تقويم فكرة عقد العمللاغرو أن تكييف عقد البحث العلمي بأنه عقد عمل يمثل ضمانات كافية للباحث،سواء بعدم تحمل الأخير تبعة أخطائه أثناء البحث العلمي أم بعدم مسؤوليتهعن العيوب الخفية التي تكتنف البحث العلمي (محل العقد) أم بما يترتب علىالباحث من التزام ببذل عناية، هذا بالإضافة إلى استحقاقه الأجر من دونتحقق النتيجة المتوخاة من البحث. بيد أن وضع هذا التكييف موضع التطبيق غيرممكن للأسباب الآتية:-1-
أن المشكلة
الحقيقية تظهر في عنصر التبعية
المميزة
لعقد العمل والتي تخول رب العمل الرقابة والأشراف والتوجيه على
العامل وعنصر الرقابة والأشراف في عقد البحث العملي. وفي هذا الصدد يرتفعالخلط بين العقدين: فعنصر الرقابة والأشراف في عقد البحث العلمي يمثلتبعية اقتصادية لمعلومات الباحث(1) إذ أن المستفيد يعتمد في عمله علىالمعرفة العلمية للباحث فضلاً عن خبرة الباحث ومكانته وكفاءته العلمية،كما أنه يبقى محتفظاً باستقلاله القانوني عن المستفيد. إذ أن مركز الأبحاثأو المؤسسة التي يتعاقد معها الباحث تدار بطريقة خاصة وفقاً للقانون أوالنظام الداخلي لهذه المؤسسة(2). في حين يخضع العامل لرقابة رب العملوأشرافه ولا يتمتع باستقلال قانوني فهو يعمل لحساب رب العمل لا لحسابه هو.2-
ولا ينفي هذا
الفرق مسؤولية كل من المستفيد ورب العمل عن أخطاء الباحث أو
العامل ذلك أن أساس المسؤولية في كل منهما يختلف عن الآخر. فالمسؤولية فيعقد العمل تقوم على أساس علاقة التابع بالمتبوع في حين نجد مسؤولية الباحثأساسها الاتفاق بين الباحث والمستفيد.3-
كما لا يمكن
الخلط بين
العقدين بحسبان أن رب العمل ينفرد
بالحقوق الناشئة عن براءة الاختراع
والاكتشافات
التي يقوم بها العامل أثناء العمل (3
)‑،في حين لا يلتزمالباحث
بذلك ،إذا ما أنتج الباحث ، وأثناء خدمته في إعداد البحث العلمي
المتفق عليه مع المستفيد ،1.إذ أن للمعلومات قيمة اقتصادية. 2.أنظر قانون بيت الحكمة رقم(11) لسنة
1995م. القانون منشور في جريدة الوقائع العراقية العدد(3577) الصادر بتأريخ
21/8/1995م
.3.
انظر نص المادة
912 من القانون المدني العراقي .في استحواذ رب العمل على براءة الاختراع واكتشافات
العمل أثناء العمل
.مصنفاً (1) ، لم يتم
التعاقد عليه بالذات مع المستفيد . فان هذا النتاج لا يدخل
ضمن واجباته والتزاماته ، ومن ثم تثبت للباحث صفة المؤلف وحقوق المؤلفالأدبية والمالية على هذا المصنف (2)
4-إن تعاقد الباحث مع المستفيديرد على الحقوق المالية للمؤلف في استغلال مصنفه . وهذا يعني انه لا يجوزأن يتنازل الباحث في عقد العمل عن صفته كمؤلف إلى رب العمل ولا أن يتنازلعن حقه الأدبي على بحثه (3) . في حين أن نتاج العامل في عقد يأول بكاملحقوقه إلى رب العمل .5-أن العامل لا يسأل إلا عن بذل
العناية في إنجاز
العمل الموكل إليه (4) . بينما
يلتزم الباحث بتحقيق نتيجة تتمثل في إنجاز
البحث
وتسليمه
. 6-أن تطبيق أحكام قانون العمل على
أعمال الباحث بصورة
عامة يؤدي إلى نتائج لا تنسجم مع
طبيعة عقد البحث العلمي الذي يعتمد
اساساً
على جهد الإنسان الفكري وإبداعه الذهني سواء من ناحية الحقوق التي
يتمتع بها الباحث (5) ، أو من ناحية إنهاء العقد الذي يربطه بالمستفيد(6) .1.انظرنص
المادة الثانية من قانون حماية حق المؤلف العراقي ، في تعريف المصنفات
و تعدادها على وجه الحصر ، بأنها كل تعبير يظهر كتابته أو صوتاً أو رسماًأو تصويراً أو حركةً . وللتوسع انظر :- د. عصمت عبد المجيد بكر ود. صبريمحمد خاطر ، الحماية القانونية للملكية الفكرية ، ط1 ،بيت الحكمة ،بغداد،2001 ، ص40 وما
بعدها
2.
المصدر السابق
، ص23-24. وانظر نواف كنعان ، حق المؤلف ، ط2 ،عمان ،1992 ، ص274
.3.
انظر :-
الأستاذ السنهوري ، الوسيط ، ج8 ، المصدر السابق ، من 191 ص329
. أستاذنا زهير البشير ، الملكية الأدبية والفنية
(حق المؤلف) ، الموصل
،1989، ص49-50. وانظر د. عصمت عبد المجيد بكر و د. صبري محمد خاطر ،
مصدر
سابق ، ص23. 4.انظر نص المادة (9.9/1) من القانون
المدني العراقي
.5.إذ لا يتمتع الباحث بالحماية
المقررة للعامل بمقتضى القواعد الخاصة بتنظيم العمل كتحديد ساعات العمل والعطلة
الأسبوعية
.6.تختلفالقواعد
المتعلقة بانتهاء العقد اختلافاً جوهرياً في عقد العمل عنها في
عقد البحث العلمي . فلاينتهي عقد العمل بوفاة رب العمل ، مالم تكن شخصيتهقد روعيت في العقد . ولكن ينفسخ العقد بموت العامل (م923) من القانونالمدني العراقي ) . بينما ينتهي عقد البحث العلمي بموت الباحث وموتالمستفيد . ولا يمكن إنهاء عقد العمل ذي المدة المجددة قبل انتهاء الأجلالمتفق عليه للعمل موضوع العقد وعلى القاضي في بعض الحالات في عقد العملإلغاء فصل العامل والأمر بإعادته إلى عمله . ( انظر :- د. محمود جمالالدين زكي ، مشكلات المسؤولية المدنية، ج1 ، القاهرة ، 1978، ص448) . ولاشيء من ذلك كله في عقد البحث العلمي .7-يعتبر الأجر عنصراً مهماًفي عقد العمل وله نظام قانوني متميز روعي فيه مصلحة العامل (1) لذا فانعقد العمل هو عقد معاوضة (2) أما عقد البحث العلمي فالأصل فيه أن يكونبمقابل ، فهو اساساً من عقود المعاوضة مالم ينص صراحة أو ضمناً على خلافذلك وفي حالة وجود الأجر فيه فانه لا ينطبق عليه النظام القانوني الخاصبالأجرة في عقد العمل .8-أن فسخ عقد العمل يترتب عليه
استحقاق العامل
لجزء من الأجر يتناسب وما أداه من
عمل في الوقت قبل تقرير فسخ العقد (3
)
في حين إن
الباحث لا يستحق أجراً إذا لم ينجز ما تعهد به

.
وهذا عينهمايفرض على المقاول بحسب الأصل في عقد المقاولة ، إذ لا يستحق المقاولاجراً إذا لم ينجز ما تعهد به . فهل يمكن تكييف العلاقة بين الباحثوالمستفيد في عقد البحث العلمي بأنها مقاولة ، هذا ماسوف نبحثه في المبحثالقادم .1.
انظر :- د.
محمود جمال الدين زكي ، المصدر السابق ، ص448
.
2.
انظر د. عدنان
العابد ود. يوسف الياس ، مصدر سابق ، ص225
.3.
انظر نص م(
918) من القانون المدني العراقي



المبحث
الرابع
عقد
البحث العلمي عقد مقاولة
نرميفي هذا المبحث الإشارة إلى المقصود بعقد المقاولة ، والخصائص المميزة له،لعلنا نجد، في هذه النقاط، ضالتنا في تكييف عقد البحث العلمي، ومن ثم يمكنتقبل النتائج المترتبة على القول بأننا بصدد عقد مقاولة عند الحديث عن عقدالبحث العلمي. ولهذا سنشير – وبإيجاز – إلى الملامح الأساسية لعقدالمقاولة بما يخدم غرضنا من البحث. وهذا يقتضي عرض هذه الفكرة ثم تقويمهاوذلك كالآتي:-المطلب
الأول
عرض
فكرة عقد المقاولة
يعرف عقد
المقاولة بأنه عقد يقصد به أن يقوم شخص بعمل معين لحساب شخص آخر في مقابل أجر من
دون أن يخضع لأشرافه وأدارته(1
).بيدأن التطورات الحاصلة في مفهوم الأداءات التي يقوم بها المقاول قد تعدتالإطار التقليدي له، باعتباره يقوم بأداءات مادية فقط، إذ أنه ليس ثمة مايمنع منه أن المقولات تعني ذلك النوع من الاداءات، وأيضاً الاداءات ذاتالطابع الذهني. فالمهن الحرة التي تندرج تحت مفهوم عقد المقاولة أصبحت -الآن- تتميز بوجود الاداءات الذهنية(2). وعليه فيتسع هذا المفهوملأستيعاب عقد البحث العلمي الذي نحن بصدده نظراً لأندماج هذه الأعمالالذهنية في موضوع البحث المنجز. هذا بالإضافة إلى أن المميزات التي يتميزبها عقد المقاولة تنطبق على عقد البحث العلمي وتمثل دعائمه الأساسية. وأياً كان الأمر فأن مما يدعم وجهة النظر السابقة الحجج الآتية:-1-
أنعقد البحث العلمي يرد، كعقد مقاولة، على الأعمال المادية(3). فعمل الباحثينسب أليه من حيث أدائه لأنه يقوم به بأسمه الشخصي وأن كان لمصلحةالمستفيد، وبالتالي لا يكون عمله هذا تصرفاً قانونياً بل عملاً مادياً.1.
أنظر الأستاذ
السنهوري، الوسيط، ج7، مج1، مصدر سابق، ص377. د. كمال قاسم
ثروت، الوجيز في شرح أحكام عقد المقاولة، ج1، بغداد،1976. ص17.2.
أنظر د. أحمد
محمود سعد، مصدر سابق، ص290
.3.انظرفي
ورود عقد المقاولة على الأعمال المادية .د. محمد لبيب شنب ، مصدر سابق
، ص59. وتعد
هذه الخصيصة من أهم معايير التمييز بين عقد المقاولة وعقد
الوكالة . يضاف إلى ذلك
أن طبيعة عقد المقاولة – كما ذكرنا آنفاً

تسمح بتعدد
الأداءات ذات الطابع الذهني وتنوعها بالإضافة إلى الأداءات
المادية التقليدية(1).وخير دليل على
ذلك هو أن أحكام عقد المقاولة
الواردة
في قانوننا المدني لم تحصر نطاق الأعمال التي تمثلها المقاولة
وإنما أكتفت بإيراد أحكام لبعض صور المقاولة مما يسمح بالقول أن عقودالمعلومات الواردة على الأعمال الذهنية لا تعدو إلا أن تكون أحد صور عقدالمقاولة(2).ويرى الأستاذ السنهوري
أنه من الممكن تنوع الأعمال التي
تكون
محلاً للمقاولة بيد أنه يفرق بين الأعمال المادية والأعمال العقلية ،
إذ أن لكل مصطلح منهما مدلوله الخاص عنده وان كان كلاهما يصلحان لأن يكونامحلاً في عقد المقاولة (3).
2-
الاستقلال
التام للباحث في أعداد بحثه
فهو يقوم
بالعمل باسمه الخاص مستقلاً عن إدارة المستفيد وإشرافه ، ويختار
الوسائل والطرق التي يراها مناسبة لإنجاز العمل الموكل إليه .ولا يجوزللمستفيد أن يتدخل في طريقة تنفيذ الباحث لعمله مادام عمل الباحث مطابقاًلما هو متفق عليه في العقد ولما تفرضه عليه الأصول العلمية لكتابة وإعدادالبحث العلمي (4) . ويعد هذا الاستقلال من أهم مميزات عقد المقاولة بل انهيعد من أهم معايير تمييز هذا العقد عن بقية العقود الواردة على العمل (5) . 1.انظر د. السيد محمد السيد عمران ،
مصدر سابق ، ص96
.2.انظر في هذا المعنى .د. محمد لبيب شنب
، مصدر سابق ، ص5
.3.يقولالأستاذ
السنهوري في ذلك (أن الأعمال المادية التي ترد عليها المقاولة أما
أن تكون اعمالاً مادية ، وإما أن تكون اعمالاً عقلية . فالأعمال الماديةمثلها الإنشاءات المختلفة ... والأعمال العقلية تكون بدورها أما اعمالاًقانونية كما في التعاقد مع المحامي ووكيل الأشغال وأما أعمالا فنية كما فيالتعاقد مع طبيب أو مع مهندس معماري ، انظر ، الوسيط ، ج7، مج1، مصدر سابق، 59.4.
انظر هذا
المعنى :- د. عصمت عبد المجيد بكر ود. صبري حمد خاطر
، مصدر سابق ، ص21-22.
د.محمد لبيب شنب ، مصدر سابق ، ص27. د. طلبة وهبة
خطاب
، المسؤولية المدنية للمحامي ، القاهرة ، 1986، ص39
.5.ويقررالقانون
المدني العراقي صراحة هذه الخصيصة كمعيار مميز لعقد العمل عن عقد
المقاولة . فقد نصت المادة (900/2) منه على انه (ويتميز عقد العمل عن عقدالمقاولة ، بان في الأول دون الثاني حقاً لرب العمل في إدارة جهود العاملوتوجيهها أثناء قيامه بالعمل ، أو على الأقل في الإشراف عليه) . وانظر :د.طلبة وهبة خطاب ، المصدر السابق ، ص39.3-
أن عقد البحثالعلمي عقد معاوضة ، إذ يتقاضى الباحث اجراً مقابل إعداد البحث العلمي ،ويلجأ المتعاقدان في تحديد هذا الأجر إلى نفس الوسائل التي يلجأ إليهاأطراف عقد المقاولة وخصوصاً عن طريق الاعتماد على طبيعة الالتزامات التيتنشأ على عاتق الطرفين وعلى مقدار الوقت الذي يستغرقه تنفيذ هذهالالتزامات. وعند عدم اتفاق الطرفين على مقدار الأجر يقوم القاضي بتحديدالأجر وفقاً لما يقرره المشرع في النصوص الخاصة بعقد المقاولة (1) . 4-
يلزم الباحث
بتسليم البحث العلمي وهو التزام بتحقيق نتيجة . وهذا عينه
التزام المقاول بتحقيق النتيجة التي يريدها رب العمل (2) . وهو ما مستقرفي عقد المقاولة لأن رب العمل يطلب عملاً يتمتم لنجازه .5-
أن عقدالبحث العلمي يقوم بالدرجة الأساس على الاعتبار الشخصي ، إذ أن شخصيةالباحث تكون محل اعتبار عند إبرام العقد . كذلك الحال مع عقد المقاولة ،إذ لا يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاولأخر إذا كانت طبيعة العمل مما يفترض معه قصد الركون إلى كفايته الشخصية أووجود شرط يقضي بذلك (3) . والكفاية الشخصية للباحث تعتمد على الخبرةوالتخصص والكفاءة العلمية والمهارة في الإعداد للبحث العلمي . وكذلك مانصت عليه المادة (888/1) من القانون المدني العراقي ، من أن تنتهيالمقاولة بموت المقاول إذا كانت مؤهلاته الشخصية محل اعتبار في التعاقد . وهذا عينه ما يترتب في عقد البحث العلمي إذ
ينتهي بموت الباحث
. 1.انظرالمواد
(880-881) من القانون المدني العراقي وهذا الأمر بخلاف ما يقرره
المشرع في عقد البيع حيث أن عدم تحديد الثمن يؤدي الى بطلان العقد ( المادة 528من القانون المدني العراقي ). 2.انظر في هذا المعنى .د. عبد الرشيد
مأمون ، عقد العلاج بين النظرية والتطبيق ، القاهرة ، بدون سنة طبع ، ص113
.3.انظر نص المادة (882/1) من القانون
المدني العراقي



المطلب
الثاني
تقويم
فكرة عقد المقاولة
قديبدو إسناد عقد البحث العلمي إلى عقد المقاولة امراً مقبولاً ، فالطبيبيستند في عمله الى المعلومات الفكرية كذلك المحامي فهو يمارس عمله بموجبمعلومات قانونيةومع هذا الجانب
الفكري ليس ثمة ما يمنع من وصف عقديهما
بأنه
مقاولة . مع ذلك فانه ثمة ما يحول من دون وصف عقد البحث العلمي انه
عقد مقاولة ويرد ذلك الى الأتي
:-
1-
أن عقد
المقاولة ينطوي على فكرة
إنجاز عمل ،
تستلزم أن يقوم المقاول بعمل مادي حتى وان كان العمل يرتكز
على الأسلوب الفكري . أما عقد البحث العلمي فقائم على فكرة انتقال معلوماتمن شخص الى أخر ، لا تستلزم جانباً ماديأً وبذلك يختلف الإنجاز عنالانتقال (1) . 2-
أن تشبيه
العيوب الواردة في عقد البحث العلمي
بالعيوب
الواردة في البناء هو أمر مبالغ فيه . فالبناء عمل مادي يظهر
العيب فيه ذاتياً ، أما البحث العلمي فان المعلومات التي يحتويها -محلالعقد- فهي أفكار قابلة للاتصال لا يظهر العيب فيها ذاتياً لمجرد التداولوإنما يظهر العيب بعد توظيف المعلومات مادياً
.
3-
إن وصف
الاداءات
التي يقوم بها الباحث بأنها أعمال
مادية أمر محل نظر إذ يتعذر من الناحية
القانونية
التقريب بين هذه الاداءات وطبيعة الأعمال المادية ، تلك الطبيعة
التي تتميز بمفهومها الخاص الذي ينصرف إلى الإعمال ذات الطابع الماديالملموس والتي تنأ عن فكرة المعرفة العلمية التخصصية .4-
يستطيع كلطرف في عقد البحث العلمي أن ينهي العقد بإرادته المنفردة من دون ان يلزمبتعويض الطرف الأخر . أما عقد المقاولة فهو عقد ملزم لجانبين ولا يستطيعاحد طرفيه إنهاءه بإرادته المنفردة من دون التحمل بالتزام يتمثل غالباًبالتعويض (2) . 5-
أن المقاول
يقوم بعمل تجاري ، إذ يغلب – على نشاطه
الطابع
التجاري ، وما يترتب على ذلك من تطبيق أحكام قانون التجارة (3
) . بينما يعد عمل الباحث عملاً مدنياً ومن الأعمال
الذهنية التي تعتبر
اعمالاً مدنية ولو قام بها الشخص
على وجه الاحتراف
.1.انظر قريب من هذا المعنى :- أستاذنا
د. صبري حمد خاطر ، البحث المشار إليه سابقاً ، ص119
.
2.انظر نص المادة (885) من القانون
المدني العراقي
.3.ويصدقهذا
القول إذا كان العمل المطلوب من المقاول عملاً تجارياً وفقاً للمادة
الخامسة من قانون التجارة العراقي رقم 30لسنة 1984النافذ . 6-والصفةالتجارية
تتعارض مع طبيعة عمل الباحث الذي يتطلب فيمن يباشره مؤهلات خاصة
ويعتمد على العقل والفكر . وان العلاقة بين الباحث والمستفيد تقوم علىأساس الثقة ولا يكون تحقيق الربح الغاية الأولى فيها1.
انظر د. محمد
لبيب شنب ، مصدر سابق ، ص53
.


الخاتمةلماكانت الخاتمة هي المحطة الأخيرة في البحث ونهاية المطاف حول الهدف الذيأراد الباحث تحقيقه فأنها تحتوي على محصلة الجهود وخلاصة ما توصل أليهالباحث لتصلح أساساً يركن إليها في توسيع رحاب المعرفة.ومن خلال ما
تقدم يتضح لنا أن عقد البحث العلمي لا يخرج عن كونه ، في واقع الحال ، إلا عقد
مقاولة بالمفهوم المتداول المعروف به

.
-
فعلى الرغم من
عدم التسليم بالتطابق التام بين عقد البحث العلمي وعقد
المقاولة
، الا أن ما يؤكد تكييف العلاقة بين الباحث والمستفيد على إنها
مقاولة هو وجود عناصر محددة وثابتة في عقد البحث العلمي ، هي بعينها تعبرعن الدعائم الأساسية التي لا توجد مجتمعة إلا في عقد المقاولة .-
والحديث عن
توافر جوهرية عقد المقاولة وخصائصه في عقد البحث العلمي يجد
صداه في كل مرحله سواء في انعقاده أو في تنفيذه أو في إنهائه .-
كماأن الانتقادات التي آثرناها بصدد تقويم فكرة عقد المقاولة لا تستند الىحجج متينة كفيلة بزعزعة هذا التكييف . إذ أن عقد البحث العلمي ينطوي علىفكرة إنجاز عمل ، تسلتزم أن يقوم الباحث بتسليم البحث العلمي للمستفيد ،على الرغم من أن عمل الباحث هذا ينطوي على فكرة انتقال المعلومات من شخصالى أخر ، هذا من جانب . ومن جانب ثانٍ ، يمكن للمستفيد في عقد البحثالعلمي أن يستخدم الرخصة الممنوحة لرب العمل في إنهاء عقد المقاولة(1) . ومن جانب ثالث، أن إطلاق صفة العمل التجاري على
عمل المقاول ليس صفة دائمة
، إذ يمكن أن يكون عمل المقاول عملاً مدنياً وبالذات
عندما يتخلف شرط من
شروط العمل التجاري(2) . -
كما إن تعريف
الأستاذ جوانا شمدت
(
Joanna chimidt)
للمقاولة
(3) ، بأنها "عقد بموجبه يتعهد شخص بان يجهز أداءً
معيناً
لمصلحة شخص أخر مقابل ثمنً" .وصف يتطابق مع وصف تداول المعرفة
العلمية في عقد البحث العلمي ، إذ يلتزم شخص بموجب هذا1.انظر نص المادة (885/1) من القانون
المدني العراقي
.2.انظرد.
محمد لبيب شنب ، المصدر السابق ، ص86. وانظر كذلك ، د. محمد شكري سرور
، مسؤولية
مهندسي ومقاولي البناء والمنشات الثابتة ، دراسة مقارنة ، دار
الفكر العربي ، 1985، ص127.3.التعريف أشار إليه أستاذنا د. صبري
حمد خاطر ، البحث المشار إليه سابقاً ، ص118
.العقد بان يزود
شخصاً أخر ببحث علمي مقابل ثمن مجزي ، وهنا يوجد أيضا أداء لمصلحة شخص مقابل ثمن
(1
) .-ويرىالأستاذ
ماينان
(Magnin) ، انه لابد من القول أن كل عقد فيه يلزم الشخصبان ينفذ عملاً مادياً أو معنوياً في مواجهة شخص أخر هو عقد مقاولة ماداميتم تنفيذ العقد من دون أن يكون المدين تابعاً فيه للدائن (2) . وهذا مايتلاءم مع عقد البحث العلمي خاصة المعرفة العلمية إذ أن العقد الذيتداولها به يوصف بأنه مقاولة (3)
.
-اذاً من ينقل المعلومات أوالمعرفة العلمية لأخر يقوم بعمل فكري ، وعلى حق هذا التصور فان عقد البحثالعلمي الذي يبرم لهذا الغرض هو عقد مقاولة
.
وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين