المبدأ السادس: لا يجب أن يتعرض الشاهد لأي أ ذى

لا يجب أن يتعرض الشاهد لأي أذى نتيجه لشهادته ، بما في ذلك أن يكره على الشهادة ضد نفسه:

... وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [2:282]


المبدأ السابع : العقاب مساويا للجريمة

يجب أن يكون العقاب مساويا للجريمة ، أو أقل منها. فالتمادي ، والمبالغة في فرض العقاب هما من الأشياء المكروهة في الإسلام (أنذر 42:40 , 5:45 , 17:33)

وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [42:40]

فالغرامات المبالغ فيها ، والمبالغة في القسوة عند فرض العقوبة هما من الأشياء المرفوضة.



المبدأ الثامن: لا يجب أن يدخل أي شخص منزلا دون أن يستأذن من صاحب الدار

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُون عَلِيمٌ َ [24:27- 24:28]

أي أن ملكية الشخص وأمنه الشخصي ، سواء كان جسديا ، أم فكريا ، يجب ألا يتعرضا لأي عدوان. فحرمة بيته يجب أن تصان ، فلا يدخل أي شخص عنوة إلى داره ، أو يتعرض للتفتيش ، أو للمصادرة ، أو للطرد (أنذر2:85). ويجب أن تكون ثروات الأفراد أيضا مصانة من أي انتهاكات (أنذر 2:188, 4:29).

وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل...ِ [2:188]

أما المباني غير السكنية ، أو التي تقدم خدمات عامة فهي لا تخضع لهذا المبدأ.

لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ [24:29]



المبدأ التاسع : لا تجسس

وهناك قانون آخر في الآية 49:12 جرت العادة أيضا على تفسيره بمنطق ضيق على أساس أنه يتكلم عن السلوك الشخصي ، بينما هو يتكلم في الواقع عن مغزى أوسع من ذلك بكثير يتعلق بسلوك جهاز الحكم. وهو القانون الذي يمنع أي صورة من صور التجسس.

وَلَا تَجَسَّسُوا...[49:12] …

فالمنع هنا له معنى عام ، ولا يقتصر على الأفراد فقط. وهذا يعنى أنه ليس من حق الدولة أن تكون جهازا للتجسس على رعاياها ، أو حتى على الدول الأخرى ، مهما كانت درجة عداء تلك الدول لها. فالفائدة التي تعود من وراء التجسس ، هي شيء مشكوك فيه بدرجة كبيرة. فالأشخاص الذين تجذبهم مثل تلك المهنة يكونون في الغالب ، بسبب طبيعة عملهم ، غير أهل للثقة ، وذوي شخصية متسلطة. وعلاوة على ذلك ففي الأوقات التي لا يكون هناك فيها أي تهديد للدولة يحاول هؤلاء الأفراد أن يختلقوا جوا مضطربا يبررون به وجودهم ، والميزانية الضخمة المكرسة لهم. ولهذا ينتهي بهم الأمر في لحظة ما إلى التجسس على شعبهم نفسه ، وإلحاق الضرر بأفراده.



المبدأ العاشر : العدل في العلاقات الدولية

إن النظام العادل بتطلب ، كما وضحت في المبدأ الأول ، أن يتم تطبيقه على الجميع على حد السواء. فيجب ألا تكون هناك أي تفرقة مبنية على النوع ، أو العرق ، أو الدين ، أو الجنسية. أي أن أي مواطن أجنبي ، ينتمي لدولة أخرى ، حتى ولو كانت تلك الدولة معادية ، تكون لديه نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن في ظل النظام العادل الذي يسود في الدولة الفطرية.

والدولة الفطرية لا يمكن أن تكون هي البادئة بالعدوان بأي صورة من الصورفي أي خلاف ينشأ بينها وبين دولة أخرى. ولكن ، علينا أن نتساءل ، حيث أن هناك رفض تمام لفكرة التجسس ، حتى ولو ضد الدول المعادية ، كيف يمكن للدولة الفطرية أن تحمى نفسها ضد أعداءها؟ والأجابة هنا هي : بواسطة الردع.

وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون [8:60]

فالدولة الفطرية عليها أن تردع أعداءها المعروفين ، وأعداءها غير المعروفين أيضا (وهم الأخطر) بواسطة المحافظة على تفوقها التكنولوجي الذي يخضع للأسس التي تقوم عليها الدولة. فكلمة (خيل) هي صيغة مجازية تعبر عن التكنولوجيا. وهي قد أتت في الآية بصورة الجمع بينما كلمة (رباط) جاءت بصيغة المفرد مما يدل على أن مختلف أنواع التكنولوجيا يجب أن تخضع ، ويتم التحكم فيها ، بواسطة بنية منظمة واحدة.

ولكن كيف يمكن للدولة الفطرية أن تحقق التفوق التكنولوجي؟ والإجابة هي : بواسطة الإلتزام بسنة الله ، وبالتالي تحرير عقول أفرادها ، مما سوف يمكنها من تحقيق التفوق التكنولوجي بسرعة. ومثال ذو القرنين في القرآن يوضح ذلك. بل إن القرآن ينص صراحة على أن المؤمنين هم الذين ينصرهم الله (أنذر30:47 , 47:7) .

علاوة على ذلك فالقرآن ينص على ضرورة احترام المعاهدات المبنية على المبادئ التي سنها الله ، التي تعقد مع الدول الأخرى ، وهي المعاهدات التي يتم التعاون من خلالها لتحقيق كل ما فيه الخير للإنسانية.



المبدأ الحادي عشر : الحرية الدينية مكفولة تماما في الدولة الطبيعية

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [ 2:256]

إن الحكومات المتقدمة تضع حاجزا يفصل تماما بين الدولة والمؤسسات الدينية. أما المبادئ التي ينص عليها القرآن فهي تذهب إلى أبعد من ذلك. فهي تنص على أن كل فرد مسؤول عن معتقداته وعن الخلاص بنفسه في الآخرة.

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُون َ[ 6:94]