بدائل أخري :


لم تحقق القضية الفلسطينية حتي الآن التوافق السياسي المطلوب لتحرك المجتمع الدولي لمحاسبة المتورطين في الجرائم التي ارتكبت علي مدي السنوات الطويلة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وعلي الرغم من التوثيق المتوافر لهذه الجرائم وأنماطها, إلا أن المجتمع الدولي لا يزال عاجزا عن مواجهة وباء الإفلات من العقاب الذي أصبح واقعا يوميا معيشا في هذا الصراع, حيث أصبح من المعتاد أن يتم فصل البعد السياسي لهذا الصراع عن أبعاده الإنسانية والحقوقية, خاصة قضية العدالة والمحاسبة.


الخيارات المطروحة حاليا للملاحقة الجنائية لمجرمي الحرب في إسرائيل محدودة جدا, بل يكاد يكون الحل الأكثر واقعية علي المدي القصير هو دعم القضايا التي ترفع أمام المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي, مع العلم بما تواجهه هذه النوعية من القضايا من تحديات قانونية وسياسية. ولكن في الوقت نفسه, لابد من جعل الهدف الاستراتيجي علي المدي الطويل هو تحريك ملف جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة دوليا, مثلما حدث في مناطق أخري من العالم مثل يوغوسلافيا السابقة أو إقليم دارفور بالسودان. وفي هذا الإطار, يمكن التوصية بما يلي:


1- أن يسعي المجتمع المدني العربي والعالمي إلي ممارسة ضغوط علي المجتمع الدولي, وتعبئة الرأي العام العالمي لتشيكل رأي داعم لقضية العدالة والمحاسبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وذلك عبر استثمار كافة المنابر الدولية والإقليمية (مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف, الجمعية العامة للأمم المتحدة, مؤسسات الاتحاد الأوروبي ببروكسل), لتأكيد المسئولية القانونية والأخلاقية للمجتمع الدولي بموجب القانون الدولي للتصدي لجرائم حقوق الإنسان الأشد خطورة, والمبادرة بدعوة الشخصيات العالمية المناصرة لحقوق الإنسان, لتشكيل محكمة ضمير رمزية, في إحدي الدول الغربية, لمحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم.


2- دعوة الأحزاب السياسية العربية لمساندة هذه التحركات, عبر استثمار علاقاتها الدولية والإقليمية, وتحريك هذا الملف في البرلمانات العربية, والبرلمان الأورو - متوسطي.


3- تفعيل النشاط السياسي والدبلوماسي من جانب الحكومات العربية, خاصة الأعضاء منها في مجلس الأمن, وجامعة الدول العربية, وأيضا الحكومة المصرية باعتبارها رئيسا مشاركا للاتحاد من أجل المتوسط, لطرح الملف علي المجتمع الدولي, وعلي الأمم المتحدة, والضغط من أجل تشكيل لجنة دولية محايدة لتقصي الحقائق, وطرح آلية فعالة لحماية المدنيين الفلسطينيين, بحيث تكون هناك ضمانات لعدم تكرار هذه الاعتداءات في المستقبل.


4- ضرورة التمسك بخطاب قانوني وحقوقي متوازن غير مسيس عند طرح مسألة العدالة والمحاسبة, حيث يخضع كافة الأطراف لمسطرة القانون الدولي الإنساني, سواء كانت إسرائيل أو ميليشيات المقاومة الفلسطينية, وإنصاف كافة الضحايا من مختلف الأطراف.


5- مواصلة الملاحقات عبر المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي, وإعداد ملفات قانونية محكمة يمكن البناء عليها في رفع عدد من الدعاوي القضائية في هذه المحاكم, وذلك للتأثير علي الرأي العام والإعلام الغربي



الهوامش :


1- مسئولية المحتل المدنية الناشئة عن عدوانه علي قطاع غزة, ورقة قانونية صادرة عن مؤسسة الحق, 18 فبراير 9002.


- البيانات الصادرة عن منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش خلال شهري يناير وفبراير 2009:


http://www.amnesty.org


http://www.hrw.org


2- المرجع السابق.


3- تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967, ريتشارد فوك, المقدم وفقا لقرار مجلس حقوق الإنسان 5/1, وثائق الأمم المتحدة, A/63/326, 25 أغسطس 8002.


4 -المرجع السابق.


5- تقرير البعثة الرفيعة المستوي لتقصي الحقائق في بيت حانون, وثائق الأمم المتحدة, A/HRC/9/26, 1 سبتمبر 8002.


6- حول موقف الاتحاد الأوروبي من العدوان علي غزة, انظر بيانات وإصدارات الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان:


http://www.emhrn.net


7- المواد من 11 إلي 15 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية, والذي اعتمد من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين, المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية بتاريخ 17 يوليو 1998, تاريخ بدء النفاذ, 1 يونيو 1002.


8- جريدة القدس العربي:


http://www.alquds.com/node/139172


9- http://anhri.net/tunisia/makal/2008/pr.1216shtml


10- http://www.aljazeera.net/NR/exeres/336E8BDF-EE30-43FE- A350-4610E2AE9C.86htm


11- بيان صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان :


http://www.pchrgaza.org/files/PressR...2008-.2009html


12- حوار مع المحامي راجي الصوراني, مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان :


http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A...C395BF26B.1htm


13- Universal Jurisdiction in Europe: the sate of the Art, a report by Human Rights Watch, June, 2006.


14- خبر نشر عبر وكالة الأنباء الفرنسية في 30 يناير 2009:


http://www.zimbio.com/Tzipi+Livni/ne...l+jurisdiction


15- جريدة الوفد المصرية, العدد الأسبوعي, الخميس, 5 فبراير 9002.




المصدر : السياسة الدولية - عدد ابريل 2009