 تحديد عام للسمات والخصائص في ضوء التعريف والمحل

اذن ، جرائم الكمبيوتر في نطاق الظاهرة الاجرامية المستحدثة – التي بدو انها لم تعد كذلك بالنظر ان اول حالة موثقة لجريمة الكترونية تعود لعام 1959 وبالنظر لنحو 36 عاما من التعايش الدولي مع صور مختلفة ومتغايرة من هذ الجرائم - ، جرائم تنصب على معطيات الحاسوب (بيانات ومعلومات وبرامج) وتطال الحق في المعلومات، ويستخدم لاقترافها وسائل تقنية تقتضي استخدام الحاسوب بوصفه نظاما حقق التزاوج بين تقنيات الحوسبة والاتصالات.

• جرائم الكمبيوتر والانترنت طائفة من الجرائم التي تتسم بسمات مخصوصة عن غيرها من الجرائم ، فهي تستهدف معنويات وليست ماديات محسوسة ، وتثير في هذا النطاق مشكلات الاعتراف بحماية المال المعلوماتي ان جاز التعبير
• كما انها تتسم بالخطورة البالغة نظرا لاغراضها المتعددة . ونظرا لحجم الخسائر الناجم عنها قياسا بالجرائم التقليدية . ونظرا لارتكابها من بين فئات متعددة تجعل من التنبؤ بالمشتبه بهم امرا صعبا . ونظرا لانها بذاتها تنطوي على سلوكيات غير مالوفة ، وبما اتاحته من تسهيل ارتكاب الجرائم الاخرى تمثل ايجاد وسائل تجعل ملاحقة الجرائم التقليدية امرا صعبا متى ما ارتكبت باستخدام الكمبيوتر.
• وتحقيق وتحري جرائم الكمبيوتر والانترنت والمقاضاة في نطاقها تنطوي على مشكلات وتحديات ادارية وقانونية تتصل ابتداء بمعيقات ومتطلبات عمليات ملاحقة الجناة ، فان تحققت مكنة الملاحقة اصبحت الادانة صعبة لسهولة اتلاف الادلة من قبل الجناة او لصعوبة الوصول الى الادلة او لغياب الاعتراف القانوني بطبيعة الادلة المتعلقة بهذه الجرائم . ونظرا لانها جرائم لا تحدها حدود وتعد من الجرائم العابرة للحدود ، فتثير لذلك تحديات ومعيقات في حقل الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ومتطلبات التحقيق والملاحقة والضبط والتفتيش . .

ان جرائم الكمبيوتر قد ترتكب عن طريق حاسب آلي في دولة ما، في حين يتحقق الفعل الاجرامي في دولة أخرى" فجرائم الكمبيوتر والانترنت ، لا تحدها حدود ولا تعترف ابتداء – في هذه المرحلة من تطورها بسبب شبكات المعلومات – بعنصر المكان او حدود الجغرافيا ، وتتميز بالتباعد الجغرافي بين الفاعل والمجني عليه، ومن الوجهة التقنية ، بين الحاسوب أداة الجريمة ، وبين المعطيات أو البيانات محل الجريمة في نظام الحاسوب المستهدفة بالاعتداء ، هذا التباعد قد يكون ضمن دائرة الحدود الوطنية للدولة، لكنه ، وبفعل سيادة تقنيات شبكات النظم والمعلومات ، امتد خارج هذه الحدود - دون تغيير في الاحتياجات التقنية - ليطال دولة أخرى يتواجد فيها نظام الحاسوب المخزنة فيه المعطيات محل الاعتداء.
والحقيقة أن مسألة التباعد الجغرافي بين الفعل وتحقق النتيجة من أكثر المسائل التي تثير اشكالات في مجال جرائم الحاسوب وبشكل خاص الاجراءات الجنائية ووالاختصاص والقانون الواجب التطبيق. وهذا بدوره عامل رئيس في نماء دعوات تظافر الجهود الدولية لمكافحة هذه الجرائم، ولعل هذه السمة تذكرنا بارهاصات جرائم المخدرات والاتجار بالرقيق وغيرها من الجرائم التي وقف تباين الدول واختلاف مستويات الحماية الجنائية فيها حائلا دون نجاعة أساليب مكافحتها،فلم يكن من بد غير الدخول في سلسلة اتفاقيات ومعاهدات دولية لمكافحة هذه الجرائم ، وذات الامر يقال الان بشان انشطة غسل الاموال ، وهي في ذات الوقت الأسباب ذاتها التي تجعل موضوع جرائم الارهاب والجرائم المنظمة والجرائم الاقتصادية المواضيع الرئيسة على اجندة اهتمام المتمع الدولي .
ولمواجهة مثل هذه الجريمة (جريمة الحاسوب) العابرة للحدود مواجهة فعالة، يجب تجريم صورها في القانون الوطني للمعاقبة عليها، وان يكون هناك تعاون وتضامن دولي لمواجهة مشاكلها من حيث مكان وقوعها واختصاص المحاكم بها وجمع المعلومات والتحريات عنها والتنسيق بين الدول في المعاقبة عليها وتحديد صورها وقواعد التسليم فيها وايجاد الحلول لمشكلاتها الاساسية وابرزها:- ."
1- غياب مفهوم عام متفق عليه بين الدول -حتى الآن- حول نماذج النشاط المكون للجريمة المتعلقة بالكمبيوتر والانترنت .
2- غياب الاتفاق حول التعريف القانوني للنشاط الاجرامي المتعلق بهذا النوع من الاجرام.
3- نقص الخبرة لدى الشرطة وجهات الادعاء والقضاء في هذا المجال لتمحيص عناصر الجريمة ان وجدت وجمع المعلومات والأدلة عنها للادانة فيها.
4-عدم كفاءة وملاءمة السلطات التي ينص عليها القانون بالنسبة للتحري واختراق نظم الكمبيوتر، لأنها عادة متعلقة بالضبط والتحري بالنسبة لوقائع مادية هي الجرائم التقليدية وغير متوائمة مع غير (الماديات) كاختراق المعلومات المبرمجة وتغييرها في الكمبيوتر.
5-عدم التناسب بين قوانين الإجراءات الجنائية للدول المختلفة فيما يتعلق بالتحري في الجرائم المتعلقة بالحاسوب.
6- السمة الغالبة للكثير من جرائم الكمبيوتر هي أنها – كما اوضحنا اعلاه - من النوع العابر للحدود Transnational وبالتالي تثير من المشاكل ما تثيره أمثال تلك الجرائم كجرائم الاتجار بالمخدرات والاتجار غير المشروع في الأسلحة والاتجار في الرقيق الأبيض والجرائم الاقتصادية والمالية وجرائم التلوث البيئي.
7- عدم وجود معاهدات للتسليم أو للمعاونة الثنائية أو الجماعية بين الدول تسمح بالتعاون الدولي أو عدم كفايتها ان كانت موجودة لمواجهة المتطلبات الخاصة لجرائم الكمبيوتر ودينامية التحريات فيها وكفالة السرعة بها". ويمثل مشروع الاتفاقية الاوروبية لجرائم الكمبيوتر في الوقت الحاضر المشروع الاكثر نضجا لموجهة جرائم الكمبيوتر بل وواحدا من اهم ادوات التعاون الدولي في هذا الحقل .
وعوضا عن هذه المشكلات، فاننا نرى أن من أبرز المشاكل التي تواجه سياسات مكافحة جرائم الحاسوب لا على الصعيد الدولي بل وفي نطاق التشريعات الوطنية، عدم التعامل معها كوحدة واحدة في اطار الحماية الجنائية للمعلومات. وقد عالجنا هذه المسألة في الكتاب الاول من هذه الموسوعة - اذ أن التعامل على الصعيد الدولي ، وكذلك على صعيد التشريع الوطني بشأن توفير الحماية الجنائية للمعلومات قد تم -كما يذكر الفقيه Utrich seiber- من خلال السعي لتشييد الحماية الجنائية لكل من الحياة الخاصة، الأموال (المعلومات المجسدة للمال على ما نرى) والحقوق الذهنية ازاء اجرام تقنية المعلومات، كل على حده.