الفعالية الاقتصادية للنظرية العامة للعقد: تجربة تعديل القانون المدني الفرنسي في عام 2016

د. بيير ماليه
أستاذ القانون المدني المساعد
كلية القانون، جامعة عجمان، الإمارات
الملخص

يعرض هذا البحث بالدراسة والتحليل للأبعاد الاقتصادية للنظرية العامة للعقد كما جاءت في تعديلات القانون المدني الفرنسي عام 2016، والتي جاءت بعد عملية طويلة دامت لأكثر من عشر سنوات، من خلال نشر الأمر رقم 2016-131 المؤرخ في 10 فبراير 2016 في الجريدة الرسمية بتاريخ 11 فبراير 2016، وشملت الكتاب الثالث من القانون المدني، بشكل رئيسي في ثلاثة عناوين جديدة هي: مصادر الالتزامات (الباب الثالث)، الأحكام العامة للالتزامات (الباب الرابع)، وإثبات الالتزامات (الباب الخامس). وقد دخلت هذه القواعد الجديدة حيّز التنفيذ في 1 أكتوبر 2016، وبدأت تسري على العقود المبرمة بعد هذا التاريخ.

وبالإضافة إلى نطاقه الذي يتناول تطورات قانونية مهمة في التشريع الفرنسي الذي يعد مرجعاً للنظم القانونية التي تعتنق المدرسة اللاتينية وخاصة العربية منها، فإنّ هذا البحث يكتسب أهميته من عرض ومناقشة ما تضمنته التعديلات الأخيرة، من جوانب تسمح بتفعيل النظرية العامة للعقد في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وذلك من خلال منهج تحليلي موسع، وذلك في مبحثين رئيسيين: يبحث أولهما في هذه الفعالية الاقتصادية خلال مرحلة انعقاد العقد، فيما يتناول ثانيهما تلك الفعالية في مرحلة تنفيذ العقد.
وقد انتهى البحث إلى أنّه إذا كان من الصعب أن نستدل من هذا التعديل على فلسفة واضحة تم تبنيها، فإنّه حاول الجمع بين حلول متنوعة، أي إنّه اتخذ موقفاً وسطياً، يستلهم من التقارب بين مشروعي كاتلا Catala وتيريي Terré ، بالإضافة إلى المبادئ الأوروبية لقانون العقود، كما أنّه يهدف من خلال هذا التعديل إلى تطوير النظرية العامة للعقد، وجعلها أكثر واقعية وعملية، وذلك من خلال الجمع بين مبادئ الحرية التعاقدية من جهة، والمبادئ التي تدعو إلى تدخل أكبر للدولة في تنظيم العلاقة التعاقدية، من خلال حماية الطرف الضعيف فيها من جهة ثانية.

وقد قام المشرع أيضاً بتبني حلول لمسائل كان يتجاهلها التشريع السابق مثل المفاوضات، والالتزام بالتبصير، والوعد الأحادي وعقد التفضيل، وإحالة العقد، والنيابة، والتعويضات، والتنازل عن الديون وغيرها. كما قام بتكريس الاجتهادات القضائية التي كانت قد استقرت في النظام القانوني من أجل إقرار قواعد مستقرة واضحة يمكن الوصول إليها، بعيداً عن تناقضات المواقف القضائية. وفي ضوء هذه التعديلات، فإنّ البحث يوصي المشرع العربي، بضرورة إعادة النظر في النظرية العامة للعقد برمتها للتتناسب مع التحولات الاقتصادية الجارية.


المصدر

https://journal.kilaw.edu.kw/%d8%a7%...%d8%a9-%d9%84/