عكرمة بن أبى جهل
رضي الله عنه

" مرحباً بالراكب المهاجر "
حديث شريف

مـن هــو ؟
عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة القرشيّ المخزومي وكنيته أبو عثمان ، أسلم بعد الفتح ، فقد كان هارباً الى اليمن وعند عودته قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
( مرحباً بالراكب المهاجر ) ..
وقد حسُنَ إسلامه ، وشارك في حروب الردة
الهروب
تحولت إلي عكرمة رئاسة بني مخزوم بعد مقتل أبيه ( أبو جهل ) في غزوة بدر ، وكان من رؤوس الكفر والغلاة فيه ، فرزقه الله الإسلام

فقد عهد رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة ألا يقتلوا إلا من قاتلهم ، إلا أنه قد عهد في نفر سماهم ، أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عكرمة بن أبي جهل ، فركب عكرمة البحر ، فأصابهم عاصف ، فقال أصحاب السفينة لمن في السفينة ( أخلصوا ، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً هاهنا ) .. فقال عكرمة ( لئن لم يُنجّني في البحر إلا الإخلاص ما يُنجّيني في البرّ غيره ، اللهم إنّ لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه ، أني آتي محمداً حتى أضع يدي في يده ، فلأجدنّه عفواً كريماً )
الأمان
وأسلمت زوجته ( أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة ) يوم الفتح ، فقالت ( يا رسول الله ، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن ، وخاف أن تقتله فآمنهُ ) .. فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( هو آمن ) .. فخرجت في طلبه ، فأدركته باليمن ، فجعلت تلمح إليه وتقول ( يا ابن عم ، جئتُك من عند أوصل الناس وأبرّ الناس وخير الناس ، لا تهلك نفسك ) .. فوقف لها حتى أدركته فقالت ( إني قد استأمنتُ لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .. قال ( أنتِ فعلتِ ؟) .. قالت ( نعم ، أنا كلمتُهُ فأمّنَك ) .. فرجع معها ..
اسلامه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمناً مهاجراً ، فلا تسبّوا أباه فإن سبّ الميت يؤذي الحي ، ولا تبلغ الميت )

فلمّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم آمناً على دمه قال له ( مرحباً بالراكب المهاجر أو المسافر ) ..
فوقف بين يديه ومعه زوجته متنقبة فقال ( يا محمد ، إنّ هذه أخبرتني أنك أمّنتني ؟!) ..
فقال رسول اللـه صلى الله عليه وسلم
( صدقتْ ، فأنت آمن ) .. قال عكرمة ( فإلام تدعو ؟) ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أدعو إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتفعل ) .. حتى عدّ خصال الإسلام ..
فقال عكرمة ( واللـه ما دعوت إلا إلى الحـق ، وأمر حسن جميل ، قد كنت واللـه فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنتَ أصدقنا حديثاً ، وأبرّنا أمانة ) .. ثم قال عكرمة ( فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )

فسُرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال ( يا رسول الله ، علّمني خير شيءٍ أقوله ) .. قال ( تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ) .. ثم قال ( ثم ماذا ؟) .. قال ( تقول اللهم إني أشهدك أنّي مهاجر مجاهد ) .. فقال عكرمة ذلك ..

ثم قال النبـيصلى الله عليه وسلم ( ما أنتَ سائلي شيئاً أعطيه أحداً من الناس إلا أعطيتك ) .. فقال ( أمّا إني لا أسألك مالاً ، إني أكثر قريش مالاً ، ولكن أسألك أن تستغفر لي ) .. وقال ( كل نفقة أنفقتُها لأصدّ بها عن سبيل اللـه ، فوالله لئن طالت بي حياة لأضعفنّ ذلك كله ) .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم اغفر له كلّ عداوةٍ عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ) .. فقال عكرمة ( رضيتُ يا رسول الله )

وكان إسلام عكرمة سنة ثمان من الهجرة ، فأسلم وكان محمود البلاء في الإسلام ، وكان إذا اجتهد في اليمين قال ( لا والذي نجّاني يوم بدر )
الأحياء والأموات
وقدم عكرمة المدينة ، فجعل كلّما مر بمجلس من مجالس الأنصار قالوا ( هذا ابن أبي جهل ) .. فيسبّون أبا جهل ، فشكا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول الكريم ( لا تُؤذوا الأحياء بسبب الأموات ) ..
جهاده
استعمله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- على عُمان حين ارتدوا ، فقاتلهم وأظفره الله بهم ، ولما ندب أبو بكر النّاس لغزو الروم ، وقدم الناس فعسكروا بالجُرْفِ -موضع من المدينة نحو الشام- خرج أبو بكر يطوف في معسكرهم ، ويقوي الضعيف منهم ، فبصر بخباءٍ عظيم ، حوله المرابط ، ثمانية أفراس ورماح وعـدّة ظاهرة ، فانتهى إلى الخبـاء ، فإذا خباءُ عكرمة فسلّم عليـه ، وجزاه أبو بكر خيـراً ، وعرض عليه المعونة ، فقال له عكرمة ( أنا غني عنها ، معي ألفا دينار ، فاصرِفْ معونتك إلى غيري ) .. فدعا له أبو بكر بخير
الشام والشهادة
استشهد عكرمة بن أبي جهل في عام 13 هـ في خلافة أبو بكر الصديق يوم ( مرج الصُّفَّر )000وقيل في اليرموك سنة ( 15 هـ ) في خلافة عمر ، ولم يُعقِب

فلمّا كان يوم اليرموك نزل فترجّل فقاتل قتالاً شديداً ، ولمّا ترجل قال له خالد بن الوليد ( لا تفعل ، فإنّ قتلك على المسلمين شديد ) .. فقال ( خلّ عني يا خالد ، فإنه قد كان لك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقة ، وإني وأبي كنّا مع أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .. فمشى حتى قُتِل ، فوجدوا به بضعةً وسبعين ما بين ضربة وطعنة ورمية ..

وقيل أنه قال يوم اليرموك ( قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل موطن ، وأفر منكم اليوم ؟!) .. ثم نادى ( مَنْ يُبايع على الموت ؟) .. فبايعه الحارث بن هشام في أربع مائة من وجوه المسلمين وفرسانهم ، فقاتلوا حتى أثبتوا جميعاً جراحةً وقُتِلوا إلا من نبأ ..

يتبع