الطعن رقم ٣١٠٧٨ لسنة ٨٦ قضائية

الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٧/١١/٠١

العنوان : نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الموجز : لجميع درجات النيابة العامة تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وبذات السلطات المقررة لهم في القانون عدا سلطات قاضي التحقيق في مدد الحبس الاحتياطي لا يتمتع بها إلا من درجة رئيس نيابة على الأقل . المادة ٢٠٦ مكرر إجراءات جنائية . مثال .


الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .

أولا : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه / عبد الرحمن خليل سيد أحمد :


لما كان المحامي / عبد العاطي محمد عبد الكريم الشريف قد قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه - سالف الذكر - باعتباره ولي طبيعي عليه ،


لما كان ذلك ، وكان الطعن فى الأحكام الجنائية يجب أن يرفع من المحكوم عليه شخصياً أو ممن يوكله توكيلاً خاصاً لهذا الغرض ولئن كان الولي الطبيعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحكم القانون ينظر فى شئونه الخاصة بالنفس أو المال فله أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره فى الأحكام التي تصدر على قاصره إلا أنه لما كانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصراً ، وكان التوكيل الصادر من والده لمحاميه لا يعد دليلاً حاسماً فى هذا الخصوص ، كما وأنه وإن كان المحكوم عليه سالف الذكر وإن قرر بالطعن بالنقض بشخصه من السجن ، إلا أن التقرير جاء بعد الميعاد المقرر قانوناً ، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً .


ثانياً : عن الطعن المقدم من / أحمد خالد بدري حمدان ، عبد الله ناصر كمال عبد الرحيم ، محفوظ محمد السيد أحمد ، محمد نور الدين صادق أحمد ، منصور هندي محمد هندي ، وأمين عبد الصابرين أحمد خليفة ، فإنه قد استوفى الشكل المقرر فى القانون .


وحيث إن الطاعنين الثاني ، الثالث ، الرابع ، الخامس ، السادس ، والسابع ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك مع آخرين فى تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة باستعمال القوة والعنف حال حمل بعضهم ألعاب نارية وزجاجات حارقة والتي من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بطبيعتها ، واستعراض وآخرين مجهولون القوة والتلويح بالعنف بقصد وترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم ، مما ترتب عليه تعرض حياة المواطنين وسلامتهم وأموالهم للخطر تنفيذاً لغرض إرهابي وتعطيل سير وسائل النقل العامة البرية عمداً وتعريضها للخطر ، والانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والتعدي على قوات الشرطة ، والترويج بالقول لأغراض الجماعة المنضمين لها وحيازة وإحراز مواد حارقة دون مسوغ ، واشتراكهم فى تظاهرة لم تخطر بها الجهة الإدارية المختصة ، قد شابه القصور فى التسبيب وران عليه البطلان والفساد فى الاستدلال والتناقض والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لم يبين وقائع الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها فى الإدانة ، ودور كل طاعن على حدة ، ولم يدلل على انضمامهم لجماعة الإخوان المحظورة ، وأورد أنه تم ضبط الطاعنين جميعاً فى حالة التلبس بالجرائم التي دينوا بها ، ورتب على ذلك مسئوليتهم التضامنية عنها ، ومنها جريمة التجمهر ، دون بيان أركانها ومدى توافرها فى حقهم ، ووجود ثمة اتفاق بينهم ، وقام دفاعهم على عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لمخالفة تشكليها واختصاصاتها لنص المادتين ٣٠ ، ٦١ من قانون السلطة القضائية بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع إيراداً ورداً ، وببطلان تحقيقات النيابة العامة لإجرائها بمعرفة وكيل نيابة بالمخالفة لنص المادة ٢٠٦ مكرر من قانون الإجراءات الجنائية والتي توجب إجرائها من رئيس نيابة على الأقل ورد الحكم بما لا يسوغ ، كما رد بما لا يصلح رداً على دفعهم ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، هذا وقد تساند الحكم فى إدانتهم إلى تحريات الشرطة والأمن الوطني مع عدم صلاحيتها كدليل ، وبرغم عد جديتها ، وقد تمسكوا بالدفع بذلك ، بيد أن الحكم اطرح ذلك الدفع بما لا يسيغ ، وإلى أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها وتناقضها فى بعض التفصيلات ، فضلاً عن انفراد ضباط الواقعة بالشهادة دون باقي القوة المرافقة ، وقضى ببراءة المتهم الثامن فى الدعوى اطراحاً منه لذات الأدلة التي اعتمد عليها فى إدانة الطاعنين ، فضلاً عن عدم انطباق القيد والوصف الذي أسبغته النيابة العامة على واقعة الدعوى ، وقعدت النيابة العامة عن إجراء تحقيق فى جريمة القتل المثارة بالأوراق ، ولم تتصدى لها المحكمة ، ولم يورد الحكم مؤدى الدليل المستمد من الصور الفوتوغرافية والأسطوانات المدمجة ، وأخيراً فقد التفت عن المستندات المقدمة من الطاعنين والتي تقطع بنفي الاتهام عنهم ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .


ومن حيث إن المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها ، والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مؤداها فى بيان واف ، وجاء استعراضه لتلك الواقعة ، وهذه الأدلة ، على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً ، يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، ومبيناً لفحوى أدلتها ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم شابه القصور وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنين قيامهم بالاشتراك مع آخرين فى تجمهر الغرض منه الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة باستعمال القوة والعنف ، واستخدموها ضد المجني عليهم القاطنين بمحل الواقعة وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم ، حاملين أسلحة وزجاجات حارقة ، ودلل على ثبوت هذه الجرائم فى حقهم ، ومنها جريمة التجمهر ، ذلك أن المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ فى شأن التجمهر قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً فى أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل ، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة ، أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح ، أو التأثير على السلطات فى أعمالها ، أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين فى المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، ويلزم لقيام هذه الجريمة اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور ، وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافرها وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ أن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها فى حق الطاعنين ، وكان ما أورده - فى مجموعه - ينبئ بجلاء عن ثبوتها فى حقهم ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم فى مدوناته - على نحو ما سلف - وفي معرض رده على الدفع بعدم توافر أركان الجرائم المسندة إليهم ، - ومنها جريمة التجمهر - وبعدم وجود اتفاق بين الطاعنين - كافية لبيان أركان جريمة التجمهر - على نحو ما هي معرفة به فى القانون - وعلى ثبوتها فى حق الطاعنين ، ويكون ما يثيرونه فى هذا الصدد إنما ينحل - فى مجمله - إلى منازعة موضوعية فى العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها فى الدعوى ، ويرتد - فى حقيقته - إلى جدل موضوعي فى تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها لها ، وهو ما لا يجوز مصادرتها فى عقيدتها بشأنه ، ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن جرائم تخريب الأملاك العامة عمداً واستعراض القوة والتهديد بالعنف ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين وتعريض وسائل النقل البرية للخطر والترويج بالقول والفعل لأغراض الجماعة المحظورة ، قد وقعت جميعها نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، وحال التجمهر ، ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه ، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ، ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف ، الذي يصح أن يفترض معه أو غيره من المشتركين فى التجمهر قد توقعوه ، بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتبارهم من النتائج المحتملة من الاشتراك فى تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو ربط تلك الجرائم التي دانهم بها بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد ، واجتمع أفراده المتجمهرين لتنفيذ مقتضاه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بشأن قصور الحكم فى بيان أركان جريمة الاشتراك فى التجمهر والاتفاق يكون غير مقترن بالصواب .


لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ بشأن السلطة القضائية قد نصت على أن " تنعقد محكمة الجنايات فى كل مدينة بها محكمة ابتدائية وتشمل دائرة اختصاصها دائرة المحكمة الابتدائية " ، كما نصت المادة ٢١٦ من قانون الإجراءات الجنائية على أن " تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يُعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر " ، فإن اختصاص محكمة الجنايات ينعقد صحيحاً بالنسبة لجميع الجنايات والجنح المار بيانها التي تقع بدائرة المحكمة الابتدائية ، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة ٣٠ من قانون السلطة القضائية سالف البيان من اجتماع محكمة الاستئناف بهيئة جمعية عمومية للنظر فى توزيع القضايا على الدوائر المختلفة ، فإنه لم يقصد به سلب محكمة الجنايات اختصاصها المنعقد لها قانوناً بمقتضى المادة الثامنة سالفة الذكر بل هو مجرد تنظيم إداري لتوزيع الأعمال بين الدوائر المختلفة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يرتب البطلان على مخالفته ،


لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يجادلون فى أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف أسيوط ، فإن ما يدعونه من بطلان الحكم لصدوره من دائرة لا اختصاص لها بإصداره لا يقوم على أساس من القانون، ولا على الحكم إن التفت عن الرد على دفاعهم فى هذا الشأن ؛ لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة لإجرائها بمعرفة وكيل نيابة بالمخالفة لنص المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية واطرحه بقوله " ... وكانت المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣ والمعدلة بالقانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ قد جرت بأنه " يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق فى تحقيق الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة المبينة فى المادة ( ١٤٣ ) من هذا القانون فى تحقيق الجرائم المنصوص عليها فى القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس فى كل مرة عن خمسة عشر يوماً ، ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها فى المادة ( ١٤٢ ) من هذا القانون ، وذلك فى تحقيق الجنايات المنصوص عليها فى الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات " ، كما جرى نص المادة ١٩٩ من القانون ذاته على أنه " فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة ٣٤ تباشر النيابة العامة التحقيق فى مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة من قاضي التحقيق " ، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي فى جميع الجرائم ، واستثناء من ذلك يجوز ندب قاضي للتحقيق فى جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أُحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها ، ومن ثم فإن القانون قد حدد إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق - وحده - والتي يحظُر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة - أياً كانت درجته - هو صاحب الاختصاص الأصيل فى مباشرة التحقيق فى جميع الجرائم " ، وكانت المادة ٢٠٦ مكرراً من القانون آنف البيان قد حددت سلطات المحقق من النيابة العامة حال التحقيق فى الجنايات الواردة فى متن النص دونما تحديد درجة معينة لتولي ذلك التحقيق ، مما مفاده أن لجميع درجات النيابة العامة تحقيق تلك الجنايات وبذات السلطات المقررة لهم فى القانون عدا سلطات قاضي التحقيق ، فى مدد الحبس الاحتياطي ، فلا يتمتع بها إلا من درجة رئيس نيابة على الأقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فى اطراح الدفع المبدى من الطاعنين ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءه على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لانتفائها كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .


لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية فى الدعوى ، وكان لا يعيب تلك التحريات أن لا يفصح مجريها عن مصدرها ، كما أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد ، ينحل إلى جدل موضوعي فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى ، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض ، وذلك فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة هذه التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنون فى هذا الخصوص .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات ، وعول عليها ، فإن ما يثيره الطاعنون من تشكيك فى هذه الأقوال ، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تُقبل إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يقدح فى سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات فى بعض تفاصيلها ، ما دام الثابت أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها فى تكوين عقيدته - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم فى هذا المقام ، فضلاً عن عدم قبوله ، يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل فى الدعوى ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته - كالحال فى الدعوى الماثلة - فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد محض جدل موضوعي لا تُقبل إثارته أمام محكمة النقض.


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر ، كما لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه فى حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ، ما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقاً فى ناحية من أقواله وغير صادق فى شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم ، فإن قضاء الحكم ببراءة المتهم الثامن - استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى ذات أقوال شهود الإثبات قِبله - للأسباب التي أوردها لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الصدد يكون فى غير محله .

لما كان ذلك ، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع ، فلا يجوز له إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم فى كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه من قعود النيابة العامة عن تحقيق واقعة القتل المثارة بالأوراق أو عدم تصدي المحكمة لها إعمالاً للمادتين ١١ ، ١٢ من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثار فى هذا الصدد يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من الصور الفوتوغرافية أو الأسطوانات المدمجة وإنما استند إليها الحكم كقرينة معززة لأدلة الثبوت التي أوردها ، فإنه لا جناح عليه إن هو لم يورد مؤداهما على نحو مفصل ، ما دام أنه قد عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها فى قضائه ولم تتخذ من هذه التسجيلات دليلاً أساساً على ثبوت الاتهام قِبل الطاعنين ، ومن ثم فإن ما يثار فى هذا الشأن يكون غير مقبول .


لما كان ذلك ، وكانت الأدلة فى المواد الجنائية اقتناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة فى الدعوى ، وهي غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ، ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها فى حكمها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين فى هذا الصدد يكون غير سديد .

لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .


فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة
أولاً : بعدم قبول طعن المقدم من المحكوم عليه / عبد الرحمن خليل سيد أحمد خليل شكلاً .

ثانياً : بقبول الطعن المقدم من الطاعنين / أحمد خالد بدري حمدان ، عبد الله ناصر كمال عبد الرحيم ، محفوظ محمد السيد أحمد ، محمد نور الدين صادق أحمد ، منصور هندي محمد هندي ، وأمين عبد الصابرين أحمد شكلاً وفي الموضوع برفضه .

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...443&&ja=249971