صور انتهاك حرمة الحياة الخاصة بخصوص البيانات المسجلة
في الأجهزة الإلكترونية

أولاً – الاطلاع على البيانات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد:
تحتوي بعض أجهزة الكمبيوتر على بيانات متعلقة بالحرية الفردية كالحالة الاجتماعية والحالة الصحية والدين والانتماءات السياسية والحالة الوظيفية والحالة الجنائية (وجود أحكام سابقة أو تحقيقات.....إلخ).
وتحرص التشريعات المقارنة على حماية البيانات والمعلومات الشخصية للأفراد والمسجلة لدى الجهات المختلفة سواء أكانت حكومية أم غير حكومية. فتنص المادة 32 من القانون رقم 20 لسنة 2014 بشأن المعاملات الإلكترونية في الكويت على أنه "لا يجوز في – غير الأحوال المصرح بها قانوناً – للجهات الحكومية أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الشركات أو الجهات غير الحكومية أو العاملين بها الاطلاع دون وجه حق أو إفشاء أو نشر أية بيانات أو معلومات شخصية مسجلة في سجلات أو أنظمة المعالجة الإلكترونية المتعلقة بالشئون الوظيفية أو بالسيرة الاجتماعية أو بالحالة الصحية أو بعناصر الذمة المالية للأشخاص أو غير ذلك من البيانات الشخصية المسجلة لدى أي من الجهات المبينة في هذه المادة أو العاملين بها بحكم وظائفهم مالم يتم ذلك بموافقة الشخص المتعلقة به هذه البيانات أو المعلومات أو من ينوب عنه قانوناً، أو بقرار قضائي مسبب. وتلتزم الجهات المبينة في الفقرة الأولي من هذه المادة ببيان الغرض من جمع البيانات والمعلومات المذكورة، وأن يتم جمع تلك البيانات والمعلومات في حدود ذلك الغرض".


كما تنص المادة 35 من قانون المعاملات الإلكترونية الكويتي على أنه " يحظر على الجهات المذكورة بالمادة (32) ما يلي:
أ- جمع أو تسجيل أو تجهيز أي بيانات أو معلومات شخصية من تلك المنصوص عليها في المادة (32) بأساليب أو طرق غير مشروعة أو بغير رضاء الشخص أو من ينوب عنه.
ب- استخدام البيانات أو المعلومات الشخصية المشار إليها والمسجلة لديها بسجلاتها أو بأنظمة معلوماتها في غير الأغراض التي جمعت من أجلها.
وتلتزم تلك الجهات بالآتي:
أ- التحقق من دقة البيانات أو المعلومات الشخصية الوارد ذكرها في المادة (32) والمسجلة لديها بأنظمة معلومات والمتعلقة بالأشخاص واستكمالها وتحديثها بانتظام.
ب-اتخاذ التدابير المناسبة لحماية البيانات والمعلومات الشخصية المشار إليها في المادة (32) من كل ما يعرضها للفقد أو التلف أو الإفشاء أو استبدالها ببيانات غير صحيحة أو إدخال معلومات عليها على خلاف الحقيقة".


كما تنص المادة 36 على أنه " أ‌- يجوز للأفراد أن يطلبوا من الجهات المبينة بالمادة (32) محو أو تعديل أي مما تقدم من البيانات أو المعلومات الشخصية المتعلقة بهم، والتي تختزنها في سجلاتها أو أنظمة المعالجة الإلكترونية الخاصة بها، إذ تبين عدم صحة هذه البيانات أو عدم تطابقها مع الواقع، وكذلك لاستبدالها وفقاً لما طرأ عليها من تعديل. ب‌- وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الاجراءات والضوابط الواجب اتباعها بخصوص الطلبات التي تقدم من الأفراد لمحو أو تعديل أي من البيانات المشار إليها المسجلة بخصوصهم لدى إحدى الجهات سالفة الذكر".


ويعاقب المشرع الكويتي في قانون سنة 2014 على كل صور الاطلاع أو التجسس أو التنصت على الأجهزة الإلكترونية بشكل غير مباشر دون أن ينص على تجريمها بشكل صريح. ولكنه بدل من ذلك اختار أن يجرمها من خلال تجريم الدخول إلى النظام بدون إذن من له صاحب الحق في ذلك. فتنص المادة 37 من القانون رقم 20 لسنة 2014 بشأن المعاملات الإلكترونية الكويتي على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من:

أ‌- تعمد الدخول بغير وجه حق إلى نظام المعالجة الإلكترونية أو عطل الوصول إلى هذا النظام أو تسبب في إتلافه أو حصل على أرقام أو بيانات بطاقات ائتمانية أو غيرها من البطاقات الإلكترونية لاستخدامها للحصول على أموال الغير.
ب‌- أصدر شهادة تصديق إلكترونية أو زاول أي من خدمات التصديق الإلكتروني دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة.
ج- اتلف أو عيب توقيعاً أو نظاماً أو أداة توقيع أو مستنداً أو سجلاً إلكترونياً أو زور شيئاً من ذلك بطريق الاصطناع أو التعديل أو التحويل بأي طريقة أخرى.
د- استعمل توقيعاً أو نظاماً أو أداة توقيع أو مستنداً أو سجلاً إلكترونياً معيباً أو مزوراً مع علمه بذلك.
هـ - توصل بأية وسيلة – بغير حق – على توقيع أو نظام أو مستند أو سجل إلكتروني أو اختراق هذا النظام أو اعترضه أو عطله عن أداء وظيفته.
و- خالف أحكام المادة (32)، والبندين "أ- ب" من الفقرة الأولي من المادة (35) من هذا القانون ويجوز الحكم بمصادرة الأدوات أو البرامج أو الأجهزة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة وذلك دون إخلال بحقوق الغير حسني النية.


وفي جميع الأحوال يحكم بنشر ملخص الحكم النهائي الصادر بالإدانة في صحيفتين يوميتين صادرتين باللغة العربية على نفقة المحكوم عليه، كما ينشر على شبكة الاتصالات الإلكترونية المفتوحة وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية. وتضاعف العقوبة في حالة العود إلى ارتكاب أي من هذه الجرائم".


ولهذا السبب أيضا تضع بعض القوانين المقارنة قواعد خاصة لتفتيش هذا النوع من الأجهزة وذلك لحماية هذه البيانات. من ذلك القانون الهولندي لسنة 1993 الذي ينص في المادة 125 منه على أنه إذا أدى تفتيش الأجهزة إلى تسجيل بيانات معينة، فإنه من الواجب إخطار صاحب النظام بقائمة تضم هذه البيانات. ولمزيد من تحقيق حماية البيانات المتعلقة بالحياة الخاصة تقرر المادة 125من القانون الهولندي السابق أن يتم محو البيانات التي تنتمي إلى هذا النوع، ويقوم بهذا المحو الشخص الذي سبق أن قام بتسجيل هذه البيانات.


بيد أنه ليس في التعديل الأول أو الرابع للدستور الأمريكي ما يحول دون السماح لرجال الضبط القضائي بتفتيش مكاتب الصحفيين بناء على إذن بضبط أدلة تفيد في كشف الجريمة وهي كثيراً ما تتعلق بأسماء المشاغبين في المظاهرات. وهذا ما قضت به المحكمة العليا الأمريكية.


غير أن المشرع الأمريكي سن قانون حماية الحياة الخاصة ليحظر هذا النوع من التفتيش فينص هذا القانون على أنه "لا يجوز لرجال الضبط القضائي تفتيش أو الضبط للمواد في أحد الفروض الآتية:1-أن تكون المواد مجهزة أو مقدمة أو مؤلفة أو أنشئت بغرض العرض على الجمهور 2- أن تتضمن المواد الانطباع العقلي أو النتائج أو النظريات لمن قام بإعدادها 3- أن تكون هذه المواد بغرض النشر للجمهور4- أن تكون هذه المواد وثائقية والتي تحتوي على المعلومات".
ثانياً - الاطلاع على بيانات الأفراد لدى الجهات القضائية:


تحوز جهات قضائية كالنيابة العامة والمحاكم - كما تحوز جهات الضبط القضائي - بيانات تتعلق بالقضايا التي تحتوي على بيانات خاصة بالأفراد سواء أكانوا من المتهمين أم من الشهود. وتنظم كثير من التشريعات هذه البيانات المسجلة في أنظمة تلك الجهات من حيث السلطات التي لها حق الإطلاع أو الدخول إلى تلك الأنظمة. ففي فرنسا على سبيل المثال لا يجوز الدخول إلى تلك الأنظمة للإطلاع على البيانات إلا بمقتضى أمر قضائي أو عند توافر حالة التلبس. كما تجيز بعض التشريعات لرجال الضرائب أن يطلعوا على تلك البيانات وذلك بهدف مكافحة التهرب الضريبي.


كما يتقيد تفتيش البيانات بالحدود التي تنص عليها القوانين بخصوص بعض المعلومات التي يشملها سر المهنة أو قوانين أخرى كتلك التي تتعلق بأسرار الدولة العسكرية والسياسية والاقتصادية.....الخ. من البيانات السرية التي لا يجوز أن يرد عليها التفتيش تلك المتعلقة بسر المهنة كالأطباء والمحامين.... وقد نصت بعض القوانين على تلك القيود كالقانون الهولندي الذي ينص صراحة على إعفاء أصحاب المهن الذين يعفون أصلاً من الشهادة من أن يخضعوا لإجراءات التفتيش، إن لم يتم التفتيش برضاء من أصحاب تلك الأسرار.


ثالثاً – الاطلاع على بيانات الموكلين لدى المدافع عنهم:
تعتبر بيانات الموكلين لدي المدافعين عنهم (المحامين) من البيانات التي وضع المشرع لتفتيشها نظاماً خاصاً، ومن الواضح أن هذا النظام يسري على البيانات المبرمجة في كمبيوتر المحامين. فتنص المادة 51 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 على أنه "لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلاّ بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب". ويترتب البطلان على مخالفة الفقرة الأولى من المادة السابقة( ). ومن الواضح أن التفتيش والضبط لا يتم في هذه الحالة إلاّ عندما يكون المحامي هو نفسه متهما بتهمة معينة.


المرجع

أ.د/ شيماء عبدالغني عطاالله


تراجع الحق في الخصوصية
في مواجهة الاتصالات الإلكترونية