إن أصعب ما يمر على الإنسان أن يلتفت حول ما يحيط به، فيجد نفسه وحيداً هائماً شارداً إلا من حزنه الذي ضم جسده فذاب في كيانه وأحشائه، وتسربلت عيناه بالقطر الذي حجب عن التفاؤل والأمل رؤيته. كيف لفتاة في الربيع من عمرها العشرين حيث بداية الشباب وحيويته يمتلئ قلبها مشاعر فياضة من الحب والعطاء، تحمل بين طياتها نفساً تواقة طموحة، وعقلاً متزناً مفكراً، همها الأجيال القادمة، ويتداعب بين أصبعيها قلماً ينزف حبراً لتضميد جراح قضاياهم.
أن تعطي وتبدع وتتفاعل مع قضايا الشباب والقضايا الثقافية والتاريخية تلك القضايا التي أشغلت فكرها منذ الصغر، فاهتماماتها أكبر من عمرها كما يشهد على ذلك الكثير وهي تعاني من قصف جوي .. بري .. بحري .. اليوم تلو الآخر ..فكلما حلقت بطيران الأمل والتفاؤل .. وركبت زورق الطموح وسارت بوسائل العمل الدؤوب ..تعرضت لأقسى الهجمات ..وأشنع الرشفات وأشرس المحاولات لتنحيتها عن الوصول لتحقيق مرادها وأهدافها، لا عجب في ذلك:
ففي السماء نجوم لاعداد لها ** وليس يخسف إلا الشمس والقمر والعجب كل العجب من أن مصدر تلك المعركة الغريبة الأطوار والدي الفتاة ذاتها .. فبجهلهم في ماهية التربية، وقلة وعيهم بأصولها، ونضوب العاطفة وشحها، وعدم الاحترام والتقدير والاعتراف بقدرات أبنائهم وتميزهم كل بحسب مواهبه وقدراته وميوله، كل ذاك كفيل بأن يشكل وسائل دمار كافية لتدمير الأبناء.. ومدنهم.. وقلاعهم.. التي مكثوا سنين عدة في بنائها وأسوارها.. والتي تمثل حلمهم ومنتهى أملهم.. بنوها بمجهوداتهم الفردية.. تحملوا وحشة الطريق.. ووعورته.. فهل يمكن للأبناء المقاومة حينما يكون الآباء ألد الأعداء ؟!؟!
هل سيحالفهم الانتصار ؟!والبقاء في المدن والقلاع والأسوار؟!
كثير ما ينطبق على أرض الواقع اليوم في علاقة الآباء بأبنائهم :
( أبناؤنا جواهر ونحن حدادون ) فيا أيها الآباء ... إن تخليتم عن أبنائكم وهم في أمس الحاجة للمسة حنانكم، وإحساس قلبكم، وثمار شجرتكم، فلا تلوموهم إن أصبحوا أبطالا في عصابة إجرامية.. لا تحزنوا عليهم إن رقدوا على أسرة العيادات النفسية.. وإن تخلوا يوماً عن أهدافهم وطموحاتهم وحيوا حياة عادية.. فلكم جزيل الشكر فقد اختصرتم عليهم عناء طريق الألف ميل..
إضاءات على طريق التربية :
* عامل أبناءك كما تحب أن يعاملوك.. إن أردتهم أن يتعلموا الاحترام فعليك أن تحترمهم..
إن أردتهم أن يتعلموا الاعتذار فعليك أن تعتذر لهم.. إن أردتهم أن يتعلموا الصدق فعليك أن تكون صادقاً معهم.. إن أردتهم أن يتعلموا المسؤولية فاحمل المسؤولية أمامهم.
* قبل أن تصفع ولدك اصفع نفسك .
* ليس الهدف من العقوبة هو الانتقام من المخطئ،
الهدف الحقيقي مساعدة المرء على تجاوز الخطأ .
* المربي : يستوعب ويعطف على الآخرين، يحفظ نفسية الطفل وقلبه وروحه ويتتبع الإيجابيات ليبني عليها، يتفهم ويعذر ويرحم ويوجه ويصبر ويصطبر .
* وإذا رحمت فأنت أب وأم ** هذان في الدنيا هم الرحماء .
صفية عبداللطيف باوزير - الرياض

جامعة الملك سعود - قانون
رابط المقالة بجريدة المدينة
http://www.al-madina.com/node/267670