مشكلة الدراسة:
تتحدد مشكلة البحث في ظهور مجموعة مستحدثة من جرائم الإرهاب عبر شبكة الانترنت التي باتت تهدد الاستقرار الأمنيللمجتمعات، وقد انتشرت هذه الجرائم بسرعة مذهلة لم تستطع معه التشريعات الوضعية الحالية مواجهتها أو تحجيمها ومما يدل على ذلك.
1. أن القوانين الوضعية لازالت تنظر إلى جرائم الإرهاب عبر الانترنت على انها تلك الجرائم التقليدية .
2. وجود فراغ تشريعي لتجريم تلك الأفعال المضرة بأمن الدولة من الداخل ومن الخارج عبر شبكة الإنترنت.
أهمية الدراسة:
ترتكز أي دراسة علمية في أهميتها على حيوية الموضوع الذي تتناوله والمنهج المستخدم والنتائج التي تنتهي إليها.
وتتضح أهمية الدراسة الحالية والتي تتناول بعض نماذج جرائم الإرهابعبر الإنترنت من خلال ندرة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع في الوقت الذي تكشف فيه الأخبار بالصحف ووسائل الإعلام عن تزايد اعداد هذه الجرائم.
مفاهيم الدراسة:
ليس بجديد القول بان مفهوم الإرهاب يعد واحداً من أكثر المفاهيم السياسية المعاصرة ، إثارة للجدل والخلاف ، فمن ناحية التعريف ليس هناك اتفاق على معنى محدد له ، الأمر الذي يعني أنه بإمكان البعض إضفاء صفة الإرهاب على أعمال هي أبعد ما تكون عن الإرهاب ، كأعمال المقاومة المسلحة التي تمارسها حركات التحرر الوطني من أجل الاستقلال وتقرير المصير، وأنه بإمكان الآخرين نزع هذه الصفة عن أعمال هي أقرب ما تكون إلى الإرهاب ، أو إن شئت فقل إنها أعلى مراحل الإرهاب وصوره كالأعمال - الإرهابية - التي قد تمارسها الدولة ضد معارضيها السياسيين ، أو تلك التي يمارسها المحتل ضد شعب الإقليم الخاضع للاحتلال ، فيما يعرف بإرهاب الدولة.

التعريف بالإرهاب . :
1- تعريفه من حيثاللغة.
-2 تعريفه من حيث الشرع.
3- التعريف الاصطلاحى للإرهاب.
أما من حيث اللغة :فالإرهاب لغة يعني: العمل الذي يُحدث الإخافة، والفزع، والذعر. والإرهابي هو الذييُحدث الخوف والفزع والذعر عند الآخرين، بعمل مفزع ومخيف .
قال ابن منظور في كتابه " لسان العرب ": رَهِبَ، بالكسر، يَرْهَبُ رَهْبَةًورُهْباً بالضم، ورَهَباً بالتحريك؛ أي خاف. ورَهِبَ الشيء رَهْباً ورَهْبَةً: خافه.
وفي حديث الدعاء: " رغبة ورَهْبَةً إليك "، الرهبة: الخوف والفزع.. فالإرهاب مصدرأرهب يرهب إرهاباً من باب أكرم وفعله المجرد (رَهِب) ، قال تعالى ( وإياي فارهبون ) أي خافوني , وقال تعالى ( ويدعوننا رغبا ورهبا( أي طمعا وخوفا .
و قوله صلى الله عليهوسلم : (نصرت بالرعب مسيرة شهر ) أي بالخوف .
هذا المعنى المتقدم للإرهاب لا يختلف عما تقرره اللغات الأخرى لمعنى هذه الكلمة،فقد جاء في " المورد " عن معنى الإرهاب: terror رعب، ذُعر، هول، كل ما يوقع الرعبفي النفوس. و terrorism إرهاب، ذعر ناشئ عن الإرهاب. و terrorist الإرهابي. و terrorize يُرهب، يُروِّع، يُكرهه على أمرٍ بالإرهاب. و terror-stricken مُروَّع،مذعور.
أما مفهوم الإرهاب في الشرع : فهو قسمان :
اولا : قسم مذموم ويحرم فعله ويستحق مرتكبهالعقوبة والذم وهو يكون على مستوى الدول والجماعات والأفراد وحقيقته الاعتداء علىالآمنين بالسطو من قبل دول مجرمة أو عصابات أو أفراد بسلب الأموال والممتلكاتوالاعتداء على الحرمات وإخافة الطرق خارج المدن ونحو ذلك .
ثانيا : إرهاب مشروع شرعهالله لنا وأمرنا به وهو إعداد القوة والتأهب لمقاومة أعداء الله ورسوله قال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين مندونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )
- التعريف الاصطلاحى للإرهاب :
1- تعريفالجمعية العامة للأمم المتحدة عام ,1937 ((كافة الأفعال الإجرامية ضد دولةمن الدول التي من شأنها بحكم طبيعتها أو هدفها إثارة الرعب في نفوس شخصيات معينة اوجماعات من الأشخاص أو في نفوس العامة أو مجموعة من الأشخاص لأغراض سياسية غيرمبررة تحت اي ظروف ومهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية اوالايدولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اي اعبتارات اخرى تستغللتبريرها)).
2- كما عرفت اتفاقية جنيف الخاصة بمنع وقمع الإرهاب لعام 1937 بأنه "الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة والتى يكون من شأنها إثارة الفزع والرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من أناس أو لدى الجمهور".
3 - وقد اعتمد الأمين العام للأمم المتحدة بعض المصطلحات عام 2004وتحديد معنى الإرهابوهو كل عمل [...] يرتكب بنيّة التسبب بالموت او بالجراح البليغة لأناس مدنيين أو من غير المقاتلين،ويكون الهدف منه، بطبيعته أو في سياق ارتكابه، ترهيب شعب أو إجبار حكومة أو منظمةدولية على تنفيذ عمل او الامتناع عن القيام به.
4-عرفت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب فى الفقرة الثانية من المادة الأولى الإرهاب بأنه " هو كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردى أو جماعى ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بإحدى المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعرض أحد الموارد الوطنية للخطر " .

وفى ضوء تلك التعريفات ، يمكننا القول بان للإرهاب الدولى عناصر أربعة ، هى:
1- أن يكون هناك عملا من أعمال العنف وجه إلى شخصية أو مجموعة من الأشخاص أو الرهائن ، ومن ثم فان كل عمل فيه قدر من العنف وجه إلى منشاة من المنشآت أو إلى أراضى أية دولة يعد عملا تخريبيا ، ومن الممكن أن يكيف على انه عملا من أعمال الحرب وليس إرهابا .
2- أن يتوافر لدى القائم بالأعمال الإرهابية قصد التخويف أو الإرهاب للمستهدفين بالعملية الإرهابية ، فتعد كذلك كل رسالة بالتخويف لمجموعة من الأشخاص أو القيام بأعمال إرهابية ضدهم حتى ولو كان الغرض من هذه الرسالة نشر الدعاية للأعمال الإرهابية .
3- أن يكون منفذ العملية على يقين تام بان هؤلاء ضحية أعماله الإرهابية ، وهم أولئك الذين يتوقع فيهم تحقيق مطالبة المبتغاة من وراء هذه العملية .
4- أن يتسم العمل بالدولى ، أي أن يكون العمل قد وقع ضد اكثر من دولة أو على ضحايا ينتمون لعدة دول أخرى .
وقد حدد المشرع المصري صور الإرهاب في القوة والعنف والتهديد والترويع من خلال المادة 86 من قانون العقوبات ، ويقصد بالقوة كافة أعمال القهر إذا كان من شأنها إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم ، وتعريض حياتهم أو حرياتهم ، وأمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو المباني أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو وضع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح ، والقوة تتم باستخدام السلاح أو اللجوء لبعض صور العنف المادي ، ويعتبر القانون أن العنف صورة من صور الضغط الممارس من قبل الإرهابيين على السلطة السياسية لغرض معين .





· ونتناول في هذا الموضوع
· مبحث تمهيدي "خصائص جرائم الانترنت"
· المبحث الاول العوامل الفاعلة في انتشار جرائم الإرهاب عبر الانترنت
المطلب الأول التطورات العلمية
المطلب الثاني التحولات السياسية والعقائدية "العالمية والمحلية"
· المبحث الثانيبعض نماذج جرائم الإرهاب الإلكتروني


· التوصيات




مبحث تمهيدي
خصائص جرائم الانترنت

قانون الإنترنت هو
ذلك الفرع الجديد من فروع القانون الذي يتولى التنظيم القانوني للإنترنت

ولقد تم تقسيم قانون الإنترنت إلى خمسة موضوعات كبرى هي على التوالي:
التخزين الرقمي قواعد البيانات
التجارة الإلكترونية الإجرام عبر الإنترنت
والمعاملات الرقمية
مقدمة
حين انتشرت شبكات الحاسب والمعلومات بطول العالم وعرضة ودخلت تطبيقاتها فى بيئة المجتمعات المعاصرة ,اسهمت ولا شك فى تعزيز التواصل الحضارى والثقافى وتعزيز التفاهم الانسانى وكسر حواجز العزلة الاتصالية بين الشعوب, الا انها فى الجانب الاخر ساعدت على شيوع الجريمة بمختلف اشكالها لتقود الى ما يمكن تسميتة بعولمة الجريمة , والمتأمل فى حال شبكة الإنترنت على وجة الخصوص يدرك ما قدمتة هذة الوسيلة من تسهيلات كبرى للانشطة الإجرامية -المنظمة والفردية -على السواء جاعلة الامن الاجتماعي والاقتصادي والقومى ايضا لكثير من البلدان عرضة لمخاطر انماط جديدة من الجريمة الذكية عابرة الحدود التى باتت اليوم تهدد كيان المجتمع الانسانى كله.
وفى سياق الجريمة وظروف ارتكابها من خلال شبكة الإنترنت حدد بعض الخبراء ان لافعالها خصائص متفردة لا تتوافر فى أي من افعال الجرائم التقليدية فى اسلوبها وطريقة ارتكابها والتى ترتكب يوميا فى كافة دول العالم اما خصائص تلك الجرائم التى ترتكب عبر الإنترنت فهي:
الخاصية الأولى : الحاسب الالى هو اداة ارتكاب جرائم الإنترنت
وفحوى هذه الخاصية ان كافة جرائم الإنترنت – يكون الحاسب الالى هو الاداء لارتكابها ، فلا يمكن تسمية هذه جريمة او وصفها بجريمة الإنترنت دون استخدام الحاسب الالى لانه هو وسيلة الدخول على شبكة الإنترنت وبالتالي تنفيذ الجريمة بأي شكل.
الخاصية الثانية: الجرائم ترتكب عبر شبكة الإنترنت
تعد شبكة الإنترنت هى حلقة الوصل بين كافة الاهداف المحتملة لتلك الجرائم كالبنوك والشركات الصناعية وغيرها من الاهداف التى ما تكون غالبا الضحية لتلك الجرائم وهو ما دعا معظم تلك الاهداف الى اللجوء الى نظم الامن الإلكترونية فى محاولة منها لتحمى نفسها من تلك الجرائم او على الاقل لتحد من خسائرها عند وقوعها ضحية لتلك الجرائم.
الخاصية الثالثة: مرتكب الجريمة هو شخص ذو خبرة فائقة فى مجال الحاسب الالى وشبكات الاتصال "الانترنت"
لاستخدام الحاسب الالى لارتكاب جريمة على شبكة الإنترنت لا بد وان يكون مستخدم هذا الحاسب الالى على دراية فائقة وذو خبرة كبيرة فى مجال استخدامه والتى تمكنه من تنفيذ جريمته والعمل على عدم اكتشافها، ولذلك نجد ان معظم من يرتكبون تلك الجرائم هم من الخبراء فى مجال الحاسب الالى وان الشرطة تبحث اول ما تبحث عن خبراء الكمبيوتر عند ارتكاب الجرائم.
الخاصية الرابعة: الجريمة لا حدود جغرافية لها
شبكة الإنترنت ألغت اى حدود جغرافية فيما بين الدول وبعضها،فيمكن التحدث فيما بين اشخاص ليس فى بلدان مختلفة وانما فى قارات مختلفة فحسب فى نفس الوقت على شبكة الإنترنت من خلال الدردشةCHATING . وعلية فان اى جرائم ترتكب عبر شبكة الإنترنت فانها تتخطى حدود الدولة التى ارتكبت فيها لتتعدى اثارها كافة البلدان على مستوى العالم.
واضاف بعض الخبراءخاصية خامسة وهى
الخاصية الخامسة: أهداف تلك الأفعال
من المعروف إن أكثر تلك الجرائم يكون من ضمن اهدافها الاساسية هو الحصول على المعلومات الإلكترونية التى تكون اما محفوظة على اجهزة الحاسبات الالية وامامنقولة عبر شبكة الإنترنت، واخرى يكون هدفها هو الاستيلاء على الاموال، وثالثة تستهدف الافراد او الجهات او الدول بعينها واخيرا اجهزة الكمبيوتر كهدف لها
1- المعلومات :ثمة العديد من الجرائم التى ترتكب بهدف يتعلق بالمعلومات، ويتمثل هذا الهدف بالحصول على المعلومات او تغييرها او حذفها نهائيا وهذا الهدف حسب درجة اهميتة.
ومعظم تلك الجرائم التى يكون الهدف منها المعلومات هى فى الاغلب الأعم في حالات الجرائم الاقتصادية وتكون بغرض الحصول على مزايا او مكاسب اقتصادية فالحرب الاقتصادية لا تقل فى ضراوتها وشدتها حاليا عن الحرب العسكرية الا انها تتم عبر شبكة الإنترنت .
2- الاستيلاء على الاموال : تستهدف اكثر تلك الجرائم تحديد عناصر الذمة المالية, ويكون الطمع وراء ارتكابها الذى يشبعه الحصول والاستيلاء على تلك الاموال , وبريق المكسب السريع يحرك مرتكبها , وقد ترتكب احيانا لمجرد قهر نظام منشأة مثلآ وتخطى حواجز الحماية , او بدافع الانتقام من صاحب تلك المنشأة او احد عناصرها.
3- الاشخاص او الجهات او الدول :معظم الجرائم التى ترتكب عبر شبكة الإنترنت تستهدف اما اشخاص واما جهات بعينها، وغالبا ما تكون تلك الجرائم هى جرائم مباشرة ترتكب فى صورة ابتزاز او تهديد او تشهير، او هى جرائم غير مباشرة ترتكب فى صورة الحصول على البيانات او المعلومات الخاصة بتلك الجهات او الاشخاص وذلك لاستخدام تلك المعلومات والبيانات بعد ذلك فى ارتكاب جرائم مباشرة.
4- اجهزة الكمبيوتر: وعندما يكون الهدف من ارتكاب تلك الافعال عبر شبكة الإنترنت هو اجهزة الكمبيوتر فالغالب يكون الهدف هو تخريب تلك الاجهزة نهائيا او على الاقل تعطيلها لاطول فترة ممكنة ومعظم تلك الجرائم تتم بواسطة استخدام الفيروسات([2]) .
هذا فضلا عن مجموعة من الخصائص الفرعية نوجزها في :-
اولا: انها جريمة لا تترك اثر لها بعد ارتكابها
ثانيا : صعوبة الاحتفاظ الفنى باثارها ان وجدت
ثالثا: انها تحتاج الى خبرة فنية، ويصعب على المحقق التقليدى التعامل معها
رابعا:انه يسهل (نظريا) ارتكاب الجريمة ذات الطابع التقني
خامسا: سهولة اخفاء معالم الجريمة ، وصعوبة تتبع مرتكبيها
سادسا: يلعب البعد الزمني (اختلاف المواقيت بين الدول) ،والمكاني (0امكانية تنفيذ الجريمة عن بعد)، والقانوني ( أي قانون يطبق؟) دورا هاما في تشتيت جهود التحري والتنسيق الدولي لتعقب مثل هذه الجرائم
سابعا: هذه الجرائم تتسم بالغموض حيث يصعب إثباتها ، والتحقيق فيها، ليس كما هو الحال في الجرائم التقليدية .
ثامنا: كثيرا من جرائم الإنترنت لايتم الإبلاغ عنها اما لعدم اكتشاف الضحية لها واما خشيته من التشهير.
تاسعا: انها تعتمد على قمة الذكاء فى ارتكابها .
وان كانت متابعة جرائم الإنترنت والكشف عنها واقامة الدليل عليها من الصعوبة بمكان حيث ان هذه الجرائم لا تترك اثرا, فليست هناك اموال او مجوهرات مفقودة وانما هى ارقام تتغير فى السجلات.ومعظم جرائم الإنترنت تم اكتشافها بالصدفة وبعد وقت طويل من ارتكابها,كما ان الجرائم التى لم تكتشف هى اكثر بكثير من تلك التى كشف الستار عنها.

المبحث الاول
العوامل الفاعلة في انتشار جرائم الارهاب عبر الانترنت
المطلب الاول
التطورات العلمية
الواقع انه يوجد اثنتي عشرة اتفاقية دولية حول الإرهاب، مثل الاتفاقيةالأوروبية لمكافحة الإرهاب لعام 77، والاتفاقية الدولية لمكافحة التفجيراتالإرهابية لعام 1998، والاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، وغيرها، وبالرغممن عدد من قرارات الأمم المتحدة مثل قرار عام 99 الذي يدين الإرهاب بغض النظر عنمسبباته وذرائعه وهويته، فإن المجتمع الدولي لما يتوصل بعد إلى تعريف محدد لمفهومالإرهاب الذي تدور حوله كل تلك الاتفاقيات والقرارات والحروب. ويعود ذلك، لعدم القدرة على تصنيف المقاومة، خاصة المقاومة ضد الإحتلال او الإستعمار.
فقد شهد الإرهاب الدولي طيلة عقد التسعينيات العديد من التطورات الهيكلية الهامة، يقول البروفيسور "فريد ليفين- الرئيس المؤسس للمنهاج التعليمي(حربالمعلوماتية) في الكلية البحريةالأمريكية : إن الكلمات والمعلومات بدأت تشقطريقها، فهي تنحدر من قمة البداية لتنهمر كما ينهمر الحصى من قمة "ايفرست"؛ إنعهود الأفكار التي كانت تقوم على العلوم الجامدة والمعادلات القابلة للعمل فيالورش، والتكتيك الذي يجري اختباره في الميدان، أصبحت جزءاً من ذاكرة الماضيالبعيد"، كما اعتبر المفكر الأمريكي "ألفين" فيكتابه: (أشكال الصراعات المقبلة): "أن حضارة المعلومات هي الحضارة الثالثة بعدحضارة الزراعة وحضارة الصناعة، وأنها من الممكن أن تطلق صراعات هائلة، وستسهم فينشوء شكل جديد من الحروب
وعليه يمكن تحديد مجالات التطور في أشكال الإرهاب الدولي على النحو التالي:
أولاً :الإرهاب التقليدي
يشهد الإرهاب كما سبق أن ذكرنا تطوراً ضخما،ً حيث يمكن أن يسبب قدراً كبيراً من الدمار والخسائر البشرية، إن الظاهرة تعود إلى البدايات الأولى للوجود الإنساني ، إلى أول صراع في التاريخ الإنساني بين "قابيل وهابيل" ، لكن باندلاع الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 ظهرت الظاهرة كنظام استخدمته الحكومة الشرعية كأسلوب عمل اصطبغ بالصبغة السياسية والتنظيمية ، وأتت الثورة البلشفية لتستخدمه مرتين المرة الأولى ضد الدولة القيصرية والثانية ضد من تمرد من الشعب في العهد الستاليني.
وهو ما بدا واضحاً في عمليات اوكلاهوما وتفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998م، ثم أخيراً هجمات 11سبتمبر وفي كثير من الحالات يكون منفذو العمليات الإرهابية من الفنيين ذوي الخبرة العالية في التعامل مع المتفجرات والمعدات القتالية، بل أن الجماعات الإرهابية ربما تمتلك في بعض الحالات معرفة تكنولوجية أعلى من معرفة أجهزة الأمن المناوئة أو على الأقل متساوية معها.
ثانياً :الإرهاب الجديد
ويتمثل في أربعة أشكال
1. الإرهاب النووي الذي بات الخوف منه يتخذ أبعاداً بالغة الخطورة منذ بدايةعقد التسعينيات ولاسيما مع ما تردد عن إمكانية حصول جماعات إرهابية على رؤوس نووية أو مواد نووية من جمهورية الاتحاد السوفيتي«السابق» في ظل حالة الفوضى التي أصابت الترسانة النووية عقب تفكك الاتحاد السوفيتي.
2. بالاضافة الى هذا النوع هناك الارهاب الكيماوي الذي يتسم بالبساطة بسبب سهولة تصنيع المواد الكيميائية وسهولة استخدامها. وتنقسم المواد الكيماوية الى نوعين رئيسيين، الاول المواد الموجهة ضد الأعصاب، مثل السارين والخردل وفي اكس، والثاني المواد الموجهة ضد الانزيمات الموجودة داخل الجسم البشري، مثل الاستيل كولين استريز. وقد كان المثال الابرز على هذا النوع من الارهاب هو قيام طائفة "أوم" الدينية الارهابية في اليابان باستخدام غاز السيرين في هجوم على نفق طوكيو في مارس 1995م، مما اسفر عن مقتل 10اشخاص، واصابة خمسة آلاف آخرين.
3. ويمكن اضافة نوع آخر من الارهاب وهو الارهاب المعلوماتي ويتمثل في استخدام الموارد المعلوماتية، والمتمثلة في شبكات المعلومات واجهزة الكمبيوتر وشبكة الانترنت، من اجل اغراض التخويف او الارغام لاغراض سياسية. ويرتبط هذا الارهاب الى حد كبير بالمستوى المتقدم للغاية الذي باتت تكنولوجيا المعلومات تلعبه في كافة مجالات الحياة في العالم، ويمكن ان يتسبب الارهاب المعلوماتي في الحاق الشلل بانظمة القيادة والسيطرة والاتصالات او قطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادات المركزية وتعطيل انظمة الدفاع الجوي او اخراج الصواريخ عن مسارها او اختراق النظام المصرفي او ارباك حركة الطيران المدني او شل محطات الطاقة الكبرى.