مطلـوب تحـرك للحصــول علي دعم لمواجهة فيروس سي
كتب: حســن فتحــي

إذا كانت امريكا التي لديها‏4‏ ملايين حالة فيروس سي أنفقت عليهم‏3‏ مليارات دولار عامي‏2009‏ ـ‏2010‏ ستقفز إلي‏13‏ مليارا في‏2017‏ لعلاج المضاعفات وغير المستجيبين للعلاجات الحالية‏ تري أنها مقبلة علي كارثة‏،فما بالنا ونحن لدينا في مصر‏10‏ ـ‏12‏ مليون حالة‏‏.



رسم توضيحى للفيروسسى


تلك الحالات التى سنعاني من مضاعفاتها الأمرين في السنوات المقبلة، فضلا عن دخول أعداد جديدة إلي دائرة الإصابة‏,‏ فماذا سنفعل؟‏..‏ليس أمامنا سوي رفع الراية الحمراء‏,‏ أسوة بجنوب إفريقيا التي صرخت في وجه العالم وشركات الأدوية حتي تحصل علي علاجات الإيدز بمبالغ زهيدة لمجرد أن لديها‏2.5‏ مليون مريض به‏.‏
فالإصابة بالفيروس سي لم تعد سرا في العالم بالنسبة لمصر ـ كما يؤكد الدكتور حسني سلامة أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب القاهرة ـ فالمشروع القومي لعلاج الفيروسات الكبدية الذي يخضع له‏40‏ ألف مريض واجه زيادة في عدد الإصابات بلغت‏100‏ ألف حالة جديدة‏!,‏ ويتهم الممارسة الطبية الخاطئة بمسئوليتها عن تضخم أعداد المصابين‏,‏ لكن التطور المهم أن منظمة الصحة العالمية من المنتظر أن تضيف فيروس سي إلي قائمة الأمراض الوبائية‏,‏ والتي تضم الملاريا والسل والإيدز‏,‏ حيث أدرج بالفعل ضمن الموضوعات الأولي بالاهتمام علي رأس القضايا التي سيناقشها اجتماع المنظمة في جنيف في‏17‏ مايو المقبل‏,‏ وهذا يعني أنه يصبح من حق مصر ـ باعتبارها من أعلي الدول في معدلات الإصابة ـ طلب مساعدات مالية أو قروض من المنظمات الدولية لتوفير علاج مجاني لمرضي الفيروس سي‏,‏ بما يخفف الضغط علي ميزانية الدولة‏,‏ ويسهم في القضاء علي المرض ومحاصرته‏.‏
وطبقا للمسودة التي تم إعدادها للمناقشة في اجتماع الصحة العالمية المعدة لمناقشة هذا الملف المهم هناك حاجة لوضع آلية دولية للتعامل مع فيروسات الكبد‏,‏ وأن الوقاية والتحكم في المرض وجهان لعملة واحدة مثلما هو حال التعامل مع فيروس الإيدز‏,‏ وتقترح اعتبار يوم‏28‏ يوليو من كل عام هو اليوم العالمي للفيروسات الكبدية بهدف توفير فرصة لنشر المعرفة بحجم المشكلة دوليا وسبل تجنب انتقال العدوي‏,‏ ووضع تقديرات اقتصادية لبرامج التوعية بالمرض‏,‏ ودعم هيئات الصحة القومية للحد من انتشار العدوي‏,‏ بل والاعتماد علي التمويل المحلي والدولي لتوفير الدعم التقني لتعزيز الخدمات الصحية للمواطنين‏,‏ ودعوة الهيئات الدولية والمؤسسات المالية لتوفير الدعم لتحسين الخدمات الصحية في الدول النامية بما يسهم في توفير نظم للكشف والعلاج مناسبة لعلاج مشكلة الأمراض الفيروسية الكبدية في تلك الدول‏.‏ وتتعجب الدكتورة أسيمة سليم أستاذ التحاليل الطبية بكلية الطب جامعة عين شمس من حالة الصمت والعجز في مواجهة فيروس سي‏,‏ في حين أنه كانت لدينا تجارب ناجحة في مواجهة الكوليرا والملاريا‏.‏
مؤتمراتنا لمناقشة مشكلة أمراض الكبد تكاد تلاحق بعضها من هول المشكلة‏,‏ وآخرها بل وأهمها الأسبوع الماضي‏,‏ مؤتمر الأسبوع المصري للجهاز الهضمي والكبد الذي نظمته الجمعية المصرية لدراسة أمراض الجهاز الهضمي والكبد والجمعية البحثية لأمراض الجهاز الهضمي والكبد‏,‏ وفيما يخص فيروس سي يقول الدكتور عصمت شيبة أستاذ الأمراض الباطنة والجهاز الهضمي بطب القاهرة هناك بعض الوسائل التشخيصية الجديدة للكبد تعتمد علي الموجات الصوتية والتي تعطي نتائج تصل نسبة حساسيتها بعدما يضاف إليها بعض تحاليل الدم‏98%,‏ مما سيجعلها في المستقبل القريب بديلا لعينة الكبد‏,‏ وبالنسبة للعلاج بدأت تظهر بعض الأدوية التي تحسن من نتائج العلاج بالانترفيرون والريبافيرين‏,‏ بإضافتها إليهما مما سيرفع نتائج العلاج في المستقبل إلي‏75%,‏ وعلي الطريق ستظهر نهاية العام أدوية أخري قد ترفع ـ علي مسئولية الدكتور شيبة ـ كفاءة العلاج إلي‏85%,‏ أما فيروس بي فثبت أن علاجه بالانترفيرون يؤدي إلي السيطرة علي المرض بنسبة‏25‏ ـ‏30%,‏ وأثبتت المناقشات العلاقة الوطيدة بين سرطانات القولون والمعدة والحويصلة المرارية وبين السمنة‏.‏
ويجزم الدكتور مصطفي العوضي أستاذ الهندسة الوراثية والكيمياء الحيوية بالمركز القومي للبحوث بأن الإنترفيرون سيظل العلاج الأساسي بالإضافة إلي أدوية أخري للفيروس سي لمدة لاتقل عن‏5‏ ـ‏10‏ سنوات قادمة‏,‏ باعتباره منتجا طبيعيا‏,‏ وحتي بعدها سيظل موجودا لعلاج‏50%‏ من الحالات‏,‏ من الممكن رفعها إلي‏80%‏ بالعلاجات الجديدة المساعدة‏,‏ وما يهمنا هو العوامل التي تحدد الاستجابة لهذا العلاج‏,‏ حتي لانختار مرضي لن يستجيبوا للعلاج‏,‏ وبالتالي نصيبهم بالإحباط‏,‏ والنتيجة يتطور الفيروس لديهم ويصبح أكثر شراسة‏,‏ لذا من الحكمة اختيار المرضي الأكثر فرصة في الاستجابة‏,‏ وهناك عوامل تتعلق بالفيروس نفسه وبالمريض‏,‏ كأن يكون يعاني من فيروسات أخري‏,‏ وأخطرها الفيروس الخلوي العملاق‏cmv,‏ وتقريبا‏90%‏ من البشر وربما كلهم يحملون الأجسام المضادة لهذا الفيروس‏,‏ لكنه يظل خاملا وينشط مع ضعف الجهاز المناعي‏,‏ والإصابة بالفيروس سي تضعف جهاز المناعة نتيجة الإنهاك‏,‏ وبالتالي فإن فرصة استعادة نشاط فيروس‏cmv‏ تكون عالية مع الإصابة بالفيروس سي‏,‏ فالفيروس العملاق يثبط من كفاءة عمل الإنترفيرون‏,‏ بل ويؤدي إلي تطور المرض بسرعة‏,‏ وتم عمل دراسة علي تأثير هذا الفيروس علي استجابة المرضي الذين يأخذون الإنترفيرون‏,‏ بمشاركة الدكاترة جمال عصمت وعبدالرحمن الزيادي وعمرو حلمي‏,‏ ثبت منها أن نسبة الاستجابة للعلاج تصل‏60%‏ لدي من يكون هذا الفيروس خاملا عندهم‏,‏ وتتراجع إلي‏30%‏ في حال وجوده في حال نشطة‏,‏ وهنا لابد من التوصية بإدخال قياس نشاط هذا الفيروس ضمن قائمة اختيار المرضي الذين سيتم علاجهم بالإنترفيرون حتي يتم تحويله إلي حالة الخمول قبل بدء العلاج‏,‏ علما بأن‏90%‏ من المرضي غير المستجيبين للعلاج يكون لديهم الفيروس العملاق نشطا‏,‏ ووجد أن أكثر المرضي الذين لايستجيبون للعلاج الذين لديهم معدل تليف عال من الدرجة الثانية حتي الرابعة‏,‏ حيث لايستجيب منهم للعلاج بالإنترفيرون إلا‏4%‏ فقط‏.‏
ويشير الدكتور أيمن يسري أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بقصر العيني ورئيس الاتحاد الإفريقي لدراسة أمراض الكبد إلي أن هناك علاجا جديدا للفيروس بي يتميز كبديل أول في علاج فيروس بي المزمن‏,‏ لكن يعيب هذا الدواء ارتفاع سعره‏,‏ لكنه فعال في جعل الفيروس سلبيا في حوالي‏90%‏ من المرضي‏,‏ ونسبة اكتساب الفيروس للمناعة ضد الدواء لاتتجاوز‏1‏ ـ‏2%‏ بعد‏6‏ سنوات من العلاج‏,‏ وكلما زاد عدد الفيروس في الدم تباطأت الاستجابة‏,‏ علما بأنه لاشفاء نهائي حتي اليوم من فيروس بي‏,‏ لكن النصيحة هنا أن كل من ثبتت إصابته بالفيروس سي عليه المبادرة بالكشف عن الفيروس بي‏,‏ وفي حال عدم وجوده ينبغي المسارعة بالتطعيم ضده‏.‏
واضاف أنه دار نقاش في المؤتمر بين الأطباء المصريين والأجانب بمقارنة نتائج زرع الكبد‏,‏ منها أن نسبة مضاعفات القنوات المرارية سواء ضيق أو تسرب السائل المراري بعد الجراحة تصل في مصر إلي‏30%‏ لأن النقل يتم من أحياء‏,‏ في حين تقل عن ذلك غربا لاعتمادهم علي النقل من حديثي الوفاة بنسبة‏98%,‏ والمشكلة المشتركة هي ارتداد الفيروس سي للكبد المنزرع‏,‏ ويحدث بنسبة‏26‏ ـ‏30%‏ بعد عامين من الزرع ونسبة استجابة هؤلاء المرضي في حال الإصابة المتوسطة أو الشديدة للإنترفيرون تبلغ‏32%,‏ وهنا من المهم ألا يتردد هؤلاء المرضي في عمل عينة كبد في حال طلب منهم ذلك‏,‏ لأنه لو بدأ معهم تليف بسيط يتطور المرض خلال‏5‏ سنوات في مقابل‏20‏ عاما في المرضي العاديين‏,‏ وبعد متابعة‏7‏ ـ‏8‏ سنوات لمرضي الزرع بلغت نسبة التليف الشديد بسبب ارتداد الفيروس‏14%.‏ وعلي عكس الغرب الذي يعطي مريض الزرع‏3‏ علاجات مثبطة للمناعة تتراجع بعد‏3‏ أشهر إلي علاجين‏,‏ يتم إعطاء مرضي الزرع في مصرعلاجين كمثبطات مناعة بعد الزرع لمدة‏3‏ أشهر تنخفض إلي عقار واحد بعدها لأن نسبة الرفض لحالات الزرع لاتتعدي‏10%‏ في مصر وهي من النجاحات التي تسجل في مصر‏,‏ لأن معظم حالات الزرع تكون من الأقارب‏.‏