#مقالي_هاهنا_بعنوان

🌹 كذلك يفعل الله ما يشاء 🌹

إذا أردت أن تتعلم فعليك أن تقرأ للنهاية عن أثر الثقة المطلقة في قدرة الله عز وجل ، وإذا أردت أن تحقق شيئا لا يمكن لإمكاناتك أن تحققه، فعليك أن تستعين بقوة أكبر لا تتقيد بالأسباب، وهي قوة لا يملكها إلا الله تعالى وحده (قوة كن فيكون)، لا يحدها زمان ولا مكان ، هذه القوة عبر عنها الذكر الحكيم بقول الله تعالى في سورتي البقرة ، وآل عمران ، وكلنا يعلم أن الله اصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، فإذا سمعت قول الله تعالى في قصة سيدنا زكريا من سورة آل عمران ، بسم الله الرحمن الرحيم

🌹هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)🌹

تجد في هذه الآيات البينات ربط بين الثقة المطلقة في قدرة الله وبين دعاء سيدنا زكريا ، ودليلها كلمة 🌹"هنالك دعا زكريا ربه"🌹فما الذي جعل السببية تلحق بالزمان والمكان في قولة 🌹"هنالك"🌹 أي عندما وصل يقين سيدنا زكريا بما يعلمه سلفا، ولكن بتذكرة العذراء في ردها عليه، فتأثر سيدنا زكريا بما حدث مع السيدة العذراء مريم عليها السلام، حيث كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا واسعا ، فكان سؤاله وهو الكفيل لها ، أي أنه هو الذي يحضر الطعام والشراب لها وهو لم يحضر لها هذا الرزق ، 🌹" قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)"🌹

أيضا فحوى الآية أن الله لا حساب يقيده ، فليس هناك معدود بين يديه ، خزائنه لا تنفذ ، فرزقه للناس إذا ما تم لا ينقص من خزائنه ، أما نحن إذا أعطينا من رزق الله لنا لغيرنا فما بين يديك سينقص لا محالة عدداً ، فإذا كان لديك ألفا من الجنيهات وأخرجت منه مائة جنيه تبقى لديك ٩٠٠ جنيهاً، لأن ما بين يديك معدود ، أما ما عند الله فهو غير محسوب أو معدود فينقص، كما قالت السيدة مريم العذراء 🌹" إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)"🌹

وإذا نظرت إلى تعلق سيدنا زكريا في سورة مريم بصورة أخرى من صور الثقة المطلقة في قدرة الله عز وجل مقارنة بين أسباب العبد وقدرة الرب ، انظر لمستهل سورة مريم، بسم الله الرحمن الرحيم 🌹"قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (😎 قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) "🌹

هنا في هذه الآيات البينات دليل على فهم النبي للأسباب وللمسبب ، وهو الله عز وجل ، ورد الخالق سبحانه وتعالى🌹 كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا 🌹، دليل على القدرة المطلقة.
وإذا بحثت عن فكرة الحكم أو الملك أيضا هي مقيدة بقول الله تعالى 🌹" كذلك يفعل الله ما يشاء"🌹، اسمع لقول الله تعالى في سورة البقرة"🌹أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ🌹"

فالملك بيد الله ، لا بالمداهنة ولا بالنفاق يأتي المنصب أو الحكم أو بحيلة يحاذ الحكم لصاحبه، فلن يحكم في ملك الله إلا وفق إرادة الله ، ولن يحذ أحدا مكانا أو منصباً إلا بقدر ، فهو مقدرا في علم الله أنه سيحوذه ، واسمعوا معي

قول الله عز وجل في سورة آل عمران "🌹 قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)"🌹
وإذا نظرت إلى ما يحدث مع كل شخص من ابتلاء واختبار في حياته ، فاعلم أن لله حكمة لا يعلمها أحد غيره في ذلك، مصداقا لقول الله تعالى في سورة البقرة 🌹 " وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) "🌹

وهكذا في آيات الثواب والعقاب في سورة الحج

بسم الله الرحمن الرحيم

🌹" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ (18)"🌹
فمن يسير في طاعة الله فقد اهتدى هداية الدلالة ، والذين اهتدوا زدناهم هدى وهذه الأخيرة هي دلالة المعونة. فمن يصف الطريق لغيره دله عليه ، أما من يسير معك في الطريق حتى تصل لمقصدك الذي تصبو إليه ، هنا أعانك على الوصول ، وكل ذلك يؤكد لنا قول الله تعالى🌹" كذلك يفعل الله ما يشاء "🌹

ثق تماما بأن الله يرى ويسمع ويعلم ما تكن الصدور فسبحانه يفعل ما يشاء 🌹


دكتور أكرم مصطفى الزغبي
مدرس القانون الدولي العام

كلية الحقوق - جامعة الزقازيق