فرص الملاحقة الجنائية لمجرمي الحرب في إسرائيل
معتز الفجيري


علي مدي 22 يوما, بداية من 27 ديسمبر 2008, قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ هجمات شرسة علي قطاع غزة, أسفرت هذه الهجمات - حسب تقديرات منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية - عن سقوط أكثر من ألف وثلاثمائة قتيل, أغلبهم من المدنيين, ومن بينهم نحو 300 طفل, كما بلغ عدد الجرحي والمصابين أكثر من خمسة آلاف شخص, في حين ألحق هذا العدوان دمارا وخرابا غير مسبوق في البني التحتية والممتلكات العامة والخاصة. و لم تفلت مؤسسات تابعة للأمم المتحدة من عنف إسرائيل, حيث تعرضت ثلاث مدارس تابعة لهيئات الأمم المتحدة لقصف الجيش الإسرائيلي, الأمر الذي أودي بحياة عشرات من المدنيين الذين لجأوا الي هذه المدارس من مناطق المواجهات أو الذين دمرت منازلهم(1).


تشير جميع الدلائل إلي ارتكاب إسرائيل جرائم حرب, وانتهاكات جسمية لقواعد القانون الدولي الإنساني في أثناء عدوانها علي قطاع غزة. وقد اشتملت هذه الجرائم علي استهداف المدنيين والمنشآت المدنية, بشكل واسع النطاق, دونما تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية, وأيضا استخدام سلاح الفوسفور الأبيض والذي كانت له آثار واسعة علي مناطق مأهولة بالسكان المدنيين(2).


حتي مطلع مارس 2009, لم يصدر تقرير دولي من الأمم المتحدة حول تفاصيل الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة طوال العملية العسكرية التي سمتها إسرائيل عملية 'الرصاص المسبوك'. وقد طالب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة, في جلسته التاسعة الطارئة التي عقدت في 9 يناير 2009, بتشكيل لجنة محايدة لتقصي الحقائق, وينتظر أن تصدر هذه اللجنة تقريرها خلال الشهور القادمة. كما أن هناك لجنة أممية شكلها السكرتير العام للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في وقائع استهداف الجيش الإسرائيلي لأهداف تابعة للأمم المتحدة في غزة. إلا أن هناك العديد من الإفادات والمعلومات التي توافرت من خلال جهود منظمات حقوق الإنسان في فلسطين, والمنظمات الدولية التي تمكنت من دخول قطاع غزة لإجراء بحوث وتحقيقات حول التداعيات الإنسانية للعدوان الإسرائيلي.