إن الفقرة (ب) من ذات المادة أجابت على هذا التساؤل حين قررت أنه يتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت تلك الطريقة، مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك إتفاق الأطراف على إستخدام تلك الطريقة ومن الطرق الشائعة في البيئة الرقمية (1) (إنضمام الشخص إلى نظامه الإلكتروني) ويقصد بها الإنضمام إلى شبكة يديرها الغير تمنحه مصادقة على أن التوقيع الإلكتروني المستخدم فيه معتمد من قبلها لشخصه ونظامه وأنه يستخدمه في تعاملاته الإلكترونية، ومن الطرق أيضاً إثبات إشتمال نظام الكمبيوتر المستخدم في الإرسال على برمجيات التوقيع الإلكتروني مزودّة من منتجيها بحيث يسهل اللجوء إلى منتج البرنامج لتأكيد سلامة أو عدم سلامة التوقيع الإلكتروني محل الإستخدام (2).

ولقد بحثت العديد من المحاكم في النظم القانونية المقارنة حجية التوقيع الإلكتروني، وتباينت الإتجاهات بشأنها قبل أن يتم تطبيق حجيتها قانوناً في عدد من الدول أو الإستعداد التشريعي في عدد آخر تمهيداً لقبوله أو إقرار حجيته، ضمن شروط ومعايير معينة.


وقد إعتبر القانون المعاملات الإلكتروني الأردني أن السجل الإلكتروني أو العقد الإلكتروني أو الرسالة الإلكترونية أو التوقيع الإلكتروني منتجاً للأثر القانوني ذاته المترتب على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب أحكام التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحياتها في الإثبات ولا يجوز إغفال هذا الأثر، شريطة عدم تعارضها مع مواد القانون المعمول به وذلك حسب نص المادة (7) من القانون نفسه.
وفي هذا المقام لا يمكن أن نتجاهل التعديل التشريعي في قانون البينات الأردني مؤخراً، فقد تناول القانون المعدّل لقانون البينات الأردني لسنة 2001 حجية رسائل الفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني وقوتها في الإثبات، وأعتبر أن لها قوة الإسناد العادية في الإثبات ما لم يثبت من نُسب إليه إرسالها انه لم يقم بذلك أو لم يكلف أحدبإرسالها، كما أن لرسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل إليه حجة على كل منهما وتكون لمخرجات الحاسوب المصدقة أو الموثقة فوة الأسناد العاديّة من حيث الإثبات ما لم يثبت من نسبتإليه أنه لم يستخرجها أو لم يكلّف أحد بإستخراجها (3).


(1) مرجع سابق WWW. Arablaw.org
(2) نفس المرجع
(3) المادة (13/3) من قانون البينات المعدّل لسنة 2001


وبذلك يكون المشّرع الأردني قد قطع شوطاًَ في مجال التطور التشريعي بما يتناسب مع التطور العالمي وتطور التشريعات على المستوى العالمي بما سينعكس إيجاباً على تشجيع الإستثمار ويكون نقطة جذب للمستثمرين الذين سيتمكنوا من إثبات أعمالهم في ظل قانون عصري يتواكب مع التطور.
ويتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني (1) ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك إتفاق الأطراف على إستخدام تلك الطريقة.

وقد إعتبرت المادة (32/أ) من الفصل السادس من قانون المعاملات المذكور والخاص بتوثيق السجل والتوقيع الإلكتروني، أن التوقيع الإلكتروني يعتبر موثقاً إذا إتصف بما يلي:-
1- إرتباطه بالشخص صاحب العلاقة وتميّزه بشكل فريد.
2- كان كافياً للتعريف بشخص صاحبه.
3- تم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت سيطرته.
4- إرتبط بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع.

لذلك فإن القانون الأردني يفترض أن التوقيع الإلكتروني والسجل الإلكتروني الموثق لم يتم تغييره أو تعديله منذ تاريخ إجراءات توثيقه وأنه صادر عن الشخص المنسوب إليه وأنه قد وضع من قبله للتدليل على موافقته على مضمون السند ما لم يثبت العكس.



(1) المادة (10) من قانون المعاملات الإلكترونية، مرجع سابق






وفي حالة عدم توثيق السجل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني،
فلا يعتد بهما ولا يرتب أياً منهما أي حجية في القانون، ويعتبر السجل الإلكتروني أو أي جزء منه إذا كان يحمل توقيعاً إلكترونياً موثقاً، سجلاً موثقاً بكامله أو فيما يتعلق بذلك بذلك الجزء حسب واقع الحال، إذا تم التوقيع خلال مدة سريان شهادة توثيق معتمدة وتمت مطابقته مع رمز التعريف المبين في تلك الشهادة (1).
ثانياً: حالات إعتماد شهادة التوثيق التي تبيّن رمز التعريف للتوقيع الإلكتروني:-
لقد عرف قانون المعاملات الإلكترونية الأردني في المادة (2) منه شهادة التوثيق بأنها "الشهادة التي تصدر عن جهة مرخصة أو معتمدة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين إستناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة". (2)

وتأسيساً على هذا التعريف:-
يمكن إعتماد هذه الشهادة والتي تسمى في بعض الدول بشهادة المصادقة الإلكترونية بإعتبارها تصدر من مزوّد خدمات التصاديق الإلكترونية بإعتبارها تصدر من مزوّد خدمات التصديق بعد التأكد من هوية الشخص أو الجهة الحائزة على أداة توقيع معينة وذلك ضمن الحالات التالية (3):
1- إذا كانت صادرة عن جهة مرخصة أو معتمدة من نفس الدولة أو دولة أخرى.
2- إذا صدرت عن دائرة حكومية أو مؤسسة أو هيئة مفوّضة قانوناً بذلك.
3- إذا صدرت عن جهة وافق أطراف المعاملة على إعتمادها.



(1) www.KSU.edu.sa/book fair 10/4.htm-57 6K
(2) المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية (مرجع سابق)
(3) إنظر المواد من (19-22 و 23-25) من قانون إمارة دبي رقم (2) لسنة 2002 الخاص بالمعاملات والتجارة الإلكترونية





ثالثاً: إن أثرالتقنية الإلكترونية على النشاط الإستثماري والتجاري وتشجيع الإستثمار والجمارك والمناطق الحرة وغيرها.
إدى إستغلال وسائل التقنية الحديثة وفي طليعتها الإنترنت في إبرام العقود المختلفة وأتيح بفضل ربط الحواسيب وشبكة الإنترنت التعاقد الفوري بين شخصية غائبين وإذا كانت التشريعات المدنية والتجارية قد وقفت فيما سبق أمام فكرة التعاقد بواسطة التلكس أو الهاتف، فإنها مدعوة للوقوف أمام إستخدام نظام الكمبيوتر، وشبكات المعلومات في التعاقد والوقوف أمام طبيعة هذه التعاقدات وأحكام التعاقد وإشكالاته والوقوف أمام مسائل الإثبات فيما أنتجته الحواسيب والإنترنت من مخرجات وبحث حجية مستخرجات الحاسوب والبريد الإلكتروني وقواعد البيانات المخزنة داخل النظم وغيرها، وإذا كان البعض يرى أن التقنية ليست أكثر من تحقيق لفكرة التعاقد بين غائبين فإن ذلك ينطوي على نظرة قاصرة، لأن هناك أبعاداً تنظيمية فيما أفرزته وسائل التقنية من أنماط جديدة للعلاقات القانونية وتحديداً في حقل التجارة الإلكترونية والخدمات والتعاقد الإلكتروني في الأسواق المالية.
وفي خضم البحث في قانونية التعاقد بالطرق القانونية وحجية مستخرجات الوسائل التقنية في الإثبات، ظهرت التجارة الإلكترونية كنمط من أنماط التعامل التجاري، لا في ميدان البيع والشراء، وإنما في ميادين التعاقد كافة كعقود التأمين والخدمات وغيرها، وقد أثارت وتثير التقنية العالية وتحديداً محتوياتها الفنية والمعرفية تحديات كبيرة في ميدان نقل التكنولوجيا والتبادل الفني والمعرفي وإلتزام مورد التكنولوجيا ومتلقيها، وقد أثرت الأنماط المتطورة من تقنيات المعلومات على البناء التقليدي لعقود نقل التكنولوجيا المعروفة منذ منتصف القرن الماضي، وأظهرت التقنية تحديات قانونية تستلزم التنظيم بالنسبة لعقود تقنية المعلومات، التوريد، البيع، الصيانة والتطوير ورخص الإستخدام، أيضاً بالنسبة لعقود الوكالات التجارية والتوزيع وعقود إشتراكات المعلوماتية وخدمات الإتصال (1).


(1) أنظر مقالة البرفسور محمد المرسي زهرة بعنوان: مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات مجلة -3- الشؤون الإجتماعية السنة الثانية عشر- العدد الثامن والأربعون – السنة 1995.



الخاتمة

لقد أفرزت تقنية المعلومات وسائل حديثة لتقديم الخدمات المصرفية وإدارة العمل البنكي، أبرزها ظهر حقل أنظمة الدفع الإلكتروني والدفع على الخط وإدارة الحسابات عن بعد، كما حدث بفعل التقنية شيوع بطاقات الدفع والإئتمان المالية بأنواعها المختلفة، ويشيع الآن مفهوم المحفظة والبطاقة الماهرة التي تمهد إلى إنتهاء مفهوم النقد الورقي والمعدني وتفتح الباب واسعاً أمام مفهوم النقد الإلكتروني أو الرقمي أو القيدي.

إلى جانب ذلك تطورت وسائل تداول الأوراق المالية وخدماتها، فظهرت فكرة التعاقد الإلكتروني والتبادل الإلكتروني للأوراق إلى جانب الإعتماد شبه الكلي في أسواق المال على تقنية الحوسبة والإتصال في إدارة التداول وقيده وإثبات علاقاته القانونية، ويشيع منذ سنوات النشاط المالي الخارجي عن بعد سيما في حقل المزادات الإلكترونية وفي حقل الإستثمار المالي وإدارة المحافظ في الأسهم والسندات وسلة العملات في الأسواق الأجنبية من قبل متعاملين وطنيين عبر منصات وبرمجيات إلكترونية، وقد أظهرت هذه التجربة عشرات المنازعات والتحديات أكثرها وضوحاً في العلاقة ما بين الزبائن العرب وبين الشركات الأسهم والعملات الأمريكية والأوروبية والشرق آسيوية.



المراجع

(1) دراسة في مسائل وتحديات الإثبات في المعاملات المصرفية الإلكترونية ومتطلبات التشريع الملائم لتجاوز هذه التحديات والمنشورة على الموقع الإلكتروني Lawoff@.Com.JO
(2) قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 58 لسنة 2001
(3) قانون إمارة دبي الخاص بالمعاملات والتجارة الإلكترونية رقم 2 لسنة 2002
(4) قانون البينات الأردني المعدل لسنة 2001
(5) محاضرة بعنوان " تقنية المعلومات والتجارة الإلكترونية منشورة على العنوان الإلكتروني WWW.arablaw.org
(6) مقالة بعنوان التحديات القانونية للتجارة الإلكترونية على الموقع
WWW.Opendirectorysitenifo/e-commerce/04.htm-73K

(7) www.KSU.edu.sa/book fair 10/4.htm-57 6K
(8) انظر مقالة البرفسور محمد المرسي زهرة بعنوان: مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات مجلة -3- الشؤون الإجتماعية السنة الثانية عشر- العدد الثامن والأربعون – السنة 1995.