المفهوم النفسي والاجتماعي
يرى كلاوزفيتز أن الحرب ترجمة للسلوك العدواني الشخصي تحت غطاء ثقافي، وتتمثل في أربع حالات هي:
1- تطور الغريزة القتالية الفردية إلى سمة جماعية.
2- العدوان ظاهرة نفسية طبيعية كبتها المجتمع فتحول إلى ظاهرة نفسية جماعية تشجع اللجوء إلى الحرب.
3- العدوان نتاج خيبة أمل حين يعجز الإنسان عن تحقيق آماله أو أهدافه، فإذا تجاوزت خيبته حدود الضوابط الأخرى فإنه يتصرف بعدوانية، وخاصة إذا لم تكن ثمة عقوبة رادعة، وحدثت تراكمات اجتماعية لخيبات الأمل التي يعانيها أفراد المجتمع من سلوك قوى خارجية أو من الخصائص البنيوية للمجتمع كالشعور بعدم المساواة وانتفاء العدالة والتدهور الاقتصادي.
4- العدوان سلوك مكتسب في الجماعة وليس فطرياً، فالإنسان ليس عدوانياً بالفطرة وليس مسالماً، بل هو قادر على تطوير سلوكه في الاتجاهين وفق علاقته المتبادلة مع بيئته وثقافته.
المفهوم الأنتروبولوجي للحرب
يرى أصحاب هذا الرأي أن الحرب نتاج ثقافة الإنسان ووسيلة لتطوره، وهي ظاهرة مرحلية وليست أبدية، وأنها قد تكون وليدة تطورات حضارية أو ثقافية سريعة، وخاصة نتيجة نمو تنظيمات سياسية معينة في وسط ثقافي يميل إلى الحرب أو نتيجة وجود فوارق ثقافية كبيرة بين التكتلات الاجتماعية أو السياسية تعوق الاتصال فيما بينها وتثير الشكوك حول نوايا الآخرين فتتسبب في نشوب الحرب، وقد يكون العكس صحيحاً أيضاً. فكلما ازدادت وحدتان سياسيتان أو اجتماعيتان تقارباً فيما بينهما، وتماثلتا ثقافياً واقتصادياً، ازدادت احتياجاتهما ومصالحهما تماثلاً وتصادماً وازداد خطر نشوب الصراع بينهما. فالحرب تنشب في شروط النمو والتوسع كما تنشب في شروط التدهور والتجزؤ، وكانت السيطرة على الموارد المادية والتقنية دائماً من أسباب تواتر الحروب، كما كان للبيئة السياسية، وخاصة الأنظمة الرأسمالية والامبريالية، تأثيرها على نشوب الحرب.
المفهوم البيئي للحرب
للمفهوم البيئي وتأثيره في الحرب تاريخ طويل. وقد سادت طويلاً فكرة تأثير البيئة الجغرافية على سياسة الدول والصراع بينها سعياً وراء شروط بيئية أفضل. وتزعم بعض النظريات أن الوسط المحيط بالدولة يبلور شخصيتها ويؤثر في تصرفاتها وسياستها حيال الآخرين وفي طريقة ممارستها لتلك السياسة، كأن تسعى إلى تحسين بيئتها باكتساب أراض جديدة عن طريق العنف، أو الحصول على أسواق اقتصادية جديدة أو التعويض عن نقص في الموارد. وثمة رأي آخر يرى أن الحرب وسيلة لتنظيم النمو السكاني بما يتناسب مع طبيعة الأرض والمصادر الأخرى. فالحرب في رأي مالتوس[ر] نتيجة من نتائج النمو السكاني، وسبب جوهري للصراعات التي يرافقها العنف، وهي تحقق للمنتصر المجال والمصادر التي هو في حاجة إليها، وتخفض عدد السكان المستفيدين من هذه المصادر، ويؤكد أصحاب هذا الرأي «أنه مهما كانت الحرب قاسية وغير إنسانية فإنها تبقى الحل الضروري لمشكلة التضخم السكاني».
المفهوم الجغرافي - السياسي للحربgeopolitic
وهو أقدم المفاهيم المتعلقة بدراسة طبيعة الحرب، وقد استخدم المصطلح على نطاق واسع في بدايات القرن العشرين بقصد دراسة العلاقات بين الدول وسياساتها المرتبطة بالأرض.فالوضع الجغرافي السياسي للدولة هو المجال الذي تحتاج إليه الدولة لتتمتع بالرفاه والأمان ضمن حدودها وموقعها الجغرافي، وفي علاقاتها مع الوحدات الجغرافية الأخرى. وهذه شروط بالغة الأهمية في تاريخ الدول ومصائرها.
المفهوم الأخلاقي للحرب