دكتور غنام
قناة دكتور أكرم على يوتيوب

آخـــر الــمــواضــيــع

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 124

الموضوع: سلسلة مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم .. متجددة .. ارجو التثبيت ..

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي


    الجزء الخامس
    ( 1 )
    بعض آيات من سورة النساء

    تتوالى مبادئ المعاملات في هذا الجزء من سورة النساء , وخاصة في المعاملات المالية كما ورد في أول السورة, نظام المواريث في أعظم تقسيم يدرس في كليات الحقوق والمعاهد الدينية ,
    كما ركزت السورة على قواعد المعاملات الآسرية والعلاقة الطيبة بين أفرادها ,ثم وضعت ضوابط لحمايتها من التفكك نتيجة الشقاق و الطلاق .

    واليوم نتكلم عن التأكيد على حرمة الأموال وحرمة الدماء .

    حرمة أكل آموال الناس بالباطل
    وتحريم قتل النفس مطقا

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا - 29
    وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا - 30

    وهنا نلاحظ أن أمر التحريم جاء صريحا ومباشرا من الله تعالى
    فلو أنك بين مجتمع مؤمن وتركت مالك سهوا في مكان ما , ثم تذكرت وعدت إلى نفس المكان ستجدها حتما أو تجدها في الأمانات محفوظة لصاحبها ليأخذها , وهذا الكلام بعيدا عن أحكام اللقطة, فلها ضوابط نتكلم عنها إن شاء الله في حينها .
    وكذلك لو تركت متجرك وذهبت للصلاة لا ينقص منه شئ في ظل مجتمع مؤمن .
    وكذلك لو سرت وحدك دون حرس بين مجتمع مؤمن لن تتعرض للقتل لأن ذلك محرما أشد التحريم في شريعة الله تعالى.

    وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا – 93 النساء

    فهل أدركنا قيمة الإيمان في تربية الشعوب ؟
    أما ما نره اليوم من تشويه متعمد لصورة الإسلام , يرجع إلى إلإنتشار السريع للإسلام بين الناس وخاصة بين العلماء منهم , لأنه نور من الله أرسله لإخراج البشرية من ظلمات الكفر والشرك والإلحاد إلى نور الإيمان وسعادة الدنيا والأخرة .

    وأنظروا إلى حياة الصحابة وهم في مكة بين الكفار يعذبون وكيف أصبحت حياتهم بعد تمكينهم في الأرض ,
    قال خباب بن الأرت :
    شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ؟ فقال : ( قد كان من قبلكم ، يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ، فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) .
    الراوي: خباب بن الأرت المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6943
    خلاصة الدرجة: [صحيح]

    *****
    ونعود إلى بعض معانى الآيات الكريمة التي نحن بنورها

    ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصب والسرقة، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة.
    بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف، لأن هذا من الباطل وليس من الحق.

    يقول صلى الله عليه وآله وسلم : مَن ظَلَم قيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أراضين ... [رواه البخاري].

    ويقول صلى الله عليه وآله وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 101
    خلاصة الدرجة: صحيح

    ثم إنه - لما حرم أكلها بالباطل - أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره.

    ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه. ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ومن رحمته أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.
    وتأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: ﴿لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك.
    مع أن إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.
    ولما نهى عن أكل الأموال بالباطل ، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال: ﴿إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ أي: فإنها مباحة لكم.
    وشرط التراضي - مع كونها تجارة - لدلالة أنه يشترط أن يكون العقد لا يشوبه تحريم كعقد الربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها، وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين ويأتي به اختيارًا.
    ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأنه إذا لم يكن كذلك لا يتصور الرضا.
    وأن يكون مقدورًا على تسليمه، لأن غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده.

    فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد. ثم ختم الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.

    ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أي: أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس ﴿عُدْوَانًا وَظُلْمًا﴾ أي: لا جهلا ونسيانا ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا أي: عظيمة كما يفيده التنكير ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا

    *******
    تنشئ اليوم بعض الدول معاهد لدراسة مكافحة الفساد والرشى والغش ,
    ولقد عالج الإسلام هذه الآمور منذ 15 قرنا من الزمان ,

    وإن ما نجده من تخلف وفقر ينشأ من الفساد والرشى والغش , ولذلك يجب أن يربى الناس على كون هذه الأشياء مخالفة لعقيدة الإيمان , وإن لم يعاقب عليها في الدنيا فسوف يسئل عنها يوم الحساب الذي هو أت لا ريب , فمن يفلت من الموت ؟ ومن يهرب من البعث يوم القيامة ؟
    وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) المطففين


    ********

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    الجزء الخامس
    ( 2 )
    بعض آيات من سورة النساء

    تتوالى مبادئ الآداب والمعاملات في هذا الجزء من سورة النساء .

    ومن المبادئ الإيمانية الهامة في الإسلام تحريم الكبائر.

    إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً -31

    إن تبتعدوا -أيها المؤمنون- عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك, نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر, وندخلكم مدخلا كريمًا, وهو الجنَّة.
    وقيل أيضا هي ما ورد عليها وعيد - كالقتل والزنا والسرقة .
    قال تعالى:
    الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم
    –32 النجم


    وهكذا يتضح لنا كيف بنيت الحضارة الإسلامية , بنيت على التوحيد , على الأمن على النفس وعلى الأمن على الأموال وحفظ النسل وحفظ العقل.
    ولا يتصور عاقل أن هذه الأمور تصبح مهدرة ثم ينعم الإنسان بالأمان .
    ولذلك رتبت الشريعة الإسلامية عقوبات مقدرة على تلك الجرائم .
    فتطور المجتمعات لا يغير من قواعد الأمن شيئا .
    فلا يتصور في يوم من الأيام أن تكون النفس مهدرة ,
    قال تعالى :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ...-178 البقرة

    ولا يتصور في يوم من الأيام أن تكون الأعراض مهدرة .
    قال تعالى :
    الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ... – 2 النور

    ولا يتصور أن يأتي يوم تكون السرقة مباحة ولا عقاب عليها .
    قال تعالى :
    وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ – 38 المائدة

    ولا يتصور في يوم من الأيام أن يكون الترويع والفساد في الأرض شيئا حسنا .
    قال تعالى :

    إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ – 33 المائدة

    ولا يتصور أن يأتي يوم تكون المخدرات والخمور التي تغيب العقل مستحسنة .
    قال تعالى :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَاللأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ – 90 المائدة

    وهكذا ندرك أن شريعة الإسلام جاءت لحسم أمور ثابتة لا يتصور أن تحدث دون عقاب وإلا فسدت المجتمعات وأصبحت غابة.
    أما الأمور المتجددة متروكة للقواعد العامة في العدالة التي أمرنا الله تعالى بها :
    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا – 58 النساء

    فتوضع القوانين طبقا لإحتياجات البشر في جميع الأمور المتجددة مثل قانون البحار وقانون الطيران وقانون المرور والقوانين الإدارية والقانون الدولي وإلى غير , على أساس مبادئ العدالة التي جاء بها الإسلام .

    ******
    وإليكم بعض ما ورد من أحاديث شريفة في بيان الكبائر .

    روى البخاري في صحيحه
    عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , قال:

    ألا أنبئكم بأكبر الكبائر . قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور . فما زال يقولها ، حتى قلت : لا يسكت .

    الراوي: أبو بكرة نفيع بن الحارث المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5976
    خلاصة الدرجة: [صحيح]

    جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الكبائر ؟ قال : ( الإشراك بالله ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم عقوق الوالدين ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( ثم عقوق الوالدين ) . قال : ثم ماذا ؟ قال : ( اليمين الغموس ) . قلت : وما اليمين الغموس ؟ قال : ( الذي يقتطع مال امرئ مسلم ، هو فيها كاذب ) .
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6920
    خلاصة الدرجة: [صحيح]

    وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون - 105 وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون – 106 - يوسف

    ومن خصائص الآلهية , الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة.

    وكثيرا ما يقرن الله سبحانه بين عبادته والإحسان إلى الوالدين
    كقوله " أن اشكر لي ولوالديك " 14 لقمان وكقوله " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " 23 الإسراء

    من الكبائر شتم الرجل والديه . قالوا : يا رسول الله ! وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال . نعم . يسب أبا الرجل ، فيسب أباه . ويسب أمه .
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: مسلم - المصدر: مقدمة الصحيح - الصفحة أو الرقم: 90
    خلاصة الدرجة: صحيح

    الإضرار في الوصية من الكبائر
    الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن أبي حاتم - المصدر: تفسير القرآن - الصفحة أو الرقم: 2/244
    خلاصة الدرجة: صحيح

    كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ – 180 فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - 181 البقرة

    أكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات من الكبائر
    الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
    خلاصة الدرجة: ثابت

    منع ابن السبيل من الكبائر
    الراوي: أبو أيوب الأنصاري المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
    خلاصة الدرجة: ثابت

    السرقة وشرب الخمر من الكبائر
    الراوي: عمران بن حصين المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
    خلاصة الدرجة: ثابت

    الإشراك بالله وقتل الولد والزنا بحليلة الجار من الكبائر
    الراوي: عبد الله بن مسعود المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
    خلاصة الدرجة: ثابت

    السحر والفرار من الزحف أي من الكبائر
    الراوي: عبد الله بن عمر المحدث: ابن العربي - المصدر: عارضة الأحوذي - الصفحة أو الرقم: 6/127
    خلاصة الدرجة: ثابت

    إن أكبر الكبائر الكفر والكبر
    الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 18/330
    خلاصة الدرجة: صحيح

    قال ابن عمر : إن الكبائر تسع , الإشراك بالله وقتل نسمة يعني بغير حق ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والذي يستسحر ، والإلحاد في المسجد يعني الحرام ، وبكاء الوالدين من العقوق ،
    المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: موافقة الخبر الخبر - الصفحة أو الرقم: 1/343

    *******
    روى مسلم في صحيحه , قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
    الصلوات الخمس . والجمعة إلى الجمعة . ورمضان إلى رمضان . مكفرات ما بينهن . إذا اجتنب الكبائر

    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: مقدمة الصحيح - الصفحة أو الرقم: 233
    خلاصة الدرجة: صحيح


    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الرابع والعشرون
    ( 4 )
    وبعض أيات من سورة فصلت

    مبدأ العلم

    حم – 1 تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - 2 كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 3

    يخبر تعالى عباده أن هذا القرآن العظيم ﴿ تَنْزِيلُ ﴾ صادر ﴿ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ الذي وسعت رحمته كل شيء، الذي من أعظم رحمته وأجلها، إنزال هذا الكتاب، الذي حصل به، من العلم والهدى، والنور، والشفاء، والرحمة، والخير الكثير، فهو الطريق للسعادة في الدارين.
    ثم أثنى على الكتاب بتمام البيان فقال: ﴿ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ﴾ أي: فصل كل شيء , وهذا يستلزم من علماء المسلمين تدبر آياته والبحث في كافة العلوم التي أتى بها على الإجمال حتى يستوعبها البشر في كافة العصور .
    ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾ أي: باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا. ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ أي: لأجل أن يتبين لهم معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد.
    وقد حافظ القرآن العظيم على اللغة العربية ونشرها في ربوع الأرض وجعلها من اللغات الحية في العالم.
    وقد استوعبت اللغة العربية جميع علوم الأرض , والدليل على ذلك ما قام به علماء الإسلام بالترجمة لكتب العلوم في العصر الذهبي للدولة الإسلامية , والبحث العلمي في جميع أصول المعرفة سواء الرياضية في الجبر والهندسة أو العلوم الكيمائية أو الطبية أو علم الفلك من نجوم وكواكب أو الجغرافية أو التاريخية والشريعة والقانون.
    والتفوق في العلوم الصناعية في كافة المجالات مثل صناعة السفن والأساطيل البحرية وإنشاء الترع والسدود و إنشاء المدن وما ترتب عليها من مرافق وإضاءة .

    وأما الجاهلون، الذين لا يزيدهم الهدى إلا ضلالاً، ولا البيان إلا عَمًى فهؤلاء لم يُسَقِ الكلام لأجلهم،
    ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ 6 البقرة

    ******
    أما الإعتماد على القوة الغاشمة دون هداية من الله تعالى, فتهلك أصحابها عاجلا أو أجلا , وقد ورد في سورة فصلت نموذج لأمتين عاد وثمود.

    فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ – 15 فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ – 16

    هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. ﴿ فَأَمَّا عَادٌ ﴾ فكانوا - مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسله - مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم.
    ﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ قال تعالى ردًا عليهم : ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾ فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها.
    ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ﴾ أي: ريحًا عظيمة، من قوتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف. فسخرها اللّه عليهم ﴿ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾
    7 الحاقة - فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا: ﴿ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ الذي فضحهم بين الخليقة. ﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ أي: لا يمنعون من عذاب اللّه، ولا ينفعون أنفسهم.

    وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ – 17 وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ – 18

    وأما ثمود وهم القبيلة المعروفة الذين سكنوا الحجر وحواليه، الذين أرسل اللّه إليهم صالحًا عليه السلام، يدعوهم إلى توحيد ربهم، وينهاهم عن الشرك وآتاهم اللّه الناقة، آية عظيمة، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، يشربون لبنها يومًا ويشربون من الماء يومًا، وليسوا ينفقون عليها، بل تأكل من أرض اللّه، ولهذا قال هنا: ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ﴾ أي: هداية بيان.
    ولكنهم - من ظلمهم وشرهم - استحبوا العمى - الذي هو الكفر والضلال- على الهدى - الذي هو: العلم والإيمان - ﴿ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.

    ﴿ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    الصور المرفقة الصور المرفقة
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الرابع والعشرون
    ( 5 )
    وبعض أيات من سورة فصلت

    استكمالا للقاء السابق - الذي تحدثنا فيه عن أهمية العلم والعلماء في الإسلام - نتحدث اليوم إن شاء الله عن عوامل صيانة ذلك العلم من الإنحراف وجعله في خدمة الإنسانية لا وبالا ودمارا عليها.
    ويبدأ ذلك بإعلان أن كل ما بنا من نعم فمن الله وحده لا شريك له. فهو وحده الوهاب والممد لكل المواهب والعلوم والمنعم برزق كل الكائنات.
    ومع هذا اليقين يجب الإلتزام بالاستقامة على طريق الحق والعدل التي بينته رسالة الله القرآن العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
    وفي ظل تلك المبادئ والمعاملات والأخلاق والأداب ينعم المؤمن في الدنيا وتتحقق له العزة والكرامة في هذا العالم المليئ بالمتناقضات.
    ويعيش المؤمن في أنوار الاستقامة على شرع الله إلى أن تتنزل عليه ملائكة الرحمة تبشره بالنعيم الأبدي .

    إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ - 30 نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ – 31 نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ – 32

    يخبر تعالى عن أوليائه، وفي ضمن ذلك، تنشيطهم، والحث على الاقتداء بهم، فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ أي: اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى، واستسلموا لأمره، ثم استقاموا على الصراط المستقيم، علمًا وعملاً، فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
    ﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ الكرام، أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار. ﴿ أَلَّا تَخَافُوا ﴾ على ما يستقبل من أمركم، ﴿ وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ على ما مضى، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل، ﴿ وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولاً، ويقولون لهم أيضا - مثبتين لهم، ومبشرين: ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ يحثونهم في الدنيا على الخير، ويزينونه لهم، ويرهبونهم عن الشر، ويقبحونه في قلوبهم، ويدعون الله لهم، ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف، وخصوصًا عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، وعلى الصراط، وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم، ويدخلون عليهم من كل باب ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ -24 الرعد ﴾ ويقولون لهم أيضا: ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا ﴾ أي: في الجنة ﴿ مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ﴾ قد أعد وهيئ. ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ أي: تطلبون من كل ما تتعلق به إرادتكم وتطلبونه من أنواع اللذات والمشتهيات، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
    ﴿ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ أي: هذا الثواب الجزيل، والنعيم المقيم، نُزُلٌ وضيافة ﴿ مِنْ غَفُورٍ ﴾ غفر لكم السيئات، ﴿ رَحِيمٌ ﴾ حيث وفقكم لفعل الحسنات، ثم قبلها منكم. فبمغفرته أزال عنكم المحذور، وبرحمته، أنالكم المطلوب.

    ******
    وهذه بعض النماذج لأقوال وأعمال المؤمنين ...

    وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ – 33

    هذا استفهام بمعنى النفي المتقرر أي: لا أحد أحسن قولا. أي: كلامًا وطريقة، وحالة ﴿ مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ بتعليم الجاهلين، ووعظ الغافلين والمعرضين، ومجادلة المبطلين، بالأمر بعبادة الله، بجميع أنواعها،والحث عليها، وتحسينها مهما أمكن، والزجر عما نهى الله عنه، وتقبيحه بكل طريق يوجب تركه، خصوصًا من هذه الدعوة إلى أصل دين الإسلام وتحسينه، ومجادلة أعدائه بالتي هي أحسن، والنهي عما يضاده من الكفر والشرك، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
    ومن الدعوة إلى الله، تحبيبه إلى عباده، بذكر تفاصيل نعمه، وسعة جوده، وكمال رحمته، وذكر أوصاف كماله، ونعوت جلاله.
    ومن الدعوة إلى الله، الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله، والحث على ذلك، بكل طريق موصل إليه، ومن ذلك، الحث على مكارم الأخلاق، والإحسان إلى عموم الخلق، ومقابلة المسيء بالإحسان، والأمر بصلة الأرحام، وبر الوالدين.
    ومن ذلك، الوعظ لعموم الناس، في أوقات المواسم، والعوارض، والمصائب، بما يناسب ذلك الحال، إلى غير ذلك، مما لا تنحصر أفراده، مما تشمله الدعوة إلى الخير كله، والترهيب من جميع الشر.
    ثم قال تعالى: ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ أي: مع دعوته الخلق إلى الله، بادر هو بنفسه، إلى امتثال أمر الله، بالعمل الصالح، الذي يُرْضِي ربه. ﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ أي: المنقادين لأمره، السالكين في طريقه، وهذه مرتبة الصديقين.

    *******
    والمؤمن ليس عنده الوقت ليقابل السيئة بالسيئة , فهو صاحب مهمة أكبر في هذا الوجود , وهي أشرف مهمة تتعلق بجذب القلوب لتعريفهم برسالة الله تعالى ودعوتهم إلى الخير.

    وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ – 34
    وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ – 35
    وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – 35


    ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ﴾ أي: لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى، ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه، ولا يستوي الإحسان إلى الخلق، ولا الإساءة إليهم، لا في ذاتها، ولا في وصفها، ولا في جزائها
    ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ – 60 الرحمن ﴾
    ثم أمر بإحسان خاص، له موقع كبير، وهو الإحسان إلى من أساء إليك، فقال:﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ أي: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصًا من له حق كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم، إساءة بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصلْهُ، وإن ظلمك، فاعف عنه، وإن تكلم فيك، غائبًا أو حاضرًا، فلا تقابله، بل اعف عنه، وعامله بالقول اللين. وإن هجرك، وترك خطابك، فَطيِّبْ له الكلام، وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة.
    ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ أي: كأنه قريب شفيق.
    ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا ﴾ أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾ نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان؟".
    فإذا صبر الإنسان نفسه، وامتثل أمر ربه، وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله، لا يفيده شيئًا، ولا يزيد العداوة إلا شدة، وأن إحسانه إليه، ليس بواضع قدره، بل من تواضع للّه رفعه، هان عليه الأمر، وفعل ذلك بطيب خاطر.
    ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ لكونها من خصال خواص الخلق، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق.

    *******

    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الخامس و العشرون
    (1)
    وبعض أيات من سورة الشورى

    شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ , كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ, اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ – 13

    لقد جاء في مطلع السورة قوله تعالى :
    كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم...
    فكانت هذه إشارة إجمالية إلى وحدة المصدر , ووحدة المنهج , ووحدة الاتجاه . وهنا يقرر أن ما شرعه الله للمسلمين هو - في عمومه - ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى . وهو أن يقيموا دين الله الواحد , ولا يتفرقوا فيه . ويرتب عليها نتائجها من وجوب الثبات على المنهج الإلهي القديم , دون التفات إلى أهواء المختلفين .
    والدين هو المنهاج أو الدستور للدولة بما تحويه من قوانين ولوائح, ونفهم ذلك من الأية الكريمة ( لكم دينكم ولي دين ) فهل للكافرين دين ؟ نعم لهم دين يحكم تحركاتهم متمثل في القوانين المطبقة لديهم , بعيدة كانت أو قريبة من شريعة الإسلام .
    وللمسلمين دين أي شريعة تحكم تصرفاتهم وتبنى عليها كافة المعاملات . والفرق كبير بين دين الله تعالى ودين البشر.
    فشريعة الله رغم كونها تحكم جميع التصرفات للإنسان الظاهرة , فهي أيضا تحكم ضميره حيث تجعل منه رقيبا على تصرفاته, قال تعالى في سورة المجادلة :
    أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ, مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا, ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ, إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ - 7
    بينما لا يوجد ذلك في شرائع البشر , وبالتالي كثرت الجرائم الأخلاقية بينهم .
    ولهذا كان الأمر بإقامة الدين, أي شريعة الله المتثلة في العبادات والمعاملات حسب التقسيمات الفقهية , والإجتهاد في جعل التشريعات المستحدثة تسير وفق هذه الشريعة الغراء.
    وهذه أكبر منة أنعم الله بها على عباده، أن شرع لهم من الدين خير الأديان وأفضلها، وأزكاها وأطهرها، دين الإسلام، الذي شرعه الله للمصطفين المختارين من عباده، بل شرعه الله لخيار الخيار، وصفوة الصفوة، وهم أولو العزم من المرسلين المذكورون في هذه الآية، أعلى الخلق درجة، وأكملهم من كل وجه، فالدين الذي شرعه الله لهم، لا بد أن يكون مناسبا لأحوالهم، موافقا لكمالهم، بل إنما كملهم الله واصطفاهم، بسبب قيامهم به، فلولا الدين الإسلامي، ما ارتفع أحد من الخلق، فهو روح السعادة، وقطب رحى الكمال، وهو ما تضمنه هذا الكتاب الكريم، ودعا إليه من التوحيد والأعمال والأخلاق والآداب.
    فقد جاء الإسلام لينقذ البشرية كلها مما انتهت إليه من انحلال وفساد واضطهاد . وجاء لهداية البشرية يدلها الطريق إلى الله على هدى وعلى نور . فتم تحرير الشعوب المستضعفة في معظم الأرض وأصبحت الشمس لا تغيب عن أرض الإسلام . وكان ذلك في ظل إقامة الدين الإسلامي الذي هو شريعة الله تنظم حياة البشر وتحقق العدل والمساواة بين الناس ولا تجبر إنسان على الدخول في الإسلام بل تحميهم وتحمي أماكن عبادتهم , وتنشر نور الإسلام في حرية , فدخل الناس في دين الله أفواجا.
    ولهذا قال تعالى : ﴿ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ﴾ أي: أمركم أن تقيموا جميع شرائع الدين أصوله وفروعه، تقيمونه بأنفسكم، وتجتهدون في إقامته على غيركم، وتعاونون على البر والتقوى ولا تعاونون على الإثم والعدوان. ﴿ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ أي: ليحصل منكم الاتفاق على أصول الدين وفروعه، واحرصوا على أن لا تفرقكم المسائل وتحزبكم أحزابا، وتكونون شيعا يعادي بعضكم بعضا مع اتفاقكم على أصل دينكم.
    ومن أنواع الاجتماع على الدين وعدم التفرق فيه، ما أمر به الشارع من الاجتماعات العامة، كاجتماع الحج والأعياد، والجمع والصلوات الخمس والجهاد، وغير ذلك من العبادات التي لا تتم ولا تكمل إلا بالاجتماع لها وعدم التفرق.
    ﴿ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْه ﴾ أي: شق عليهم غاية المشقة، حيث دعوتهم إلى الإخلاص للّه وحده، كما قال عنهم:
    ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾45 الزمر
    ﴿ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ أي يختار من خليقته من يعلم أنه يصلح للاجتباء لرسالته وولايته ومنه أن اجتبى هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم، واختار لها أفضل الأديان وخيرها.
    ﴿ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ هذا السبب الذي من العبد، يتوصل به إلى هداية الله تعالى، وهو إنابته لربه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصدا وجهه، فحسن مقصد العبد مع اجتهاده في طلب الهداية، من أسباب التيسير لها، كما قال تعالى:
    ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ﴾16 المائدة
    وفي هذه الآية، أن الله ﴿ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ .مع العلم بأحوال الصحابة رضي الله عنهم، وشدة إنابتهم، دليل على أن قولهم حجة، خصوصا الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم أجمعين.

    *******

    وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ - 14
    فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ – 15


    لما أمر تعالى باجتماع المسلمين على دينهم، ونهاهم عن التفرق، أخبرهم: أنكم لا تغتروا بما أنزل الله عليكم من الكتاب، فإن أهل الكتاب لم يتفرقوا حتى أنزل الله عليهم الكتاب الموجب للاجتماع، ففعلوا ضد ما يأمر به كتابهم، وذلك كله بغيا وعدوانا منهم، فإنهم تباغضوا وتحاسدوا، وحصلت بينهم المشاحنة والعداوة، فوقع الاختلاف، فاحذروا أيها المسلمون أن تكونوا مثلهم.
    ﴿ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ ﴾ أي: بتأخير العذاب القاضي ﴿ إلى أجل مسمى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ ولكن حكمته وحلمه، اقتضى تأخير ذلك عنهم. ﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ ﴾ أي: الذين ورثوهم وصاروا خلفا لهم ممن ينتسب إلى العلم منهم ﴿ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ أي: لفي اشتباه كثير يوقع في الاختلاف، حيث اختلف سلفهم بغيا وعنادا، فإن خلفهم اختلفوا شكا وارتيابا، والجميع مشتركون في الاختلاف المذموم.
    ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ ﴾ أي: فللدين القويم والصراط المستقيم، الذي أنزل الله به كتبه وأرسل رسله، فادع إليه أمتك وحضهم عليه، وجاهد عليه، من لم يقبله، ﴿ وَاسْتَقِمْ ﴾ بنفسك ﴿ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ أي: استقامة موافقة لأمر الله، لا تفريط ولا إفراط، بل امتثالا لأوامر الله واجتنابا لنواهيه، على وجه الاستمرار على ذلك.
    ومن المعلوم أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمر لأمته إذا لم يرد تخصيص له.
    ﴿ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ أي: أهواء المنحرفين عن الدين، من الكفرة والمنافقين .
    ﴿ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ أي: لتكن مناظرتك لهم مبنية على هذا الأصل العظيم، الدال على شرف الإسلام وجلالته وهيمنته على سائر الأديان .
    وقوله تعالى: ﴿ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾ أي: في الحكم فيما اختلفتم فيه.
    ﴿ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ﴾ أي: هو رب الجميع، لستم بأحق به منا. ﴿ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ من خير وشر ﴿ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ﴾ أي: بعد ما تبينت الحقائق، واتضح الحق من الباطل، والهدى من الضلال، لم يبق للجدال والمنازعة محل.
    ﴿ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ يوم القيامة، فيجزي كلا بعمله، ويتبين حينئذ الصادق من الكاذب.

    ********

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الخامس و العشرون
    (3)
    وبعض أيات من سورة الشورى

    وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ - 40 وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ – 41 إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ – 42 وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ – 43

    ومازالت المبادئ تتوالى مع سورة الشورى, ونعيش فيها مع مبدء العفو والانتصار للحق وعدم الظلم ثم نختم بمبدء الصبر والغفران لمن أساء من غير ضعف ولا تفريط للعدالة.

    ذكر الله في هذه الآية، مراتب العقوبات، وأنها على ثلاث مراتب: عدل وفضل وظلم.

    1- مرتبة العدل

    جزاء السيئة بسيئة مثلها، لا زيادة ولا نقص، فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله.

    2- مرتبة الفضل

    وهي العفو والإصلاح عن المسيء، ولهذا قال: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ يجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا، وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به.
    وفي جعل أجر العافي على الله ما يحث على العفو، وأن يعامل المؤمن غيره من الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل.

    3- مرتبة الظلم

    وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله: ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ الذين يعتدون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم.
    ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ﴾ أي: انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه ﴿ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ أي: لا حرج عليهم في ذلك.
    فالذي ينتصر بعد ظلمه , ويجزي السيئة بالسيئة , ولا يعتدي , ليس عليه من جناح . وهو يزاول حقه المشروع . فما لأحد عليه من سلطان . ولا يجوز أن يقف في طريقه أحد . إنما الذين يجب الوقوف في طريقهم هم الذين يظلمون الناس , ويبغون في الأرض بغير الحق .
    فإن الأرض لا تصلح وفيها ظالم لا يقف له الناس ليكفوه ويمنعوه من ظلمه ; وفيها باغ يجور ولا يجد من يقاومه ويقتص منه .
    والله يتوعد الظالم الباغي بالعذاب الأليم . ولكن على الناس كذلك أن يقفوا له ويأخذوا عليه الطريق.
    ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ ﴾ أي: إنما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية ﴿ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ وهذا شامل للظلم والبغي على الناس، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي: موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم.

    وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ – 43

    ومجموعة النصوص في هذه القضية تصور الاعتدال والتوازن بين الاتجاهين ; وتحرص على صيانة النفس من الحقد والغيظ , ومن الضعف والذل , ومن الجور والبغي , وتعلقها بالله ورضاه في كل حال . وتجعل الصبر زاد الرحلة الأصيل .
    ومجموعة صفات المؤمنين ترسم طابعاً مميزاً للأمة التي تقود البشرية وترجو ما عند الله وهو خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.

    ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ ﴾ على ما يناله من أذى الخلق ﴿ وَغَفَرَ ﴾ لهم، بأن سامح لهم عما يصدر منهم، ﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ أي: لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر.
    فإن ترك الانتصار للنفس بالقول أو الفعل، من أشق شيء عليها، والصبر على الأذى، والصفح عنه، ومغفرته، ومقابلته بالإحسان، أشق وأشق، ولكنه يسير على من يسره الله عليه، وجاهد نفسه على الاتصاف به، واستعان الله على ذلك، ثم إذا ذاق العبد حلاوته، ووجد آثاره، تلقاه برحب الصدر، وسعة الخلق.
    قال تعالى:
    وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ – 34 وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ – 35 فصلت

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الخامس و العشرون
    (4)
    وبعض أيات من سورة الزخرف

    أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ - 32
    وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ – 33 وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ – 34 وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ – 35


    مبدأ التكامل وحقيقة السنن الإلهية.

    ومبدأ التكامل بين البشر يقتضي أن يسخر الجميع لخدمة الجميع. وليس كما نرى من مبادئ البشر خدمة طبقة لصالح طبقة. أو استعلاء طبقة على طبقة , أو استعلاء فرد على فرد . . .
    إن كل البشر مسخر بعضهم لبعض .
    والأرض تدور بالجميع , والتفاوت في الرزق هو الذي يسخر هذا لذاك , ويسخر ذاك لهذا في دورة الحياة .
    العامل مسخر للمهندس ومسخر لصاحب العمل . والمهندس مسخر للعامل ولصاحب العمل . وصاحب العمل مسخر للمهندس وللعامل على السواء . . وكلهم مسخرون للخلافة في الأرض بهذا التفاوت في المواهب والاستعدادات , والتفاوت في الأعمال والأرزاق . .

    إن الإسلام يقرر الحقائق الخالدة المركوزة في فطرة هذا الوجود ; الثابتة ثبات السماوات والأرض ونواميسها التي لا تختل ولا تتزعزع .
    وطبيعة هذه الحياة البشرية قائمة على أساس التفاوت في مواهب الأفراد والتفاوت فيما يمكن أن يؤديه كل فرد من عمل ; والتفاوت في مدى اتقان هذا العمل . وهذا التفاوت ضروري لتنوع الأدوار المطلوبة للخلافة في هذه الأرض .
    ولو كان جميع الناس نسخاً مكرورة ما أمكن أن تقوم الحياة في هذه الأرض بهذه الصورة . ولبقيت أعمال كثيرة جداً لا تجد لها مقابلاً من الكفايات , ولا تجد من يقوم بها - والذي خلق الحياة وأراد لها البقاء والنمو , خلق الكفايات والاستعدادات متفاوتة تفاوت الأدوار المطلوب أداؤها .
    ذلك شأن الرزق والمعاش في هذه الحياة الدنيا . ووراء ذلك رحمة الله تعالى.

    ( وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )

    والله يختار لهذه الرحمة من يشاء , ممن يعلم أنهم لها أهل . ولا علاقة بينها وبين عرض الحياة الدنيا ; ولا صلة لها بقيم هذه الحياة الدنيا . فهذه القيم عند الله زهيدة زهيدة . ومن ثم يشترك فيها الأبرار والفجار , وينالها الصالحون والطالحون . بينما يختص برحمته المختارين. .
    وإن قيم هذه الأرض لمن الزهادة والرخص بحيث - لو شاء الله - لأغدقها إغداقاً على الكافرين به . ذلك إلا أن تكون فتنة للناس , تصدهم عن الإيمان بالله.

    وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ – 33 وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ – 34 وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ – 35

    فهكذا - لولا أن يفتتن الناس . والله أعلم بضعفهم وتأثير عرض الدنيا في قلوبهم - لجعل لمن يكفر بالرحمن صاحب الرحمة الكبيرة العميقة - بيوتاً سقفها من فضة , وسلالمها أو مصاعدها من ذهب. بيوتاً ذات أبواب كثيرة . قصورا . فيها سرر للاتكاء , وفيها زخرف للزينة . . رمزاً لهوان هذه الفضة والذهب والزخرف والمتاع ; بحيث تبذل هكذا رخيصة لمن يكفر بالرحمن.
    ( وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )
    متاع زائل , لا يتجاوز حدود هذه الدنيا . ومتاع زهيد يليق بالحياة الدنيا
    ( وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ )
    وهؤلاء هم المكرمون عند الله بتقواهم ; فهو يدخر لهم ما هو أكرم وأبقى ; ويؤثرهم بما هو أقوم وأغلى . ويميزهم على من يكفر بالرحمن ممن يبذل لهم من ذلك المتاع الرخيص ما يبذله للحيوان.
    وإن عرض الحياة الدنيا الذي ضرب الله له بعض الأمثال من المال والزينة والمتاع ليفتن الكثيرين . وأشد الفتنة حين يرونه في أيدي الفجار , ويرون أيادي الأبرار منه خالية ; أو يرون هؤلاء في عسر أو مشقة أو ابتلاء , وأولئك في قوة وثروة وسطوة واستعلاء . والله يعلم وقع هذه الفتنة في نفوس الناس . ولكنه يكشف لهم عن زهادة هذه القيم وهوانها عليه ; ويكشف لهم كذلك عن نفاسة ما يدخره للأبرار الأتقياء عنده . والقلب المؤمن يطمئن لاختيار الله للأبرار وللفجار.
    فزخارف الدنيا لا تدل على قربى من الله تعالى ولا تنبىء عن رضى , ولا تشي باختيار.

    وفي الحديث القدسي :
    من أصبح منكم معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا.
    الراوي: عبيد الله بن محصن الأنصاري

    - المصدر: صحيح ابن ماجه - لصفحة أو الرقم: 3357
    خلاصة حكم المحدث: حسن

    وهكذا يضع القرآن الأمور في نصابها ; ويكشف عن سنن الله في توزيع الأرزاق في الدنيا والآخرة ; ويقرر حقيقة القيم كما هي عند الله ثابتة .

    ******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي



    مع الجزء الخامس و العشرون
    (5)
    وبعض أيات من سورة الدخان

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, حم - 1 وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ – 2 إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ – 3 فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ – 4 أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ – 5 رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – 6 رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ – 7 لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ – 8
    والليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي - والله أعلم - الليلة التي بدأ فيها نزوله ; وهي إحدى ليالي رمضان , الذي قيل فيه:
    ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ).
    وكانت هذه الليلة موعد هذا الاتصال المبارك .
    قال تعالى:
    إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ-1 وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ -2 لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ -3 تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ -4 سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ - 5

    وهي ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب نبينا محمد ـ صلى الله عليه وأله وسلم ـ ليلة ذات الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعاً . والعظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري.

    وإنها لمباركة حقاً تلك الليلة التي يفتح فيها ذلك الفتح على البشرية , والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشر ; والتي يتصل فيها الناس بالنواميس الكونية الكبرى مترجمة في هذا القرآن ترجمة يسيرة , تستجيب لها الفطرة السليمة ; وتقيم على اساسها عالماً إنسانياً مستقراً على قواعد الفطرة واستجاباتها , متناسقاً مع الكون الذي يعيش فيه , طاهراً نظيفاً كريماً ; يعيش فيه الإنسان على الأرض موصولاً بالسماء في كل حين.
    ولقد عاش الذين أنزل القرآن لهم أول مرة فترة عظيمة في كنف السماء , موصولين مباشرة بالله ; يطلعهم أولاً بأول على ما في نفوسهم ; ويشعرهم أولاً بأول بأن عينه عليهم , ويحسبون هم حساب هذه الرقابة , وحساب هذه الرعاية , في كل حركة وكل هاجسة تخطر في ضمائرهم ; ويلجأون إليه أول ما يلجأون , واثقين أنه قريب مجيب. وقد انسحب ذلك الإيمان في كل معاملاتهم وأخلاقهم .
    ومضى ذلك الجيل وبقي بعده القرآن كتاباً مفتوحاً موصولاً بالقلب البشري , يصنع به حين يتفتح له ما صنعه في قلوب المؤمنين الأوائل ; خير أمة أخرجت للناس , نشروا رسالة ربهم في ربوع الأرض في أقل من ثلاثين سنة , مع السيادة المطلقة كدولة أولى في العالم استمرت أكثر من عشرة قرون متتالية,
    وبقي هذا القرآن منهجاً واضحاً كاملاً صالحاً لإنشاء حياة إنسانية نموذجية في كل بيئة وفي كل زمان . حياة إنسانية تعيش في بيئتها وزمانها في نطاق ذلك المنهج الإلهي المتميز الطابع , بكل خصائصه دون تحريف . وهذه سمة المنهج الإلهي وحده . الذي يحمل طابع الدوام والكمال , والصلاحية المستمرة وتلبية الحاجات في كل ظرف وفي كل حين .
    أنزل الله هذا القرآن في هذه الليلة المباركة . . أولاً للإنذار والتحذير: ( إنا كنا منذرين ). فالله يعلم غفلة هذا الإنسان ونسيانه وحاجته إلى الإنذار والتنبيه .
    وهذه الليلة المباركة بنزول هذا القرآن كانت فيصلاً وفارقاً بهذا التنزيل:
    ( فيها يفرق كل أمر حكيم )
    وقد فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر , وفصل فيها كل شأن , وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق , ووضعت الحدود , وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين ; فلم يبق هناك أصل من الأصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح . فالقرآن العظيم أنار العقول والقلوب بنور العلم والإيمان.

    *****

    رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - 5 رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ – 6 لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ – 7

    و تتجلى رحمة الله بالبشر في تنزيل هذا القرآن , بهذا اليسر , الذي يجعله سريع اللصوق بالقلب , وتحول الكائن البشري إلى إنسان كريم , والمجتمع البشري إلى مجتمع متراحم مترابط في ظل عقيدة الرحمة.
    إن هذه العقيدة - التي جاء بها القرآن - في تكاملها وتناسقها - جميلة في ذاتها جمالاً يحبّ ويعشق ; وتتعلق به القلوب ..

    ( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) نزل بها هذا القرآن في الليلة المباركة . .
    ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ). يسمع ويعلم , وينزل ما ينزل للناس على علم وعلى معرفة بما يقولون وما يعملون , وما يصلح لهم ويصلحون به من السنن والشرائع والتوجيه السليم. .

    ( رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ )

    فما ينزله للناس يربيهم به , هو طرف من ربوبيته للكون كله , وطرف من نواميسه التي تصرف الكون , بشرط الثبات واليقين.
    وهو الإله الواحد الذي يملك الموت والحياة ; وهو رب الأولين والآخرين.

    ( لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ )

    ******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي




    مع الجزء السادس و العشرون
    (10)
    وبعض أيات من سورة ق والذاريات

    مبدأ الرقابة

    وانعكسه على تصرفات الإنسان وضبطها, وحماية المجتمعات من المؤمنة بأقوي سياج ضد الجرائم وسوء الأخلاق بجانب أجهزة الأمن الساهرة على حماية الأفراد والممتلكات.

    فالإيمان بتدوين كل أعمال وأقوال الإنسان يجعل من الإنسان رقيبا على كل ما ينطق وكل ما يعمل.

    قال تعالى في سورة الإسراء :
    وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14)

    يقال للإنسان يوم القيامة : اقرأ كتاب أعمالك، وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد: حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك.

    وقال تعالى في سورة الكهف :
    وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49)

    تسجيل الصوت والصورة

    ولقد عرف الإنسان في الوقت الراهن تسجيل الصوت والصورة عبر الأقمار الصناعية , وأنظمة المراقبة الدقيقة التي تراقب الداخلين والخارجين في المطارات والفنادق والأبنية الهامة , وكل هذا لا يشكل إلا الحركات الخارجية للإنسان , ويمكن للإنسان أن يتجنب أجهزة المرقبة بالإبتعاد عنها , ولكن لا يستطيع أن يتوارى عن الرقابة الإلهية.

    ******
    المَلَكان المترصدان للتدوين

    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)
    إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
    مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)

    ولقد خلقنا الإنسان, ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه, ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب).
    حين يكتب المَلَكان المترصدان عن يمينه وعن شماله أعماله. فالذي عن اليمين يكتب الحسنات, والذي عن الشمال يكتب السيئات.
    ما يلفظ من قول فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله, ويكتبه, وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ لذلك.
    ومن الحديث الطويل لمعاذ: ..... فأخذ – رسول الله صلى الله عليه وسلم - بلسانه ، قال : كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم.
    الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2616
    خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

    *********

    بعض النماذج من الأعمال الصالحة التي تدون للمحسنين
    وبعض آيات من سورة الذاريات.

    إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)
    كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
    وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
    وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)
    وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21)
    وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)
    فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23)

    كان هؤلاء المحسنون قليلا من الليل ما ينامون, يُصَلُّون لربهم قانتين له, وفي أواخر الليل قبيل الفجر يستغفرون الله من ذنوبهم.
    وفي أموالهم حق واجب ومستحب للمحتاجين الذين يسألون الناس, والذين لا يسألونهم حياء.
    وفي الأرض عبر ودلائل واضحة على قدرة خلقها لأهل اليقين بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، والمصدِّقين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
    وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى, وعبر تدلكم على وحدانية خالقكم, وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه, أغَفَلتم عنها, فلا تبصرون ذلك, فتعتبرون به؟

    أهمية الإيمان

    وفي السماء رزقكم – فلا داعي للسرقة ولا دعي للغش ولا دعي للربا ولا دعي للنصب لأخذ أموال الناس بالباطل .
    فرزقكم سوف يأتيكم لأنه مقدر فاطلبوه بالعمل الصالح وبكرامة.
    إن صور الفساد تستشري في المجتمعات التي تنحي الإيمان جانبا ولا تطبق القانون على الجميع ,
    وفي السماء رزقكم وما توعدون - من الخير والشر والثواب والعقاب, وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر.

    ********

    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو مؤمن ; 09-01-2011 الساعة 04:13 PM
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    295

    افتراضي




    مع الجزء السابع و العشرون
    (1)

    وبعض أيات من سورة الذاريات

    تطالعنا الآيات في هذا الجزء على الهمة في طلب التقرب إلى الله , " ففروا إلى الله " وفي نهاية الجزء يطلب منا ربنا أن نتسابق في طلب المغفرة " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...

    والفرار لا يتأتى إلا من شئ هالك زائل إلى رحاب الأمن والأمان والخلود والسعادة الأبدية.


    فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 50 وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 51 كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ – 52 أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ - 53
    فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ - 54 وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ - 55

    فأعباء الحياة تكبل الإنسان وتقعده عن المضي في تزكية نفسه من الأوزار والغفلة والمعاصي , فجاء النداء العلوي للإنسان يستفيقه من هذه الغفلة.... فالعمر يمضي سريعا , والأيام بل الشهور بل الأعوام تتسارع كانها البرق وكلنا يشعر بهذا وكأنها علامات الساعة...

    الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك . وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر: ( إني لكم منه نذير مبين ).
    ويقابل الكافرون هذه الدعوة بالسخرية والإفتراء منذ بدأت الرسالات إلى يومنا هذا..
    والنتيجة الطبيعية التي تترتب على هذا الموقف المتكرر , الذي كأنما تواصى به الطاغون على مدار القرون , ألا يحفل الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تكذيب المشركين . فهو غير ملوم على ضلالهم , ولا مقصر في هدايتهم وكذلك الدعاة في كل زمان : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ). . إنما هو مذكر , فعليه أن يذكر , وأن يمضي في التذكير , مهما أعرض المعرضون وكذب المكذبون : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ). . ولا تنفع غيرهم من الجاحدين . والتذكير هو وظيفة الرسل والدعاة والعلماء ورثة الأنبياء . والهدى والضلال خارجان عن هذه الوظيفة , والأمر فيهما إلى الله وحده . الذي خلق الناس لأمر يريده....

    ******

    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - 56 مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - 57 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ - 58 فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ - 59 فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ -60

    وتستقيم الحياة مع هذا الفهم الصحيح لحياة الإنسان ..أن تسير وفق القانون الذي وضعه الله تعالى للكون .والعبادة لله تعالى تعني عدم الشذوذ عن الفطرة السليمة للإنسان. كما تعني القيام بالدور المنوط به الإنسان على هذه الأرض ...
    قال تعالى: :
    ( وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة ) 30 البقرة. .
    فهي الخلافة في الأرض إذن عمل هذا الكائن الإنساني . وهي تقتضي ألوانا من النشاط الحيوي في عمارة الأرض , والتعرف إلى قواها وطاقاتها , وذخائرها ومكنوناتها , وتحقق إرادة الله في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيها . كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة الله في الأرض لتحقيق المنهج الإلهي الذي يتناسق مع الناموس الكوني العام.
    هذا هو مفهوم العبادة الشامل لكل جوانب الحياة وليس منصب فقط في أداء الشعائر. فشعائر الإسلام الممثلة في الصلاة والزكاة والصوم والحج لا تشغل كل حياة الإنسان. والمطلوب في الآية كل حياة الإنسان أن تكون عبادة أي تسير وفق سنة الله تعالى في الكون ورسالته التي أرسلها لتحقق العدل والحرية والكرامة للإنسان على وجه الأرض.

    وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.

    *******

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
    سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم ..

    اللهم بلغنا رمضان ..
    وأعنا فيه على الصيام ..
    والقيام وقراءة القرآن ..


    احب الصالحين ولست منهم ..
    لعلى ان انال بهم شفاعة ..
    وأكره من تجارته المعاصى ..
    ولو كنا سواء فى البضاعة ..


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. هدية قيمة ..اضخم مكتبة قانونية على مستوى النت.. متجددة ومجانا
    بواسطة أم خطاب في المنتدى كتب وتعليقات
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 05-16-2016, 10:18 AM
  2. ** موسوعة الصحابة ( رضوان الله عليهم ) .. ارجو التثبيت
    بواسطة ابو مؤمن في المنتدى الشريعة ومستجدات الحياة
    مشاركات: 95
    آخر مشاركة: 05-25-2011, 11:31 PM
  3. ** أتظن أنها محجبة ؟؟!! حملة التعريف بالحجاب الشرعى .. ارجو التثبيت ..
    بواسطة ابو مؤمن في المنتدى الشريعة ومستجدات الحياة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-02-2010, 12:42 PM
  4. تجديد الأخلاق
    بواسطة ساره يوسف في المنتدى الشريعة ومستجدات الحياة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-19-2009, 06:21 AM
  5. الانفجار العظيم
    بواسطة هيثم الفقى في المنتدى كتب وتعليقات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-24-2009, 11:49 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •