أنـواع الآثــار البيولوجية


إن مسرح الجريمة بالتأكيد هو الأساس الكامنة فيه ، والمُعَّول عليه الأول للوصول إلى الجانى ، بمعنى أنه هو المكان الذى تنبثق منه كافة الأدلة ، وُيعطى مأمور الضبط القضائى شرارة البدء فى البحث عن الجانى ، ويكشف النقاب عن الأدلة المؤيدة للاتهام ، ويصلح لإعادة بناء الجريمة[1] ، سيما وأن الجانى عند ارتكابه للجريمة يترك العديد من الآثار التى تدل عليه ، وهنا يأتى دور السلطات المختصة فى اكتشاف هذه الآثار وتحليلها للوصول إلى الجانى ، حيث يتم فحصها واستخلاص الحمض النووى الوراثى منها.
ومن الآثار البيولوجية التى تصلح لاستخلاص الـ DNA منها ما يلى[2] :
1-الدم:
ُيمكن إجراء الفحص على الدم السائل أو الجاف ، ويتم استخلاص الـ DNA من كرات الدم البيضاء ، ويتم بعد ذلك إجراء الفحوص على العينات المرفوعة من مكان الحادث بالمقارنة مع عينات قياسية مأخوذة من المجنى عليه أو الجانى أو الجناة ، ويلزم لذلك سحب عينة دم فى أنبوبة تحتوى على مانع التجلط (EDTA)[3].
2-المنى:
وهو الأثر البيولوجى الأكثر أهمية فى القضايا الجنسية ، وقد يكون على الملابس أو أغطية السرير ، أو على الأعضاء التناسلية.
3-الشعر:
توصل علماء البيولوجيا فى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا إلى أن الشعر أصبح دليلاً على ارتكاب الجريمة ، حيث أصبحت الشعرة المتخلفة من جسم الجانى فى مسرح الجريمة - نتيجة تشابك الجانى مع ضحيته فى حادث عنف أو قتل أو شعرة فى عانة المغتصب فى جسم المغتصب أو حتى شعرة من رأس الجانى أو جسده - ُتمثل أحد أدلة الإثبات الهامة والحاسمة فى ظل استخدام البصمة الوراثية ، وذلك إستناداً إلى أن جسم الشعرة أو ُبصيلتها يحتويان على خلايا الجسم البشرى[4].
4-اللعاب والعرق والبول وبعض السوائل الأخرى:
تعتبر هذه المستخلصات أيضاً أحد مصادر البصمة الوراثية لإحتوائها على خلايا الجسم البشرى ، وهذه الخلايا ُمستمدة من الخلايا الموجودة بالجدار الخلفى للفم ، وعلى ذلك يمكن استخلاص اللعاب من بقايا لفافة السجائر (التبغ) أو طابع البريد[5].
وقد ثبت حديثاً أن مجموعة البكتريا التى تعيش على جلد الإنسان تختلف من شخص لآخر من حيث درجة الحساسية للمضادات الحيوية ، وكذلك سلوكها المتفرد تجاه التحاليل الكيميائية ، فقد أثبت الفحص لآثار العرق العلاقة بين المتهم وآثار العرق الموجودة على بعض المضبوطات فى مسرح الجريمة مثل أغطية الرأس أو الملابس الداخلية[6].
5-أنسجة الجلد والعظام والأظافر والأسنان:
أحياناً قد تتخلف سلخة من بشرة إنسان فى أظافر الجانى أو قطعة من عظم بشرى على سيارة صدمت شخصاً فى الطريق العام ، وُيمكن من خلال معالجة هذه المخلفات بواسطة البصمة الوراثية إيجاد علاقة مؤكدة بين هذه الآثار وبين المجنى عليه.
وهكذا ُيمكن أن يؤدى استخدام البصمة الوراثية إلى البراءة ، ففى إحدى قضايا الاغتصاب تعرفت المجنى عليها على المتهم من وسط طابور العرض القانونى ، إلا أن تحليل البصمة الجينية نفى أن يكون المشتبه فيه هو مرتكب الجريمة[7].

[1] د.قدرى عبد الفتاح الشهاوى ، أصول وأساليب البحث الجنائى ، عالم الكتب ، القاهرة ، ص52 ، العميد / السيد المهدى ، مسرح الجريمة ودلالته فى تحديد شخصية الجانى ، المرجع السابق ، ص19وما بعدها.

[2] د.عبد الباسط محمد الجمل ، مروان عادل عبده ، موسوعة تكنولوجيا الحامض النووى فى مجال الجريمة ، المرجع السابق ، ص91 وما بعدها.

[3] د.خالد حمد محمد الحمادى ، المرجع السابق ، ص 42 وما بعدها. د.إبراهيم بن ناصر الحمود ، العلامات الوراثية وحجيتها فى الإثبات ، المرجع السابق ، ص18.

[4] د.عبدالله عبد الغنى ، دور البصمة الوراثية فى مكافحة الجريمة ، بحث مقدم إلى مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون ، كلية الشريعة والقانون بالإمارات العربية المتحدة ، 2000م، ص1250.

[5] د.محمد عوض أبو النجا ، علم البصمات التطبيقى ، الأمن العام ، الطبعة الثانية ، الرياض ، 1404هـ ، ص68 ، وفى أحدى القضايا قدم رئيس تحرير إحدى الصحف إلى رجال المباحث خطاب تهديد بالقتل ، وفى المعامل الجنائية تم أخذ مسحة من المكان اللاصق فى الخطاب وعزل خلايا اللعاب التى تم لصق الخطاب بها ، وبتحليل الحمض النووى DNA لنوايا الخلايا الموجودة باللعاب ومقارنته ببصمة الحمض النووى للشخص المشتبه فيه ، والذى أشار إليه رئيس التحرير تبين تطابهما فوجهت إليه تهمة التهديد بالقتل.د.إبراهيم صادق الجندى ، الطب الشرعى فى التحقيقات الجنائية ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض ، 1420هـ - 2000م ، ص232وما بعدها.

[6] زكريا إبراهيم الدورى ، العرق وأهميته فى البحث الجنائى ، مجلة الأمن المصرية ، العدد 87 ، 1979م ، ص23.

[7] د.رمسيس بهنام ، البوليس العلمى أو فن التحقيق ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، طبعة 1996م، ص65.