد محكمة الموضوع المطلقة ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة التعقيب مادام حكمها سائغا قانونا ومأخوذا من واقع الأوراق"(٤١).
ومن بين العناصر التي يستدل بها على انعدام الرضا في جريمة الفاحشة آثار العنف العالقة على جسد المتضرر أو ثبوت تهديده بواسطة السلاح إلى غير ذلك من الوسائل الدالة على العنف المادي ولكن قد يحصل اعتداء دون عنف مادي ويعتبر رغم ذلك اعتداء بالفاحشة بدون رضا من ذلك حالات العته أو السكر أو النوم أو المفاجأة وفي كل الحالات يبقى تقدير الإكراه من مشمولا قاضي الموضوع.
وتجدر الإشارة إلى صعوبة إثبات الإكراه في حالة الإكراه المعنوي حيث أنه في هذه الحالة قد لا يكون بإمكان الضحية تقديم دليل على وجوده فتصبح المواجهة بين ادعاء المتضرر وإنكار الجاني.
وهكذا نستنتج أن جريمة الاعتداء بالفاحشة على طفل بدون رضاه تكون قائمة كلّما توفر عنصر الإكراه سواء في شكله المادي أو المعنوي أو المفاجأة أو استغلال حالات الجنون أو العته أو السكر أو عدم التمييز التي يكون عليها المتضرر.

ب- توفر القصد الإجرامي :