الاعتراف برئيس الدولة والاختصاص الدولي لرئيس الدولة


بقلم الدكتور عادل عامر


الاعتراف برئيس الدولة والاختصاص الدولي لرئيس الدولة
*مقدمة: عبر التاريخ الإنساني عرفت البشرية أنوعاً متعددة لمفهوم رئيس الدولة حيث كان رئيس القبيلة وشيخها يمثل قمة هرم السلطة في عشيرته وقبيلته حينما لم تكن هناك دولة بالمفهوم الحديث فكانت بيده مطلق السلطات ويتخذ القرارات المناسبة بمشاورة زعماء القوم في عشيرته ,وفي العصر الحديث يعرف رئيس الدولة بأنه رمز السلطة العامة في دولته فهو يمثلها باعتبارها وحدة سياسية سواء في الداخل او الخارج.
* الصفة التمثيلية لرئيس الدولة:
رئيس الدولة,وهو رأس السلطة العامة في دولته ينوب عنها أصلاً ومباشرةً في أدارة شؤنها سواء في الداخل أو في الخارج ,وبذا يعتبر الممثل الاسمى لدولته في المحيط الدولي وفي علاقاتها بالدول الاخرى ,وتثبت لرئيس الدولة هذه الصفة الثمتيلية بمجرد توليه منصبه أيا كان نظام الدولة وقوانينها.
((لان رئيس الدولة يتمتع بالسلطة العليا بكامل مظاهرها أياً كانت صفته سواء كان ملكاً او اميراً أو رئيساً منتخباً))د.فؤاد شباط
لكن لايستتبع ذلك وضع رئيس الدولة في عداد الأشخاص الدوليين ,فالشخصية الدولية تلزم دولته دون أن تمتد إلى ذاته ,ولايعد هو أن يكون في نطاق القانون الدولي سوى نائب عن دولته ومعبر عن أرادتها.
أنما لما كانت لهذه النيابة أهميتها وخطورتها باعتبار أنه تتمثل فيها مظاهر سيادة الدولة ذاتها ,فقد عنى العرف الدولي بأمر رؤساء الدول لتحديد وتنظيم مركزهم في كل مايتصل بهذه المظاهر.
*أهمية الاعتراف برئيس الدولة:
لما كان رئيس الدولة هو ممثلها الاصيل في مواجهة الدول الأخرى,كان من الضروري أن يكون شخصه معلوماً وصفته الرسمية ثابتة لدى هذه الدول . لذا جرى العرف على أنه كلما تولى الحكم في الدولة رئيس جديد تخطر الدول الاجنبية رسميا بذلك.
سواء تولى هذا الرئيس مقاليد الدولة عن طريق اعتلاء العرش بحكم الوراثة كما في الدول ذات النظام الملكي أو عن طريق الانتخاب كما في الدول ذات النظام الجمهوري.
وجرى العرف أن يكون الأخطار متضمناً الوعد باستمرار العلاقات الودية وحسن الصلات بين الطرفين على ماكان جارياً من قبل ,مع ابداء الرغبة في أن تتخذ الدولة المرسل إليها موقفاً مماثلاً.
فإذا استجابت هذه الدولة للرغبة المذكورة فإنها تبعث بردها متضمناً التهاني والتمنيات الطيبة للرئيس الجديد مقرونة بالأمل في استمرار صلات الود والصداقة السابقة ويعتبر بذلك بمثابة اعتراف برئيس الدولة الجديد.
*حالة تغير نظام الحكم في الدولة: تظهر اهمية الاعتراف برئيس الدولة بوجه خاص في حالة ما اذا تولى الرئيس الجديد الحكم أثر حركة ثورية أو انقلاب أطاح بالرئيس السابق وترتب عليه تغير نظام أو شكل الحكم ذاته. فالاعتراف من جانب الدول الأجنبية بنظام الحكم الجديد او بالحكومة الجديدة يصبح ضروريا لاستمرار العلاقات بينها وبين الدولة التي تغير نظام الحكم فيها والجاري عليه العمل أن تطلب هذه الدولة رسميأًإلى كل من الدول الأجنبية الاعتراف بنظامها الجديد ,وتعتبر الاستجابة لهذا الطلب شرطاً أساسياً لاستمرار العلاقات الدولية بين الطرفين. بحيث أذا امتنعت أو رفضت أحدى الدول الاعتراف بنظام الحكم الجديد ترتب عل ذلك قطع العلاقات أو توقفها بين الطرفين لحين صدور الاعتراف من أحداهما أو تغير الأوضاع في الاخرى.
((ونذكر هنا أن الاعتراف بالدولة يتضمن حكماً, الاعتراف بكل حكومة شرعية تقوم بها ولكن قد تتألف في الدولة حكومة عقب ثورة أو انقلاب عسكري وتسمى حينئذ حكومة فعلية. ذهب ((طوبار)) وزير خارجية الأكوادور الأسبق في ضوء الانقلابات العسكرية في أمريكا اللاتينية,إلى عدم الاعتراف بالحكومات الفعلية غير الدستورية إلا اذا أقرها الشعب بصورة اصولية. غير أن التعامل الدولي في هذا الخصوص يقوم على اعتبارات سياسية فالدول تعترف بالحكومة الفعلية لأسباب سياسية مهملة الاعتبارات القانونية. كما أن بعضهم يرى أنه ما دامت الحكومة الفعلية مستمرومسيطرة على زمام الامور في البلاد فهي جديرة بالاعتراف بها)) *صور الاعتراف برئيس الدولة: لا يشترط في الاعتراف برئيس الدولة أو بنظام الحكم الجديد أن يتم في صورة معينة أو ان يكون صريحاً في وثيقة أو تبليغ دبلوماسي ولذا يجوز أن يحصل الاعتراف بطريق ضمني. ((أما الاعتراف العلني فهو اعتراف قانوني وكامل يتم استناداً إلى طلب وإجابة صريحة عنه.فالسكوت هنا لايعد بياناً.وهذا الاعتراف يتم أما بصورة فردية ويصدر عن السلطة المختصة دستورياً في الدولة المعترفة أو بصورة جماعية كأن تقرر مجموعة من الدول الاعتراف برئيس الدولة الجديد أو بنظام الحكم الجديد أو بدولة جديدة كما حدث في الاعتراف بليبية الصادر عام 1949 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. أما الاعتراف الضمني وهو اعتراف فعلي يتم عن طريق التعامل مع الحكومة الجديدة فتدخل الدول معها في علاقات سياسية من دون أن يسبق هذه التصرفات اعتراف بها )) ولكن الصورة الشائعة للاعتراف برئيس الدولة أو بنظام الحكم الجديد هي أن يقوم مبعوثو الدول الاجنبية لدى الدولة التي تغير رئيسها أو تغير نظام الحكم فيها بتقديم أوراق اعتماد جديدة إلى الرئيس الجديد


منقول