الحكم

باسم الشعب

محكمــة النقــض

دائرة السبت ( أ ) الجنائيه

الطعن رقم ٧٤٩١ لسنة ٨٩ قضائية

جلسة السبت الموافق ٤ من ديسمبر سنة ٢٠٢١
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

برئاسة السيد القاضى / حمــــدي أبو الخيـــر نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / بــــــدر خليفــــة ، الأسمــــر نظيـــــر ، ممــــدوح فــــزاع

نواب رئيس المحكمة و شـــــريف لاشـــــين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(١) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .

مثال .

(٢) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل اجزائه . لا يعيبه .

مثال .

(٣) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواد مخدرة . إثبات " خبرة ".

عدم تعيين القانون حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة . أثره : وجوب العقاب على إحرازها مهما كان المقدار ضئيلاً . متى كان له كيان مادي محسوس . عدم بيان الحكم وزن المخدر المضبوط . لا يعيبه .

مثال .

(٤) مسئولية جنائية . مواد مخدرة . قصد جنائي ".

المسئولية في جريمة إحراز وحيازة المخدر . مناط تحققها ؟

القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه .

(٥) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش ".

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .

اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . صحيح . علة ذلك ؟

تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه ومن يتولون إبلاغه عما وقع من جرائم . حد ذلك ؟

بقاء شخصية المرشد غير معروفة وعدم إفصاح رجل الضبط القضائي عنه . لا يعيب الإجراءات .

قصر مدة اجراء التحري وعدم الإفصاح عن المصدر السري ونوع المواد المخدرة المضبوطة ومكان مزاولة الطاعن لنشاطه المؤثم . لا يقطع بذاته بعدم جدية التحري . إثارته لهذا الدفع . غير جائز . علة ذلك ؟

(٦) نقض " المصلحة في الطعن ".

نعي الطاعن على التحريات بخلوها من بيان صلته بالمسكن محل الضبط . غير مجد . ما دام لا ينازع في ملكيته له . أثر ذلك ؟

(٧) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

النعي على الحكم بخلاف ما هو ثابت بمدوناته . غير مقبول .

مثال .

(٨) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

إثارة الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟

(٩) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ".

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

(١٠) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تطبيقه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

تدليل الحكم على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي . كفايته لإدانته طبقًا للمادة ٣٨ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل .

(١١) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

منازعة الطاعن في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . جدل موضوعي في سلطة المحكمة في استخلاص صورتها . غير جائزة .

مثال .

(١٢) دفوع " الدفع بعدم معقولية الواقعة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

الدفع بعدم معقولية الواقعة . موضوعي . لا يستوجب ردًا . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(١٣) مواد مخدرة . قصد جنائي . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

المسئولية والقصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر . مناط تحققهما ؟

مثال .

(١٤) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً . علة ذلك ؟

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(١٥) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه " . قانون " تفسيره ".

المادة ٥١ إجراءات . مجال تطبيقها . دخول مأمورى الضبط القضائي المنازل وتفتيشها وفقاً للمادة ٩٢ إجراءات . أثره : ورود المادة ٥١ من القانون ذاته على غير محل . حضور المتهم أو من ينيبه عنه أو شاهدين . ليس شرطاً لصحة التفتيش الذى يجرى في سكنه

(١٦) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها . غير جائز .

مثال .

(١٧) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

إثارة الدفع بعدم اختصاص عضو النيابة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

الوقائع

اتهمـت النيابـة العامـة الطـاعن فـي قضـية الجنايـة رقـم ..... لسـنة ۲۰۱۸ قســـم أول شــرم الشـيخ " المقيــدة بالجـدول الكلـي بـرقم ..... لسنة ٢٠١٨ ".

بأنه في يوم ۱١ من أكتوبر سنة ۲۰۱۸ بدائرة قسم أول شرم الشيخ - محافظة جنوب سيناء .

١- حـــاز بقصـد الإتجـار جـوهراً مخــدراً " كوكــــايين " فـي غيـر الأحوال المصرح بها قانوناً .

٢- حـــاز بقصـد الإتجـار جـوهراً مخــدراً " هيـروين " فـي غيـر الاحوال المصرح بها قانوناً .

٣- حـاز بقصـد الإتجـار جـوهراً مخـدراً " حشـيش " فـي غيـر الاحـوال المصرح بها قانوناً .

وأحالته إلى محكمة جنايات جنوب سيناء لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمـة المـذكورة قضـت حضـورياً في ٤ من فبراير سنة ٢٠١٩ عمـلاً بـــــــالمواد ۱ ، ۲ ، ۳۸ /۱ ، ٤٢/١ مـن القـــــــانون رقــم ١٨٢ لسـنة ٦٠ المعـــــدل بالقــانونين رقمـي ٦١ لسـنـة ١٩٧٧ ، ۱۲۲ لسـنة ١٩٨٩ والبنـــدين رقمـي ١ ، ٢ مـن القسـم الأول والبنـد رقـم ٥٦ مـن القسـم الثـــاني مـن الجـدول رقــم (۱) الملحـق بالقــانون الأول والمســتبدل بقــرار وزيـر الصـحة رقـم ٤٦ لسـنة ١٩٩٧ وذلك بعـد إعمـال المـادة ۱۷ مـن قـانون العقوبـات ، بمعاقبـته بالسجن المشـدد لمـدة سـبـع سـنوات وتغريمـه مـائـة ألـف جنيـه وبمصــــادرة المخــدر المضبوط ، وذلـك باعتبار أن حيــــازته للمـواد المخــدرة المضبوطة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض فى ٤ من فبراير ، ٤ من إبريل سنة ٢٠١٩ .

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ٢ من إبريل سنة ٢٠١٩ موقعاً عليها من الأستاذ / المحامي .

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة جواهر الهيروين والكوكايين والحشيش المخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك أنه جاء قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، ولم يورد مضمون تقرير المعمل الكيميائي على نحو مفصل خاصة وأن أسبابه لم تتضمن وزن جوهر الحشيش المخدر المضبوط ، ولم يستظهر الركن المادي للجريمة التي دين بها ، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه وثبوت علمه بكنه المخدر المضبوط ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية لقصر مدة إجرائها وعدم قيام مجريها بإجراء مراقبة شخصية للطاعن ولم يفصح عن مصدرها ونوع المادة المخدرة ومكان مزاولة الطاعن لنشاطه المؤثم وصلته بالعين المأذون بتفتيشها ، فضلاً عن خلوها من ذكر حيازة أو إحراز الطاعن لثمة مخدر حتى يمكن القول بأن هناك جريمة محققة الوقوع ، ولم يعرض لما قدمه من مستندات دالة على صحة دفعه ، ولم يدلل التدليل الكافي على القصد من الحيازة ، خاصةً وأن الكمية المضبوطة ترشح لمؤاخذته بقصد التعاطي ، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن بعدم معقولية الواقعة ، وانتفاء صلته بالمضبوطات واحتمال دس المخدر المضبوط عليه ودلل على ذلك بأن إجراءات تنفيذ الإذن تمت في غيبته فضلاً عن وجود باب المسكن مفتوحاً وقت تنفيذه مما يمكن الغير من الدخول وتنعدم معه سيطرته المادية على مكان الضبط ، وأخيراً خلا الحكم من بيان اختصاص مصدر الإذن ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها في قوله :" تتحصل في أن التحريات السرية التي أجرها النقيب / ........ معاون مباحث قسم شرطة ..... توصلت إلى أن المتهم ...... سائق مقيم بفيلا ..... مواليد ٢٤/٣/١٩٨٠ يحوز ويحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ويحتفظ بها مع شخصه ومسكنه ولما تأكد من هذه التحريات سطرها في محضر دفع به إلى النيابة العامة التي أذنت له بتاريخ ١١/١٠/٢٠١٨ الساعة الواحدة مساءً لضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم المذكور لضبط ما يحوزه ويحرزه من مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ونفاذاً لهذا الإذن انتقل على رأس قوة من رجال الشرطة السريين قاصداً مسكنه بالفيلا ..... منطقة ..... بالصعود إلى شقته الكائنة الطابق الأول العلوي على يمين الصاعد من السلالم دلف إلى داخلها وعثر بداخل دولاب في حجرة النوم على علبة كرتون بداخلها عدد ۲ قطعة لمخدر الحشيش وست لفافات بلاستيكية بكل منها مسحوق بيج اللون للهيروين ونصل معدني حاد ومبلغ نقدي وبطاقة المتهم " ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه القصور يكون ولا محل له .


لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيميائي وأبرز ما جاء به من أن المادة المضبوطة لمخدر الحشيش ، كما أن اللفافات ثلاث منها تحوي مسحوق الهيروين وتزن ١.٨٥ جرام واثنتين تحوي الكوكايين وتزن ١ جرام ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مــضمون تقرير المعمل الكيميائي لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن بيان مقدار كمية المخدر المضبوط في الحكم ليس جوهرياً ولا أثر له في التكييف القانوني للواقعة ولا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة لأن القانون لم يعين حداً أدنى للكمية المحرزة أو المحوزة من المادة أو النبات المخدر فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان محسوس أمكن تقديره فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر – اتصالاً مباشراً أو بالواسطة - وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز وحيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرز أو يحوزه مخدراً ، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، أو أن يتولى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكان قصر مدة اجراء التحري وعدم الإفصاح عن المصدر السري ونوع المواد المخدرة المضبوطة ومكان مزاولة الطاعن لنشاطه المؤثم لا يقدح بذاته في جدية التحريات ، كما أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مأموريته ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع قصر مدة التحري وخلو محضر التحريات من بيان نوع المواد المخدرة المضبوطة ومكان مزاولة الطاعن لنشاطه المؤثم كأساس لهذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى للطاعن من نعيه على التحريات بخلوها من بيان صلته بالمسكن محل الضبط ما دام الطاعن لا ينازع في ملكيته له ، فإن تفتيش هذا المسكن يكون داخلاً في حدود أمر التفتيش ، ومن ثم يكون ما قاله الحكم وأسس عليه قضاءه بصحة إجراءات القبض والتفتيش ، وسلامتها صحيحاً في القانون ويصح الاستناد إليه .

لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الإذن الصادر بضبط وتفتيش الطاعن كان بناء على تحريات بحيازته وإحرازه مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونا ً - خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه - ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلباً جديداً ودفعاً جديداً لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقاً أو بحثاً في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض ، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالاً بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع ، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به ، فإذاً لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها ولم تعرض لها المحكمة ووجه استدلالها بها حتى يتبين مدى أهميتها في الدعوى ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه واعتبره مجرد حائزاً للمخدر وعاقبه بموجب المادة ٣٨ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة بل تتوافر أركانها بتحقيق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز بماهية الجوهر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ويضحي ما يثيره الطاعن بوجه طعنه غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن كمية المخدر المضبوط وترشيحها لتوافر قصد التعاطي لديه ، فهو لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز المواد المخدرة إنما يتوافر بعلم الحائز أو المحرز بأن المادة التي يحوزها أو يحرزها هي من المواد المخدرة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تحصيلاً لواقعة الدعوى وبياناً لأدلة الثبوت كافياً وسائغاً في الدلالة على صلة الطاعن بالجوهر المخدر المضبوط وعلى علم بحقيقته ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالمخدر المضبوط يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من احتمال دس المخدر المضبوط عليه إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مجال تطبيق المادة ٥١ من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك وإلا فيجب أن يكون بحضور شاهدين هو عند دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم فيها القانون ذلك أما التفتيش الذي يقومون به بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فتسري عليها أحكام المواد ٩٢ ، ١٩٩ ، ٢٠٠ من ذات القانون الخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضي التحقيق التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك ، وكانت الثابت من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أسفر عن ضبط المخدر قد أجراه مأمور الضبط القضائي بناء على ندبه لذلك من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق فيكون له سلطة من ندبه ويعد محضره محضر تحقيق ويسري عليه حينئذ حكم المادة ٩٢ من القانون آنف الذكر لا المادة ٥١ منه إذ أن هذه المادة الأخيرة إنما تسري في غير أحوال الندب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم أو من ينيبه عنه لا يترتب عليه البطلان ، ومن ثم فحضوره هو أو من ينيبه عنه ليس شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش ولا يقدح في صحة الإجراء أن يكون قد حصل في غيبة الطاعن أو غيبة من ينيبه عنه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير سند .


لما كان ذلك ، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يثيره الطاعن من انعدام سيطرته المادية على مكان الضبط لكون باب المسكن كان مفتوحاً مما مفاده أن المخدر المضبوط في حجرته قد دس عليه ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحكم بخلوه من بيان اختصاص عضو النيابة مصدر الإذن هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع به ولم يقدم دليلاً عليه وقد خلت مدونات الحكم مما يظاهره فلا يجوز لهما بأن يثيرا هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يقتضيه من تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الدعوى وما اطمأنت إليه محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته – يكون على غير أساس ، متعينًا رفضه موضوعًا .

فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...022&&ja=305518