الحرب مرفوضة أخلاقياً وإنسانياً، وهي تتسبب في دمار واسع لكل مقومات الحضارة، وليست حتمية أو ضرورية كأدوات السياسة الأخرى، ويمكن تجنبها بالمعارضة السياسية السلمية التي تحرم الطرف المعادي من مسوّغاته وأطماعه وتجبره على التخلي عن مخططاته العدوانية. ولما كانت الحرب حدثاً عابراً فإن الدول تسعى إلى تلافي الأسباب التي تؤدي إليها وإلى إيجاد البنية السياسية والاقتصادية التي توفر لها تحاشي الحرب في المستقبل. ويرى بعض المؤرخين أن هناك صلة وثيقة بين الحرب والكساد الاقتصادي. إذ إن الكساد الاقتصادي يخلق للدولة وللفئات الحاكمة فيها مشكلات تحفزها إلى البحث عن سبل حلها، فتحاول أن تحمي نفسها على حساب دول وشعوب أخرى، وقد يؤدي الشعور بالخطر إلى مواجهة تلك الحلول بردّ عنيف وإثارة سخط الطرف المتضرر شعباً وحكومة فيلجأ إلى الحرب. ومهما اختلفت أشكال الحروب وأسبابها فإن إيجاد المسوّغ الأخلاقي للشروع بها يبقى مطلب الراغبين فيها، وقد يبلور هذا المسوغ في محاولات إقناع الآخرين بعدالة القضية التي يخوضون الحرب من أجلها والدفاع عن مصالح الأمة ودرء الخطر عنها، وهم يسعون دائماً إلى التقليل من آلامها وأضرارها المحتملة ما أمكن. وليس من الضروري أن تكون تلك المسوغات حقيقية واضطرارية، ولكن المهم إقناع الآخرين بها ولو كانت كاذبة أو لاأساس لها من الصحة، وقد يلجأ أنصار الحرب إلى اختلاق أفعال وتوفير بعض الشروط التي تدفع الناس إلى تصديق ما يزعمونه. في حين ترى أطراف كثيرة، لاتؤمن بمبدأ العنف، أنه مهما كانت المسوغات مقنعة فإن الحرب غير ملزمة، وأن الحرب مع تطور وسائلها وتقنياتها، ولاسيما في القرن العشرين والقرن الحالي، ارتفع ثمنها بتفاقم أعداد الضحايا نتيجة استعمال الأسلحة الشديدة الفاعلية العالية التدمير، وزادت أضرارها المادية إلى درجة كبيرة، وقد أدين العدوان بأنه جريمة دولية لأنه فعل أمة تسعى إلى تحقيق أغراضها السياسية بالقوة وعلى أرض أجنبية. وتقوم المنظمات الدولية وغير الدولية، وخاصة الأمم المتحدة ، بدور كبير في هذا الصدد، فتبحث في أسباب الحروب وكيفية تلافيها، وتسعى إلى التوسط بين الأطراف المختلفة وإقناعها بعدم اللجوء إلى السلاح لحل القضايا العالقة فيما بينها، وإلى اقتراح الحلول لها.