دكتور غنام
قناة دكتور أكرم على يوتيوب

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: التعليم المفتوح: محاضرة عن (موانـــــــع المسئولية)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    1,353

    02222255 التعليم المفتوح: محاضرة عن (موانـــــــع المسئولية)

    موانع المسئولية

    - المقصود بموانع المسئولية :

    يُقصد بموانع المسئولية الجنائية الأسباب التي تجعل الشخص غير أهل لتحمل تبعة ارتكابه للجريمة . فعلى الرغم من ارتكابه للركن المادي في الجريمة وعلى الرغم من وجود نص يعاقب على ارتكاب ذلك الفعل ، إلاّ أنه لا يُسأل جنائيا عن الجريمة.

    وتتمثل موانع المسئولية في عدم التمييز وعدم الاختيار ، فإذا كان الفاعل مفتقدا التمييز كان مفتقدا للأهلية الجنائية ، ومن ثمّ غير مسئول جنائيا . ويفقد الشخص التمييز نظر لصغر السن وكذلك نظرا لمرض عقلي أو لعارض من العوارض التي تتمثل في تعاطيه للخمور أو للمخدرات . ويفقد الشخص حرية الاختيار عندما يكون خاضعا لحالة الضرورة أو للإكراه المادي .

    - تعداد موانع المسئولية في قانون العقوبات :

    موانع المسئولية وفقا لقانون العقوبات تتمثل في التالي :
    1 – صغر السن
    2- فقد الإدراك والتمييز
    3 – حالة الضرورة
    4- الإكراه

    أولاً: عدم التمييز لصغر السن


    لا مسئولية جنائية تقع على عاتق من كان فاقدا التمييز بسبب صغر سنة. وتقدر سن التمييز بسبع سنوات ( مادة 94 من قانون الطفل ) .
    والعبرة في تحديد السن هو بوقت ارتكاب الجريمة . فإذا كان الفاعل لم يبلغ السابعة من عمره ولكنه بلغها وزاد عنها بعد ذلك ، فإن مسئوليته الجنائية لا تنعقد رغم ذلك .

    - طريقة تحديد السن :

    نصت المادة (95) من قانون الطفل على أن المعول عليه – بحسب الأصل - في تحديد السن هو الوثيقة الرسمية ، فتنص على أنه " ولا يعتد في تقدير سن الطفل بغير وثيقة رسمية ، فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنه بواسطة خبير " . ويُرجع في تحديد سن الصغير إلى التقويم الميلادي وليس التقويم الهجري . ويستند ذلك إلى صريح نص المادة (95) من قانون الطفل .

    - النتائج القانونية المترتبة على صغر السن :

    يترتب على صغر السن الذي لم يصل إلى سن التمييز النتائج القانونية التالية :
    1 – تقرير عدم المسئولية الجنائية ، بيد أن ذلك لا يحول دون قيام المسئولية المدنية .
    2 – عدم إقامة الدعوى الجنائية على الصغير غير المميز .
    3 – جواز إخضاع الصغير لتدبير من التدابير الواردة في قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 .

    - خضوع الحدث من السابعة إلى الثامنة عشرة إلى قانون الأطفال :

    إذا تجاوز عمر المتهم السابعة ولكنه لم يتعد الثامنة عشرة فإنه يُعد طفلا ويخضع لأحكام قانون الطفل.

    ثانياً: فقد الإدراك أو الاختيار

    - الإدراك والاختيار أساس للمسئولية الجنائية :

    لا يُسال جنائيا كل من فقد إدراكه أي أصابه عارض من العوارض التي جعلته غير مدرك لما يقوم به من أفعال . فالشخص هو بالغ ومميز ولكنه أصيب بعاهة في العقل أو تناول مسكرا أو مخدرا أفقده إدراكه . في هذه الحالة تنتفي مسئوليته الجنائية .
    كما تنتفي المسئولية الجنائية لمن يفقد حريته في الاختيار بمعنى أنه يشعر بقوة تدفعه على سلوك سبيل معين ، بحيث لا يملك لذلك ردا ، فينساق إلى إتيان أفعال بغير إرادة . فحيث يفقد الشخص قدرته على الاختيار يفقد إرادته ومن ثم لا يُسأل جنائيا .
    فتنص المادة (62) عقوبات على أنه " لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختبار في عمله وقت ارتكاب الفعل : - إما لجنون أو عاهة في العقل ، - وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو على غير علم منه بها " .

    - أسباب فقد الإدراك أو الاختيار :

    يبين مما سبق أن أسباب فقد الإدراك أو الاختيار التي تسوغ عدم مسئولية المتهم عن جريمته يرجع إلى :

    1 – عاهة في العقل
    2 – تناول المخدرات . وتأخذ المسكرات حكم تناول المخدرات .
    وسوف نتناول كل من هذين السببين فيما يلي من شرح وتحليل :

    (أ):عاهة العقل

    - المقصود بعاهة العقل :

    يُقصد بعاهة العقل الجنون أو أي مرض عقلي آخر من شأنه أن يفقد إدراك المتهم أو يفقده سيطرته على أفعاله (اختياره). ويستوي أن تكون تلك العاهة العقلية موروثة أو طارئة ، ويستوي أن تتعلق بالمخ أو تتعلق بالأعصاب ، فالعبرة هي بالأثر الذي تخلفه تلك العاهة أو ذلك المرض .

    - اختلاف المرض العقلي عن المرض النفسي :

    يختلف المرض العقلي أو العصبي الذي يؤثر في المسئولية الجنائية عن المرض النفسي . هذا الأخير يتمثل في اضطرابات نفسية لا تؤثر على قدرة المريض على الإدراك ؛ فهو يميز بين الصواب والخطأ ، كما إنه يسيطر على أفعاله ، حتى وإن كان يميل إلى التصرف بأسلوب يتسم بالانحراف في بعض مظاهره كأن يكون عنيفا في التعامل أو يشك في سلوك الآخرين فسرعان ما يتهمهم بالخيانة ومن ثمّ ينساق إلى سلوك إجرامي في مواجهتهم. ومن أهم الأمراض النفسية التي تسبب خلالا كبيرا في الشخصية بوجه كبير هو السيكوباتية . فالسيكوباتي شخص منحرف الغرائز يتسم بشذوذ في طباعه ومن ثمّ في سلوكياته التي تتسم أحيانا بالسادية وأحيانا أخرى بالماسوكية . وقد قضت محكمة النقض بأن المصاب بالحالة المعروفة باسم الشخصية السيكوباتية لا يعتبر في عرف القانون مجنونا أو مريض عقل ، ومن ثمّ لا يمكن إعفاؤه من العقاب طبقا للمادة 62 من قانون العقوبات.

    - شروط المرض العقلي الذي تنتفي معه المسئولية الجنائية:

    يشترط في المرض العقلي الذي تنتفي معه المسئولية الجنائية توافر أمرين:

    أولهما : أن يتعلق الأمر بمرض عقلي ينفي القدرة على الإدراك أو الاختيار. فإذا اقتصر أثر ذلك المرض على ضعف أو نقص الإدراك وقت ارتكاب الجريمة يمكن أن يُعد عذرا مخففا للعقوبة .
    أما إذا لم يكن من شأن المرض العصبي أن يعدم التمييز أو الإرادة ، فإنه لا يحول دون المسئولية الجنائية .

    ثانيهما : أن يكون المتهم مصابا بذلك المرض عند ارتكاب الجريمة . فإذا طرأ عليه في وقت لاحق اقتصر أمره على عدم محاكمته حتى يُشفى من ذلك المرض لكي يتمكن من الدفاع عن نفسه .

    النتائج القانونية المترتبة على المرض العقلي :

    يترتب على إصابة المتهم بالمرض العقلي في أثناء ارتكابه للجريمة النتائج التالية :

    1- لا يُسأل المتهم جنائيا . أما إذا أُصيب بهذا المرض بعد ارتكابه للجريمة ، فإنه يتم تأجيل نظر الدعوى لحين شفائه حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه . فتنص المادة (339) إجراءات جنائية على أنه " إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب حالة جنون أو اختلال أو ضعف عقلي أو مرض نفسي جسيم طرأ بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يزول ذلك السبب . ويودع المتهم في هذه الحالة مأوى علاجيا حسب الأحول . ولا يحول وقف الدعوى دون اتخاذ إجراءات التحقيق التي يرى أنها مستعجلة ولازمة " .

    2 – يُسأل المتهم مدنيا .

    3 – يتم إخضاع المتهم المريض لتدابير علاجية في مستشفى متخصص .


    (ب)فقدان الإدراك أو الإرادة بسبب تناول المسكرات أو المخدرات


    التمييز بين التناول الاختياري والتناول غير الاختياري للمسكرات والمخدرات :

    عالج المشرع فرض التناول غير الاختياري للمخدر من جانب المتهم ، تاركا فرض التناول الاختياري للمخدر من حيث تأثير كل منهما على المسئولية الجنائية .

    أولا – التناول غير الاختياري للعقاقير المخدرة :

    تنص المادة (60) عقوبات على امتناع المسئولية في حالة تعاطي المخدرات عند فقد الإدراك أو الاختيار بقولها : " لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة : - إما لجنون أو عاهة في العقل ، - وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو على غير علم منه بها . " .

    ويبين من النص السابق أن امتناع المسئولية يتحقق في هذه الحالة بشرطين : - أن يكون التناول بدون علم أو بدون إرادة ، - أن يفق الشخص الإدراك أو الاختيار كلية .

    ثانيا- التناول الاختياري للعقاقير المخدرة :

    يثار خلاف في الرأي بصدد تفسير المادة (62) عقوبات التي عالجت فرض التناول غير الاختياري أو عن غير علم للمواد المخدرة ، دون التعرض للفرض المخالف هو تناول العقاقير المخدرة عن غير علم ، أو عن غير إرادة. وقد تشعبت الآراء في حل تلك المشكلة إلى ثلاثة آراء :

    الرأي الأول :

    ويتجه هذا الرأي إلى أن تفسير المادة (62) عقوبات بمفهوم المخالفة بحيث تنعقد المسئولية الجنائية الكاملة لمن يتناول المادة المخدرة عن علم وإرادة . ويستند هذا الرأي إلى حجة قوية مفادها أن الأصل هو قيام المسئولية الجنائية عن الجريمة وأن الاستثناء هو عدم المسئولية . فإذا أورد المشرع حالة معينة لعدم المسئولية عند توافر التخدير أو السكر الاختياري ، فإنه يقصد من ذلك قيام المسئولية عن حالة السكر أو التخدير الاختياري استصحابا للأصل العام وهو المسئولية .

    الرأي الثاني :

    يتجه هذا الرأي إلى انعقاد مسئولية المتهم في حالة السكر أو التخدير الاختياري على أساس الخطأ غير العمدي ، استنادا إلى أنه أقدم على ارتكاب الجريمة دون احتياط منه بقبوله أن يتناول اختياريا تلك المادة المسكرة أو المخدرة .

    غير أن هذا الرأي ترد عليه انتقادات ، منها أن المسئولية الجنائية عن الخطأ غير العمدي يلزم لها أيضا توافر الإدراك والاختيار وهو ما لا يتوافر هنا . يُضاف إلى ذلك أن كثيرا من الجرائم لا تقع إلاّ بوصف العمد كالاغتصاب وهتك العرض والقذف والسب والسرقة . ويؤدي هذا الرأي إلى عدم مسئولية المتهم عنها وهو ما يتنافى مع مقصود الشارع الذي لم تتجه إرادته إلى تقرير سبب لعدم المسئولية في حالة السكر أو التخدير الاختياري .

    الرأي الثالث : اتجاه محكمة النقض :

    تتجه محكمة النقض إلى الاعتداد بالمسئولية الجنائية لفاقدي الإدراك أو الاختيار بناء على سكره الاختياري أو تخديره الاختياري باستثناء الجرائم التي يستلزم فيها القانون قصدا جنائيا خاصا . ويستند استبعاد المسئولية عن الجرائم ذات القصد الخاص في حالة السكر أو التخدير الاختياري وبقاء المسئولية عن الجرائم ذات القصد العام – في رأي المحكمة – إلى أن " الشارع لا يكتفي في إثبات هذا القصد ( الخاص ) – بالأخذ باعتبارات وافتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيام الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع ". فجريمة القتل يلزم لها ، وفقا لأحكام القضاء ، توافر قصد خاص وهو نية القتل ، فلا يُسأل المتهم في حالة السكر الاختياري أو التخدير الاختياري عن القتل العمد ، ولكن يُسأل عن الضرب أو الجرح المفضي إلى الموت .

    فيعتد بقصده العام دون القصد الخاص . كذلك فإن القضاء يستلزم لوقوع جريمة السرقة توافر قصد خاص وهو نية التملك . وبالتالي فإن المتهم في حالة السكر الاختياري أو التخدير الاختياري لا يُسأل عن السرقة لأنها جريمة عمدية ولا يمكن إقامة مسئوليته على أساس من الخطأ غير العمدي .

    ثالثاً: حالة الضرورة

    - المقصود بحالة الضرورة :

    حالة الضرورة هي ظرف من الظروف الخارجية التي تحيط بالشخص وتدفعه إلى ارتكاب الجريمة للتخلص من خطر جسيم على نفسه أو نفس غيره. من ذلك أن يضطر الشخص إلى كسر الباب لكي ينجو من الحريق الذي اشتغل في مسكن يستأجره ، أو أن يخرج في حالة الحريق إلى الشارع وهو متجرد من ملابسه . في هذه الحالة لا يُسأل عن جريمة الإتلاف أو جريمة الفعل الفاضح العلني .

    - حالة الضرورة مانع من موانع المسئولية :

    كانت الطبيعة القانونية لحالة الضرورة محلا للمناقشة : هل حالة الضرورة سبب من أسباب الإباحة أو مانع من موانع المسئولية ؟ فنصت المادة (61) عقوبات صراحة على أنه " لا عقاب على .."، بالإضافة إلى أنها أوردت حالة الضرورة في الباب التاسع الذي جاء عنوانه " أسباب الإباحة وموانع المسئولية … " .

    - حالة الضرورة والحادث المفاجئ :

    الحادث المفاجئ أمر غير متوقع تسبب في ارتكاب الفاعل لسلوك خاطئ. فالانحراف عن الطريق سلوك خاطئ ولكنه إذا كان سبب ذلك هو مفاجأة القائد بسيارة أخرى تواجهه فاضطر إلى الانحراف على جانب الطريق حيث كان يسير أحد المشاة فتسبب في وفاته ، فإن ذلك من شأنه أن يقطع علاقة السببية بين خطأ هذا القائد وبين وفاة المجني عليه ومن ثم فإنه لا يُسأل جنائيا عن النتيجة التي حدثت .

    - حالة الضرورة والقوة القاهرة :

    عادة ما يُستعمل تعبير القوة القاهرة في صدد المسئولية المدنية أي في مجال القانون المدني ، وذلك للدلالة على الحدث الذي حمل الشخص على فعل معين إذا كان الفاعل تحت تأثير ظروف خارجية يستحيل توقعها أو توقيها. من ذلك أن يتسبب اندلاع حرب في حدوث عجز في مواد معينة في السوق ، فأصبح المورد غير قادر على توريدها للمتعاقد معه. هذه القوة القاهرة من شأنها أن تنفي الخطأ . كما أن تعبير القوة القاهرة يستعمل في صدد علاقة السببية بين الفعل والنتيجة للدلالة على انقطاعها ، حتى لا يُسأل عن حدوث النتيجة .

    أما حالة الضرورة فهو التعبير المستعمل عادة في صدد تحديد موانع المسئولية الجنائية . والحقيقة أن مضمون الاثنين لا يختلفان ، فهما يتمثلان في قوة خارجية ترجع إلى الظروف المادية من شأنها أن تسلب الإرادة حريتها .

    بيد أنه يبقى خلاف هام بين الاثنين ؛ ألا وهو أن حالة الضرورة لا تحول دون المسئولية المدنية ، أما القوة القاهرة فإنها تدرأ المسئولية المدنية ، سواء أكانت مسئولية تقصيرية ( خطأ وضرر وبينهما علاقة سببية ) أم مسئولية تعاقدية ( تستند إلى وجود عقد ) . ذلك أن القوة القاهرة تنفي ركن الخطأ كما أنها تنفي علاقة السببية وبالتالي فإنه لا مجال لوجود المسئولية المدنية معها، أما حالة الضرورة فإنها تقوم على اتجاه قصد الجاني إلى ارتكاب جريمة ( تشكل ضررا للغير أحيانا ) بسبب وجود ظروف مادية اضطرته إلى وقاية نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله . فليس من السائغ أن يستفيد شخص على حساب ضرر سببه إلى الغير . يُضاف إلى ذلك أن القوة القاهرة تتمثل في عدم استطاعة الفاعل القيام بنشاط معين ، بينما في حالة الضرورة يقوم الفاعل بنشاط معين ينحرف عن سلوك الرجل العادي إذا نُظر إليه في حد ذاته .

    - شروط حالة الضرورة :

    بيّن قانون العقوبات شروط حالة الضرورة التي تعتبر سببا من أسباب امتناع المسئولية ، منها ما يتعلق بالخطر ومنها ما يتعلق بفعل الضرورة .

    أولا - الشروط المتعلقة بالخطر :

    يتعين أن يتوافر في الخطر الذي يبرر حالة الضرورة الشروط التالية :

    (أ) نسبة الخطر إلى ظروف خارجية وليس إلى اعتداء من إنسان:

    - هنا يظهر الفارق بين حالة الضرورة والدفاع الشرعي؛ فالاعتداء الذي يبيح حالة الدفاع الشرعي يصدر من إنسان ، بينما الخطر الذي يبرر حالة الضرورة يصدر من الطبيعة.

    (ب) جسامة الخطر :

    - استلزمت المادة (61) عقوبات أن يكون الخطر في حالة الضرورة جسيما . ويُقصد بالخطر الجسيم الذي لا يمكن تفاديه بغير تضحية كبيرة أو ضرر كبير يهدد النفس أو المال . وتقدير مدى جسامة الخطر مسألة موضوع يترك أمرها إلى محكمة الموضوع

    (جـ) حلول الخطر :

    عبرت المادة (61) عقوبات عن هذا الشرط بقولها "على وشك الوقوع". فلا يجوز ممارسة فعل الضرورة ضد خطر مستقبلي ، ذلك يدل على أن ارتكاب جريمة لم يكن أمرا لازما لواجهة الخطر .

    (د) الخطر على النفس :

    تقصر المادة (61) عقوبات مجال حالة الضرورة على جرائم النفس دون المال ، وذلك على خلاف الوضع في الدفاع الشرعي الذي يشمل جرائم النفس وجرائم المال . ويرجع ذلك إلى أن المجني عليه في حالة الضرورة هو شخص برئ ، فهو ليس هو المعتدي . يُضاف إلى ذلك أن مفهوم جرائم " النفس " في حالة الضرورة يتسع ليشمل جرائم عديدة منها جريمة الفعل الفاضح . فمن يشب حريق في منزله ويضطر إلى الخروج عاريا إلى الشارع يستفيد من حالة الضرورة .

    (هـ) ألاّ يكون للمستفيد دخل في حدوثها :

    لا يجوز للشخص أن يتسبب عمدا في حدوث حالة الضرورة وفي نفس الوقت أن يتمسك بارتكاب جريمة بسبب تلك الحالة . فمن أشعل حريقا عمدا ليس له أن يتمسك بامتناع مسئوليته عن جريمة ارتكبها استنادا إلى حالة الضرورة التي نشأت عن ذلك الحريق . أما إذا تسبب في حدوث حالة الضرورة بخطئه غير العمدي ، فإن له أن يتمسك بحالة الضرورة ، كأن يتسبب بإهمال منه في حدوث ذلك الحريق . وقد عبرت لمادة (61) عقوبات عن ذلك بقولها " ولم يكن لإرادته دخل في حلوله " .

    ثانيا – الشروط المتعلقة بفعل الضرورة :

    - أوردت المادة (61) عقوبات شروط فعل الضرورة بقولها "ولا في قدرته بطريقة أخرى " . وبناء عليه فإن فعل الضرورة يتعين أن يكون : 1- لازما ، 2- متناسبا .

    1 – شرط اللزوم :

    - لا يجوز اللجوء إلى ارتكاب جريمة إذا كان دفع حالة الضرورة ممكنا دون ارتكابها . في هذه الحالة الأخيرة لا يكون فعل الضرورة لازما . وبالتالي فإن مفهوم شرط اللزوم لا يختلف في حالة الضرورة عنه في حالة الدفاع الشرعي.

    كما لا يُعد فعل الضرورة لازما إذا تم توجيهه إلى غير مصدر الخطر ، فلا يجوز لمن يهدده كلب أن يقوم بالاعتداء على صاحبه .
    بيد أنه لا يشترط في فعل الضرورة أن يوجه إلى مصدر الخطر ، وهذا ما يميز حالة الضرورة عن الدفاع الشرعي . ففي حالة الحريق يضطر صاحب المنزل إلى دخول مسكن شخص آخر منتهكا حرمته ، وله أن يستولي على ممتلكات لغيره لكي يقاوم خطر الحريق حتى يصل فريق مكافحة الحريق. فهناك الغير في حالة الضرورة الذي يتحمل ضررا من جراء خطر لم يتسبب في حدوثه، بينما لا يتحقق ذلك في حالة الدفاع الشرعي .

    2 – شرط التناسب :

    لا تتوافر حالة الضرورة باعتبارها مانعا من موانع المسئولية إلاّ إذا كان فعل الضرورة متناسبا مع الخطر . فإذا زاد فعل الضرورة عن القدر الضروري فإن المسئولية الجنائية تنعقد عنه عندئذ . ولا يختلف مفهوم التناسب الذي يتحدد وفقا لما هو متاح في ظروف الدعوى عما هو مقرر في الدفاع الشرعي.

    - الدفع بقيام حالة الضرورة من الدفوع الجوهرية :

    إذا تمسك المتهم بقيام حالة الضرورة ، وكانت وقائع الدعوى ترشح لقيامها، فإن على المحكمة أن تمحص هذا الدفاع إيرادا وردا ، فإن هي لم تفعل، فإن حكمها يكون قد شابه عيب الإخلال بالحق في الدفاع .

    - النتائج القانونية المترتبة على توافر حالة الضرورة :

    يترتب على توافر شروط حالة الضرورة النتيجتان التاليتان :

    1 – امتناع المسئولية الجنائية للفاعل :

    لا تعتبر حالة الضرورة سببا من أسباب الإباحة ، وبالتالي يبقى الفعل مشكلا لجريمة ولكن يمتنع مساءلة مرتكب الجريمة الذي تواجد في حالة ضرورة من الناحية الجنائية ، أي يمتنع توقيع عقوبة من العقوبات الجنائية عليه .


    2 – قيام المسئولية المدنية :

    مادام أن الفعل الضروري يشكل جريمة ، فإن مؤدى ذلك أن هذا الفعل يشكل خطأ جنائيا . ومادام أنه خطأ جنائي فإن مؤدى ذلك أنه خطأ مدني ، نظرا لوحدة الخطأ الجنائي والخطأ المدني . فإذا تسبب هذا الخطأ في إحداث ضرر للغير فإن المسئولية التقصيرية (المدنية ) تقوم عندئذ .

    رابعاً: الإكراه

    - المقصود بالإكراه :

    الإكراه إما أن يكون إكراها ماديا أو إكراها معنويا . ويٌقصد بالإكراه المادي قوة تسيطر على إرادة الشخص فتلغي حريته في الاختيار . أما الإكراه المعنوي فإنه يتمثل في ضغط يمارسه شخص على إرادة آخر بحيث يفسد حريته في الاختيار فلا يمارسها بالشكل الطبيعي ، ولكنه لا يلغيها بشكل كلي ، كما هو الحال في الإكراه المادي.

    ويٌُعد الإكراه سواء أكان ماديا أو معنويا من عيوب الإرادة التي من شأنها أن تمنع المسئولية الجنائية لمرتكب الجريمة تحت تأثير أي من هذين النوعين من الإكراه .

    - الإكراه مانع من موانع المسئولية :

    لم تنص المادة (61) عقوبات على اعتبار الإكراه مانعا من موانع المسئولية . ومع ذلك فإنه من المستقر أن الإكراه المعنوي سبب من أسباب امتناع المسئولية .
    - التمييز بين الإكراه المادي والإكراه المعنوي :
    يتفق الإكراه المادي والإكراه المعنوي في أمور ويختلفان في أمور أخرى:
    فهما يتفقان في التالي :
    1 – أن الإرادة في الحالتين معيبة ولا يُعتد بها من الوجهة القانونية
    2 – أن الاثنين من موانع المسئولية الجنائية
    3 – أن من يمارس الإكراه في الحالتين هو إنسان ، ويمارسها على إنسان آخر وأن الغرض من ذلك هو ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون .
    بيد أنهما يختلفان في أمور أخرى ، أهمها :
    1 – أن الإكراه المادي فيه الخطر حال لا يترك مجالا للاختيار كمن يهدد آخر بسلاح لكي يسلمه مستندات يحملها معه ، أما في حالة الإكراه المعنوي فإن الخطر يمكن أن يكون مستقبلا كمن يهدد آخر بأنه سوف يخطف ابنه إن لم يسرق له مستندات من عمله .
    2 – يتجه الإكراه المادي إلى جسم المكره بينما يتجه الإكراه المعنوي إلى نفسية المكره .
    3 – الإكراه المادي يلغي كل إرادة للمكره ، بينما الإكراه المعنوي يفسد تلك الإرادة مع بقاء أصل الإرادة قائما .
    4 – الفاعل في الإكراه المادي هو صاحب الإرادة الموجهة للمكره، وبالتالي فهو الفاعل في الجريمة التي يرتكبها المكره . أما من يمارس الإكراه المعنوي فهو ليس سوى محرض على وقوع الجريمة التي ارتكبها المكره .

    - التهديد بأمر مشروع لا يشكل إكراها معنويا :

    على الرغم من أن التهديد يشكل إكراها ماديا إذا كان يتضمن إيقاع لأذى حال يلحق بالمكره ، ويشكل إكراها معنويا إذا كان يتضمن إيقاع لأذى غير حال، فإن التهديد الذي يشكل الإكراه في الحالتين يتعين أن يكون بإيقاع شر بالشخص المكره . ويُقصد بالشر الأمر الذي لا ينبغي أن يتحمله المكره أصلا . أما إذا كان التهديد بأمر مشروع بالتبليغ عن جريمة ، فإن ذلك لا يُعد من قبيل الإكراه المعنوي ، حتى ولو كان المقابل لعدم التبليغ هو القيام بعمل غير مشروع . فإذا هددت العصابة أحد المنتمين إليها بأنهم سوف يبلغون البوليس عن سبق اشتراكه معهم في جرائم الاتجار في المخدرات إن هو لم يستمر في الاتجار معهم في المخدرات بينما كان يريد أن يتوقف عن الاستمرار في هذا النشاط ، فإنه لا يجديه أن يتمسك بالإكراه المعنوي إذا تم القبض عليه في نشاطه الإجرامي الجديد . على خلاف ذلك يُعد إكراها معنويا التهديد بتلفيق الجريمة إلى الشخص المكره ، لأن ذلك يعتبر من قبيل التهديد بأذى أو بأمر يعد شُرا .
    ويُعد من قبيل الإكراه المعنوي التهديد بالفضيحة وذلك بكشف أمور شائنة، حتى ولو كانت تلك الأمور صحيحة ، مادامت هي أصلا طي للكتمان وما دام في كشف سترها أذى كبير يلحق بالمكره . من ذلك تهديد امرأة بصور فاضحة لها أو بكتابات منسوبة إليها من شأن الكشف عنها أن يسبب لها أذى واضحا .

    - التمييز بين حالة الضرورة والإكراه :

    تتفق حالة الضرورة مع الإكراه في أن كليهما مانع من موانع المسئولية، بينما يتميز الإكراه عن حالة الضرورة في أن فعل الإكراه يقوم به إنسان .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    5

    Icon1

    بسم الله الرحمن الرحيم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    المشاركات
    7

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    أرض الله
    المشاركات
    14

    افتراضي

    جزاكي الله خيرا د/ شيماء وجعله الله في ميزان حسناتك

    وبعد اذن حضرتك مرفق ملف ورد للمحاضرة جاهز للطباعة للتسهيل علي الاخوة الطلاب
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1

    افتراضي

    شـكـراـ وبارك الله فيك .. لك مني أجمل تحية

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    فاقوس
    المشاركات
    12

    افتراضي

    ششششششششششششششششششششششششششششششششكرا جزيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييلا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    3

    افتراضي

    شكرااااا لكى دكتوره على المجهود وبأذن الله سيكون فى ميزان حسناتك

  8. #8

    افتراضي

    ياريت كل الناس زى حضرتك يادكتورة بارك الله فيكى وعليكى

  9. #9

    افتراضي

    عسل جدجاداجداجداجداجداجداجداجداجداجداجدا معلومات في منتهي الروعة

المواضيع المتشابهه

  1. التعليم المفتوح: محاضرة عن (صور الركن المعنوي في الجريمة)
    بواسطة د.شيماء عطاالله في المنتدى الفرقة الثانية
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 08-16-2018, 11:22 AM
  2. التعليم المفتوح : محاضرة عن (الشروع في الجريمة)
    بواسطة د.شيماء عطاالله في المنتدى الفرقة الثانية
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 08-16-2018, 11:14 AM
  3. التعليم المفتوح: محاضرة عن (المساهمة الجنائية)
    بواسطة د.شيماء عطاالله في المنتدى الفرقة الثانية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-12-2010, 11:19 PM
  4. التعليم المفتوح: محاضرة عن (أسبـــاب الإباحة)
    بواسطة د.شيماء عطاالله في المنتدى الفرقة الثانية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-12-2010, 11:15 PM
  5. التعليم المفتوح: محاضرة عن (مبدأ الشرعية الجنائية)
    بواسطة د.شيماء عطاالله في المنتدى الفرقة الثانية
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 12-12-2010, 10:44 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •