الحرب
الحرب


الحرب war صراع مسلح عنيف مفتوح ومعلن بين وحدتين سياسيتين ممثلتين في دولتين أو حلفي دول أو بين عصبتين في الدولة الواحدة أو الأمة، و لكل طرف منهما مصالح متعارضة مع مصالح الطرف الآخر. كانت الحروب في أكثر الأحيان سبيلاً لنشوء الدول والإمبراطوريات وتكامل الحضارات وتطورها أو سبباً في سقوطها وتفككها. والحرب ظاهرة متغيرة في تاريخ البشرية، تتواتر وتزداد ضراوة وكلفة في بعض الحقب أكثر من غيرها، وقد يطول زمنها أو يقصر بحسب طبيعة الأطراف التي تخوض غمارها وإمكاناتها المادية والبشرية. ويلفت النظر أن بعض الأمم والدول كانت أميَل إلى خوض الحروب من غيرها، ومنها ما لم يخض حرباً على الإطلاق. غير أن للحرب آثاراً مدمرة على البشرية في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، تزداد اطراداً مع تقدم العلوم والتقنية.
طبيعة الحرب
الحرب في تعريف المنظِّرين السياسيين والعسكريين مظهر من مظاهر السياسة، أو هي كما يقول الفيلسوف والمنظر العسكري الألماني كارل فون كلاوزفيتز استمرار للسياسة بوسائل أخرى، وأنها «عمل عنيف يقصد منه إكراه الخصم على الخضوع لإرادتنا». فالحرب على هذا الأساس أداة من أدوات السياسة، الغاية منها حماية مصالح الجهة المحاربة أو توسيع دائرة نفوذها. والحرب من وجهة النظر الرأسمالية ظاهرة اجتماعية معقدة ومتعددة الجوانب تتطلب حشد الموارد المادية والمعنوية. و يتعارض هذا الرأي إلى حد ما مع المفهوم الماركسي اللينيني القائل إن الحرب نتاج صراع الطبقات. وانطلاقاً من دراسة التطور الاجتماعي للكائنات البشرية والعلاقات الدولية فإن مفهوم الحرب يتطلب دراسة لمفاهيم عدة كالمفهوم البيولوجي والنفسي والأنتروبولوجي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي للحرب، فالحرب ليست ظاهرة وحيدة البعد إنما متعددة الأبعاد، وإن اختلاف الدراسات حول طبيعة الحرب وأغراضها ناجم عن الفرضيات التي يستند إليها المحللون حول الحرب وأسبابها. فإذا رأى الباحث أن الحرب تعبير عن طبيعة الإنسان وبيئته، أو أنها تعبير عن طبيعة الأفكار التي يتبناها ونشأ عليها ذلك الإنسان فسوف يرتكز في دراسته على السلوك الإنساني، أما إذا وجد أن الحرب تعبر عن العلاقات بين جماعات البشر فيمكن أن تكون دراسته أكثر شمولاً من سابقتها. وأما إذا كانت الحرب بين طبقات المجتمع أو حرباً داخلية بين فئات متناحرة فسوف يجد فيها آلية لإعادة التوازن في ذلك المجتمع أو في المجتمع العالمي بأسره.
المفهوم البيولوجي للحرب
يقوم هذا المفهوم على افتراضين اثنين، أولهما أن الحرب محصلة قانون الحفاظ على البقاء، والصراع من أجل البقاء للأصلح، وتنافس الشعوب وتزاحمها لتوفير شروط أفضل لحياتها، أو توفير مكانة أعلى لها بين جماعات البشر في النظام العالمي. أما الافتراض الثاني فيقول إن الحرب تعبير عن طبيعة السلوك الإنساني الخاضع للغريزة، ويتحدد بالشعور العدواني الذي تطور بالاصطفاء الطبيعي وتوارثه أفراد النوع. ويعتمد هذا المفهوم على علم السلوك الحيواني ethology في البيئة الطبيعية، ويرى المختصون في هذا العلم أن سلوك الإنسان سلوكاً غير مفهوم ناشئ عن طبيعته الحيوانية وخاصة في معالجته المشكلات السياسية والاجتماعية التي تعترض سبيله ومن ذلك اللجوء إلى الحرب. ويرى العلماء أن في الإنسان ميلاً فطرياً إلى قتل أبناء جنسه، وأن فيه ما يسمى «الحنين إلى الأرض» المتمثل في التصاقه العاطفي بأرض معينة، وحاجته إلى مجال «حيوي» يختص به، وأنه طوّر ،انطلاقاً من هذا الأمر، ميله إلى القتال من أجل الوطن، وهو سمة وراثية متأصلة في السلوك الإنساني.