بحث بعنوان
التأثير المتبادل بين الأعمال المصرفية الإلكترونية والسياسة النقدية والتجارة الإلكترونية
الجزء الخامس
إعداد الباحثة
شيماء جمال مجاهد
ماجستير فى الاقتصاد والعلوم المالية
باحث دكتوراة بقسم الاقتصاد والعلوم المالية
كلية الحقوق جامعة المنصورة
المطلب الثاني
أثر الأعمال المصرفية الألكترونية على السياسة النقدية
في البداية يجدر بنا الأشارة إلى ماهية السياسة النقدية حتى يمكننا التعرف على كيفية تأثير الأعمال المصرفية الألكترونية عليها ومدى العلاقة بينها.
فالسياسة النقدية هي مجموعة من الإجراءات التى تتخذها السلطة النقدية في دولة ما بقصد تحقيق الأستقرار. وهذه السياسة هدفها التحكم في السيولة العامة في جميع الأصول النقدية والمالية والتى تستخدم مباشرة في الوفاء بالديون الناشئة عن المعاملات. كما أنها وسيلة من وسائل معالجة الأضطرابات التى تصيب الأقتصادي وتستشري في أجزاءه المختلفة فتحدث آثارها السياسية والأقتصادية والأجتماعية وتعوق التنمية( ).
فالسياسة النقدية تعمل على إعادة التوازن للأقتصاد ومعالجة أضطراباته عن طريق أمتصاص السيولة الزائدة في الأقتصاد في أوقات أرتفاع الأسعار ، أو حقن الأقتصاد بكميات نقدية إضافية أو تشيجع الأئتمان للخروج من الكساد.
ويلاحظ أن السياسة النقدية تتعدد أساليبها في تحقيق ماسبق ويقوم بها البنك المركزى من خلال العمليات الأئتمانية متبعاً في ذلك أساليب الرقابة الكمية التى تهدف إلى التحكم في نوعية الأئتمان وتوجيه( ).
أما عن الجهاز المصرفي فهو مجموعة من القواعد واللوائح والقوانين والقرارات المتعلقة بتنظيم العمل المصرفي في أى دولة من الدول من خلال تحديده طبيعة عمل البنك المركزى ، ومدى أستقلاليته ، والوظائف التى يتطلع بها ، أى أنه ينظم آلية عمل البنك المركزى وبمعنى أكثر وضوحاً الآلية والمدى الذى يتفاعل به مع الأقتصاد النقدي ليحقق أهداف السياسة النقدية( ).
تأسيساً على ماسبق فأننا نجد أن البنوك والسياسة النقدية كأحدى مقومات التطور الأقتصادي يتفاعلان معاً ويدفعان بعضهما البعض على طريق التطور. وبالتالي يجدر بنا تناول أهم المؤسسات المصرفية التى تؤثر في السياسة النقدية. حتى يتضح لنا أثر هذه المؤسسات وتحولها إلى الصورة الألكترونية على السياسة النقدية. وذلك سيلى عرضه تفصيلاً إن شاء الله في سياق هذا المطلب من خلال الفروع التالية :-
الفرع الأول : أنظمة المؤسسات المصرفية الألكترونية في الأقتصاد المصرفى.
الفرع الثاني : إدارة المؤسسات المصرفية للسياسة النقدية إلكترونياً.
وذلك على التفصيل التالي .


الفرع الأول
أنظمة المؤسسات المصرفية الألكترونية في الأقتصاد المصرفي
من المعروف أن أهم المؤسسات المصرفية التى أستلزمتها التطورات والتفاعلات الأقتصادية والأجتماعية تنقسم إلى :-
البنك المركزى – البنوك التجارية – البنوك المتخصصة – بنوك الأستثمار والتنمية – بنوك الأعمال. ولكننا في إطار معالجة غاية هذا البحث سنركز فقط على المؤسسات التى تؤثر بشكلاً واضحا في السيولة النقدية ، وهما البنك المركزى والبنوك التجارية حيث تهدف السياسة النقدية لتحقيق الأستقرار بالتحكم في مقدار السيولة العامة التى تشمل نقود الودائع ، والكمبيالات ، ... وكافة الأصول المالية قصيرة الأجل المستخدمة في الوفاء بالألتزامات. ولن يتسنى للسياسة النقدية تحقيق هدفها السابق إلا من خلال تلك المؤسسات المصرفية ، ولكن تلك المؤسسات تعمل في ظل نظامين ؛ وهما السوق النقدية وسوق المال.
في إطار هذا الفرع سيتم عرض آلية عملها ولكن بطريقة الكترونية من خلال نقطتين :-
أولاً : السوق النقدية الألكترونية. ثانياً : السوق المالية الألكترونية.
وذلك على التفصيل التالي .
أولاً : السوق النقدية الألكترونية.
ويقتضي الأمر قبل التطرق للسوق النقدية الألكترونية التطرق أولاً لمعرفة السوق النقدية التقليدية حتى يتسنى لنا عرض آلية تحويلها للصورة الألكترونية.
فالسوق النقدية Money Market : هي التنظيم الذى بمقتضاه يتم التلاقي بين عارضى التخلي عن النقود من الأشخاص الأقتصادية المختلفة التى تضم أساساً (الحكومات ، المؤسسات ، الهيئات العامة والخاصة والقطاع العائلي) لفترات قصيرة قد تبلغ عدة أشهر ، وطالبى الأقتراض أيضاً من الأشخاص الأقتصادية والنقدية وهذه الأشخاص تشمل البنك المركزى ، والبنوك التجارية أساساً ، والأفراد والمشروعات والحكومة وهيئاتها المختلفة. وتلك السوق قد تكون على النطاق الداخلي للدولة وقد تكون على النطاق الدولي، حيث يتم التعامل أساساً من جانب الدولة والبنوك الكبرى وهي مايعرف بسوق العملات الدولية( ).
أما على النطاق الداخلي فإن أهم أدوات التعامل في هذه السوق هي الأوراق التجارية (الكمبيالة – الشيك – السند لأمر) التى يتم خصمها ، هذا بالإضافة لأذونات الخزانة والتسهيلات التى يتم تقديمها لتمويل التجارة الدولية والخارجية عن طريق خطابات الضمان ، والأعتمادات المستندية ، أما في السوق الخارجية ، تمثل القروض العامة والأيداع قصير الأجل والسندات الحكومية أهم أدوات التعامل( ).
أما في نطاق التعامل عن طريق السوق النقدية الألكترونية ، فأننا نجد أن علمية التلاقي بين عارضى التخلي عن النقود وطالبى الأقتراض يتم من خلال الموقع الأفتراضي على الشبكة (شبكة الأنترنت) ويكون التعامل فيها في الأغلب الأعم دولياً ، حيث تكون الشبكة مفتوحة على العالم يمكن لأى شخص في أى وقت وفي أى مكان في العالم الدخول إلى هذه السوق النقدية عن طريق جهاز الكمبيوتر. كما سبق ذكره آنفاً بصدد الحديث عن آلية عمل المصارف الألكترونية( ).
أما عن أدوات التعامل في هذه السوق فانها ستكون على النطاق الدولي ، أو على النطاق الداخلي هي الأدوات الألكترونية أيضاً ، حيث يكون كلاً من طالبى الأقتراض وعارضي النقود أشخاص تعمل إلكترونيا.
فعلى النطاق الداخلي ، فإن أدوات التعامل ستكون هي الأوراق التجارية الألكترونية (كالكمبيالة الألكترونية-والشيك الألكتروني – السند لأمر الألكتروني) الذى يتم خصمها إلكترونياً ، بالأضافة إلى أذونات الخزانة والتسهيلات التى يتم تقديمها لتمويل التجارة الدولية والخارجية عن طريق خطابات الضمان والأعتمادات المستندية ستكون كلها في الصورة الألكترونية وقد سبق الأشارة إلى خطابات الضمان الألكترونية والأعتمادات المستندية الألكترونية ، وكذلك ستتم أذونات الخزانة إلكترونياً( ).
أما على النطاق الدولي أى على نطاق السوق الخارجية فأنها لن تختلف عن السوق الداخلية حيث ستتم القروض والأيداع قصير الأجل والسندات الحكومية إلكترونياً.
وما يجدر الأشارة إليه أنه من عرض الأشخاص التى تعمل في السوق النقدية الألكترونية نجد أنها تضم مؤسسات بنكية (كالبنك المركزى – البنوك التجارية) ومؤسسات غير بنكية (كالحكومية – الهيئات العامة – الخاصة – القطاع العائلي – الأفراد).
أما عن المؤسسات البنكية فأن تعاملها سيكون بإستخدام النقود الألكترونية المصدرة من قبل المؤسسات البنكية ونجد أن بنوك الدول المتقدمة تحرص على تدعيم هذه السوق من خلال إصدار المزيد من البطاقات البنكية ، فخلال عشرين عاماً في فرنسا (1968 – 1989) زيادة عدد المودعين أربعة أضعاف ، بالأضافة لزيادة حجم المعاملات البنكية بصورة واضحة. وبالفعل أصبحت البطاقات البنكية المصدرة في هذه السوق تحتل أهمية نسبية ملحوظة بين وسائل الدفع الأخري ، إلى درجة أحتلت بها المرتبة الثانية بين وسائل الدفع بعد الشيكات( ).
أما عن المؤسسات غير البنكية فأن من أمثلة بطاقاتها (الدانيرز كلوب – الأمير يكان – أكسبريس). وهي عبارة عن بطاقات أئتمان دولية تقدم العديد من الخدمات على المستوى الدولي( ).
وتأسيساً على أن هذه السوق من خلال تجميعها للمدخرات السائلة تهيئ المجال أمام كافة الأشخاص الاقتصادية والنقدية لممارسة نشاطها في تطور الحياة الأقتصادية( )، فإن تطور عمل هذه السوق من خلال عملها عبر شبكة الأنترنت يؤدي لتطور الحياة الأقتصادية كما سيلى تفصيله.
ثانياً : السوق المالية الألكترونية :
وعلى نفس منهج عرض السوق النقدية سنقوم بعرض السوق المالية حيث نتناول التقليدية لبيان كيفية تحولها للصورة الألكترونية.
توصف السوق المالية بصفة عامة بأنها سوق إدخارية تمول الأستثمارات حيث أنها ، سوف يتم فيها تجميع المدخرات لآجال متوسطة وطويلة حيث يتنازل عنها أصحابها لهذه الآجال فيتم الحصول عليها لتمويل الأستثمارات في المجالات المختلفة. وأهم أدوات التعامل في هذه السوق هي السندات الحكومية لأنها تكون لعدة سنوات وكذلك سندات التنمية أو السندات التى تصدرها البنوك للحصول على أموال لتمويل أنشطتها الأستثمارية أو التوسعية وقد يتم التعامل فيها بالأسهم( ).
أما عن تحول هذه السوق للصورة الألكترونية ، فأنه لن يختلف كثيراً عن صورة تحول السوق النقدية إلى الصورة الألكترونية ، وذلك بتحول السندات والأوراق المالية التى تتعامل بها السوق المالية إلى الصورة الألكترونية حيث يتم إعدادها إلكترونياً وطرحها على شبكة الأنترنت بطريقة عرض غيرها من السندات الألكترونية( ).
ولكن مايجدر الأشارة إليه في هذه السوق (السوق المالية) أنها عند تحولها للصورة الألكترونية يمكنها الوصول لقاعدة عريضة من العملاء يزيد عن صورتها التقليدية – عبر العالم أجمع دون التقييد بمكان أو زمان. وبالتالي يعطيها ذلك مكنة زيادة - سرعة الأكتتاب في السندات والأسهم التى تطرحها.
كما أن هذه السوق بإعتبارها سوق إدخارية تمول الأستثمار يمكنها في صورتها الألكترونية متى تم الأتصال بين البنك الألكتروني التى تعمل من خلاله وبين العميل ، أن تقوم بعرض بعض المشروعات على العملاء الذين يصل رصيدهم لصورة تسمح بالأستثمار في هذه المشروعات بإستخدام أموالهم المودعة في البنوك وهناك من العملاء من يرغب بالأستثمار في تلك المشروعات. وبالتالي يكون الصورة الألكترونية قد قامت بتوسيع المجال الأستثماري الذى يعتبر هو السمة الرئيسية لهذه السوق( ).
وفي النهاية وبعد عرض آلية تحول كلاً من السوق النقدية والمالية للصورة الألكترونية يقتضي بنا الأمر الحديث عن أثر هذا التحول على الآلية التى تعمل من خلالها السياسة النقدية لتحقيق التوزازن الاقتصادي المطلوب منها. وذلك على مدار الأجزاء التالية إن شاء الله