دور
النيابة العامة المصرية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والاتجار في الأفراد


The Role of the Egyptian Public Prosecution in
Combating Transnational Organized Crime & Trafficking in Persons



إعداد
السيد / هاني فتحي جورجى رئيس النيابة
*

مقدمة







إن
الجريمة المنظمة هى إحدى الظواهر الاجتماعية الخطيرة التى يشهدها العالم فى مختلف
البقاع، وهى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتقدم التكنولوجى وظاهرة العولمة وما
يصاحبها من أثار على الصعيد الدولى والاقليمى والوطنى إذ أخذ تطور الجريمة المنظمة
أبعاداً جديدة، فلم يعد خطرها مقتصر على الدول التى نشأت بها المنظمات الإجرامية
فحسب، بل امتد لكافة أرجاء المعمورة كنتيجة مباشرة للانفتاح الاقتصادى وتطور مجال
الاتصالات والمواصلات.








وتعد هذه الجريمة
واحدة من أخطر التحديات المعاصرة التي تهدد حرية وأمن واستقرار المجتمعات
الإنسانية إذ تعد أحد أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان وكرامته في العصر الحديث،.
كما أن هناك العديد من الصلات الوثيقة التي تربط بين كافة صور تلك الجريمة التي
يتم ارتكابها عن طريق عصابات منظمة تستخدم العنف والترويع والإرهاب والرشوة كوسائل
لبلوغ أهدافها في تحقيق الربح السريع غير المشروع. ولقد أكد الأمين العام السابق
للأمم المتحدة في كلمته أمام المؤتمر الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية
على أن الجريمة المنظمة تعد اكبر التهديدات التي تواجه السلام والأمن الدوليين في
القرن الحادي والعشرين.








وتعد جريمة الاتجار في
الأفراد أحد أخطر صور الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي أصبحت متعددة الأبعاد
نافذة بحكم طبيعتها عبر الحدود، دقيقة التنظيم ويستخدم مرتكبوها أساليب مبتكرة
لتسهيل عملياتهم الإجرامية التي قد تودي بحياة الأبرياء مما يحتم تكاتف المجتمع
الدولي من خلال الارتقاء بمستوى التعاون الجنائي الدولي بين كافة الدول.







إن الإحصائيات
المتوافرة عن حجم جريمة الاتجار في الأفراد تؤكد مدى بشاعة تلك الجريمة التي تؤثر
على كافة دول العالم دون استثناء إذ تبين التقديرات الحديثة أن العدد السنوي من
الرجال والنساء والأطفال المتجر بهم عبر الحدود الوطنية يناهز المليون شخص وأكثرهم
يتجر بهم لأغراض الاستغلال الجنسي التجاري وهذا التقدير لا يشمل ملايين الضحايا في
جميع أنحاء العالم ممن يتجر بهم داخلياً ضمن الحدود الوطنية لكل دولة وتقدر
المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الرقم على الصعيد العالمي بنحو مليونين شخص تقريبا.







ولقد أحرزت الأمم
المتحدة تقدماً ملموساً في بناء إطار قانوني ومؤسسي للمعايير الدولية بشأن مكافحة جريمة
الاتجار في الأفراد من خلال سلسلة من
الاتفاقيات والصكوك والبروتوكولات من أهمها بروتوكول منع و قمع و
معاقبة الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
إلا أن العديد من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لم تضع تلك
الاتفاقيات موضع التطبيق مما يعرقل التعاون فيما بينها بشأن مكافحة الجريمة
المنظمة عبر الوطنية. ومن هنا يبرز أهمية دور رجال النيابة العامة والقضاء في
وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم و مواجهة قدرتهم على ممارسة أنشطتها.[/b]







هذا وقامت مصر انطلاقاً من دورها
الريادي في المنطقة وإدراكاً منها لخطورة جريمة الاتجار في الأفراد بالتصديق على و
الانضمام إلى مـعظم الاتفاقيـــات و المـواثيق و الــصكوك و البروتوكولات الدولية
المشتملة على أحكام و تدابير ذات صلة بمكافحــة استغلال الأشخاص و بخاصة النساء و
الأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزء من القوانين الوطنية المطبقة في مصر
و تلتزم السلطات المعنية في الدولة بتطبيق و إنفاذ الأحكام الواردة فيها طبقا لنص
المادة 151 من الدستور المصري. كما أن الإطار القانوني والتشريعي المعمول به
بجمهورية مصر العربية - خاصة بعد صدور القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام
قانون الطفل وقانون العقوبات وقانون الأحوال المدنية - يتناول بالتأثيم والعقاب
معظم الأشكال الحادة لجريمة الاتجار في البشر كما هو وارد في تعريف "الاتجار
بالأشخاص " الذي فصلته المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار
بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال كما أن القوانين المصرية متوافقة مع التزامات مصر
الدولية في مجال مكافحة جريمة الاتجار في البشر.

وتعد النيابة العامة
المصرية- بوصفها شعبة أصيلة من القضاء
- من أهم السلطات الضامنة للإنفاذ الفعال
لجميع الاتفاقيات و المواثيق و الصكوك و البروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام
و تدابير ذات صلة بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص إذ تقوم بدور حيوي وجوهري في
اتخاذ الإجراءات الجنائية الواجبة قبل الوقائع والحالات التي يتم ضبطها والتحقيق
مع مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة الجنائية مع اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساعدة
وحماية ضحايا الجريمة المنظمة عبر الوطنية – من المصريين والأجانب - على النحو
الذي يسمح به القانون والتزامات مصر الدولية وذلك كله مع مراعاة الموازنة بين
مقتضيات أمن المجتمع وعدم إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب من ناحية وحقوق
الإنسان وحرياته ومبادئ المحاكمة العادلة من ناحية أخرى.








وحتى يتسنى الوصول إلى
هذه النتيجة سأتناول موضوع البحث بشكل منهجي عل النحو الآتي:




المقدمة


أولا: تعريف الجريمة المنظمة عبر الوطنية وأهم
أنواعها وصورها


ثانيا : تعريف الاتجار في الأفراد وأشكاله المختلفة


ثالثاً: التفرقة بين الاتجار بالأشخاص وتهريب
المهاجرين


رابعا: أهم أحكام بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية


خامساً: الإطار القانوني المصري لمكافحة و للقضاء
على جرائم الاتجار في الأطفال


Ø
الفلسفة التي أعتنقها القانون رقم 126 لسنة 2008 وأهم
ملامحه الرئيسية


Ø
أهم الأحكام الموضوعية والإجرائية بشأن مكافحة جرائم
الاتجار في الأطفال في ضوء القانون 126 لسنة 2008


سادسا: أهم الجهود والإجراءات التي تقوم النيابة
العامة باتخاذها بشأن مكافحة والقضاء على جريمة الاتجار في الأفراد


سابعا :التحديات التي تواجهها أجهزة إنفاذ القانون وتدابير
مراقبة الحدود والمواني


ثامناً: تطبيق عملي لدور النيابة العامــة في
مــكافحــة الاتجار في الأفراد القضية رقم 414
لسنة 2009 جنايات قصر النيل والمقيدة برقم 1 لسنة 2009 حصر تحقيق المكتب
الفني (قضية الاتجار في الأطفال)


الخاتمة