#مقالي_هاهنا_بعنوان

🌹" الدولار وثقافة المجتمع"🌹

هناك من يظن أن حل أي معضلة في مجتمع من المجتمعات يكون حلا تشريعيا فقط ، من خلال إصدار قانون يجرم فعل معين ، أو يغلظ العقاب على جريمة معاقب عنها بالفعل.
ومن ذلك ما يتعلق بثقافة التعامل مع الدولار ووجود مضاربات عليه سواء في سوق التداول رسمياً بسعر صرف معين ، أو بسعر آخر في سوق سوداء اضطرت الدولة لإعطاء الضبطية في كبح جماحها إلى السلطات العسكرية.
وبتحليلي لهذا الأمر لم أجده معضلة قانونية أو أنه يحتاج إلى سياسة تشريعية فقط ، وإنما يحتاج إضافة لذلك في المقام الأول إلى وعي حقيقي بالمشكلة ، والسؤال عن أخلاق الناس ، وقناعاتهم الدينية.
وما صدر عن المؤسسات الشرعية بحرمانية التعامل في السوق السوداء.

https://shorturl.at/jvEJO

أزمتنا الحالية ياسادة أزمة أخلاق وقناعات دينية أو بالمعنى الحقيقي أزمة فهم صحيح للأديان.
وحتى إذا وصلنا إلى سوق محرر بالكامل في سعر الصرف تعويم حر كامل، صدقوني ثقافة المجتمع الذي نحيا فيه سيخلق سوقاً سوداء بسعر أعلى للمضاربة ، لأن ليس التجريم والعقاب هو حل كل المشاكل، وإنما الأساس الأخلاقي في المقام الأول.
وهذه الأزمة ليست وليدة اللحظة ، وليست نتاجاً للفترة الحالية، وإنما هي إرث قديم تناقلته الأجيال ، وما كان دورنا فيه إلا الصمت أو المساهمة أو الفوز بالمغانم منه.
والدليل على ذلك أكدته السينما المصرية في فيلم أرض النفاق للراحل فؤاد المهندس والراحل حسن مصطفى في مشهد نظرية الشنكل " المشهد الذي شكلت فيه لجنة كبدت الشركة ٤٠٠ جنيه لتحصيل قيمة شنكل في باب قيمته ٤٠ قرش ".

https://youtu.be/-LmhMNbGJ9Q?si=aZpv6EhUyW5C8BoH

أزمتنا الحالية أزمة أخلاق تحتاج إلى سياسة تشريعية منضبطة على المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة ، ولكن لابد من نشر الوعي الصحيح تجاه الدولة وأزمة الدولار ، وتسليط الضوء على رأي الدين الإسلامي والمسيحي في التعامل في السوق السوداء ، وأيضا إعطاء مساحة كبيرة لنشر الثقافة المالية التي تجنبنا على المدى الطويل انهيار الأسواق.
إنها ياسادة ليست أزمة دولار وإنما أزمة ثقافة مجتمع، ويتضح لنا ذلك في كثير من التصرفات والسلوكيات التي تعبر عن خلل حقيقي في المجتمع.

دكتور أكرم الزغبي