فرع الثاني : الطريقة الإدارية لانحلال الزواج
قد يكون الزوج هو الذي يسعى إلى فكّ الرابطة الزوجية, وهذا ما يعرف بالطلاق ( أ )؛ وقد تكون الزوجة هي السبب في انحلال الزواج ( ب ).
أ/ انحلال الزواج من طرف الزوج :
لا يخضع الطلاق في الميزوبوتامي لإجراءات معقدة, بل كان يتمّ بمجرد تسليم رسالة يضع عليها الزوج ختمه. ولا ينص قانون حمورابي إلاّ على طلاق الزوجة العاقر و الخائنة و المهملة لبيتها. وفي الحالة الأخيرة, يسمح القانون للزوج إنزال زوجته منزلة العبيد.
ويمنع نفس القانون, طرد الزوجة المريضة أو طلاقها. لكنه يسمع للزوج في هذه الحالة أن يتزوج من أخرى. أما الزوجة الأولى المريضة فيترك لها الخيار بين البقاء في البيت الزوجي أو مغادرته.
ب/ انحلال الزواج من طرف الزوجة :
لا تسمح القوانين الميزوبوتامية للزوجة ترك زوجها دون سبب جدي وإلاّ تعاقب بالموت غرقا, أو تلقى من أعالي الحصون. لكن, إذا كان الزوج يسئ معاملتها, يسمح لها القاضي مغادرته.
وفضلا عن ذلك, يمكن استخلاص من نصوص قانون حمورابي وقانون أشونا, نوعين من الانحلال: وقتي و دائم.
بالنسبة للانحلال الوقتي : تنص المادة133 أن زوجة أسير حرب التي "ليس لها طعام في بيتها", يجوز لها إعادة الزواج من رجل آخر بشرط الرجوع إلى زوجها الأول في حالة عودته,أما الزوجة التي "لها طعام في بيتها", لا يمكنها حل الرابطة الزوجية وإعادة الزواج من جديد إذ هنا, تعتبر وكأنها قد ارتكبت جريمة الزنا, فتعاقب بالموت غرقًا.
أما بالنسبة للانحلال الدائم: تنص المادة136 على أن الزوجة التي تركها زوجها بسبب"كراهيته لبلده أو مدينته", يمكنها أن تتزوج من جديد وألاّ تعود إلى زوجها الأول عند رجوعه.

المبحث الثاني : نظام الإرث
مبدئيًا, كان الإرث في الميزبوتامي يرجع للذكور فقط (فقرة1)؛ أما حق الإناث فكان غير ثابت (فقرة2).

المطلب الأول : الإرث حق للذكور
إن الأساس من مبدأ إرجاع الإرث للذكور(الأبناء والأحفاد والإخوة), هواعتبارهم "كمتابعين لشخصية الأب و ملتزمين بعبادة الأسلاف".
وحق الأولاد الذكور في الإرث مفروض على الأب بشرط أن يكونوا شرعيين. أمّا أولاد الأمة فلا يرثوا مع أبناء الزوجة الشرعية إلاّ إذا تبناهم والدهم. وتمنع النصوص القانونية حرمان الأولاد الذكور من الإرث في حالة أخطاء جسيمة يقيمها القاضي.
وفي حالة عدم وجود الأولاد, تنتقل التركة إلى أخ المتوفى باعتباره ذكرًا يطبق عليه أساس هذا المبدأ.

المطلب الثاني : حق الإناث في الإرث
حق الإناث في الإرث لا يتجلى في النصوص القانونية القديمة, سواء تعلق الأمر ببنت المتوفى أو بأرملته.
أما البنت, فيبدو أنها كانت – أصلا- محرومة من الإرث؛ ويعوض حرمانها من هذا الحق "الشركتو", أي المال الذي يهبه الأب لابنته بمناسبة زواجها. ولكن في بعض الحالات الخاصة, كان للبنت حق في الإرث: ربما ذلك في حالة عدم وجود الأولاد الذكور. وعلى كلّ حال, كانت الكاهنة ترث أباها, لكنها لا تكتسب إلاّ حقّ الانتفاع بالأموال التي سترجع إلى أسرتها عند وفاتها.
أما الأرملة, فلا ترث من زوجها إذ ليس لها الحق إلاّ في البقاء في البيت الزوجي والعيش من"الشركتو" و "النودونو". وهذه الأموال, كما رأينا, لا يجوز لها التصرف فيها إذ هي تساعدها فقط على تأمين معيشتها ومعيشة أولادها. لكن في حالة عدم وجود "النودونو", تمنح لها المادة172 من القانون حمورابي, الحق في الإرث الذي يتمثل في نصيب أحد الأبناء.

المبحث الثالث : نظام التبني
كان نظام التبني منتشرا عند البابليين و الأشوريين. وكان معروفا منذ العهود الأولى. وقد أنشئ عادة ليحل محل عدم وجود الابن الحقيقي, قصد ضمان استمرارية الأسرة وخلود العبادة .ولكن في بعض الأحيان, قد يصدر من أشخاص لديهم أطفال.
وعرف التبني في الميزوبوتامي تنظيمًا خاصًا: فهو يتم بموجب عقد(مطلب الأول), ومخالفة مضمونه قد ترتب جزاءات صارمة(المطلب الثاني).

المطلب الأول : عقد التبني

هناك بعض الشروط يتطلبها عقد التبني في الميزوبوتامي (فرع أول ), لكي يرتب كامل آثاره (فرع ثاني ).
الفرع الأول : شروط عقد التبني
إضافة إلى الشرط الشكلي المتمثل في تحرير كتابي للعقد,يشترط في التبني رضا طرفيه: الطرف الأول المتبني أي العائلة التي تستقبل الطفل(الأب أو الأم أو الاثنين معًا)؛ أما الطرف الثاني, فقد يكون الطفل المتبني نفسه إذا لم تكن له عائلة, وقد يكون الشخص الذي لديه سلطة على الطفل(من المفروض أبوه أو سيّده إذا كان عبدًا).
الفرع الثاني : آثار عقد التبني
بمجرد كتابة عقد التبني, يتم التسليم الفعلي و الحقيقي للطفل.ومن هنا, ينتقل هذا الأخير تحت سلطة المتبني و رعايته؛ ويصبح ولدًا شرعيًا له : فيكتسب نفس حقوق الإرث التي يتمتع بها الولد الشرعي, و ينفصل عن كل ارتباط من عائلته الأصلية مع فقدانه منها كل حق في الإرث.
وتقضي النصوص القانونية أن الأبوين الأصليين للطفل المتبني لا يمكنهما إعادة النظر في عقد التبني إلاّ إذا تم أخذ الطفل بالقوة و العنف. وتسمح لهما نفس النصوص بإرجاع ابنهما في حالة عدم معاملة المتبني للمتبني كإبنه الشرعي وفي حالة تخلي المتبني الحرفي عن واجباته بعدم تعليم الحرفة للطفل المتبني.
المطلب الثاني : الجزاءات المترتبة على مخالفة مضمون العقد
إذا أنكر أحد طرفيْ عقد التبّني الآخر, يقع عليه جزاء:
بالنسبة للأب التبني, يتجلى جزاءه من خلال مضمون بعض العقود الميزوبوتامية التي تقضي بأنه يحرم من"بيته و أمواله"؛
أما الطفل المتبني, فكان إنكاره لأمه أو لأبيه المتبني يعرضه لعقوبة صارمة: وهذا يتجلى في نصوص قانون حمورابي التي تقضي بقطع لسانه أو بفقإ عينه, و قد ينزل منزله العبيد.


منقول