الحكم

باسم الشعب

محكمــة النقــض

دائرة السبت ( أ ) الجنائيه

الطعن رقم ٧٠٧١ لسنة ٨٩ قضائية

جلسة السبت الموافق ٤ من ديسمبر سنة ٢٠٢١
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

برئاسة السيد القاضي / حمــــدي أبو الخيـــر نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / بــــــدر خليفــــة ، الأسمــــر نظيـــــر ، خالـــــد إلهامــــي

نواب رئيس المحكمة و شـــــريف لاشـــــين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(١) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .

(٢) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بمقتضاه . إشارته للنصوص التي آخذ الطاعن بها . كاف لبيان ذلك . أساس ذلك ؟

مثال .

(٣) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش ".

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .

اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . صحيح . علة ذلك ؟

تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه ومن يتولون إبلاغه عما وقع من جرائم . حد ذلك ؟

بقاء شخصية المرشد غير معروفة وعدم إفصاح رجل الضبط القضائي عنه . لا يعيب الإجراءات .

عدم إيراد نوع المخدر المضبوط ومصدر حصول الطاعن عليها وأسماء عملائه وعدم تحديد ملكيته للسيارة أو التوصل إلى مالكها وعدم ضبطه أثناء البيع والشراء أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار. لا يقطع بذاته بعدم جدية التحري .

(٤) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة .

(٥) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

الدفع بصدور الإذن بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .

لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن التفتيش تخير الظرف والوقت المناسبين لتنفيذه . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(٦) مأمورو الضبط القضائى " سلطاتهم " . تفتيش " التفتيش بإذن " " إذن التفتيش . تنفيذه ".

طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكولة إلى مأمور الضبط المأذون له . عدم قيام الضابط بتفتيش مسكن المتهم بعد ضبط المواد المخدرة معه . لا قصور .

(٧) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي. ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده ؟

إمساك الضابط عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .

تناقض أقوال الشهود . لا يقدح في سلامة الحكم . مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(٨) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ".

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

(٩) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

الدفع بتلفيق التهمة وكيديتها وانقطاع الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب ردًا . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(١٠) نقض " المصلحة في الطعن ".

لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن المخدر المضبوط في السيارة . غير مجد . ما دام الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط حوزته .

(١١) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

تعييب المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . أثر ذلك ؟

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .

(١٢) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ".

للمحكمة أن تعوِّل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم صلاحيتها وحدها دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة .

النعي على الحكم استناده للتحريات . غير مقبول . ما دام استند لأدلة أخرى ولم يعول عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش .

(١٣) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

التقارير الفنية . لا تدل بذاتها على نسبة الاتهام إلى الطاعن . استناد الحكم إليها كدليل مؤيد لأقوال الشهود . لا يعيبه .

(١٤) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . نقض " المصلحة في الطعن ".

لا تناقض في أن ترى المحكمة في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر للطاعن ولا ترى ما يقنعها بأنها بقصد الاتجار .

(١٥) إثبات " شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي .

حق محكمة الموضوع تجزئة شهادة الشاهد والتحريات . لها الأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(١٦) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ".

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

(١٧) قضاة " صلاحيتهم ".

حالة الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك له .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

الوقائع

اتهمـت النيابـة العامـة كـل مـن ۱- ..... " الطـاعن " ،٢ - .... ، ۳- .... ، ٤-..... ، ٥- ...... فـي قـضـية الجنايـة رقـم ..... لسـنة ٢٠١٦ مركـز البـرلس " والمقيـدة بالجدول الكلى بـرقم ...... لسنة ٢٠١٦ ".

بأنهم في يوم ٢٠ من نوفمبر سنة ٢٠١٦ بدائرة مركز البرلس - محافظة كفر الشيخ .

١- قاموا بتـأليف عصـابـي كـان مـن غـرضـه الإتجـار فـي الجـواهر المخدرة على النحو المبين بالتحقيقات .

٢- حـازوا وأحـرزوا بقصد الإتجـار جـوهر الحشيش المخـدر فـي غيـر الأحوال المصرح بها قانوناً .

٣- حـازوا وأحـرزوا بقصـد الاتجـار جـوهر الحشيش المخـدر ( نبـات القنب ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

٤- حـازوا وأحـرزوا بقصـد الإتجـار جـوهر " الترامادول " المخــدر فـي غيـر الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمـة المـذكورة قضـت حضـورياً للأول والرابع والخامس في ٢٢ من يناير سنة ٢٠١٩ عمـلاً بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳۸ /۱ مـن القـــــــانون رقــم ١٨٢ لسـنة ٦٠ المعـــــدل بالقــانون رقم ۱۲۲ لسـنة ١٩٨٩ والبنـــدين رقمـي ٥٦ ، ١٥٢ مـن القسـم الثاني مـن الجـدول رقــم (۱) الملحـق بالقــانون الأول وذلك بعـد إعمـال المـادة ٣٢/١ مـن ذات القـانون ، أولاً : بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث لوفاتهما ، ثانياً : بمعاقبـة المتهم الأول بالسجن المشـدد لمـدة عشر سـنوات وتغريمـه مبلغ خمسين ألـف جنيـه ، ثالثاً : ببراءة كل من المتهمين الرابع والخامس مما أسند إليهما ، رابعاً : بمصــــادرة المواد المخــدرة المضبوطة وكذا السيارة المضبوطة .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في ٢٩ من يناير سنة ٢٠١٩ ، ٢٠ من فبراير سنة ٢٠١٩ .

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه الأول في ١٨ من مارس سنة ٢٠١٩ موقعاً عليها من الأستاذ / المحامي .

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وإحراز جوهر ونبات الحشيش وعقار الترامادول المخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد مضمون الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ، ولم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها بأسباب الطعن ، ولصدور الإذن عن جريمة مستقبلية ، وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة التلاحق الزمني السريع في الإجراءات ، وعدم استكمال الإذن بتفتيش مسكن الطاعن ، واعتنق صورة للواقعة استمدها من أقوال ضابطي الواقعة رغم الدفع بعدم معقوليتها وتناقضهما مع بعضهما البعض فضلاً عن انفرادهما بالإجراءات والشهادة وحجبهما باقي أفراد القوة عنها ، وأغفل الحكم الرد على دفاعه بكيدية الاتهام وتلفيقه لوجود خلافات سابقة بينه وبين الشرطة ، هذا وقد دفع الطاعن بعدم سيطرته المادية على السيارة محل الضبط ، لا سيما ولم يثبُت ملكيتها له ولم تقم النيابة العامة بالاستعلام عن مالكها ، كما لم تُجر معاينة لمكان الضبط ورسم كروكي له ، وتساند الحكم في الإدانة إلى تحريات الشرطة وتقرير المعمل الكيميائي رغم أن أياً منهما لا يصلح بذاته كدليل إدانة ، وعول على تلك التحريات وأقوال مجريها بينما لم يعتد بها عند التحدث عن قصد الاتجار ونفي توافره في حق الطاعن ، فضلاً عن عدم اطمئنانه إليها بالنسبة للمتهمين التي قضت المحكمة ببراءتهم بما يصم الحكم بالتناقض ، وأغفلت المحكمة ما ساقه دفاع الطاعن من دفوع وما قدمه من مستندات ، رغبة منها في الإدانة ، لا سيما وقد جاء حكمها في صورة كربونية لأحكام سابقة لها ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها في قوله :" أنها تتحصل في أنه بتاريخ ٢٠/١١/٢٠١٦ الساعة العاشرة وأربعون دقيقة صباحاً تم ضبط المتهم ..... أمام مسكنه بناحية .... مركز ..... محرزاً بجيب بنطلونه الأيسر على خمسة عشر قطعة لجوهر الحشيش المخدر داخل علبة سجائر وممسكاً بشيكارة بلاستيك بداخلها عشرة شرائط بكل شريط عشرة أقراص مخدرين وبداخل الشيكارة أيضاً عشرون لفافة لنبات الحشيش (البانجو) المخدر وكذا لفافة كبيرة الحجم تحوي ذات المخدر وحائزاً داخل سيارة ملاكي حمراء اللون مجهولة المصدر لثلاثة وثلاثون لفافة كبيرة الحجم تحوي كل لفافة نبات الحشيش البانجو المخدر وكذا عدد كبير من لفافات الورق بداخل كل نبات الحشيش البانجو المخدر وكذا كيس بلاستيك شفاف يحوي سبعة وعشرون قطعة لجوهر الحشيش المخدر وكذا مائة وعشرة علبة بداخل كل علبة عشرة شرائط بكل شريط عشرة أقراص مخدرين وكان احراز وحيازة المتهم للمواد المخدرة المضبوطة بغير قصد الاتجار والتعاطي أو الاستعمال الشخصي وقد تمت إجراءات الضبط والتفتيش استناداً لإذن ضبط وتفتيش صادر من النيابة العامة الساعة التاسعة من صباح يوم ٢٠/١١/٢٠١٦ استناداً إلى تحريات سرية مسبقة قام بها الضابطان ..... و..... رئيس ومعاون مباحث مركز شرطة .... وحرر عنها الأول محضراً مؤرخ الساعة الثانية من صباح يوم ٢٠/١١/٢٠١٦ " ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي ، وكان الحكم قد بين مضمون الأدلة ومؤداها وجاء استعراض المحكمة لها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد ١ ، ٢ ، ٣٨ ، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبندين رقمي ٥٦ ، ١٥٢ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول فإن في ذلك حسبه بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، أو أن يتولى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكان عدم إيراد نوع المواد المخدرة المضبوطة ومصدر حصول الطاعن عليها وأسماء عملائه وعدم تحديد ملكية الطاعن للسيارة محل الضبط وعدم توصلها إلى مالكها الحقيقي وعدم ضبط الطاعن أثناء البيع والشراء أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ، كما أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مأموريته ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع خلو محضر التحريات مما سلف ذكره كأساس لهذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الضابط ....... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش لضبط ما قد يحوزه أو يحرزه الطاعن من مخدر بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز ويحرز كميات منها لهذا الغرض فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكان ما رد به الحكم على الدفع السالف الذكر سائغاً لاطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، ذلك إلى أنه من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظروف المناسبة لإجرائه بطريقة مثمرة في الوقت الذي يراه مناسباً ، ما دام أن ذلك يتم في خلال المدة المحددة بالإذن ، وكان من المقرر أيضاً أنه متى كان التفتيش الذي قام به رجال الضبطية مأذوناً به قانوناً فطريقة إجرائه متروكة لرأي القائم بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة ، وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهما وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم منها له مأخذه الصحيح في الأوراق وكانت قد اطرحت تصوير الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كان التفتيش الذي قام به مأمور الضبط مأذوناً به قانوناً فطريقة إجرائه متروكة لرأي القائم به ومن ثم فلا تثريب على الضابط إن هو رأى بعد تفتيش المأذون له بتفتيشه وضبط المواد المخدرة معه في مكان الضبط عدم تفتيش مسكن المأذون له بتفتيشه ، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق شهود الإثبات في بعض التفصيلات ما دام أن الثابت أن الحكم قد حصل أقوال الشهود بما لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابطي الواقعة - شاهدي الإثبات - وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أقوال ضابطي الواقعة ومنازعته في صورة الواقعة بقالة عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، كما أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال الشاهدين بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً فإن ما ينعاه يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وبالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في السيارة ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقي سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط بجيب بنطاله وبداخل الشيكارة المحرز لها . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم الاستعلام عن مالك السيارة ، كما أنه من المقرر أنه لا يحق للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه ، لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط فإنه لا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض .


لما كان ذلك ، وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شاهدي الإثبات وما أسفر عنه تفتيشه من حيازته وإحرازه المخدر المضبوط وما أورى به تقرير المعمل الكيميائي ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعول عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فحسب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهم إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر ، ولها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ بها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام محكمة الموضوع ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقيد الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته – يكون على غير أساس ، متعينًا رفضه موضوعًا .

فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...014&&ja=305958