ثانيا : فكرة العدالة في مصر الفرعونية :


عبر عن العدالة في اللغة المصرية القديمة بكلمة واحدة هي ( ماعة ) بمعنى الحق والعدالة والصدق وأصبحت (ماعة) آلهة للعدالة والصدق والاستقامة وكان لها دور فعال في انجاح النظام السياسي وكانت كلمة (ماعة) تستخدم في أول الأمر لمعنى واحد هو الحق ثم اخذ معنى ( ماعة ) يتسع حتى صار يشمل معنى أشمل .

ونشأت ( ماعة ) في أول الأمر كأمر شخصي خاص بالفرد للدلالة على الخلق العظيم في الأسرة التي تحيط بالإنسان مباشرة ، وأصبح تأثيرها واضحا في واجبات الحكومة نحو عامة أفراد الشعب تحيز لأسرة الحاكم .

وتحتوي متون الأهرام على أدلة لا تقبل الشك أن قوة العدالة كانت أقوى من سلطان الملك ، وتظهر متون الأهرام أن الملك كان يستمر في إظهار نفس الصفات الحسنة بعد وفاته وانتقاله الى السماء ، ونظرا لارتباط الملوك بإقامة العدل فقد تلقب أحد ملوك مصر من الأسرة الخامسة بلقب العدالة .

ونتيجة لانهيار الدولة القديمة دخلت مصر مرحلة انهيار السلطة المركزية وتفتت البلاد وتعرف هذه المرحلة باسم الثورة الاجتماعية الأولي وحاول بعض المفكرين وضع الحلول حتى تتمكن البلاد من الخروج من هذه الأزمة وكانت فكرة العدالة هي الأساس التي اعتمدت عليه آراؤهم وعلى أساس وجود جيل من الموظفين الذين يتصفون بالعدل والأمانة في ظل حكم ملكي يقوم على العدل والإخلاص وأنه لا خلاص لمصر إلا بوجودهما معا وكان المفكرون يحسون بالحاجة الى وجود حاكم عادل ومن المفكرين الحكيم (ايبو– ور ) وقد عبر عن رأيه في الحاكم المثالي وحدود سلطاته فنجد صورة الملك الأمثل الذي لا يحمل في قلبه شرا .

وقال أيضا الحكيم ( نفرتي ) عن الحاكم وصفاته أن من واجبة إعادة الوحدة إلى البلاد وتحريرها من الأجانب ثم تعود العدالة الى مكانها وأن الظلم ينفى من الأرض .

وفيما يتصل بطبيعة النظام السياسي الداخلي الذي حدده نجد أنه وضع فيه أساسا للمساواة الاجتماعية والسياسية بين جميع أفراد الشعب في تقلد الوظائف وتجدر الإشارة أن الموازين كانت تعتبر رمزا انتشر تداوله في الحياة المصرية .

وكان لأفكار الثورة الاجتماعية الأولي أثارها الإيجابية على نظام الحكم في مصر فنجد أن الملوك قد عادوا العدالة من جديد واستمرت هذا الروح خلال عصر الدولة الحديثة .