حظر النشر ومنعه ... مساحات من القمع

حمدي الاسيوطى
المحامى


وحده الدعم القانوني لحرية الراي و التعبير
بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان

رغم ان القانون المصري اوجب علانية المحاكمة والتى تعد اخطر كثيرا من تحقيقات النيابة العامة


وأعطى القانون لقاضى الموضوع الحق وفقا لتقديره فى سماع الدعوى كلها او بعضها فى جلسة سرية او منع فئات معينة من حضور الجلسات وذلك مراعاة للنظام العام او محافظة على الآداب واستنادا الى نص المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية
فيما اختلف الأمر فيما يخص التحقيقات التى تجريها النيابة العامة فتزول السرية عند إحالة الدعوى الى المحكمة


ويختلف الامر ايضا فيما يتعلق بخصوم الدعوى الذين اوجب القانون ان تكون إجراءات التحقيق بالنسبة لهم علانية لا سرية فيها مثل خصوم التحقيق وهم النيابة العامة والمتهم والمجني عليه والمدعى بالحق المدني وكذلك المسئول عن الحقوق المدنية
كل هؤلاء لهم الحق فى حضور التحقيقات ومن بعدها المحاكمة ولوكلائهم ( المحامين وغيرهم ) معهم او عنهم
لكل هؤلاء الحق فى حضور جميع إجراءات التحقيق فالأصل هو علانية التحقيق بالنسبة للخصوم
ومن هنا يبدوا نص المادة 78 من قانون الاجراءت الجنائية واضحا وذا مغزى فيما أوجبه مكن إخطار خصوم الدعوى التي يجرى بشأنها التحقيق ميعادا ومكانا
ومنذ صدور قانون المطبوعات عام 1881 والرقابة على النشر مستمرة حتى الان
بدأ من إلزام صاحب المطبعة بتقديم مسودة الكتاب قبل الطبع الى المادة 15 من دستور 1923 والتي أجازت فرض الرقابة على الصحف حفاظا على النظام الاجتماعي
وقد ألغيت هذه المادة فى دستور 1971 وابقي عليها الدستور فى حالة الحرب وحالة الطوارئ.

من له الحق فى حظر النشر
حظر النشر العام
غالبا ما يصدر قرار حظر النشر العام من جهة التحقيق استنادا الى المساس بالمصالح العليا للدولة او المجتمع ويبدوا هذه مبررا وواضحا فيما يتعلق بتحقيق يمس أسرار الدفاع
وهذا ما تناولته المادة 80 أ والفقرة الثانية منها من قانون العقوبات المصري بينما حددت مادة [85] (1) من قانون العقوبات وذريع خاص 2
وردا لاعتبار المتهم اوجب المشرع على الصحيفة التى تنشر خبادنته ان تنشر لك على سبيل المثال لا الحصر مثل المعلومات الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية التى بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة فى ذلك


والأشياء والمكاتبات والمحررات والوثائق والرسوم والخرائط والتصميمات والصور وغيرها من الأشياء الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والإستراتيجية وكذلك الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم


حظر النشر ومبدأ أصل البراءة
قد يكون قرار احظر النشر مسندا ال حماية الجمهور من اى تأثير سلبى يحدث من جراء نششر تفاصيل الواقعة او حماية للمتهم ولاطراف الواقعة من التشهير بهم ويأتى كل هذا

استنادا الى ما جاء بنص المادة 66 من الدستور والتي تنص على
- المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.
ويعتمد قرار حظر النشر الذي تصدره النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق او من المحكمة التى تنظر موضوع الدعوى
وأيضا ما جاء بنص المادة 23 من القانون 96/96 قانون الصحافة
تنص على انه [ يحظر على الصحيفة تناول كل ما تتولاه سلطات التحقيق او المحاكمة بما يؤثر على صالح التحقيق او المحاكمة او بما يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق او المحاكمة ]
بينما المادة 187 من قانون العقوبات والتى تعاقب كل من نشر أموراً من شانها التأثير فى القضاة الذين يناط بهم الفصل فى دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء فى البلاد أو فى رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق أو التأثير فى الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة فى تلك الدعوى أو فى ذلك التحقيق أو أموراً من شانها منع شخص من الإفضاء بمعلومات لأولي الأمر أو التأثير فى الرأي العام لمصلحة طرف فى الدعوى أو التحقيق أو ضده
وكذلك المادة 193 الفقرة الاولى منها والتى تتعلق بنشر اخبار بشأن نحقيق جنائى قائم اذت كانت سلطة التحقيق قد قررت غجراءه فى غيبة الخصوم او كانت قد حظرت ‘ذاعة شىء منه مراعاة للنظام العام والاداب او لظهور الحقيقة
وكذلك المادة 12 /2 و 3 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة الصادرة بالقرار رقم 10 لسنة 1998
وقرر المشرع حدودا لحرية الصحف فى النشر عن القضايا سواء كان ذلك اثناء تحقيقات النيابة العامة او امام المحاكمة بقرار من قاضى الموضوع
لكن لم يراع المشرع فى تلك الحدود حق الصحف فى النشر وايضا حق المجتمع فى المعرفة
فمن حق الصحف ان تنشر ومن حق المجتمع ان يعرف مع ملاحظة عدم التأثير على مجريات التحقيق او على اجراءات المحاكمة ومراكز الخصوم او التأثير عل الشهود
فالاصل فى الانسان البراءة وايضا استنادا عل قاعدة ان المتهم برىء حتى تثبت براءته
وقد يكون من شأن ما تنشره الصحف ان يؤثر على النيابة العامة او على القاضى الذى ينظر موضوع الدعوى او ان يؤثر على شاهد او ان يؤدى النشر الى خروج المحقق عن حياده وتجرده او التأثير على مراكز الخصوم باتخاذ موقف من المتهم او نشر ادلة الادانة او التضخيم من جسامة الجريمة او التأثير على ارأى العام تجاه المتهم او التخفيف والتهوين من وقع الجريمة او خلق مبررات لها لدى الجانى او دوافع

الامر الذى قد يضر بمركز المتهم او المجنى عليه فى الدعوى التى تم النشر عنها او التعليق على مجريات التحقيق فيها وايضا خلق رأى عام قد يؤثر على القاضى الذى ينظر موضوع الدعوى كأن يتعاطف الرأى العام مع المتهم او مع المجنى عليه
ولذلك راعى المشرع مدى فداحة هذه ا التأثير فى القضايا والتى تهم الرأى العام فجاءت المادة 13 من قانون الاجراءات الجنائية والتى اعطت لمحكمة الجنايات أو محكمة النقض فى حالة نظر الموضوع إذا وقعت أفعال من شانها الإخلال بأوامرها ، أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير فى قضائها أو فى الشهود ، وكان ذلك فى صدد دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجنائية 1 على هؤلاء الأشخاص أو بالنسبة لهذه الوقائع ، وتحليها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها

فحصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التى تصدر علنا وان هذه الحصانة لا تمتد الى ما يجرى فى الجلسات غير العلنية ولا ما يجرى فى الجلسات التى قرر القانون او المحكمة الحد من علانيتها كما انها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد الى التحقيق الابتدائي ولا الى التحقيقات الأولية او الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية اذ لايشهدها الااطرافها