الطعن رقم ٤٦٦٠ لسنة ٨٩ قضائية


الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠٢١/١١/٠٦


العنوان : دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الموجز : إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟


الحكم

باسم الشعب


محكمــة النقــض

دائرة السبت( هـ ) الجنائيه

الطعن رقم ٤٦٦٠ لسنة ٨٩ قضائية

جلسة السبت الموافق ٦ من نوفمبر سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

برئاسة السيد القاضى / رفعت طلبة نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / خالد الحادي ، كمال عبد اللاه ، محمد الحنفي

و وائل الشيمي نواب رئيس المحكمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(١) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً معيناً يصوغ فيه الحكم الواقعة بأركانها وظروفها . متي كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(٢) حكم " بيانات حكم الإدانة " .

محل الواقعة . لا يعد من البيانات الجوهرية في الحكم ما لم يرتب الشارع عليه أثراً قانونياً يجعله ركناً أو ظرفاً مشدداً . كفاية إشارة الحكم إليه . ما دام لم يُدفع بعدم اختصاص المحكمة .

(٣) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .

اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . صحيح . علة ذلك ؟

بقاء شخصية المرشد غير معروفة وعدم إفصاح رجل الضبط القضائي عنها . لا يعيب الإجراءات ولا يقدح في جدية التحريات .

(٤) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض .

غير مقبول . علة ذلك ؟

(٥) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش ". إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً عليه رداً عليه .

(٦) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .

صدور الإذن بضبط وتفتيش الطاعنين استناداً لما دلت عليه التحريات من ارتكابهم للجرائم المسندة إليهم . مؤداه : صدوره عن جريمة تحقق وقوعها . الدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة . ظاهر البطلان . التفات الحكم عنه . لا عيب .

(٧) قانون " تطبيقه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون . النعي بعدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال . غير مقبول .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(٨) إثبات " بوجه عام " " خبرة " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً علي الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

التقارير الفنية . لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين . استناد الحكم إليها كدليل مؤيد لأقوال الشهود . جائز .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(٩) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة أن تعوَّل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة

ولو لم يكشف مجريها عن مصدرها أو وسيلته فيها .

النعي على الحكم لاستناده للتحريات . غير صحيح . مادام استند لأدلة أخرى وعول عليها كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فقط .

(١٠) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لما لا يعد تناقضاً يعيب الحكم .

(١١) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع . خطأ مادي . لا تأثير له على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها .

المنازعة الموضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع . غير مقبول . علة ذلك ؟

(١٢) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواد مخدرة .

عدم تحصيل الحكم بمدوناته أن حيازة المخدر بقصد الاتجار . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .

(١٣) ذخيرة . عقوبة " تطبيقها " . مصادرة . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

خطأ الحكم لعدم قضائه بمصادرة الذخيرة المضبوطة . يوجب مصادرته إدارياً . علة وأساس ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ...... لسنة ٢٠١٨ مركز دمنهور ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم ...... لسنة ٢٠١٨ وسط دمنهور ) بأنه في يوم ٢٦ من يونيه سنة ٢٠١٨ بدائرة مركز دمنهور - محافظة البحيرة .

- أحرز بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

- أحرز ذخائر ( عدد خمس وعشرين طلقة خرطوش ) دون أن يكون مرخصاً له في حيازتها أو احرازها على النحو المبيّن بالأوراق .

- أحرز بقصد الاتجار ذخائر ( خمس وعشرين طلقة خرطوش ) دون أن يكون مرخصاً له بالاتجار فيها. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ١٦ من ديسمبر سنة ۲۰۱۸ ، عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳۸/١ ، ٤٢/١ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين ٦١ لسنة ١٩٧٧ ، ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٥٦ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول ، وبعد إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط ، وذلك باعتبار إحراز الجوهر المخدر مجرداً من القصود المسماة في القانون .

فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في ٢٣ من يناير سنة ٢٠١٩ .

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض في ١٢ من فبراير سنة ٢٠١٩ موقع عليها من المحامي / ..........

وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبيّن بمحضر الجلسة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً :-

من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .



ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز ذخائر بغير ترخيص وبقصد الاتجار ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات عامة معماة مجملة لا يبين منها واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دانه بها ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة ، وخلا من بيان مكان الواقعة ووقت الضبط ، وأطرح بما لا يسوغ دفعيه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة عدم الإفصاح عن مصدرها متخذاً من ضبط المخدر دليلاً على جديتها ، والدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما ، وأشاح عن دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة ، ولم يتم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال ، هذا وعوّل الحكم في الإدانة على تقرير المعمل الكيماوي رغم أنه لا ينهض دليلاً على نسبة الاتهام إليه ، كما عوَّل على التحريات وأقوال مجريها متخذاً منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام رغم أنها لا تصلح سنداً للإدانة ، وأورد في صورة الواقعة وأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم عاد ونفى عنه قصد الاتجار استناداً إلى أنه لا دليل عليه في الأوراق مما يصم تدليله بالتناقض ، كما انتهى في أسبابه إلى إدانته بجريمة إحراز جوهر الترامادول المخدر بقصد الاتجار ، وذلك على خلاف الثابت في الأوراق من وصف الاتهام والوارد بأمر الإحالة من إحراز الطاعن لجوهر الحشيش المخدر ، مما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة وعدم استقرارها في عقيدتها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ويخالف نص المادة ٣٠٧ من قانون الإجراءات الجنائية ، وأخيراً لم يقض في منطوقه بمصادرة الذخائر التي دانه بإحرازها ، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .


وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان والعناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقريري المعمل الكيماوي والأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بيَّن – خلافاً لما يقوله الطاعن – مكان الواقعة ووقت الضبط ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم تحديده محل الواقعة إذ لا يعتبر بيان محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الهامة الواجب ذكرها فيه إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً ، كأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً وفي غير هذا النطاق ، فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة الجزئية إليه ، ما دام أن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه تأسيساً على اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وهو من الحكم رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، لما هو مقرر من أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مأموريته ، ولا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، كما وأن المحكمة لم تتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن ، فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . هذا إلى أنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات للأساس الذي يتحدث عنه بأسباب طعنه ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان إذن التفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد وأطرحته برد كاف وسائغ ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها كل من الرائد أحمد السعدني ، والرائد محمد الحناوي دلت على أن الطاعن يحوز ويحرز المواد المخدرة فاستصدر أولهما إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال ، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات الضبط لأنه إجراء ليس بلازم ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقريري المعمل الكيماوي والأدلة الجنائية التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها في شأنها مجتمعة ، أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلي الطاعن من اتهام ، وكانت التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم المطعون فيه في الإدانة على ما أورده من تقرير المعمل الكيماوي ، وما رتبه عليه ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يُقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض .


لما كان ذلك ، وكان الأصل أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه للتدليل على ثبوت التهم في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شهود الإثبات وما أسفر عنه التفتيش من إحراز المخدر والذخيرة المضبوطين وما أورى به تقريري المعمل الكيماوي والأدلة الجنائية ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعوّل عليها إلا كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش فحسب ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات الأول والثالث أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة إلا أن البيّن من أسبابه أنه حصَّل مؤدى أدلة الثبوت كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب ، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان ما انتهى إليه الحكم في أسبابه من إحراز الطاعن لجوهر الترامادول المخدر وذلك على خلاف الثابت في الأوراق من وصف للاتهام والوارد بأمر الإحالة من إحرازه لجوهر الحشيش المخدر – لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تَفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهامات المسندة إلى المحكوم عليه ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهى على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحَّصّل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار خلافاً لما يذهب إليه بأسباب طعنه ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أخطأ حين لم يقض في منطوقه بمصادرة الذخيرة المضبوطة – وهو ما لا مصلحة للطاعن في النعي به – مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة ٣٥ فقرة ثانية من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلا أنه لما كانت مصادرة هذه الذخيرة يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروعة حيازته ، فإن من المتعين أن تصادر إدارياً كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة دفعاً للضرر والخطر .


لما كان ذلك ، وكان الثابت مما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى أن ضبط المخدر مع الطاعن في الوقت الذي ضبط فيه حائزاً لذخائر بدون ترخيص لا يجعل هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز المخدر ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، ذلك أن جريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص هي في واقع الأمر – في صورة الدعوى المطروحة – جريمة مستقلة عن هذه الجناية مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل في حق الطاعن المادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز المخدر باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، مما كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلا أنه لا محل لذلك لأن النيابة العامة لم تطعن على الحكم ولا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب

حكمت المحكمة: - بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه .


المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...554&&ja=303618