إن الدين الحق هو النظام الفطري الذي وضعه الله.

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [ 30:30]

فالقوانين التي سنها الله هي مبادئ فطرية دائمة ، وغير قابلة للتغيير.

اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا [ 35:43]

سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [33:62]

سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [48:23]

فقتل إنسان برئ ، على سبيل المثال ، سيظل يعتبر دائما شيئا ضد القانون مهما كان الزمان والمكان.

فجوهر الدولة الفطرية أنها تكون محكومة بقوانين طبيعية ودائمة .


المبدأ الأول: المساواة في العدل

إن أغلب الناس سوف يتفقون على أن أهم ما يجب أن تتصف به أي حكومة هو أن يكون لديها نظام يتسم بالمساواة والعدل:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [ 4:58]

ويجب أن يطبق هذا النظام على جميع أفراد الدولة بالتساوي . فلا يجب أن تكون هناك قوانين خاصة بطبقة دون طبقة، أو مجموعة من الناس دون مجموعة أخرى. وفي الواقع أن هذا النظام العادل يجب أن يطبق حتى على الأعداء. ولهذا فإن الله يقول لنا في كتابه الكريم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [ 5:8]



المبدأ الثاني: إفتراض البراءة


إن إفتراض براءة الإنسان الذي لم تثبت إدانته هو مبدأ من المبادئ المحورية التي وضعها الله في القرآن. والمثال الذي ضربه لنا في قصة داوود 26-38:21 يوضح ذلك. فقد لام الله داوود لأنه افترض أن المتهم مذنب دون أن يتحقق بطريقة موضوعية من ذلك الأمر . وعلاوة على ذلك فإن الشك الذي بلا دليل واضح يعتبر إثما في القرآن ، كما توضح الآية التالية:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ...[49:12]


المبدأ الثالث: علنية العدالة


من حق المدان أن يحصل على محاكمة عادلة وعلنية ، فالمظلوم من حقه أن يجهر بشكواه :

لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا [4:148]



المبدأ الرابع: من حق المدان أن يواجه خصمه


فالآية 49:12 تفسر في العادة على أنها تتحدث عن السلوك الشخصي ، مع أنها في الواقع تشتمل على مغزى كبير بالنسبة إلى النظم العامة للحكومة. فهي توضح ، على سبيل المثال ، أن المتهم من حقه أن يواجه الشخص الذي يتهمه:

...وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [49:12]

وعلاوة على ذلك فإن القصص المتداولة بين الناس بلا أي دليل هي شيء مرفوض في أي محاكمة عادلة ، بل يجب علينا ألا نشهد سوى بما رأيناه بأنفسنا

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [17:36]


المبدأ الخامس: معاقبة الشخص المذنب فقط

يجب معاقبة الشخص المذنب فقط ، وألا يمتد العقاب ليشمل أسرته ، أو أي شخص آخر(أنذر53:38 , 6:164)

أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [53:38]