ü كيفية قراءة
أوراق الجناية



ü كيفية الاستعداد للمرافعة
وإعداد الدفاع في الجنايات









إعداد


عبدالعزيز
الشرقاوي



المحامي بالنقض


أولا: قراءة ملف الجناية والقراءة للجناية


نتناول
هنا أمرين :ـ



الأمر
الأول :
من
أين تبدأ قراءة ملف قضية الجناية
.


الأمر
الثاني :
كيفية
قراءة ملف الجناية .



1ـ الأمر الأول :
وهو من
أين تبدأ قراءة ملف الجناية ... فان
الأمر قد استقر من الواقع العملي ، أن نبدأ ملف
الجناية بحسب التسلسل التاريخي
للأحداث ..



وبالتطبيق إذا نظرنا
إلي ملف الجناية ـ أي جناية ـ سنجد أن أول
ورقة تسطر فيها
هي محضر التحريات الذي يسطره ضابط المباحث ...



فإذا
علم ضابط المباحث بوقوع جريمة سواء بالمشاهدة أو
العلم بالإبلاغ فانه يقوم بالتحري ،أي يتحري الحقيقة حول البلاغ إذا كان
أحد مرشديه السريين قد ابلغه بوقوع
جريمة كأن يبلغ أن / يحرز ويحوز كمية من المواد
المخدرة بشخصه ومسكنة ثم يقوم الضابط بعد
التحري والتأكد من صحة البلاغ
بتحرير محضرا يثبت فيه البلاغ عن الجريمة
والتحري عن صحة هذا البلاغ ..ز ولذلك وكما قلنا فان
أول ورقة تحرر في أوراق الجناية هي محضر التحريات ..



فإذا
افترضنا أن محضر التحريات قد تحرر في الساعة العاشرة صباح يوم 1/1/2008 .. فان
إذن النيابة يصدر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحري عنه في تاريخ لاحق علي تاريخ محضر التحريات فيصدر إذن النيابة مثلاً في
الساعة 12 ظهراً بتاريخ ذات اليوم 1/1/2008 ..



وعلي
ذلك يكون
محضر الضبط في تاريخ تالي
علي إذن النيابة ومضمون محضر الضبط هو
تنفيذ إذن النيابة بضبط /وتفتيش
شخص ومسكن المأذون بضبطه وتفتيشه ، وبالتالي يكون تاريخ محضر الضبط مثلاً الساعة
السادسة مساءاً ذات اليوم 1/1/2008وهكذا
كافة إجراءات التحقيق التالية ، مثل استجواب المتهم فيما نسب إليه من اتهام وسماع
أقوال شهود النفي
والإثبات وإرسال
المضبوطات إلي المعمل الفني لإعداد
التقرير فيما إذا كانت المضبوطات مخدر من
عدمه فإذا جاءت النتيجة إيجابية أي
أنها تحوي مخدر أعد المحقق قرار الاتهام في الدعوي وقيد التهمة ضد المتهم
واضعاً مواد الاتهام ووصف التهمة
، وقرار الاتهام يعده أي عضو من أعضاء النيابة العامة
من مساعد النيابة وحتى قمة
النيابة العامة وهي النائب العام .



كما
يعد المحقق قائمة أدلة الثبوت ، التي تحوي
قائمة بكافة الأدلة القولية والفنية علي
ثبوت التهمة ضد المتهم ثم يرسل كافة الأوراق إلي
السيد المستشار / المحامي العام الذي له الحق وحده في إحالة أوراق الجناية
إلي محكمة الجنايات .



فالقول
بأن قراءة ملف الجناية يجب أن يبدأ بحسب
التسلسل التاريخي للأحداث ، يتطابق مع
التسلسل المنطقي للأمر ، وتفق مع
اللزوم العقلي .



2 ـ
الأمر الثاني :
وهو كيفية قراءة ملف الجنائي ، فذلك الأمر
يمثل الأمانة بأجلي صورها وذلك
بقراءة ملف الجناية عدة بالبحث والتنقيب
لاستخراج عناصر الدفاع في القضية .ز وهنا نوجه عناية زملائنا الشباب إلي أن قراءة ملف الجناية أكثر
لا من مرة يفيد الإلمام بكافة عناصر القضية ومواطن القوة والضعف فيها والمركز القانوني للمتهم في الدعوي .



فإذا
افترضنا انه عرض علينا ملف جناية
ثابت بها أن
التهمة : اتجار في المخدر ، وهنا
يجب فراءة الملف فور تلقيه قراءة عابرة
لأخذ فكرة عن الاتهام والمتهم
وشهود الدعوي والتقارير الفنية وما إذا
كان هناك إذنا من النيابة من عدمه
وعلي العموم معرفة المركز القانوني
للمتهم في الدعوي كما ذكرنا .



لان قراءة ملف
الجناية فور تلقيه لأول مرة
يعطي للأستاذ المحامي بأسباب قبوله أو رفضه العمل في تلك القضية وكذا معرفة موقف المتهم
في الدعوي وما إذا كان الحكم
المنتظر صدوره هو حكماً بسيطاً أم
حكماً مغلظاً ولذلك فان قراءة ملف الجناية
للمرة الأولي يفيد الأستاذ المحامي في حالة اتخاذ قرار
قبوله مباشرة الدعوي أو رفضه لها .



أما
القراءة الثانية لملف الجناية في
حالة قبولها هي أهم القراءات لان
القراءة الثنية لأوراق القضية
الغرض منها هو إعداد
الدفاع اللازم في الدعوي وهو ما يعني استخراج كافة المتناقضات والتعارضات
والسقطات في موضوع وإجراءات الدعوي
.



مثلاُ



إذا
عرض ملف جناية ـ التهمة فيها
هي اتجار في المواد المخدرة ـ والبداية كما سبق شرحه هي قراءة
محضر التحريات وفيه
سنجد أن محررة اثبت به الأتي



(اتصل بنا أحد مصادرنا السريين وابلغنا بأن .... يتجر
في المواد المخدرة ويتخذ من مسكنة الكائن بالعقار رقم ـ شارع ـ بالشقة رقم (4) بالدور الثاني يمين
الصاعد علي السلالم
مثلاً مكاناً لمقابلة عملائه وتخزين المخدر ،وأكدت التحريات التي قمنا بها
أن إثبات ذلك
لاستصدار إذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحري عنه ) .



واستصدر
الضابط إذنا من النيابة بضبط وتفتيش شخص
ومسكن المتحري عنه لضبط ما يحوزه أو
يحرزه من مواد مخدرة علي أن ينفذ
الإذن لمرة واحدة خلال ثلاثة أيام تبدأ من ساعة وتاريخ الإذن علي أن يحرر محضر
بالإجراءات .



وقام
الضابط بتنفيذ إذن النيابة
العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم
وحرر محضراً بالضبط جاء فيه :



(
تنفيذ لإذن النيابة العامة
الصادر لنا بضبط وتفتيش شخص ومسكن المأذون بضبطه وتفتيشه ، حيث
توجهت والقوة المرافقة إلي منزل المأذون
بضبطه ،وأثناء سيرنا بالطريق العام قابلنا المذكور فاستوقفناه ،وعرفناه بشخصنا ومأموريتنا ،وسمح لنا بتفتيشه فعثرنا بجيب قميصه علي علبة سجائر مارلبورو لونها احمر وفتحها عثرنا بها علي عدد خمسة
سجائر ثلاثة منها عادية وسيجار تين
ملفوفتين لفا يدوياً ويبرز من فوهتما نبات
عشبي اخضر جاف يشبه نبات البانجو
المخدر فقمنا بتحريز المخدر المضبوط ) .



وإذا
رجعنا إلي محضر التحريات واطلعنا عليه
لوجدنا أن الضابط محرره اثبت
أن تحرياته أكدت بأن المتحري عنه
يحوز ويحرز بشخصه وفي مسكن المتحري عنه ، وحينما استصدر الإذن بضبط وفتشه وعثر معه
علي سيجارتين ملفوفتين لفا يدويا وبهما مخدر فاكتفي بذلك واصطحب المتهم للقسم
وحرر محضرا بالضبط .



وهنا يقع ضبط المتهم وتفتيشه
باطلاً لبطلان إذن النيابة العامة لعدم
جدية التحريات لان
الضابط لو كان جاداً في تحرياته ،
لكان قد
استكمل إجراءاته بتفتيش منزل
المتهم لضبط المخدر المقول به في
محضر التحريات حيث أثبت : ( أن المتهم يحوز ويحرز بشخصه ومسكنة كمية كبيرة من المواد المخدرة ) ... ولكن البين أن الضابط لم يكن جاداً في
تحرياته ولذلك اكتفي بما ذكره في محضر الضبط واكتفي بتفتيش شخص المتهم وعثوره علي السيجارتين
الملفوفتين لفا يدوياً وبهما المخدر



،وبالتالي
لم يكن هناك كمية كبيرة أو صغيرة من المخدر بمسكن المتهم ولكن الضابط وهو المؤكد ، أنه قد ذكر ذلك بمحضر تحرياته حتى يستطيع استصدار الإذن بضبط
وتفتيش المتهم وهو الأمر الذي يفيد أن الضابط قد أدخل الغش علي مصدر القرار ،ونجح
في ذلك وهو ما يجعل ضبط المتهم قد وقع باطلاً لبطلان استصدار إذن النيابة
العامة لعدم جدية
التحريات وهنا ينشأ الحق للمتهم في الدفع ببطلان القبض والتفتيش لبطلان
إصدار إذن النيابة العامة لعدم
جدية التحريات .



وهكذا
نستمر في قراءة ملف الجناية لاستخراج
السقطات التي وقعت
فيها إجراءات الدعوي وتطبيقها علي صحيح
القانون ، وبيان موقعها من القانون .



ونقف
هنا قليلاً للقول بأن إذن
النيابة العامة ، هو إجراء من إجراءات التحقيق ، بل
هو أخطرها .فإذا علمنا شروط وأركان إذن النيابة ، لكان من السهل
معرفة ما إذا كان إذن النيابة العامة
الصادر بضبط وتفتيش المتهم قد صدر صحيحاً من عدمه ، وما إذا كان الإذن ذاته صحيحاً
مستوفي الأركان مع صحيح القانون ، أم انه
باطلاً لتخلف ركنا من أركانه .



شروط
إصدار الإذن بالضبط والتفتيش :



يجب
علي المحقق أن يتأكد قبل إصدار الإذن من توافر شرطي الاستصدار وهما :



الشرط
الأول
: يجب أن تكون هناك تحريات جدية سابقة علي إصدار
الإذن .



والشرط الثاني : يجب أن تكون هناك
جريمة (جنحة أو جناية ) قد وقعت بالفعل
ومنسوبة إلي شخص محدد بالذات تبرر إصدار الإذن .



ـ
فإذا تخلف شرطي الإصدار أو إحداهما يمتنع
علي المحقق إصدار الإذن فإذا خلت أوراق
محضر التحريات من الجدية ، لا يجوز إصدار إذن النيابة لعدم جدية التحريات أو لانعدامها ، لان من شرط إصدار إذن النيابة أن تسبقها تحريات جدية بوقوع جريمة ،



ـ
والتحريات لا يشترط أن يقوم بها ضابط المباحث بنفسه ، بل يجوز أن
يقوم بها أحد تابعية ولكن
عليه واجب بعد ذلك هو التأكد من صحة تلك التحريات ، ولذلك فان اكتفاء الضابط
بما علمه
من المصدر السري ، هي مجرد معلومات
، لا ترقي إلي درجة التحريات ، .



وإذا
اتصل المصدر السري بالضبط وابلغه بوقوع جريمة منسوبة إلي شخص معينو ا كتفي الضابط
بذلك البلاغ دون أن
يجري تحريات لمعرفة
صدق هذا البلاغ وصدر الإذن بناء
علي ذلك البلاغ ، صدر باطلاً لتخلف
شرط التحريات الجدية اللازمة لإصدار إذن
النيابة العامة ،



وإذا
قرر الضابط في محضر تحرياته أن احد مصادرة
السرية الموثوق فيها اتصل به وابلغه
أن .../ يتجر في المواد المخدرة
وانه يحوز كمية من المخدر بمسكنة ،فإذا استصدر الضابط الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم ، دون أن يتأكد أو يتحري عن صدق
البلاغ ، صدر الإذن باطل .



ـ
وعند الاطلاع علي محضر الضبط وجدنا الضابط سطر في محضره ، انه
تنفيذا لإذن النيابة الصادر لنا في الساعة 12 ظهر اليوم 1/1/2008 بضبط وتفتيش شخص
ومسكن المتهم ،1/1/2008 ولم يرجع لمنزلة
حتى الآن .



فقمنا
ومعي القوة المرافقة ، ووضعنا كمينا بالقرب من منزل المتهم بسيارة ميكروباس
للتضليل وعدم كشف المأمورية ، وفي الساعة السادسة صباحاً شاهدت المأذون بضبطه آتيا من أول الشارع وعند وصوله
أمام منزلة قمنا بالقبض عليه وفتشناه فوجدت في جيب بنطاله الأيمن لفافة ورقية عليها شريط لاصق ، وبفضة تبين أن بداخلها ثلاثة
لفافات بفضها وجدنا بداخلها مسحوق بيج يشبه مخدر الهيروين ، وعلي ذلك اصطحبانا
المتهم إلي مسكنة وقمنا بتفتيشه فلم نعثر علي ثمة ممنوعات .



ـ
وهنا يتأكد أن الضابط اثبت في محضر تحرياته
أن المتهم يحوز كمية من المخدر بمسكنة ، واستصدر الإذن
بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم استنادا
لتلك التحريات ، وبالفعل استصدر الإذن ،و بعد أن حصل عليه وجدناه يسطر في محضر
الضبط واقعة جديدة منبتة الصلة بالواقعة التي
اثبتها في محضر تحرياته .. حينما اثبت بمحضر الضبط بعد أن تحصل علي إذن
النيابة .. أن المصدر السري اتصل به وابلغه أن المتهم ذهب لشراء مخدر وانه لم يعود لمنزلة حتى الآن .



والتساؤل
هنا هو :



أين
كمية المخدر المقول بها
بمحضر التحريات بأن المتهم
يحوزها بمسكنة ، والتي استصدر الضابط الإذن استناداً لها ؟



قد
يقال هنا فضاً : هل هناك ما يمنع بأن يشتري المتهم مخدر رغم وجود كمية منه بحوزته ؟



والجواب
لا ... لا يمنع .. ولكن رداً علي ذلك
الفرض بأنه عند القبض علي المتهم لم يكن حائزاً أو محرزا إلا اللفافة
التي نسب له إحرازها عند القبض عليه ...



ـ
وبالتالي لم يكن المتهم حائزاً أو
محرزا مخدر خلاف الكمية
المنسوب ضبطها معه. وأثبت الضابط
انه اصطحب المتهم لمسكنة وبتفتيشه لم يعثر
علي ثمة ممنوعات وهنا يتأكد خلو المسكن
من المخدر المقول به ... هذه واحدة ...



والثانية
... قد يقال انه
يجوز أن يكون المتهم
قام ببيع كمية المخدر التي كانت
بحوزته ، ومن ثم ذهب لشراء مخدر
آخر ... وهذه المقولة أيضا خلت أوراق محضر التحريات من إثباتها ، لأنه لو كانت هناك تحريات جادية ، لأبلغ المصدر الضابط كما ابلغه سابقاً بحيازة
المتهم وإحرازه كمية من المخدر بمسكنة بأن المتهم
قام ببيع كمية المخدر التي
كانت في حيازته ، لأحد الأشخاص ، وذهب لشراء كمية أخري من المخدر .



ولكن
خلت التحريات من ذلك ...



مما
يتأكد مما سبق انه حينما صدر إذن
النيابة العامة لم يكن المتهم حائزاً أو محرزاً بشخصه أو مسكنة أي مخدر وبالتالي
حينما صدر الإذن بضبط وتفتيش المتهم لم
يكن مرتكباً لثمة جريمة تبرر إصدار الإذن . لان الثابت بالأوراق أن الضابط حينما
استصدر الإذن انتظر المتهم وحينما حضر المتهم قام بالقبض عليه الساعة 6 صباحاً
2/8/2008 وعثر معه علي المخدر المنسوب له فقط دون غيره ....



وبالتالي
حينما تقدم الضابط لاستصدار إذنا بضبط المتهم الساعة 12 ظهراً يوم 1/1/2008
لم يكن المتهم قد ارتكب ثمة جريمة
تبرر إصدار الإذن ، مما يجعل الإذن قد صدر
باطلاً ، لعدم وقوع جريمة تبرر إصدار الإذن ، مما يجعل الإذن قد صدر باطلاً ، لعدم
وقوع جريمة تبرر إصدار الإذن ، لأنه وكما
ذكرنا انه يجب لإصدار إذن النيابة العامة
أن يتوافر
شرطين لإصداره :