د.
عبد الرشيد محمد أمين بن قاسم



أهمية البصمة الوراثية :



تعتبر مسألة البصمة الوراثية ومدى الاحتجاج بها من القضايا المستجدة التي
اختلف فيها فقهاء العصر, وتنازعوا في المجالات التي يستفاد منها وتعتبر فيها حجة
يعتمد عليها كليا أو جزئيا، وقد شاع استعمال البصمة الوراثية في الدول الغربية
وقبلت بها عدد من المحاكم الأوربية وبدأ الاعتماد عليها مؤخرا في البلدان
الإسلامية ونسبة أعمال الإجرام لأصحابها من خلالها، لذا كان من الأمور المهمة
للقضاة معرفة حقيقة البصمة الوراثية ومدى حجيتها في إثبات الأنساب وتمييز المجرمين
وإقامة الحدود .



فالبصمة مشتقة من البُصم وهو فوت ما بين طرف الخنصر إلى طرف البنصر
وبَصَمَ بصماً إذا ختم بطرف إصبعه ، والبصمة أثر الختم بالإصبع (1).



والبصمة عند الإطلاق ينصرف إلى بصمات الأصابع وهي الأثر التي تتركها
الأصابع عند ملامستها الأشياء وتكون أكثر وضوحاً في الأسطح الناعمة وهي اليوم تفيد
كثيرا في معرفة الجناة عند أخذ البصمات من مسرح الحادث حيث لا يكاد يوجد بصمة تشبه
الأخرى .



وقد تطورت الأبحاث في مجال الطب وتم اكتشاف محتويات النواة والصفات
الوراثية التي تحملها الكروموسومات والتي يتعذر تشابه شخصين في الصفات الوراثية –
عدا التوائم المتشابهة – وهي أكثر دقة وأكثر توفراً من بصمات الأصابع حيث يمكن أخذ
المادة الحيوية الأساسية لنستخرج منها البصمة الوراثية من الأجزاء التالية :



1 – الدم 2 – المني 3 – جذر الشعر 4 – العظم


5 – اللعاب 6 – البول 7 – السائل الأمينوسي
(للجنين)



8 – خلية البيضة المخصبة (بعد انقسامها 4 – 9
– خلية من الجسم .



والكمية المطلوبة بقدر حجم الدبوس تكفي لمعرفة
البصمة الوراثية (2).



وقد ارتضى المجمع الفقهي بمكة التعريف التالي
للبصمة الوراثية:"البصمة الوراثية هي البنية الجينية نسبة إلى الجنيات أي
المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه"(3).



إن مصادر البصمة الوراثية موجودة في النواة من كل خلية في جسم الإنسان
والجسم يحتوي على ترليونات من الخلايا ، وكل خلية تحتضن نواة هي المسئولة عن حياة
الخلية ووظيفتها وكل نواة تحتضن المادة الوراثية بداية من الخواص المشتركة بين
البشر جميعهم أو بين سلالات متقاربة وانتهاء بالتفصيلات التي تختص بالفرد وتميزه
بذاته بحيث لا يطابق فرداً آخر من الناس ومصدر البصمة موجود على شكل أحماض أمينية
(
DNA) وتسمى
الصبغيات لأن من خواصها أنها تلون عند الصبغ ويطلق عليها أيضاً " الحمض
النووي " لأنها تسكن في نواة الخلية وهي موجودة في الكروموسومات، وهذه
الكروموسومات منها ما هو مورث من الأب والأم ومنها ما هو مستجد بسبب الطفرة
الجديدة
NEO MUTATION


والصفات الوراثية تنتقل من الجينات وهذه الجينات تتواجد في
الكروموسومات وهناك حوالي مئة ألف جين مورث في كل كروموسوم واحد ، لذلك لو تم
دراسة كروموسومين فقط بطريقة عشوائية لأمكن متابعة عدد كبير من هذه الصفات
الوراثية في هذين الكرموسومين ولأصبح الجواب الصحيح في معرفة البصمة الوراثية
للأبوة والبنوة بنسبة نجاح تصل لـ 99.9% نظراً لعدم تطابق اثنين من البشر في جميع
هذه الصفات الوراثية (4).



مجالات الاستفادة من
البصمة الوراثية :



إن
اكتشاف القوانين المتعلقة بالوراثة ومعرفة ترتيب عناصرها المشتركة والخاصة ومعرفة
كيفية الاستفادة منها مما هيأه الله للبشر من العلم في هذا الزمان كما قـال
تعالى:"ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء"(5).



ويمكن تطبيق هذه التقنية والاستفادة منها في
المجالات التالية :



1-إثبات النسب أو نفيه وما
يتعلق بذلك مثل تمييز المواليد المختلطين في المستشفيات أو في حال الاشتباه في
أطفال الأنابيب أو عند الاختلاف أو التنازع في طفل مفقود بسبب الكوارث والحوادث أو
طفل لقيط أو حال الاشتراك في وطء شبهة وحصول الحمل أو عند وجود احتمال حمل المرأة
من رجلين من خلال بييضتين مختلفتين في وقت متقارب كما لو تم اغتصاب المرأة بأكثر
من رجل في وقت واحد ، أو عند ادعاء شخص عنده بينة ( شهود ) بنسب طفل عند آخر قد
نسب إليه من قبل بلا بينة .