المطلب الثاني. التحديد القانوني
للمسؤولية
:
ويتم تقدير التعويض في هذه
الحالة في الحدود الموضوعة من طرف المشرع، إذ قد يقوم المشرع في
حالات معينة بوضع حد أقصى لا يمكن أن يتجاوزه التعويض الذي يستحقه
المتضرر، ولو كان الضرر الذي أصابه يفوق المبلغ المحدد.
وهذا التحديد القانوني
للمسؤولية يختلف عن التقدير الجزافي للتعويض في أنه لا يستحق بطريقة
تلقائية دون اعتبار للضرر الحقيقي اللاحق بالمتضرر، وإنما هو بمثابة حد أقصى
لما يدفعه المسؤول من تعويض، بحيث إذا ثبت أن قيمة الضرر أدنى من هذا
الحد، فلا يستحق المضرور إلا التعويض المساوي لهذه القيمة، دون أن يكون له
الحق في الحصول على الحد الأقصى للتعويض المقرر قانونا، فيشترط للحصول
على هذا الحد أن يكون الضرر مساويا له أو أكبر، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن أنظمة
التعويض التلقائية لا تقوم على المسؤولية المدنية كما بيناه في
المطلب الأول، ولا يقع على عاتق المتضرر إثبات أركانها، وإنما بمجرد ما يتبين أنه قد لحقه ضرر ترتب تعويضه بينما فيما يتعلق بالتعويض وفقا للتحديد القانوني للمسؤولية فإنه لا يتأتى للمطالب به إلا بعد أن تقوم المسؤولية وتتحقق أركانها وهذا بغض النظر عن أساسها إن كانت
مسؤولية
موضوعية أو مسؤولية تقوم على أساس الخطأ بحسب أنواعه.
كما أن المشرع حدد في التعويض
الجزافي قواعد يمكن معها الحصول على التعويض بصفة دقيقة، في حين أنه
التحديد القانوني للمسؤولية فمادام أن الضرر لم يصل إلى درجة الحد الأقصى
للتعويض المحدد فإن القاضي هو الذي يقدر التعويض وفقا للقواعد العامة.
والأمثلة في هذا الشأن عديدة كتحديد مسؤولية أصحاب
الفنادق
فيما يتعلق بالنقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة عن
تعويض لا يجاوز خمسمائة دينار جزائري، كما بينته المادة
599 في فقرتها الثانية من التقنين المدني.
غير أن هذا التحديد للمسؤولية يجد مجال تطبيقه الظاهر في مسؤولية الناقل، كما هو عليه الحال في كل من القانون البحري وقانون الطيران المدني.
وهو ما سنتعرض إليه ولو بصفة وجيزة من خلال الفرعين التاليين : خصص الفرع الأول للتحديد القانوني لمسؤولية الناقل الجوي، بينما يتعلق الفرع الثاني بالتحديد القانوني لمسؤولية الناقل البحري.

الفرع الأول. التحديد القانوني
لمسؤولية الناقل الجوي
:
لقد تناول المشرع الجزائري
مسؤولية الناقل الجوي من خلال القانون رقم 98-06 المؤرخ في
27/06/98 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني.
وقد استقى الأحكام المنظمة لها
من قواعد اتفاقية فارسوفيا المؤرخة في 12/10/29 وبرتكول لاهاي
المؤرخ في 28/09/55 المصادق عليها من طرف الجزائر([13]).
فيترتب على كل نقل جوي إبرام عقد
نقل، وأهم ما يرتبه هذا العقد من التزامات على عاتق الناقل
الجوي، الالتزام بضمان سلامة الركاب وبالمحافظة على البضاعة والعناية بها،
وأخيرا بعدم التأخير.
ولما كانت المسؤولية هي جزاء الاختلال
بالالتزام عقديا كان أم غير عقدي، استتبع ذلك مساءلة الناقل عن الأضرار الناشئة عن وفاة الراكب أو جرحه أو إصابته بأي أذى بدني آخر،
وعن تلك الناجمة في حالة هلاك البضاعة أو ضياعها، وكذلك عن الأضرار الناتجة
عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع([14]).
ومتى أخل الناقل الجوي بالتزاماته
وأخفق في إقامة الدليل على انتفاء خطئه([15]) انعقدت مسؤوليته، والتزم بتعويض الضرر الذي يلحق بالركاب.
والأصل أن التعويض يجب أن يكون عن كل الضرر، غير أن
المشرع الجزائري خرج عن هذا الأصل ووضع للتعويض الذي يتحمله الناقل حدا أقصى.
فقد نصت المادة 150 من قانون
الطيران المدني على أنه "تمارس مسؤولية الناقل الجوي إزاء كل
شخص منقول طبقا لقواعد اتفاقية وارسو المؤرخة في 12 أكتوبر 99 وبرتكول لاهاي في 28
سبتمبر 55 والمصادق عليهما من طرف الجزائر.
وتحدد قيمتها بمائتي وخمسين ألف (250.000) وحدة حسابية
كحد أقصى عن كل مسافر.
يقصد بالوحدة الحسابية في مفهوم
هذا القانون وحدة حساب متشكلة من خمسة وستين ميلغراما ونصف
من الذهب على أساس تسعمائة من الألف من الذهب الخالص، ويمكن أن تحول وحدات
الحساب المذكورة للعملة الوطنية بأرقام صحيحة، ويتم التحويل في حالة دعوى
قضائية حسب قيمة الذهب للعملة المذكورة في تاريخ النطق بالحكم".
وكما وضحنا عند تقديمنا لهذا المطلب : هذا القدر من
التعويض
الذي حددته المادة 150 السابقة الذكر، لا يستحق بطريقة
تلقائية دون النظر إلى الضرر الحقيقي الذي لحق المسافر،
وإنما هو لا يعدو عن كونه حدا أقصى، بمعنى أنه متى ثبت أن
الضرر أقل من هذا الحد، لم يستحق المضرور إلا التعويض
المساوي لهذا الضرر([16]).

الفرع الثاني. التحديد القانوني
لمسؤولية الناقل الجوي
:
وقد تناول المشرع الجزائري
مسؤولية الناقل البحري من خلال الأمر رقم 76-80 المؤرخ في 23
أكتوبر 76 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98-05 المؤرخ في 25/06/98 والمتعلق
بالقانون البحري.
ويرتب عقد النقل البحري على عاتق الناقل
التزامات تتمثل في أخذ الناقل البضاعة على عاتقه ونقلها وتسليمها إلى المرسل إليه أو إلى ممثله القانوني.
ومتى تم الإخلال بهته الالتزامات،
ترتبت مسؤولية الناقل البحري، ولما كان التزامه التزاما ببذل عناية([17])
تتمثل في نقل البضاعة إلى ميناء الوصول، وتسليمها إلى المرسل إليه سليمة في
الميعاد المتفق عليه، فإنه يكون مسئولا عن بذل عناية في نقله للبضاعة
ويكون مسئولا عن الأضرار والخسارة التي تصيب البضاعة، ولا ترتفع
المسؤولية عنه إلا إذا أثبت أن عدم قيامه بتنفيذ التزامه، إنما يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه يتمثل في إحدى الحالات التي نصت عليها
المادة 803 من القانون البحري([18])، وأنه قام بجميع الإجراءات الضرورية لمنع تحقق النتيجة.
فإذا ترتبت المسؤولية في جانب الناقل، التزام بالتعويض، ويكون هذا التعويض متناسبا مع الضرر اللاحق، مادام أن هذا الضرر لم
يتعد الحد الأقصى الذي حدده المشرع.
فمتى فاق الضرر هذا الحد لم يكن للمتضرر الحق في التعويض إلا بهذا الحد الأقصى دون زيادة، هذا ما لم يتبين أن الخسارة أو الضرر الذي لحق بالبضائع ناتج عن عمل أو إهمال من قبل
الناقل
كما بينته المادة 809 من القانون البحري.
ولا يسري هذا الحكم إلا في حالة ما إذا لم
يصرح الشاحن أو ممثله بطبيعة وقيمة البضائع قبل شحنها، ولم يدون في وثيقة
الشحن أو في وثيقة أخرى، لأن التعويض في هذه الحالة يحدد حسب قيمة
البضاعة المصرح عنها، ويتم طبقا للقواعد العامة طبقا للمادة 805 من القانون البحري، والتي نصت "... فلا يعد الناقل مسئولا عن
الخسائر أو
الأضرار التي تصيب البضائع أو التي تتعلق بها بمبلغ يزيد
عن 10.000 وحدة حسابية عن كل طرد أو وحدة شحن أخرى أو 30
وحدة حسابية عن كل كيلوغرام يصاب بخسائر أو أضرار من الوزن
الإجمالي للبضاعة للحد الأدنى المطبق وبمقدار يعادل مرتين
ونصف من أجرة النقل المستحقة الدفع عن البضائع المتأخرة التي لم تسلم في
الوقت المتفق عليه، أو في الوقت المعقول المطلوب من ناقل حريص أن يسلم فيه البضائع، ولكن لا تزيد عن مجموع أجرة النقل المستحقة بموجب عقد النقل البحري".
وقد حددت قيمة الوحدة الحسابية كما هو الشأن لقانون
الطيران المدني.


المبحث الثاني : التقدير الاتفاقي
للتعويض في المسؤولية المدنية

أجاز القانون للمتعاقدين اللجوء
إلى تقدير مسبق للتعويض في العقد الذي يرتب التزاماتهما
المتبادلة في حالة استحالة تنفيذ المدين لإحدى هته الالتزامات المترتبة في ذمته عينا أو التأخر في تنفيذها. ويستحق هذا التعويض
المسبق
للدائن متى ثبت أن إخلال المدين قد ألحق به ضررا.
وهذا النوع من الاتفاق يعرفه
الفقه بالشرط الجزائي، وقد يدرجه المتعاقدان في العقد كبند فيه أو في
اتفاق لاحق كما سيتم توضيحه من خلال هذا المبحث.
وهناك طريقة أخرى قد يلجأ إليها الأطراف يكون من شأنها
تحديد مسؤولية المدين ويترتب عليها تعديل في أحكام التعويض.
والغالب في الاتفاق على تحديد
المسؤولية المدنية أن يكون اتفاقا على الإعفاء منها برفعها كلية عن
مرتكب الفعل الضار أو المخل بالتزامه ومنع مطالبته بالتعويض الذي
تقضي به القواعد العامة، وقد يقتصر التعديل محل هذا الاتفاق على تخفيف
المسؤولية برفع جزء منها من على عاتق المسئول وحصر مساءلته على الجزء الباقي، كما يجوز بالعكس من ذلك أن يقصد بالتعديل زيادة مسؤولية مرتكب الفعل الضار عما تقضي به القواعد العامة. ([19])
فيمكن الاتفاق على أن يتحمل المدين
تبعة الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة كما يمكن الاتفاق على
إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي مثلما
نصت عليه المادة 177 من التقنين المدني.
ولن يهمنا في هذا المبحث
دراسة تحديد المسؤولية لأنها لا تهدف إلى إعطاء تقدير محدد وواضح للتعويض
كما هو الحال بالنسبة للشرط الجزائي، لذا فسنقصر الدراسة عليه، ومن ثمة
سنخصص المطلب الأول لماهية الشرط الجزائي والمطلب الثاني لشروطه، أما
المطلب الثالث فسنتناول فيه سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي.

المطلب الأول : ماهيــة الشرط
الجزائي

قد يتبين للمتعاقدين من ظروف وملابسات
العقد، ومدى التزاماتها المتقابلة أن التعويض الذي
يقدر وفقا للقواعد العامة بمعرفة القاضي عن الإخلال بأحد الالتزامات
التي يرتبها العقد لا يكون عادلا بالنسبة لأحدهما أو كليهما، فيتفقان على
تحديد قيمة التعويض مقدما بما يتفق وما يريانه عادلا من وجهة نظرهما
المشتركة.
وقد نظم المشرع من خلال المادة 183 وما يليها من التقنين المدني الشرط الجزائي، وبين أحكامه، وسنتعرض من خلال هذا
المطلب
إلى توضيح مفهومه وذلك في فرع أول، والفرع الثاني نخصصه
لتكييفه القانوني.

الفرع الأول : مفهومه

قد يلجأ المتعاقدان إلى الاتفاق مسبقا على
مقدار التعويض الذي يستحقه أحدهما إذا لم يقم الآخر بتنفيذ
التزامه، وهذا ما يعرف بالتعويض عن عدم التنفيذ.
كما قد يتفقان على مقدار التعويض الذي يستحقه أحدهما إذا
تأخر الآخر في تنفيذ إلزامه وهو التعويض عن التأخير.

وهذا الاتفاق المسبق على التعويض يعرفه الفقه بالشرط
الجزائي.([20])
ولقد سمي بالشرط الجزائي لأنه
عادة ما يرد كشرط من شروط العقد الأصلي، ويرتبه المتعاقدان
كجزاء في حالة إخلال المدين بالتزامه سواء بعدم تنفيذه أو بالتأخر في
تنفيذه.
وقد نصت عليه المادة 183 من القانون المدني بقولها " يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق ...".
ويتضح من نص هذه المادة، أن التعويض الاتفاقي المسبق يمكن أن يتضمنه اتفاق لاحق للعقد، لكن يشترط في هذه الحالة أن
يتم تقديره قبل وقوع الضرر الذي قرر هذا الشرط الجزائي للتعويض عنه.([21])
بمعنى أن المتعاقدين يبرمان
العقد ويبدأن في تنفيذه ثم يتبين لهما إمكانية عدم حصول التنفيذ
عن إلتزام معين رتبه العقد، أو التأخر فيه، فيعمدان إلى إبرام اتفاق
لاحق يتضمن تقديرا للتعويض عن الضرر الذي يتوقع حصوله.
ويجد اشتراط وجوب تقدير التعويض
قبل وقوع الضرر، تبريره، في أنه في حالة الاتفاق عليه
بعد حصول الضرر، فمن شأنه أن يعتبر بمثابة صلح بين المتعاقدين.
([22])
والأصل في الشرط الجزائي أن يطبق بصدد المسؤولية العقدية، مثلما وضحته المادة 183 من التقنين المدني، بأن يتفق
المتعاقدان
على التعويض مسبقا في العقد. والأمثلة على ذلك كثيرة كأن
ينص في عقد البيع على إلزام البائع بدفع مبلغ معين إذا
تأخر في تسليم العمل الموكل له في الموعد المحدد.
وكذا في شركات إنتاج الأغاني عندما ترتبط بعقد مع مطرب لإنتاج أغانيه، فعادة ما يتضمن هذا العقد شرطا جزائيا بدفع أحد الطرفين مبالغ ضخمة في حالة إخلاله بالتزام معين رتبه العقد.
أما بخصوص المسؤولية التقصيرية ، فلا
يمكن في الغالب تصور أن يتم الاتفاق على التعويض إلا
بعد تحقق المسؤولية باعتبار أن المسؤول المتسبب في الضرر لا يعرف المضرور
إلا منذ وقوع الفعل الضار.
ومع ذلك فإن الفقه ([23]) أورد أمثلة يمكن
معها تصور الاتفاق على التعويض قبل تحقق الفعل الضار، منها : تحديد المتعاقدين لمبلغ
التعويض في حالة فسخ العقد، فالمسؤولية المتولدة عن فسخ العقد
هي مسؤولية تقصيرية.
كذلك الحال إذا تم الاتفاق على تعويض يقدمه الخاطب لخطيبته في حالة عدوله عن الخطبة، والإخلال بوعد الزواج، فالإخلال يرتب قيام مسؤولية تقصيرية.
وما قد يحدث في مباريات السباق، فيتفق المتسابقون مقدما
على تعويض معين إذا حدث ضرر لأحدهم. ([24])

الفرع الثاني : التكييف القانوني
للشرط الجزائي
.
إن الشرط الجزائي بإعتباره بندا
في العقد الذي يربط الدائن بالمدين بحسب الأصل. وأنه لا
يستحق إلا في حالة إخلال المدين بالتزامه المحدد في العقد. فإن هذا يستتبع أن
الالتزام بالشرط الجزائي هو إلتزام تابع لا التزام أصيل.
بمعنى أنه التزام تابع لما ألتزم
به المدين أصلا بالعقد، طبقا لأشكال الالتزام المحددة قانونا
إما منح أو فعل أو الامتناع عن فعل، ثم يتفق الطرفان على مبلغ معين
يقدران به التعويض فيما إذا أحل المدين بالتزامه.
ويترتب على ما سبق شرحه أمران :
- عدم استحقاق الشرط الجزائي إذا كان تنفيذ الالتزام
الأصلي ممكنا، متى كان الاتفاق على استحقاق الشرط الجزائي يتعلق
بحالة استحالة تنفيذ الالتزام.
- بطلان الالتزام الأصلي يرتب بطلان الشرط الجزائي.

أ- عدم استحقاق الشرط الجزائي إذا
كان تنفيذ الالتزام الأصلي ممكنا
.
متى تم الاتفاق على استحقاق
الشرط الجزائي كبديل لاستحالة تنفيذ الالتزام، لأنه في حالة ما
إذا تم الاتفاق على استحقاق الشرط الجزائي عن مجرد التأخير في
تنفيذ الالتزام، فلا يهم مدى إمكانية تنفيذ الالتزام الأصلي، ويستحق الشرط
الجزائي بمجرد التأخير.
يستفاد مما سبق أنه لا يمكن للدائن مطالبة
المدين بالشرط الجزائي ما دام تنفيذ الالتزام الأصلي ممكنا ، ولا يتسنى له ذلك إلا إذا أصبح تنفيذ الالتزام
مستحيلا بخطأ من المدين ، ويترتب على هذا أن يتغير محل الالتزام
الأصلي ليصبح تعويضا تكفل الشرط الجزائي بتقديره.
أما إذا أصبح تنفيذ الالتزام الأصلي مستحيلا بسبب أجنبي، عد منقضيا([25])، ويترتب عليه إنقضاء الشرط الجزائي بإعتباره التزاما تخييرا، فلا يمكن للدائن الاختيار بين الحصول على تنفيذ
الالتزام
الأصلي وتنفيذ الشرط الجزائي باعتباره التزما تابعا له.
ويتضح مما سبق أن الشرط
الجزائي لا يعد التزاما تخييريا، فلا يمكن للدائن الاختيار بين الحصول على تنفيذ الالتزام الأصلي، وتنفيذ الشرط الجزائي.
كما أن الشرط الجزائي ليس
التزاما بديلا، لأنه لا يمكن للمدين أن يرجع عن تنفيذ الالتزام
الأصلي، بتنفيذ الشرط الجزائي مادام تنفيذ الالتزام الأصلي ممكنا.

ب- بطلان الالتزام الأصلي يرتب
بطلان الشرط الجزائي
.
إذا كان الالتزام الأصلي باطلا
لأي سبب من الأسباب ([26])، كان الشرط الجزائي باطلا وهذه
نتيجة طبيعية لاعتبار الشرط الجزائي التزاما تابعا للالتزام الأصلي، طبقا
لقاعدة الجزء يتبع الكل والفرع يتبع الأصل.
كما يترتب على هذا أنه إذا تم
فسخ العقد لإخلال المدين بالتزامه, فإن الالتزام الأصلي يسقط ويسقط معه
الشرط الجزائي, ويتحول التعويض المترتب على الفسخ من التقدير
الاتفاقي إلى تعويض يقدره القاضي, وفقا لما سيتم شرحه لاحقا.
إلا أنه إذا كان الشرط الجزائي باطلا, فإن هذا لا يترتب
بطلان الالتزام الأصلي لأنه إذا كان الفرع يتبع الأصل فالعكس غير صحيح.
ونخلص في الأخير وبناء على كل ما
تقدم أن الشرط الجزائي لا يعد مصدر استحقاق التعويض
الاتفاقي أو سببه, وإنما ينشأ التعويض من مصدر آخر هو إما العقد في حالة ترتب المسؤولية العقدية, أو العمل غير المشروع في حالة
المسؤولية
التقصيرية.
وعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه هو السبب في استحقاق التعويض عن عدم التنفيذ, وتأخير المدين في تنفيذ التزامه هو السبب في استحقاق التعويض عن التأخير.
ولا يعدو الشرط الجزائي على أن يكون تقديرا من طرفي
الالتزام مقدما لكلا التعويضين.