واستطردت الدراسة تقول: "ومنذ أن فُرض الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني منتصف 2006 ، لجأت إدارة مصلحة السجون لتطبيقه على الأسرى، من خلال مصادرة أموالهم وإغلاق حسابات الكثير منهم، وحرمتهم من تلقي الأموال من ذويهم، مما أدى إلى تفاقم معاناتهم وحرمانهم من شراء احتياجاتهم الأساسية من مقصف السجن، نظراً للنقص الحاد في المواد الغذائية وغيرها المقدمة من ادارة السجون، لافتةً إلى أن أسعار تلك الاحتياجات في مقصف السجن مرتفعة جداً وهي أشبه بأسعار مناطق سياحية من الدرجة الأولى.

الأسرى القدامى :

وبالنسة للأسـرى القدامى، بينت الدراسة أن هناك ( 367 أسيراً) معتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاق "أوسلو"، وهم ما يطلق عليم الأسرى القدامى، حيث إن أقلهم أمضى في السجن ثلاثة عشر عاماً، وأكثرهم أمضى ثلاثين عاماً، وهم ممن استثنتهم العملية السياسية ومجمل الإفراجات، التي تمت بعد "أوسلو" وهم من مناطق جغرافية مختلفة، بل ومنهم أيضاً من بلدان عربية شقيقة، فمنهم ( 144 ) من الضفة الغربية، و( 141 ) من قطاع غزة، و( 51 ) من القدس، و( 22 ) من أراضي الـ 1948، وأسير واحد من لبنان و( 4 ) من الجولان، و( 4 ) من الأردن.
وأشارت إلى أن الأسير الفلسطيني سعيد وجيه العتبة من نابلس، يعتبر عميد الأسرى عموماً وأقدمهم، فهومعتقل منذ 29-7- 1977م ، أي معتقل منذ قرابة 30 عاماً، وأما بالنسبة لأسرى القدس فأقدمهم الأسير فؤاد قاسم الرازم، المعتقل منذ 30-1-1980 أي منذ قرابة 27 عاماً، فيما يعتبر الأسير سامي خالد يونس أقدم اسرى أراضي الـ 48، وأكبرهم سناً، وهو معتقل منذ 5-1-1983 أي منذ 24 عاماً ، وعمره الآن تجاوز السبعين عاماً، أما بالنسبة لأسرى قطاع غزة فأقدمهم هو الأسير سليم علي الكيال، وهو معتقل منذ 30-5-1983، أي منذ قرابة 24 عاماً.
وبالنسبة للأسرى العرب المعتقلون منذ ما قبل أوسلو فعددهم ( 9 ) أسرى وهم: الأسير سمير سامي على قنطار معتقل منذ 22/4/1979م ، من لبنان، وهو أقدمهم ومعتقل منذ 28 عاماً، ويعتبر عميد الأسرى العرب، وقد رفضت الحكومة الإسرائيلية الإفراج عنه ضمن صفقة التبادل عام 1985 مع الجبهة الشعبية القيادة العامة، كما رفضت الإفراج عنه في يناير- كانون الثاني 2004 ضمن عملية التبادل، التي جرت مع حزب الله ، بالرغم أنها أفرجت عن 24 معتقلاً لبنانياً كانوا معتقلين لديها.
وأوضحت أن مجمل من أمضوا أكثر من خمسة عشر عاماً من الأسرى القدامى، هم ( 195 ) أسيراً ولا زالوا في الأسر ، منهم ( 31 ) أسيراً من القدس، ومن هؤلاء ( 64 ) أسيراً أمضوا أكثرمن عشرين عاماً ، منهم ( 12 ) أسيرا من القدس، ومنهم أيضاً ثمانية أسرى أمضوا أكثر من ربع قرن ، ومنهم الأسير المقدسي فؤاد الرازم المعتقل منذ 26 عاماً، أما بالنسبة لأسرى القدس بشكل خاص فيوجد من بين هؤلاء ( 31 ) أسيراً أمضوا أكثر من 15 عاماً.
وبالنسبة للأسـيرات، بينت الدراسة أن دولة الإحتلال، اعتقلت على مدار سني احتلالها لفلسطين الآلاف من المواطنات الفلسطينيات، ويوجد الآن ( 118 أسيرة)، منهن أمهات وآنسات وفتيات قاصرات تقل أعمارهن عن 18 عاماً، وثلاث أسيرات ( 3 ) وضعت كل منهن مولودها داخل الأسر خلال انتفاضة الأقصى في ظروف قاسية، وهن ميرفت طه وقد تحررت ، ومنال غانم ، وسمر صبيح.
ولفتت إلى أن حالات الولادة داخل السجون لم تتم بشكل طبيعي ولم تحظَ بالحد الأدنى من الرعاية الطبية، وتتم تحت حراسة عسكرية وأمنية مشددة، وهي مكبلة الأيدي والأرجل بالأصفاد المعدنية، ولم يتم إزالة هذه القيود إلاّ أثناء العملية فقط، وأن وهؤلاء المواليد لا يحظون بأية رعاية تذكر، بل يحرمون من أبسط حقوق الطفولة، وأحياناً تصادر حاجياتهم الخاصة وألعابهم الصغيرة، وأحياناً أخرى يتم معاقبة الأسيرات بسبب بكاء وصراخ هؤلاء الأطفال.
وكشفت أن الأسيرات يحتجزن في أماكن لا تراعى فيها احتياجاتهن الخاصة أوجنسهن، كما ويعشن في ظروف قاسية ويتعرضن لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وتفتيشات استفزازية وعارية مذلة ومهينة من قبل السجانين والسجانات، وأنهن كثيراً ما خضن اضرابات عن الطعام كشكل من أشكال النضال، للحصول على حقوقهن المسلوبة أو لأجل كرامتهن، التي تنتهك يومياً من قبل السجانين والسجانات، كما وصدر بحق العديد منهن أحكاماً بالسجن مدى الحياة عدة مرات، كالأسيرة أحلام التميمي المحكوم عليها بالسجن مدى الحياة 16 مرة، والأسيرة قاهرة السعدي من جنين، وهي أم لأربعة أطفال ومحكوم عليها بالسجن مدى الحياة 3 مرات و30 سنة وغيرهن الكثيرات.

الأسرى الأطفال :
وفيما يتعلق بالأطفال الأسرى، بينت الدراسة أن قوات الاحتلال لم ترحم الأطفال ولم تستثنيهم من الإعتقالات، حيث اعتقلت منذ احتلالها لفلسطين الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، غير آبهة بأعمارهم أو احتياجاتهم الخاصة، ولا حتى بمصيرهم ومستقبلهم، وتتعامل معهم " كمشاريع ارهابيين " يجب القضاء عليهم وهم في المهد، ومن هذا المنطلق أذاقتهم أصناف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، والإساءة والإهانة والتحرش الجنسي، وأحياناً الاعتداء ******.
وأشارت إلى أنه خلال انتفاضة الأقصى، إعتقلت قرابة ( 6000 )طفل)، بقى منهم في الأسر لحتى الآن ( 330 طفلا )، بالإضافة للمئات ممن اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا يزالون في الأسر، وأنهم يعانون كالأسرى الكبار من الظروف القاسية و الإهمال الطبي المتعمد، والتحرش ****** ، والانقطاع عن العالم الخارجي، و الحرمان من زيارة الأهالي ومن مواصلة تعليمهم . . إلخ وهذا كله يؤثر سلباً على مستقبلهم، كما أن المحاكم العسكرية الإسرائيلية هي الأخرى لا تراعي طفولتهم، فمنهم من صدر بحقه حكماً بالسجن لبضعة شهور ومنهم من يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة.
وحول الأوضاع الصحيـة للأسرى، كشفت الدراسة أن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يعيشون أوضاعاً صحية خطيرة، تهدد حياتهم ومستقبلهم، في ظل سياسة الإهمال الطبي المتبعة من قبل إدارة مصلحة السجون، وافتقار السجون والمعتقلات لعيادات حقيقية والنقص الحاد في الأدوية والأطباء المختصين، وعدم تقديم العلاج الناجع للأسرى المرضى كل حسب معاناته، وأنه يوجد الآن قرابة ( 1000 أسير)، يعانون من أمراض مختلفة كالغضروف، والضغط والسكري والقلب والروماتيزم وضعف النظر والمعدة. .إلخ ، ومن هؤلاء قرابة ( 150 أسيرا) أطفالاً وشيوخاً ونساءً يعانون من أمراض غاية في الخطورة، مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، والفشل الكلوي والشلل ويحتاجون لعمليات عاجلة.
وذّكرت بأن وزارة الأسرى والمحررين، أبدت مراراً استعدادها لإرسال طواقم طبية مؤهلة لزيارة السجون وتقديم المساعدة الطبية للأسرى من استشارات وأدوية، وحتى إجراء عمليات جراحية عاجلة، إلا أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تمنع ذلك ولم تسمح لأطباء فلسطينيين بالدخول للسجون، والالتقاء بالأسرى، وخاصةً المرضى، كما ترفض إدخال الأدوية لهم، وأحياناً وبعد إلحاح تسمح بإدخالها وتحتجزها لديها لفترة طويلة، مما يفقدها قيمتها وصلاحيتها، مما يفاقم من معاناة الأسير، الذي يكون بحاجة ماسة وعاجلة إلى تلك الأدوية.
ونوهت إلى ما كشفت عنه عضو الكنيست الإسرائيلي، ورئيس لجنة العلوم البرلمانية الاسرائيلية داليا ايزيك، قبل بضع سنوات عن وجود (1000) تجربة لأدوية خطيرة تحت الاختبار الطبي تجري سنوياً على الأسرى الفلسطينيين والعرب في اسرائيل، كما كشفت ( أمي لفتات) رئيس شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية أمام الكنيست في ذات الجلسة أن هناك زيادة سنوية قدرها 15% في حجم التصريحات، التي تمنحها وزارتها لإجراء المزيد من تجارب الأدوية الخطيرة على الفلسطينيين و العرب في السجون الإسرائيلية كل عام.
وأضافت بأن هناك العديد من الدراسات العلمية، أثبتت أن الأعراض والأمراض المزمنة والمستعصية والتي ظهرت على الأسرى المحررين لها علاقة بصورة دالة إحصائياً بخبرة السجن والتعذيب، ومنهم من ظهرت عليهم الأمراض بعد سنوات من التحرر، وهذا ما يؤدي إلى وفاة المئات منهم ، الأمر الذي يستدعي الاهتمام بهؤلاء المحررين وإجراء لهم فحوصات مستمرة كل بضعة شهور.

التعذيب في السجون والمعتقلات :
وفيما يتصل التعذيب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، أكدت الدراسة أن دولة الاحتلال، لا تزال تتصدر قائمة الدول، التي تمارس التعذيب علنية وصراحة، وهي تعتبر الوحيدة في العالم، التي شرعت التعذيب ومنحته الغطاء القانوني، ومنحت ممارسيه الحصانة من الملاحقة القضائية، ما دفعها إلى ممارسته رغم الآثار،التي تلحق بالمعتقلين وأيضاً وفاة العشرات منهم، كما ابتدعت أجهزتها الأمنية العشرات من أشكال التعذيب الجسدية والنفسية، واستشهد نتيجة لذلك العشرات من الأسرى والمئات بعد التحرر، ولا زال الآلاف من الأسرى والأسرى السابقين يعانون من آثار التعذيب.
وأوضحت في هذا الصدد، أنه ونذ العام 1967 وحتى الآن ، استشهد (69أسيرا) جراء التعذيب، و( 43 ) بسبب الإهمال الطبي، و( 75 ) نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، وهي سياسة قديمة جديدة مورست بحق الأسرى منذ السنوات الأولى للاحتلال، ولكنها تصاعدت بشكل ملحوظ خلال انتفاضة الأقصى ( 50 شهيداً )، لافتةً إلى أن آخر من التحق بهذه القافلة هو المعتقل الإداري، جمال حسن السراحين (37 عاماً) من سكان بلدة بيت أولا شمال الخليل في الضفة الغربية، وذلك بتاريخ 16 كانون الثاني- يناير 2007 ، في معتقل النقب الصحراوي نتيجة للإهمال الطبي، حيث إنه كان يعاني من عدة أمراض ولم يتلقَ الرعاية الطبية اللازمة.
واعتبرت الدراسة أن العام 2006 كان الأسوأ بالنسبة للأسرى، إذ إنه منذ عملية الوهم المتبدد، حيث ازدادت الهجمة شراسة على الأسرى وازداد معها استفحال أزمة حقوق الإنسان، وذلك بشكل صامت وبعيداً عن وسائل الإعلام، ودون أدنى رقابة، مستغلين بذلك انشغال العالم بالقضايا الإقليمية وانشغال الفلسطينيين بموضوع الحصار، وما يتعرضون له من قصف ودمار لكل مناحي البنية التحتية.
وبينت أن الاعتقالات سجلت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث وصل عدد من اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال العام المنصرم فقط إلى قرابة 6000 مواطن، وتصاعد اعتقال الأطفال والنساء، وكذلك اعتقال امهات وزوجات الأسرى، وأضيف للفئة المستهدفة النواب والوزراء بشكل جماعي.
واضافت بأن أوضاع الأسرى ازدادت سوءاً ومعاناة، والهجمة تصاعدت لتمس بشكل مباشر كرامتهم، ولتطال مجمل مناحي حياتهم، وإنجازاتهم، وتوقفت زيارات الأهل لشهور عدة، ومنع الآلاف من ذوي الأسرى بشكل جماعي وفرادي من زيارة أبنائهم، وتصاعدت سياسة العزل الانفرادي، وتصاعدت سياسة التفتيشات الليلية والعبث بمحتويات الأسرى واتلافها ، وفرض الغرامات المالية عليهم لأتفه الأسباب، ومصادرة أموالهم وإغلاق حسابات أخرى، وتصاعد استخدام العنف بالهراوات والغاز المسيل للدموع لأتفه الاسباب، حتى أثناء نقلهم للمحاكم او لسجون اخرى أو أثناء ذهابهم للمستشفى للعلاج، مما تسبب باصابة العديد منهم بكسور واصابات مباشرة.