أردنا تحديد الجرائم التي تنص عليها عالمية الاختصاص القضائي بموجب القانون الدولي، فعلينا أن ننظر في المعاهدات الدولية ـ مثل "اتفاقية مناهضة التعذيب" الصادرة عن الأمم المتحدة، أو اتفاقيات جنيف الخاصة بجرائم الحرب ـ وكذلك في العرف السائد بين الدول (أو بما يسمى "بالقانون الدولي القائم على العرف") وهي التي تعتبر التعذيب
جرائم الحرب
بعض الجرائم التي تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي
جريمة الإبادة الجماعية و"الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية" جرائم تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي. ولكننا نرى في كل حالة أن أساس البت فيما إذا كان من الممكن إقامة الدعوى استناداً إلى عالمية الاختصاص القضائي هو قوانين الدولة التي تقام فيها الدعوى (والتي تسمى "دولة الادعاء"). ومن بين الجرائم المرتكبة ضد حقوق الإنسان التي تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي، بموجب القانون الدولي، الجرائم التالية:
التعذيب
تنص "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 1984 ـ والتي رفعت بموجبها الحصانة عن الجنرال بينوشيه وصدر الحكم بجواز تسليمه إلى إسبانيا ـ على أن "تقوم الدولة الطرف التي يوجد في الإقليم الخاضع لولايتها القضائية شخص يُدعى ارتكابه [للتعذيب]… بعرض القضية على سلطاتها المختصة بقصد تقديم الشخص للمحاكمة، إذا لم تقم بتسليمه". وكما قال اللورد براون ويلكنسون، كبير القضاة في قضية بينوشيه "إن هدف الاتفاقية هو استحداث مبدأ التسليم أو العقاب، أي أن على الدولة أن تتولى معاقبة الشخص إذا لم تقم بتسليمه". والقضية السنغالية المرفوعة ضد حسين حبري تستند في المقام الأول كذلك إلى "اتفاقية مناهضة التعذيب".
وقد بلغ عدد الدول التي صادقت على "اتفاقية مناهضة التعذيب" 118 دولة حتى شهر فبراير/ شباط 2000؛ ولما كان الأمر الوارد في الاتفاقية واضحاً لا لبس فيه ولا غموض، فربما كانت تهمة التعذيب أقرب التهم إلى النجاح في القضايا المرفوعة في تلك الدول بصدد الجرائم المرتكبة خارج إقليم الدول نفسها، على نحو ما اتضح في قضية بينوشيه وقضية حسين حبري.
وتعرِّف الاتفاقية التعذيب بأنه "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبة على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث ـ أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية". وتنص الاتفاقية على ألا تقتصر العقوبة على الشخص الذي يقوم فعلاً بارتكاب أعمال التعذيب، بل أن تشمل أيضاً من يتواطأون معه أو يشاركونه في هذه الأعمال.