الحكم
باسم الشعب

محكمــة النقــض

دائرة السبت ( أ ) الجنائيه

الطعن رقم ٢١٩٤٤ لسنة ٨٨ قضائية

جلسة السبت الموافق ١٨ من ديسمبر سنة ٢٠٢١
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

برئاسة السيد القاضي / حمــــدي أبو الخيـــر نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / بــــــدر خليفــــة ، الأسمــــر نظيـــــر ، خالــــــد جــــاد

و خـالـــــد إلهامـــــي نواب رئيس المحكمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(١) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .

(٢) اشتراك . اتفاق . تزوير . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

الاشتراك بالاتفاق . يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه . النية أمر داخلي لا تقع تحت الحواس وليس لها علامات خارجية .

للقاضي الجنائي الاستدلال على الاشتراك من أي دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه أو من فعل لاحق للجريمة يشهد به . حد ذلك ؟

الاشتراك في جرائم التقليد أو التزوير . مناط تحققه ؟

مثال .

(٣) تقليد . قصد جنائي . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

القصد الجنائي في جريمة تقليد خاتم حكومي . تحققه : بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله . استخلاصه . موضوعي . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟

(٤) تزوير " أوراق رسمية " . مسئولية جنائية . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

وقوع التزوير بيد شخص آخر . لا ينفي مسئولية الطاعنين . حد ذلك ؟

(٥) ضرر . تزوير " أوراق رسمية ".

الضرر في تزوير المحررات الرسمية . مفترض . النعي بشأن انتفاء الضرر . غير مقبول . علة ذلك ؟

(٦) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن ".

لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بشأن جريمتي تقليد خاتمي شعار الدولة وإحدى الجهات الحكومية والبلاغ الكاذب . ما دامت المحكمة قد دانتهما بجريمة الاشتراك في تزوير محررين رسميين بوصفها الأشد . أساس ذلك ؟

(٧) نقض " المصلحة في الطعن ".

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم إيراده المادة ٢١١ من قانون العقوبات . طالما أنه طبق المادة ٢١٢ من قانون العقوبات وعاقبه بها

(٨) تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

إثبات بيانات المحررات المزورة بمحضر جلسة المحاكمة أو في صلب الحكم . غير لازم . ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في حضور الخصوم . حد ذلك ؟

(٩) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

للمحكمة أن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .

عدم إفصاح مأمـور الضبــــط القضائي عن مصدر تحرياته أو وسيلته في التحري . لا يعيبها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(١٠) جريمة " أركانها " . باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

الباعث على جريمة الاشتراك في التزوير . ليس ركناً من أركانها . الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله . لا يعيب الحكم .

(١١) قانون " تفسيره " . عقوبة " تطبيقها " . ارتباط . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة ٣٢ عقوبات ؟

تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي .

انتهاء الحكم إلى عدم قيام الارتباط بين جرائم التزوير في القضية الواردة بأسباب طعنه وجرائم التزوير في القضية محل الطعن لوقوعهما علي أشخاص مختلفين . النعي على الحكم عدم ضمهما وإعماله المادة ٣٢/٢ عقوبات . غير مقبول .

(١٢) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم ..... لسنة ٢٠١٥ مركز منية النصر " والمقيدة بالجدول الكلي برقم ..... لسنة ٢٠١٥ ".

بأنهم في غضون شهر أكتوبر ٢٠١٤ بدائرة مركز منية النصر – محافظة الدقهلية .

المتهمين جميعاً :-

١- وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا وأخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزويراً في المحرر الرسمي التوكيل رقم ..... لسنة ٢٠١٤ عام ..... وكان ذلك بطرق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزوره بأن اتفقوا معه على إنشائه على غرار المحررات الصحيحة وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات الثابتة به وقام المجهول بتحريره ووضع عليه توقيعات عزاها زوراً للموظفين المختصين بمكتب توثيق ..... ومهره ببصمة خاتم مقلده وخاتم شعار الجمهورية المنسوب صدوره لمكتب توثيق ...... على خلاف الحقيقة له فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .

٢- قلدوا بواسطة الغير خاتم شعار الجمهورية والخاتم الكودي الخاصين بمكتب توثيق منية النصر بأن اصطنعه على غرار الأختام الصحيحة واستعمله بالبصم على التوكيل ...... لسنة ٢٠١٤ توثيق ...... موضوع التهمة الأولى مع علمه بتقليده .

٣- استعملوا المحرر المزور سالف البيان فيما زور من أجله بأن قام بموجبه المتهم الأول بتحرير المحضر رقم ..... لسنة ٢٠١٥ جنح ..... مع علمه بتزويره .

٤- ارتكبوا تزوير في محرر عرفي هو إيصال الأمانة سند الجنحة رقم ..... لسنة ٢٠١٥ جنح .... وذلك بجعله واقعه مزوره في صورة واقعه صحيحة بأن دون صلبه وأثبت به على خلاف الحقيقة استلام المجني عليه ..... لمبلغ ثلاثمائة وستة وخمسون الف جنيه من ...... لتسليمها إلى ..... ووقع عليه بخط نسبه زوراً الى ..... واستعملوا المحرر آنف البيان فيما زور من أجله بأن قدمه المتهم الأول في الجنحة سالفة الذكر للاحتجاج بما دون فيه مع علمه بتزويره .

المتهم الأول :-

١- اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية هو أمين الشرطة ..... محرر محضر جمع الاستدلالات في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو المحضر ..... لسنة ٢٠١٥ جنح ..... وذلك بجعله واقعه مزوره في صورة واقعة صحيحه مع علمه بتزويرها حال تحريره المختص بوظيفته بأن أقر أمامه أنه وكيل عن المدعي المدني ..... في تلك الجنحة بموجب التوكيل المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتزويره فأثبت الموظف ذلك ومكنه من تحرير المحضر فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

٢- أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد بأن أقام الجنحة رقم ..... لسنة ٢٠١٠ جنح ..... وأبلغ فيها كذباً أنه وكيلاً عن ..... وأقام الجنحة سالفة البيان واتهم فيها .... باستلام لمبلغ ثلاثمائة وستة وخمسون الف جنيه من .... لتسليمها إلى .... قاصداً من ذلك الإضرار بالمجني عليه ......

وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى المجني عليه ..... قبل المتهمين مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٩ من يوليو سنة ٢٠١٨ عملاً بالمواد ٤٠/ ثانياً ، ثالثاً ، ٤١/١ ، ٤٢ ، ٢٠٦/٣ ، ٤ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٣٠٣ ، ٣٠٥ من قانون العقوبات وذلك بعد إعمال المادتين ١٧ ، ۳۲/٢ من ذات القانون أولاً : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات . ثانياً : بمعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة . ثالثاً : ألزمت المتهمين متضامنين فيما بينهم بأن يؤدوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدنى المؤقت .

فطعن الأستاذ / ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ...... في هذا الحكم بطريق النقض فى ١٦ من أغسطس سنة ٢٠١٨ ، كما طعن الأستاذ / ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ...... في هذا الحكم بطريق النقض فى ٢٥ من أغسطس سنة ٢٠١٨ ، كما طعن الأستاذ / ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ..... في هذا الحكم بطريق النقض فى ٣٠ من أغسطس سنة ٢٠١٨ .

وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن الأولى عن المحكوم عليه ...... في ٣٠ من أغسطس سنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من الأستاذ / ...... المحامي ، والثانية عن المحكوم عليه ...... في ٢٥ من أغسطس سنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من الأستاذ / ...... المحامي ، والثالثة عن المحكوم عليه ..... في ١٦ من أغسطس سنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من الأستاذ / ..... المحامي .

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .


وحيث إن الطاعنين ينعون علي الحكم المطعون فيه – بمذكرات أسباب طعنهم الثلاث - أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تزوير محررين رسميين وتقليد ختامي شعار الدولة وإحدى الجهات الحكومية ، ودان الأول بالاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله المحررات المزورة مع علمه بتزويرها والبلاغ الكاذب ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، وران عليه البطلان ؛ ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة مجملة مجهلة شابها الغموض والإبهام لا يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ومؤدي الأدلة التي تساند إليها في الإدانة ، ولم يستظهر أركان وعناصر الاشتراك في جريمتي التزوير في محرر رسمي وتقليد خاتمي شعار الدولة وإحدى الجهات الحكومية والأفعال التي قارفها الطاعنون ، كما لم يستظهر القصد الجنائي بما يقيمه في حقهم وعلمهم بتزوير المحررات ، وخلو تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير مما يفيد أن الطاعنين الأول والثالث حررا أياً من المحررين المقول بتزويرهما أو وقعا علي أي منهما ، فضلاً عن انتفاء ركن الضرر ، ولم يبين الحكم أوجه التشابه بين الخاتم المقلد والخاتم الصحيح ومدى انخداع الجمهور بها ، كما لم يستظهر أركان جريمة البلاغ الكاذب التي دان الطاعن الأول بها ، ودان الحكم الطاعن الثالث بموجب المادة ٢١١ من قانون العقوبات رغم أنه ليس من أرباب الوظائف العمومية ، هذا إلي أن المحكمة وإن قامت بفض الأحراز وأثبتت الاطلاع عليها إلا أنها لم تبين فحوى المحررات المزورة بمدونات حكمها وعما إذ كان التزوير الذي لحق بالمحررات مما ينخدع به الكافة من عدمه ، ويضيف الطاعن الأول أن الحكم عول علي تحريات الشرطة وأقوال مجريها كدليل أساسي في الدعوي رغم عدم كفايتها وصلاحيتها كدليل وعدم الإفصاح عن مصدرها وأطرح برد قاصر دفاع الطاعن الأول في هذا الشأن ، هذا إلي انتفاء مصلحته في التزوير ، ولم تجبه المحكمة لطلبه بضم قضية أخري مماثلة بذات الجلسة حال كونها مرتبطة مما كان يتعين معه أن تضم القضيتين معاً وأن تعمل نص الفقرة الثانية من المادة ٣٢ من قانون العقوبات والحكم بعقوبة واحدة عنهما ، وأخيراً يضيف الطاعن الثالث أن الحكم التفت عن دفاعه بانتفاء صلته بالواقعة ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .


وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد علي ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من كتاب مكتب توثيق ..... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون علي الحكم بالقصور يكون ولا محل له .


لما كان ذلك ، وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة ، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، ومن المقرر أن الاشتراك في جرائم التقليدأو التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اعتقاد المحكمة بحصول اشتراك الطاعنين مع مجهول في ارتكاب جرائم التقليد والتزوير مما ساقه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من كتاب مكتب توثيق .... بشأن التوكيل رقم ...... لسنة ٢٠١٤ عام ..... فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جرائم تقليد خاتم من أختام إحدى الجهات الحكومية وتزوير المحررات يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحررات أو تقليد الخاتم مع انتواء استعمال المحرر أو الخاتم في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة أو ارتكب التقليد ، وليس أمراً لازماً على الحكم التحدث صراحة أو استقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه - كالحال في الدعوى الراهنة - ، فإن منعى الطاعنون على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل .


لما كان ذلك ، وكان اصطناع المحررات وتزوير بياناتها بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعنين عن جريمة التزوير التي دانهم الحكم عنها بصفتهم شركاء فيها وليسوا فاعلين أصليين لها ، ومن ثم فلا يجدي الطاعنان الأول والثالث نفيهما تحرير المحررين المزورين أو التوقيع علي أي منهما . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض ، لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما بها ، فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن انتفاء الضرر يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جميعاً مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات ، وأنها كلها جريمة واحدة وأوقع عليهم العقوبة التي تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً لجناية الاشتراك في تزوير محررين رسميين التي أثبتها الحكم في حقهم ، فإنه لا جدوى لما ينعاه الطاعنون على الحكم بالقصور في جريمتي تقليد خاتمي شعار الدولة وإحدى الجهات الحكومية والبلاغ الكاذب .


لما كان ذلك ، وكانت المادة ٢١١ من قانون العقوبات قد عاقبت بالسجن المشدد أو السجن كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أي من المستندات التي عددتها ثم جاءت المادة ٢١٢ من قانون العقوبات التالية لها لتعاقب بالسجن المشدد أو السجن مدة أكثرها عشر سنين كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً مما هو مبين في المادة السابقة ومن ثم فإن إشارة الحكم المطعون فيه إلي المادتين ٢١١ ، ٢١٢ معاً عند معاقبة الطاعن الثالث وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية يكون إعمالاً لصحيح القانون ، ويكون منعي الطاعن الثالث علي الحكم في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوي علي المحررات المزورة بعد التأكد من سلامة الأختام ، واطلع عليه الدفاع ، وقد ترافع بعد ذلك في الدعوى ، ثم صدر الحكم المطعون فيه ، ولم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات المزورة ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة أو في صلب الحكم بعد أن ثبت أنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الدفاع وقد أطلع عليها أن يبدي ما يعن له بشأنها في مرافعته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثاني في هذا الصدد يكون في غير محله .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن الأول للجرائم التي دين بها ولم يعول فقط على التحريات كدليل أساسي – خلافاً لما يزعمه الطاعن الأول – ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلي تحريات وأقوال ضابط الواقعة – الشاهد الثالث - علي النحو الذي شهد به ورد بما يسوغ علي الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن الأول في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوي وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدي محكمة النقض بما يكون نعي الطاعن الأول في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن الأول بأنه لا مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له .


لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة ٣٢ من قانون العقوبات قد نصت علي أنه إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم ، وقد جري قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض - علي أن مناط تطبيق الفقرة المشار إليها تلازم عنصرين هما وحدة الغرض وعدم القابلية للتجزئة بأن تكون الجرائم المرتكبة قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال متكاملة تكون مجموعاً إجرامياً لا ينفصم ، فإذا تخلف أحد العنصرين سالفي البيان انتفت الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها وارتد الأمر إلي القاعدة العامة في التشريع العقابي وهو تعدد العقوبات بتعدد الجرائم وفقاً للمادتين ٣٣ ، ٣٧ من قانون العقوبات مع التقيد في التنفيذ بالقيود المشار إليها في ذلك القانون ، ولما كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه وأيضاً علي ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة من دفاع الطاعن الأول ويسلم به في طعنه تشير إلي ما مفاده أن وقائع التزوير المشار إليها في القضية الواردة بأسباب طعنه هي جرائم وقعت علي أشخاص مختلفين وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع من الطاعنين في كل جريمة لم يكن وليد نشاط اجرامي واحد فإن ذلك لا يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين تلك الجرائم ، ويكون منعي الطاعن الأول في هذا الشأن غير سديد .



لما كان ذلك ، وكان الدفع بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن الثالث بانتفاء صلته بالواقعة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...147&&ja=306060