ورقه عمل حول الدليل في الجريمة المعلوماتية
مقدمه الي المؤتمر الدولي الاول حول
"حماية امن المعلومات و الخصوصيه في قانون الانترنت"
برعاية الجمعيه الدوليه لمكافحة الاجرام السيبيري بفرنسا
الفتره من 2 الى 4 يونيو 2008
القاهرة
جمهورية مصر العربية
ورقة عمل يقدمها:
الدكتور/ راشد بن حمد البلوشي
مساعد عميد كلية الحقوق للدراسات الجامعيه
جامعة السلطان قابوس
سلطنة عمان





المحتويات

المقدمه

اولا: ما هيه الجرائم المعلوماتيه
ثانيا: أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي
ثالثاً: الأدلة في الجريمة المعلوماتية
رابعا: حجية المخرجاتالالكترونية في الاثبات

خامسا: حجية المخرجاتالالكترونية أمام القضاء الجزائي

سادسا: الخلاصة
سابعا: التوصيات
المقدمـــــــــــــــة:

إن التطورات المتلاحقة في مجال الحاسبات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات قد أحدثت هوة شاسعه بين الأفراد فيما يتعلق بالتعامل مع هذه التقنيات الحديثة فلقد نشأ عن اجتماع تكنولوجيا الاتصالات و تكنولوجيا الحاسب الآلي ثورة حقيقية في المعلومات حيث أدت ثورة الاتصالات إلى تراكم مذهل في المعرفة وحصيلة هائلة في المعلومات تعجز الوسائل البشرية عن ملاحقتها وفهرستها واستخلاصهاوتصنيفها ومعالجتها والاستفادة منها والسيطرة على تدفقها من مصادر متباينة ومتنوعة.
حيث ولآلاف السنين كان كم المعلومات المتولدة عن التفاعلات البشرية محدودا إلى حد كبير، ولم يمثل حجمها بالتالي مشكلة أو يقف عائقا أمام عمليات تجميعها وتخزينها ومعالجتها واسترجاعها.
ومع تقدم ***** البشري بمرور الزمن وتزايد معارفه بدأت كميات المعلومات المتوفرة تنمو وتزداد ببطء ولكن بثبات مطرد، ومنذ الثورة الصناعية وما رافقها وتلاها من تنوع وازدياد في حجم الأنشطة العلمية والتكنولوجية، وما نجم عنها في الوقت الحاضرمن تطورات اقتصادية واجتماعية وانعكاسات ثقافية وحضارية، بدأت المعلومات المنتجة والمتداولة تتزايد بمتوالية هندسية واسعه القفزات وطرأ على رصيدها الكلى طفرة كمية فاقت طاقة الفكر الإنساني على متابعتها أولاً بأول والاستفادة منها بالدرجة المرضية والمطلوبة، وإزاء هذه الطفرة بدت الطرق التقليدية لجمع وتنظيم المعلومات عاجزة عن تلبية احتياجات المستفيدين من المعلومات بكفاءة وفاعليه، وأصبح محتما استخدام أساليب علمية وتقنية متطورة لمواجهة فيض المعلومات المتدفق والتعامل معه، وعلى مدى الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية اتخذ السعى لإيجاد حلول مناسبة للتغلب على مشكلة تزايد حجم المعلومات مسارين رئيسيين: تمثل(أولهما) في تركيز العديد من دراسات" علم المعلومات" على التحسين والتطوير في عملية فهم طبيعة المعلومات ومكوناتها وكيفية حصرها وتجميعها وتبويبها وتصنيفها وتحليلها بهدف الاستفادة منها بفعالية عظمى، وتبدى(ثانيهما) في ظهور ورواج مستحدثات تقنية متقدمة للتحكم في المعلومات وتجميعها ومعالجتها واختزانها واسترجاعها وتحسين الإنتفاع بها كالحاسبات وتقنيات المصغرات الفيلمية والأقراص الليزرية ووسائط الإتصال والائتمار من بعد، والتي يشكل تزاوجها واندماجها معا ما يعرف بتكنولوجيا(تقنية) المعلومات أو المعلوماتية.

وهكذا تتضح إيجابيات الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التي جاء بها الحاسب الآلي وقدرتها على تغيير مختلف أوجه الحياة إلى الأحسن والأفضل غير أن هذه الثورة المعلوماتية ذاتها تحمل في طياتها بذور الشر التي تتمثل في الاستخدام غير المشروع لنظم الحاسب الآلي فيما يسمى بالجريمه المعلوماتيه.

هذا ولعل أهم ما دفع الباحث لاختيار هذا الموضوع هو الحاجة الماسة التي يصادفها المشتغل بالقانون في الجانب القانوني والتنظيمي فيما يتعلق بالإجرام المعلوماتي أو الاليكتروني كما يفضل البعض وسمه حيث لم يتخذ هذا الموضوع في الواقع العربي الأبعاد التي اتخذها في الولايات المتحدة الامريكية والغرب أو الشرق الصناعي .
ناهيك عن أن بوادرهذا الموضوع بدأت تظهر مع زيادة وتيرة النمو المتسارع الذى تشهده دول عربية عدة في استخدام النظم المعلوماتية فضلا عن ظروف السياسة الدولية والتبعية التكنولوجية وارتفاع نسبة العمالة الأجنبية في قطاع المعلوماتية خصوصاً في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي من مناخ موات لانتهاك حرمة البيانات الشخصية وحق الإنسان في الخصوصية والمساس بالأمن القومى لهذه الدول وسيادتها الوطنية.
وإدراكا لتجاوب الواقع العماني مع ثورة تقنية المعلومات وما يشهده من جهود لتحويلها إلى عناصر تفيد في التنمية والتقدم، واستشرافا لمستقبل مسيرته صوب الأخذ في مختلف قطاعاته بتقنية الحاسبات والمعلوماتية يغدو من الضروري الانكباب من الآن على دراسه سلبيات ومخاطر هذه التقنية وفي مقدمتها آفه" الجريمة الاليكترونية" المتولدة عن استخدامها حتى يمكن- بقدر الامكان- تفاديها والتقليل من حدة آثارها.
إن هذا الورقه تهدف إلى القاء الضوء على تطوير وسائل الإثبات بما يواكب التطور في وسائل الإجرام المعلوماتي فلقد ترتب على التطور المتزايد في استخدام الحاسب الآلي وما صاحبه من ظهور طائفة جديدة من الجرائم لم يكن لها وجود من قبل أن يصبح متطلبا من " السلطات القضائية " أن تتعامل مع أشكال مستحدثة من الأدلة في مجـال الإثبات الجنائي.
من هنا تأتي أهمية مناقشة موضوع حجية الأدلة الناتجة عن الحاسبات الآلية حيث سوف تحاول هذة الورقه الاجابه على الأسئلة الأتية:
· إلى أي مدى يمكن قبول المخرجات الالكترونية؟
· وما هي حجيتها في القانون المقارن (الفرنسي و الانجليزي و العماني)؟

ومن هذ المنطلق رأينا تسليط الضوء في هذه الورقه على مشكلة الإجرام في القطاع المعلوماتي، وبدا لنا انه قد يكون من الأصوب في معالجه هذا الموضوع أن يسير تصميم العمل في خطوات منطقية تبدأ باستجلاء المقصود بالجريمه المعلوماتيه و أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي والوقوف بعد ذلك على الأدلة في الجريمة المعلوماتية و حجية المخرجاتالالكترونية بشكل عام و امام القضاء الجزائي بشكل خاص مع الاستنارة في ذلك كله بفقه مقارن وبخبرات متنوعه في الميدان التشريعي.

هذا ما تهدف الى مناقشته هذه الورقة من بين اوراق عمل المؤتمر الدولي الأول حول
"حماية امن المعلومات و الخصوصيه في قانون الانترنت"2008.

اولا: ما هيه الجرائم المعلوماتيه

لقد مرت الجريمة المعلوماتيه او الالكترونية نتيجة للتدرج في الظاهرة الجرمية الناشئة عن بيئة الحاسب الآلي بعده اصطلاحات ابتداء من إساءة استعمال الحاسوب مروراً باصطلاح احتيال الحاسوب ثم اصطلاح الجريمة المعلوماتية فإصطلاح جرائم الكمبيوتر والجريمة المرتبطة بالكمبيوتر ثم جرائم التقنية العالية وجرائم الهاكرز وأخيرا جرائم الانترنت Siper Crime[1].
هذا ولا يوجد تعريف محدد ومتفق عليه بين الفقهاء حول مفهوم الجريمة المعلوماتية إذ منهم المضيق لهذا المفهوم ومنهم الموسع ومنهم من يقسم تعريف الجريمة الإلكترونية الى ثلاث اتجاهات.
فمن التعريفات المضيقة للجريمة المعلوماتية أنها :
1- " الفعل غير المشروع الذي يتورط في إرتكاب الحاسب الآلي"
2- إنها " الفعل الإجرامي : الذي يستخدم في إقترافه الحاسب الآلي كأداة رئيسية"[2]
3- أنها " مختلف صور السلوك الإجرامي التي ترتكب بإستخدام المعالجة الآلية للبيانات "



ومن التعريفات الموسعة لمفهوم الجريمة المعلوماتية
تعريف الفقيهان ( Michel – Redo ) حيث يعرف بأن الجريمة المعلوماتية بأنها سوء إستخدام الحاسب ويشمل الحالات المتعلقة بالولوج غير المصرح به لحاسب المجني عليه أو بياناته . كما تمتد جريمة الحاسب لتشمل الإعتداءات المادية على جهاز الحاسب ذاته أو المعدات المتصلة به ، وكذلك الإستخدام غير المشروع لبطاقات الإئتمان وإنتهاك ماكينات الحساب الآلية بما تتضمنه من شبكات تحويل الحسابات المالية بطرق إلكترونية وتزييف المكونات المادية والمعنوية للحاسب بل وسرقة جهاز الحاسب في حد ذاته أو أي مكون من مكوناته[3].
كما يرى البعض ان تعريف الجريمة الإلكترونية له ثلاث اتجاهات وذلك على النحو التالي:
الاتجاه الاول:يستند أصحاب هذا الرأي إلى لزوم أن يكون نظام الحاسب الآلي هو محل الجريمة، فيجب أن يتم الاعتداء على الحاسب الآلي أو على نظامه، فقد عرفها روزنبلات Rosenblatt بقوله: هي نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب أو التي تحول عن طريقه[4].
الاتجاه الثاني:ويستند أنصار هذا الاتجاه إلى معيار شخصي يستوجب أن يكون فاعل هذه الجرائم ملما بتقنية المعلومات واستخدام الحاسوب لإمكانية اعتبارها من جرائم الحاسب الآلي[5]. وعليه يعرف ديفيد ثومبسون David Thompson ،الجريمه المعلوماتيه بأنها: أي فعل غير مشروع تكون المعرفة بتقنية المعلومات أساسية لمرتكبه والتحقيق فيه وملاحقته قضائيا[6] ، وبناء على ذلك لا بد أن يكون مرتكب الجريمة الإلكترونية على درجة كبيرة من المعرفة التكنولوجية بالحاسبات لتلاحقه هذه الجريمة قانونيا كما ان هذا التعريف أخذت به وزارة العدل الأمريكية في تقريرها الصادر سنة [7]1989.

الاتجاه الثالث: يستند إلى وسيلة ارتكاب الجريمة فيشترطون وجوب ارتكابها بواسطة الحاسب الآلي، كما عرفها تايدمان Tideman بأنها: ‍ كل أشكال السلوك غير المشروع أو الضار بالمجتمع الذي يتركب باستخدام الحاسب[8]، أو هي كل جريمة تتم في محيط الحاسبات الآلية ، وبالتالي يعد هذا التعريف توسعا كبيرا في مفهوم الجريمة الإلكترونية كونه يعد الجريمة التي تقع على سرقة الحاسوب وما يتعلق به جريمة إلكترونية.

واخيرا فان هناك تعريفات اخرى منها التعريف الذى اقترحته مجموعة من خبراء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية كأساس للنقاش في اجتماع عقد بباريس في عام 1983 وذلك لبحث الجريمة المرتبطة بالمعلوماتية وورد فيه أنه" كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقى أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآليه للبيانات أو بنقلها" لكنه تعريف فيه من المرونه والاتساع ما ادى على التسوية بين السلوك غير المشروع قانوناً والسلوك الذى لا يرتب سوى استهجانه اخلاقيا ذلك أنه لا تلازم دائما ما بين الفعل المستهجن اخلاقيا وذلك المؤثم قانوناً.وعرفت الجريمة المعلوماتية كذلك بأنها نشاط جنائى يمثل اعتداءً على برامج وبيانات الحاسب الآليكترونى.
ثانيا : أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي
أن الجرائم المرتبطة بالاستخدام غير المشروع للحاسب الآلى كثيرة ومتنوعة فهى تشمل الاحتيال المعلوماتى والقرصنه(برامج النسخ غير المشروع) والتجسس المعلوماتى في نطاق قطاع الأعمال والتخريب المعلوماتى والإرهاب وانتهاك حرمه الحياة الخاصة[9].
و بشكل عام يمكن أن تصنف جرائم الحاسب الآلي إلى صنفين:
الجرائم ذات الجانب الاقتصادي: وذلك كالاحتيال المعلوماتي والتجسس في نطاق قطاع الأعمال بهدف توظيف هذه المعلومات والبيانات ضد المجني عليه، وقرصنة برامج الحاسب الآلي، وإتلاف المعلومات سواء كان للبيانات نفسها أم الوسائط التي تحمل هذه البيانات. وسرقة الخدمات أو الاستعمال غير المصرح به لنظام الحاسب الآلي.
الجرائم المتصلة بانتهاك حرمة الحياة الخاصة:
وذلك باللجوء إلى أساليب غير مشروعة للحصول على بيانات صحيحة عن الأفراد بطريق غير مشروع، أو إفشاء بيانات شخصية للغير بطريقة غير مشروعة[10]، وهي التي تمس الأمور الجوهرية في حياة الأفراد، ، والغاية من حماية هذا الحق ضمان السلام والسكينة لهذا الجانب من الحياة غير المتصل بالأنشطة العامة بجعله بمنأى عن التقصي والإفشاء للغير.



ثالثاً: الأدلة في الجريمة المعلوماتية:

وإذا كان هذا هو حال تعريف الجريمة المعلوماتية كما سبق الاشاره اليه في اولا، فإن هذه الجريمة كغيرها من الجرائم لها أركانها وعناصرها وتمر بذات المراحل التي تمر بها الجريمه كما في شأن الجرائم العادية كالسرقة والقتل وهذه المراحل هى التفكير في الجريمة والتحضير لها ثم تنفيذ الجريمة ومحاولة التخلص من آثارها.
ولذلك تثور هنا مسالة استخلاص الدليل الذي تثبت به الجريمة المعلوماتية،وإذا كان الاعتراف هو سيد الأدلة يليه شهادة الشهود فضلاً عن القرائن والآثار الناجمة عن النشاط الإجرامي بما لها من دور في إثبات الجريمة وكشف الحقائق فيها بالنسبة لجرائم قانون الجزاء التقليديه فإن قواعد هذا القانون تبدو قاصرة إزاء ملاحقة مرتكب الجريمة المعلوماتية مما حدا البعض على القول بأن قواعد قانون الجزاء التقليدية تواجه تحديات إزاء مواجهة الجريمة المعلوماتية وتبدو قاصرة عن مواجهة العديد من الأفعال التي تهدد مصالح إجتماعية واقتصادية ارتبطت بظهور وانتشار جهاز الحاسب الآلى وشبكة المعلومات الدولية(انترنت), مما أدى الى ظهور طائفة جديدة من الادله خاصه بالجريمه المعلوماتيه اطلق عليها الاداه التقنيه كالدليل الرقمي (digital evidence).