الركن المعنوي لجريمة الاحتيال فى القانون الكويتى

--------------------------------------------------------------------------------


الركن المعنوي لجريمة الاحتيال
القصد العام في جريمة الاحتيال
يتمثل القصد العام في جريمة الاحتيال بانصراف إرادة الجاني إلى تحقيق وقائع الجريمة مع علمه بكافة عناصرها وأركانها كما بينها القانون . وهذا يقتضي أن يتوافر لدى الجاني عنصري العلم والإرادة (1).
والعلم بالاحتيال معناه أن يأتي الجاني أفعال الخداع والمزاعم الكاذبة وهو يعرف أنها لا أساس لها من الصحة . فإذا كان يعتقد بصحتها فلا تقوم الجريمة . وعلى ذلك فإنه لا مسؤولية على خادم الطبيب الروحاني , إذا كان لا يعلم بأن مخدومه يستعمل طرقا احتيالية , لأنه لم يكن قد استغل سذاجة المجني عليه , بل كان هو نفسه ضحية الجهل وسوء التقدير.
وينبغي لتوافر القصد الجرمي أن يكون الجاني عالما بأنه يقوم بفعل احتيال, وعالما كذلك بأن المال الذي يهدف إلى الحصول عليه هو مال مملوك لغيره. أما إذا كان يعتقد أن هذا المجال مملوك له وسعى للحصول عليه أو استرداده بإحدى وسائل الخداع , فإن القصد الجرمي لا يكون متوافرا , فلا تقوم الجريمة .
وحين يتخذ الخداع صورة التصرف في مال الغير دون وجه حق , فيجب أن يكون الفاعل عالما بأنه ليس له صفة التصرف بالمال حتى يسأل عن جريمة الاحتيال , أما إذا كان يعتقد خطأ بأنه يحق له التصرف بهذا المال , وتصرف به فعلا بعد أن ظن أنه مملوك له , فإن القصد الجرمي لا يكون متوافرا لديه , كذلك فإنه لا مسؤولية على من يتخذ اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة , وهو يعتقد أن من حقه حمل هذا الاسم أو اتخاذ هذه الصفة الجرمي لا يكون متوافرا لديه.
ويشترط لكي يتوافر القصد الجرمي أن يكون الجاني عالما بأن أفعال الخداع التي يستخدمها , من شأنها إيقاع المجني عليه في الغلط الذي يحمله على تسليم ماله إليه.
وبطبيعة الحال , فإن القصد العام في جريمة الاحتيال لا يتوافر إلا إذا اتجهت إرادة الجاني إلى ارتكاب أفعال الخداع , وإلى تحقيق نتيجة هذه الأفعال , طالما كان هذه الإرادة مميزة ومدركة ومختارة , أي إرادة معتبرة ويعتد بها القانون.

القصد الخاص في جريمة الاحتيال
يلزم في جريمة الاحتيال أن يتوافر بالإضافة إلى القصد العام , قصد خاص, أي نية محددة هي نية تملك المال الذي تسلمه الجاني من المجني عليه . والقصد الخاص في الاحتيال يماثل تماما القصد الخاص في السرقة , ويتحقق بانصراف نية الجاني إلى تملك المال , أي نيته في أن يباشر على المال سلطة المالك والاستئثار به , وحرمان المالك الحقيقي لهذا لمال من أي سلطة عليه بصورة نهائية . وعلى ذلك , فإن القصد الخاص لا يعد متوافرا . ولا تقوم جريمة الاحتيال إذا كانت نية الجاني هي الاطلاع على المال أو الانتفاع به ثم رده ثانية إلى صاحبه , كما لا يتوافر القصد الخاص إذا كان الاستيلاء على المال بقصد الدعابة أو المزاح مع ثبوت انتقاء نية التملك , لأن الفاعل في هذه الحالة لم تنصرف نيته إلى الاعتداء على ملكية الغير للمال , وإنه لم يكن ينوي تملك هذا المال أو حرمان مالكه منه، وعلى هذا الأساس قضي بعدم توافر القصد الخاص لدى من استعمل الخداع لحمل بائع على القبول بتقسيط ثمن المبيع , ثم سدد بعض الأقساط وعجز في النهاية عن سداد خسائرها , ذلك أن نيته لم تكن متجهة إلى الاستيلاء على مال للبائع , وإنما قصد بفعل الخداع الحصول على رضاء البائع بالبيع بثمن بعضه مقسط وبعضه معجل.
ومتى توافر القصد الجرمي لدى الجاني , فلا عبرة بعد ذلك بالبواعث التي دفعته إلى الاستيلاء على مال الغير وحرمانه منه نهائيا , إذ يستوي أن يكون الدافع هو الطمع بالمال أو الانتقام من المجني عليه بل لا يؤثر في القصد الجرمي أن يكون الجاني قد أراد باستيلائه على مال الغير عن طريق الخداع أن يحول بين مالك المال وبين استعمال هذا المال على وجه ضار به , كما لا يؤثر في توافر القصد أن يكون الدافع لدى الجاني من وراء استيلائه على المال هو التبرع به للمحتاجين , أو لجمعية خيرية . كما لا ينتفي القصد الجرمي لدى الدائن الذي يستعمل الخداع قبل مدينة ليحمله على تسليم شيء كي يستولي عليه سدادا لدينه. ولا يؤثر في مسؤولية الجاني عن جريمة الاحتيال أن يكون الغرض الذي دفع من أجله المجني عليه المال غير مشروع , إذا لا يمحو أجرام المتهم تلوث المجني عليه بالجريمة المنسوبة إليه(1).


عقوبة جريمة الاحتيال
نصب المشروع في المادة /417 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1988, على عقوبة الاحتيال , وميز بين صورتين للمعاقبة على هذه الجريمة , ففرض لجريمة الاحتيال البسيط عقوبة الحبس ثم نص على ظرفين مشددين يؤدي توافر أحدهما إلى تشديد هذه العقوبة وجعلها مضاعفة .
عقوبة الاحتيال البسيط
يعاقب مرتكب الاحتيال البسيط بالحبس من ثلاثة اشهر إلى ثلاثة سنوات وبالغرامة من مائة دينار إلى مائتي دينار , وذلك وفقا لنص الفقرة الأولى من المادة /417 من قانون العقوبات , ويفهم من النص أنه يتوجب على القاضي فرض العقوبتين معا وهما الحبس والغرامة , ولا يجوز له أن يوقع إحداهما دون الأخرى .
ثانياً: عقوبة الاحتيال ذي الظرف المشدد
تشدد عقوبة الاحتيال , وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة /417 من قانون العقوبات إذا ارتكبت الجريمة في إحدى الحالتين التاليتين :
أولا : إذا كان مرتكب الجريمة ممن يتولون إصدار الأسهم أو السندات أو أية أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو مشروع أو بمؤسسة تجارية أو صناعية.
ثانيا : إذا ارتكب الفعل بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عامة. ومن شأن توافر أحد هذين الظرفين , أن تشدد العقوبة بحيث يحكم على من تثبت إدانته بجرم الاحتيال المقترن بأحدهما بمثلي العقوبة المقررة لهذه الجريمة .
فتصبح العقوبة هي الحبس من ستة اشهر إلى ستة سنوات مع الغرامة من مائتي دينار إلى أربعمائة دينار .

وإذا وقف الأمر عند حد الشروع , سواء في حالة الاحتيال البسيط او في حالة الاحتيال المقترن بظرف مشدد , فإن من شرع بالاحتيال يعاقب بنفس عقوبة الجريمة التامة , وفقا لما تقتضي به الفقرة الثالثة من المادة /417 من قانون العقوبات .
أن يعينه عمدة إذا أعطاه نقودا يدفعها رشوة للمدير ثم أثر في عقله بضربة ميعادا ليجمعه بالمدير ليسمع منه أنه سيساعده كان ذلك من قبيل الطرف الاحتيالية التي من شأنها إيهام المجني عليه بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة.


الشروع في الاحتيال
" من المسلم به الآن أن الشروع في النصب يتحقق بمجرد البدء في استعمال الوسيلة الاحتيالية قبل المجني عليه بدءا في تنفيذ ركن الجريمة بالذات . ويلاحظ التفرقة بين تجهيز وسيلة الاحتيال وبين استعمالها والبحث عادة يثور حول وسيلة الطرق الاحتيالية , فالتجهيز يعتبر من الأعمال التحضيرية أما الاستعمال فهو الذي يدخل به المتهم في دور الشروع . وهو بمثابة طرح الشباك بعد تجهزيها وأعدادها , وهو يدل على أن المجرم ماض في الجريمة وأن فعله مؤد حالا ومباشرة إلى وقوع الجريمة ألا إذا عاقة عائق خارج عن أرادته . والاستعمال يستلزم بطبيعة الحال وجود مجني عليه سواء كان معينا أو غير معين وسواء كان حاضرا حالا أو يرتقبه الجاني ويأمل وقوعه في فخه (1).
فالشخص الذي يزور ورقة ويوقعها باسم آخر ليدعم بها أقواله , أو يجهز لباش الشعوذة وأدواتها , أو يبدأ في أعداد مكتب لجمعية وهمية ... الخ تعتبر أفعاله في كل هذه الأحوال وما إليها من قبيل الأعمال التحضيرية , وإنما يعتبر ذلك الشخص بادئا في التنفيذ إذا ما تقدم المجني عليه وأخذ في إلقاء أقواله الكاذبة مدعما إياها بالورقة المزورة أو بدأ يعرض شعوذته أو مشروع جمعيه على شخص معين أو على الجمهور بصفة عامة .
باستعمال هذه الطرق الاحتيالية يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة ويعد شارعا فيها ولو لم تنطل الحيلة بعد على المجني عليه ويشرع في تسليم المال الذي يبتغيه الجاني.
وعلى هذا جرت أحكام المحاكم الفرنسية وتوسعت في العقاب فقضت بأنه يتكون الشروع في النصب ويعاقب عليه في حالة التاجر الذي يتواطأ مع خادم المجني عليه الذي يستلم البضائع ويذكر في الفاتورة بيانات كذابة عما استلمه الخادم من البضائع.
كذلك من يشحن بضائع تالفة ثم يطالب شركة النقل بتعويض زاعما أن التلف نتيجة إهمالها في النقل.
ومع التسليم باعتبار استعمال وسائل الاحتيال شروعا , فإن بعض الفقهاء ينتقدون العقاب على الشروع في النصب من الوجهة التشريعية, فهم أن جريمة النصب دقيقة في تكوينها وتمس الناس في ومعاملاتهم وليس بالسهل تبين حدود الشروع فيها ما دام لم يحصل تسليم بعد , وهذا ما قد يؤدي إلى أحكام لا يستسيغها العدل كما يتجلى من مراجعة أحكام المحاكم."


المصادر:
1. الدكتور عبد المهيمن بكر سالم ،الوسيط في شرح قانون الجزاء الكويتي ، الطبعة الثانية، 1982.
2. عبد ا لحميد المنشاوي، جرائم النصب والاحتيال في ضوء القضاء والفقه ، دار الفكر الجامعي.
3. محمد سعيد نمور ، شرح قانون العقوبات، الجرائم الواقعة على الأموال، دار الثقافة.